"ميلييت": هل ينهي لقاء زعيمي قبرص أزمة الجزيرة ويوحّد شطريها؟

نشرت صحيفة "ميلييت" التركية مقالا للكاتب سامي كوهين، تحدث فيه عن مشكلة التنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط، وإصرار كل طرف على التمسك بموقفه، في وقت تستعد الأمم المتحدة لجمع قادة شطري جزيرة قبرص وتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وقال الكاتب، إن الأخبار التي تتحدث عن لقاء الزعيم القبرصي التركي مصطفى أكينجي، والزعيم القبرصي نيكوس أناستاسيادس في نيقوسيا يوم 9 أغسطس/آب المقبل، تعطي الأمل للوهلة الأولى في إمكانية حل المشكلة القبرصية المتفاقمة؛ وهكذا، فإن جهود الأمين العام للأمم المتحدة لبدء مفاوضات قبرص، التي توقفت منذ عامين، قد تثمر عن نتائج على الرغم من التوتر الناشئ عن نشاط التنقيب عن المواد الهيدروكربونية في شرق البحر المتوسط.
وكانت الأمم المتحدة، قد أعلنت أن وكيل عملياتها لحفظ السلام جان بيير لاكروا، سيتوجه في وقت لاحق الثلاثاء المقبل، إلى الجزيرة القبرصية، وسيلتقي قادة شطريها الشمالي والجنوبي. ويوم الجمعة الماضي، أعلنت رئيسة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص إليزابيث سبهار، أن مجلس الأمن يريد من رئيسي شطري الجزيرة، العودة إلى طاولة المفاوضات "بأسرع ما يمكن".
أهمية اللقاء
وتابع الكاتب، ومع ذلك، فإن هذا الاجتماع غير الرسمي، والذي سيعقد في مقر ممثل الأمم المتحدة في قبرص، ويصنف بأنه ضمن المفاوضات غير الرسمية، لكنه في ذات الوقت يمهد الطريق للمفاوضات الرئيسية والتي قد تفضي لنتائج أكثر جدوى وتأثيرا على الصعيدين الإقليمي والعالمي. بمعنى آخر، الهدف من هكذا لقاءات، هو مناقشة المعايير والمبادئ التي ستعقد بها المفاوضات وتحديد خريطة الطريق الجديدة وفقا لذلك.
وبيّن سامي كوهين، إنه إذا تم إحراز تقدم بشأن هذه المسألة من اللقاءات الأولية، فإن هناك نية لدى الأمين العام للأمم المتحدة، أن يعلن خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، دعوة كل من اليونان وتركيا وبريطانيا لتنظيم مؤتمر خماسي بمشاركة تلك الأطراف.
وأوضح الكاتب، أنه باختصار، قد يكون اجتماع أكينجي، وأناستاسيادس بداية عملية إيجاد حل لمشكلة قبرص. طالما هناك نهج مشترك جديد بشأن شروط ومبادئ المفاوضات، مبينا أن اللقاء بين الطرفين، يجري، في وقت تتغير فيه الظروف في المنطقة، وتزداد حرارة، في وقت تصر كل من الأطراف على مواقفها من قضية التنقيب عن الغاز والنفط في سواحل البحر المتوسط.
ولفت إلى أن تركيا لديها نقطتان من التطورات الرئيسية التي تؤثر على سير عملية المفاوضات الرامية لحل الأزمة في قبرص؛ أحدها هو التغيير الأساسي في الموقف تجاه الحل في أنقرة وجمهورية قبرص الشمالية التركية؛ وبمعنى آخر، يدافع الجانب التركي بوضوح عن نموذج "دولتين منفصلتين".
وشدد الكاتب، على أنه لم يكن من الممكن الاتفاق على النظام الفيدرالي، الذي تمت مناقشته في المفاوضات التي جرت لسنوات عديدة (لأمور تتعلق بتفاصيل النظام المزمع تطبيقه)، ويرجع ذلك إلى حقيقة أن الجانب القبرصي اليوناني لا يقبل مطالبة الأتراك بالمساواة ويصرّ على أن يسودهم أي أن تكون السيادة للجانب القبرصي اليوناني وليس تبادلا سلميا أو متساوٍ لها.
