"الوفاق" اشتكتها لمجلس الأمن.. هل ترفع الإمارات يدها عن حفتر؟

زياد المزغني | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا يزال اسم دولة الإمارات في المنطقة العربية مقترناً بالثورات المضادة لمواجهة حالة الحراك التي بدأت طليعة 2011، ورغم محاولاتها الظهور أحياناً في شكل الدولة المحايدة إلاّ أن المعطيات على الأرض في ليبيا تُثبت خلاف ذلك.

الإمارات لا تُخفي مساندتها للواء المتقاعد خليفة حفتر منذ إعلانه إطلاق ما يسمى بِـ"عملية الكرامة" في محاولة للإطاحة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

كما حاولت أبوظبي لعب دور الوسيط بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج خلال شهر فبراير/شباط الماضي، والتي لم تُؤدّي إلى أي نتيجة على الأرض، سوى التمهيد لشنّ حفتر هجوماً واسعاً على طرابلس وقطع الطريق أمام الجهود الأممية لإيجاد حل سياسي.

ومع مرور الأيام واستمرار المعارك يكشف الليبيون للعالم تورّط الإمارات بشكل مباشر في الصراع الداخلي، إمّا عبر توظيف أراضيها ووسائل إعلامها كمنصّة للانقلابيين في ليبيا، أو عبر التسليح أو الدعم البشري لقوات حفتر.

وهو ما دفع بحكومة الوفاق إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن، تتهم فيها  الإمارات بدعم المعتدين على طرابلس، وإعانتهم على قتل الليبيين، وارتكاب المزيد من الانتهاكات وجرائم الحرب.

مجلس الأمن

بعد مرور 5 أشهر على بداية الهجوم على طرابلس في 4 أبريل/ نيسان 2019، تعددت إخفاقات قوات حفتر، ولم تتمكن من إحداث اختراق حقيقي نحو وسط العاصمة، رغم الحشد العسكري والدعم الذي حظي به من عدد من الدول الداعمة له من بينها الإمارات.

حكومة الوفاق تقدمت بشكوى ضد الإمارات، أمام مجلس الأمن بتهمة "العدائية ودعم محاولات الانقلاب على الحكومة الشرعية"، حسبما جاء في رسالة وجهها وزير الخارجية محمد الطاهر سيالة، إلى مجلس الأمن في 15 سبتمبر/أيلول الجاري، وفق بيان نشرته الصفحة الرسمية للوزارة على فيسبوك.

وقالت الخارجية الليبية، في رسالتها، إن تصرُّف الإمارات "يُعد دعماً للانقلاب على الحكومة الشرعية وخرقاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن".

وخاطب الوزير الليبي، مجلس الأمن، بالقول "إننا نضع مجلسكم الموقر أمام مسؤولياته التاريخية للقيام بواجباته وحفظ السلم والأمن الدوليين وتنفيذ التزاماته السابقة أمام شعبنا ووضع المسؤولين والداعمين لهذا العدوان تحت طائلة القانون الدولي".

واستنكرت الخارجية الليبية بـِ"شدة" موقف الإمارات "العدائي" لتجعل عاصمتها "منصّة إعلامية لمليشيات حفتر للتحريض على العدوان" على العاصمة طرابلس.

وحمّلت الرسالة الإمارات "المسؤولية الأخلاقية والقانونية" إزاء العدوان على طرابلس. مشددة على أن حكومة الوفاق "لن تسمح بالاستهانة بدماء الليبيين".

هذه الرسالة جاءت بعد كلمة ألقاها الناطق باسم قوات حفتر أحمد المسماري خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الإماراتية أبوظبي، ظهر فيها يرتدي بزة عسكرية إماراتية.

المسماري تحدّث عن أن "الحسم العسكري هو الطريق الوحيد لتحقيق الديمقراطية والاستقرار، وأن الأزمة في ليبيا ليست وطنية، إنما هي حرب دولية وإقليمية تدور في ليبيا".

وتحدّث المسماري خلال مؤتمره أنهم سيعملون على تشكيل ما سماها "حكومة وحدة وطنية بعد حسم معركة طرابلس والتجهيز للانتخابات على غرار ما حصل في السودان".

عقْد المسماري مؤتمره الصحفي في أبوظبي أثار استنكار مختلف المتابعين والنشطاء حتى من قبل مؤيدي عملية الكرامة، التي يقودها خليفة حفتر.

وقال موقع "ليبيا اكسبرس" بنسخته الإنجليزية إن الإمارات تحاول تسويق المسماري  كنسخة احتياطية لحفتر بعد تزويده على مدار الأشهر الماضية بكل المساعدات العسكرية اللازمة لمساعدة قواته على دخول طرابلس والاستيلاء على السلطة، مثلما فعلت في اليمن، ولكن على عكس اليمن، قوات حفتر لم تتمكن بعد من دخول طرابلس والاستيلاء على السلطة حيث تتلقى هزائم واحدة تلو الأخرى.

