آثارها مدمرة.. هذه دوافع إسرائيل في توسيع نطاق هجماتها الخارجية

سلّط موقع "إنترسيبت" الأمريكي في تقرير له الضوء، على توسع إسرائيل في استخدام قوتها العسكرية على مناطق جغرافية ليست متاخمة لها، مشيرة إلى أنَّه من الصعب إيجاد مبررات للغضب الإسرائيلي الذي يُؤدي إلى قيامها بهجمات عسكرية على دول عدة بالمنطقة.
وقال الموقع في تقرير للكاتب بول آر بيلر، مُحرر الشؤون السياسية ومؤلف كتاب "لماذا تُسئ أمريكا فهم العالم"، إنَّ الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة تُرسِّخ الأهداف العسكرية الراسخة لها والممتدة عبر التاريخ إنها تسعى إلى توفير الأمن المطلق لها، حتى لو انعدم توفير الأمن للجميع سواها.
اجتازت أفعال خصومها
وأشار التقرير إلى أنَّ إسرائيل دأبت في الآونة الأخيرة على توسيع نطاق حملتها العسكرية لتشمل أهدافاً متفرقة في دول عديدة في أغلب نطاق الشرق الأوسط، والتي تفوق بكثر ما يقوم به أعداء إسرائيل في المنطقة، أو ما يحاولون القيام به لإلحاق الأذى بها، ولكن دون جدوى.
وأكَّد الموقع، أنَّ إسرائيل استخدمت في العامين الأخيرين طائراتها العسكرية لتوجيه ضربات قاسمة في سوريا، في حين أنها التزمت الصمت حيال هجماتها على سوريا، إلا أنها حين تتحدث عن تلك الهجمات، تدّعي أنها هجمات على مواقع إيرانية في الأراضي السورية، إضافة إلى هجماتها الأخيرة على مواقع في العاصمة اللبنانية، بيروت، معللة الهجمات التي استخدمت فيها طائرات بدون طيار، أنها مواقع لحزب الله اللبناني، مما يُعد خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تمَّ التوصل له بعد الحرب الأخيرة مع حزب الله.
وذكر التقرير، أنَّ توسيع النطاق الجغرافي للهجمات العسكرية الإسرائيلية الأخير الأكثر دراماتيكية هي الهجمات المتعددة التي قامت بها طائرات "أف 35" الإسرائيلية على مواقع متعددة في العراق، غير المتاخمة للحدود الإسرائيلية، ومما يُذكر أنَّه من بين الأهداف التي تمَّ قصفها منشآت تبعد عن الحدود الإسرائيلية بحوالي 500 ميل في حين أنها تبعد فقط 50 ميلاً عن الحدود الإيرانية.
وأكَّد الموقع، أنَّه من الصعب إيجاد مبررات للغضب الإسرائيلي الذي يُؤدي إلى قيامها بهجمات عسكرية على دول عدة بالمنطقة، ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، تمكنت منظومة الدفاع الجوي الصاروخية لإسرائيل من اعتراض صاروخ مُوجَّه من هضبة الجولان السورية المحتلة تجاه الأراضي الإسرائيلية دن وقوع اصابات ، مما يبدو أنَّ هذه الهجمات بسبب الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على العراق.
وفي سياق متصل، أوضح الموقع، أنَّ إسرائيل قالت إنها قامت بغارات جوية على الأراضي اللبنانية، معللة ذلك بادعاءٍ غير مُؤكَّد مفاده بأنَّ إيران تستعد لمهاجمة إسرائيل عن طريق طائرات مسيرة، انطلاقاً من الأراضي اللبنانية ، وذكرت مصادر إسرائيلية أنَّ إيران كانت تخطط للهجوم ردَّاً على الهجمات الإسرائيلية على مواقع عراقية.
ما عقيدتها العسكرية؟
وأفاد التقرير بأنَّ الهجمات العسكرية الأخيرة ما هي إلا تجسيد قوي ومباشر لأهداف السياسيات والممارسات العسكرية المُتجذِّرة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية والتي تقول: إنَّ إسرائيل لها الحق في التطلع إلى توفير الأمن لها، حتى وإن أدَّى ذلك إلى إلحاق الأذى وانعدام الأمن للآخرين، في الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تعليقاً على الغارات الإسرائيلية في سوريا: "إنَّ إسرائيل لن تتهاون مع الهجمات على أراضيها"، ويُعدُّ هذا التصريح دلالة على العقيدة العسكرية الإسرائيلية بحقها في توجيه هجمات لدول لم تقم في الأساس بمهاجمة الأراضي الإسرائيلية.
وأردف الموقع: أنَّ السياسة الداخلية الإسرائيلية تكون حاضرة وبقوة في توجيه مثل هذه الضربات العسكرية، فمع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية، يبرز مبرِّر جوهري لدى نتنياهو لاستخدام الهجمات العسكرية الإسرائيلية لتعزيز صورته كحارس قوي للأمن الإسرائيلي.