وحتى مع تبرير المسماري لاختياره أبوظبي على أنه "جاء لتسهيل وصول الصحفيين إليه"، إلا أن مؤيدي حفتر اعتبروا أن المسماري أعطى فرصة لمخالفيه للانتقاص مما يُسمونها مؤسسة عسكرية، بينما اعتبر آخرون أن عقد مؤتمر عسكري في دولة أجنبية يؤكد ارتهانها بالكامل لهذه الدولة.

جنود إماراتيون

يوم 13 أيلول/ سبتمبر الجاري، أعلنت الإمارات مقتل 6 من ضباطها جراء ما قالت إنه "حادث تصادم آليات"، فيما قالت أنباء إن الجنود قتلوا في ليبيا، وقالت مصادر أخرى إنهم قتلوا في اليمن.

ونشرت وكالة الأنباء الإماراتية بياناً لِـ"القيادة العامة للقوات المسلحة" الإماراتية، أعلنت فيه "استشهاد 6 من جنودها البواسل، نتيجة حادث تصادم آليات عسكرية في أثناء أدائهم واجبهم الوطني في أرض العمليات"، ولم يُشرِ البيان إلى مكان الحادث وزمانه.

ورجّحت وكالات الأنباء فرضية أن يكون مقتل الجنود قد حصل في اليمن، حسب ما أفادت كل من وكالتي رويترز وأسوشيتد برس، كما أن عدداً من وسائل الإعلام اليمنية تناقلت الخبر ذاته مشيرة إلى انفجار وقع الخميس في مديرية خور مكسر في محافظة عدن جنوبي البلاد.

إلا أن الناطق باسم الجيش الليبي محمد قنونو، قد قال في إيجاز صحفي إن طائرات "الوفاق" الحربية "دمرت غرفة العمليات الرئيسية لقوات حفتر بقاعدة الجفرة الجوية بشكل كامل ومقتل 6 ضباط أجانب كانوا يشغلونها".

وأشار إلى أن سلاح الجو "دمر، 3 منصات لإطلاق صواريخ أرض جو بقاعدة الجفرة" فجر نفس اليوم الذي أعلنت فيه الإمارات مقتل ضباطها الستة.

وتُعد قاعدة الجفرة العسكرية الجوية الإستراتيجية، الواقعة في قلب الصحراء الليبية، واحدة من أهم المراكز التي تستخدمها قوات حفتر لتوسيع مناطق سيطرته جنوبي ليبيا وغربيها.

كما تُعتبر تلك القاعدة أهم القواعد لقوات حفتر، حيث تنطلق منها جميع طائراته التي تهاجم قوات الوفاق في طرابلس ومناطق أخرى، لكون القاعدة تتوسط ليبيا.

تدخل تخريبي

تواصل الإمارات تدخلها العسكري في ليبيا دعماً لميليشيات حفتر، حيث قال المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابع للجيش الليبي بقيادة حكومة الوفاق إن الطيران الإماراتي المسير استهدف مطار معيتيقة الدولي في طرابلس لليوم الرابع على التوالي خلال شهر أيلول/سبتمبر الجاري . 

وأشار المركز، في بيان له على صفحته بفيسبوك إلى أن هجمات الطيران الإماراتي الداعم لقوات حفتر "جاءت ضمن سلسلة استهداف البنى التحتية والمطارات، في محاولة يائسة منه لتعويض خسائره".

المركز سبق أن أكد في بيان 16 أيلول/سبتمبر الجاري أن طيران الإمارات استهدف المطار لعدة مرات خلال الأيام الماضية. كما استهدف قبل أيام مطار سرت وتمركزات لـِ "قوة حماية وتأمين سرت" المكلفة بمحاربة تنظيم الدولة بعد تحرير سرت من قبضته.

وصرّحت الإمارات علناً منذ أولى أيام معركة طرابلس بدعم حفتر، حتى أن المسؤول الأمني الإماراتي ضاحي خلفان كان يُتابع، عبر حسابه الرسمي على تويتر، عن كثب كل خطوة تخطوها القوات المهاجمة لطرابلس من دون أن يُشير حتى لحفتر كقائد لها بل يسميها بكل صراحة قواتنا.

ومن هذه التغريدات: "مدينة ترهونة واستقبال قواتنا المسلحة، هذه رسالة أوصلها لي ليبي لا أعرفه"، مرفقة بفيديو من داخل ترهونة يُظهر استقبال مليشيات حفتر. وفي تغريدة أخرى لخلفان كتب فيها "نؤكد حق القوات المسلحة في حماية المدنيين، وأن الرد سيكون قاسياً جداً على هؤلاء المجرمين".