على جانب آخر، قال التقرير: "إنَّ الهجمات الإسرائيلية تأتي في إطار التحالف الدولي المناهض لإيران، حيث ترغب إسرائيل في إلهاء المجتمع الدولي عن ممارساتها التي تثير القلاقل في الشرق الأوسط، كما أنها تهدف الى الإثبات أنها ليست المُتسبب في عدم الاستقرار في المنطقة وتوجيه أصابع الاتهام إلى إيران، إضافة إلى محاولاتها المستميتة للضغط على إيران وإضعافها".
وبيّن التقرير، أنَّ إسرائيل تهدف إلى تصوير أنَّ إيران هي التهديد المباشر لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وإبقائها دائماً في صورة العدو المعزول عن العالم، والابتعاد عن احتمالية لإجراء مفاوضات معها وعزلها عن المجتمع الدولي.
واستطرد: دلَّلت الحكومة الإسرائيلية على اتجاهها لفرض العُزلة على إيران حينما عارضت الاتفاق النووي الإيراني، كما أنها دلَّلت مرة أخرى على موقفها من إيران حينما رفضت حكومة نتنياهو الأسبوع الماضي، تقارير تفيد باستعداد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للقاء الرئيس الإيراني، حسن روحاني، والتفاوض معه.
أوجه الخطر المحتمل
وعدَّد الموقع في تقريره أوجه الخطر الذي من المحتمل أن تتسبَّب فيه الهجمات العسكرية الإسرائيلية ضد دول الشرق الأوسط، قائلة: إنَّ للهجمات الإسرائيلية آثار مدمرة على الاستقرار في المنطقة الأكثر التهاباً في العالم، لكون هذه الهجمات هي انتهاك لسيادة دول منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تُشعل حرائق الحرب في المنطقة التي تحتاج إلى التهدئة أكثر من احتياجها للتصعيد، إذ كان حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، واضحاً في تهديده الصريح بالانتقام من إسرائيل لاستهداف لبنان بغارات جوية.
من جهة أخرى، أوضح التقرير، أنَّه نظراً للروابط التاريخية التي تربط إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية، فإنَّ هذه الهجمات تصيب علاقات الولايات المتحدة مع الدول المُعتدى عليها بالضرر التام ويضرُّ بالصورة الأمريكية لدى حكام وشعوب تلك الدول، مما يزيد الاستياء وعدم الرغبة في التعاون بين هذه الدول والولايات المتحدة.
وتابع: "قد بدا ذلك جلياً في العراق، حيث دعت واحدة من أكبر الكتل في البرلمان العراقي إلى سحب القوات الأمريكية من العراق، كما ثارت صيحات، الموت لأمريكا والموت لإسرائيل خلال تشييع جثمان أحد ضحايا الهجمات الإسرائيلية علي موقع عراقية".
جدير بالذكر أنَّه لا يمكن لإسرائيل أو الولايات المتحدة تعويض الخسائر العديدة الناجمة عن الهجمات العسكرية الإسرائيلية على دول الشرق الأوسط، حيث استدعى الهجوم الأخير على مواقع عراقية، هجمات إسرائيل على المفاعل النووي العراقي عام 1981، حينما أرادت تل أبيب امتلاك الحق الحصري لإنتاج السلاح النووي في الشرق الأوسط ومنع أي من دول المنطقة محاولة امتلاكه.
أمريكا غير منصفة
على الجانب الآخر، ذكر الموقع، أنَّ السياسة الخارجية الأمريكية فشِلت في التعاطي المنصف مع الهجمات الإسرائيلية الأخيرة، ففي الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الدفاع الأمريكية بياناً قالت فيه، إنها تدعم السيادة العراقية على أراضيه، وندَّدت بأية أعمال تُؤدي إلى العنف في العراق، إلا أنَّه لم تصدُر أية إشارات لإدانة أمريكية مباشرة للهجمات الإسرائيلية على مواقع عراقية، في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو: إنَّه يُؤيِّد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من التهديدات التي تُشكلها قوات الحرس الثوري الإيراني، وحقها في القيام بهجمات تهدف إلى منع هجمات إيرانية تشمل خطراً على أراضيها.
ونوَّه الموقع إلى أنَّه لم تكن السياسة الخارجية الأمريكية فقط التي فشلت في التعاطي مع المؤشرات السلبية للهجمات الإسرائيل على دول الشرق الأوسط، بل تعدتها إلى الخطاب السياسي للأمم المتحدة الذي يُخطئ في الإجابة على السؤال القائل: من المُتسبِّب في عدم الاستقرار في الشرق الأوسط" بالطبع تكون الإجابة على ألسنة السياسيين والدبلوماسيين العالميين في أروقة الأمم المتحدة أنَّ إيران هي من تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط، حيت يتمُّ استبعاد إسرائيل من كونها المُتسبِّب في ذلك لموروثات تاريخية ولمُحاباة الولايات المتحدة المستمر للجانب الإسرائيلية والدفاع عن وجهة النظر الإسرائيلية.
واختتم الموقع تقريره، بالقول: إنَّ النفاق يتفوَّق على الصدق حيال الممارسات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة لا تهتمُّ بمن يتسبَّب في زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وإنما تهتمُّ فقط بالدول التي تتناسق مواقفها مع مواقف الإدارة الأمريكية وتحابيها في مواقفها الدولية.