ونقل سامي كوهين، عن المسؤولين الأتراك قولهم، إنهم لم يستفيدوا من المفاوضات بشأن نموذج الاتحاد في الآونة الأخيرة، وأنه "يجب تقديم بدائل أخرى إلى طاولة المفاوضات ولا يخفون أن تفضيلاتهم تستند إلى حل قائم على أساس دولتين منفصلتين". ويؤيد ذلك؛ رئيس الوزراء الجديد إرسين تتار، الذي جاء للعمل في المجلس الوطني الانتقالي، يعبر بشكل متكرر عن هذا الرأي.
وكان وزراء جمهورية شمال قبرص، أرسين تتار لفت إلى أنه ناقش مع رئيس قبرص التركية مصطفى أقنجي، بخصوص المفاوضات مع الجانب الرومي، إذ قال: "بغض النظر عن شكل الاتفاقية سواء أسفرت عن نظام كونفيدرالي أو اتحادي أو استمرار قيام الدولتين، فلدينا دولة مستقلة في الشمال، ولن تقدر أي قوة على إزالتها من الوجود".
ولفت إلى أن الشعب القبرصي التركي، لم يعد دمية بيد "الرومي" وباقي الأطراف، وأن الإصرار الذي أبدته أنقرة وقبرص التركية عقب خطة الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان لعام 2004، يدعم وجود دولتين في الجزيرة.
رفض يوناني للبدائل
ورأي الكاتب، أن الجانب القبرصي اليوناني لا يحبذ تقديم بدائل أخرى وخاصة صيغتين مختلفتين للدولة إلى طاولة المفاوضات. في بيان صدر مؤخرا، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أن أناستاسيديس أخبره عن نموذج قبرصي تحت سقفين منفصلين في اجتماع في سويسرا قبل عامين؛ لكن الناطق باسم الحكومة اليونانية ينكر ذلك بالتأكيد، موضحا أن القبارصة اليونانيين ليس لديهم مثل هذه النية.
ونقل سامي كوهين، عن تشاووش أوغلو، قوله إنّ قبرص الرومية تراجعت عن نقاط، تم الاتفاق عليها مسبقا مع جمهورية قبرص التركية. وفي 2004، رفض القبارصة الروم خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيد شطري الجزيرة، ثم استأنف الطرفان مفاوضاتهما في 2015، برعاية أممية.
وأضاف الوزير التركي، غير أن المفاوضات لم تثمر عن حل في نهاية "مؤتمر قبرص"، الذي استضافته سويسرا في يوليو/ تموز الماضي. وتتركز المفاوضات حول 6 بنود أساسية هي: الاقتصاد، والاتحاد الأوروبي، والملكية، وتقاسم الإدارة، والأرض، والأمن والضمانات.
وشدد الكاتب على أن التطورات الأخيرة الأخرى التي تؤثر في قضية قبرص، هو أن تركيا بصدد توسيع أنشطتها في التنقيب عن الغاز الطبيعي في الجزيرة بشكل قوي، وبيّن أن التوتر الناجم عن هذا يزيد الفجوة بين الجانبين؛ وعليه فقد رفض أناستاسيديس اقتراح أكينجي، تشكيل لجنة قبرصية تركية مشتركة؛ حيث تحاول اليونان الضغط على تركيا من خلال الساحة الدولية وكونها عضو في الاتحاد الأوروبي، في وقت، تحاول أنقرة الحفاظ على هدوئها واستقرارها.
وختم سامي كوهين مقاله، بأن الاجتماع المزمع عقده بين مصطفى أكينجي والزعيم القبرصي نيكوس أناستاسيادس سيجيب حول كيف ستؤثر هذه الأزمة في شرق البحر المتوسط على الجهود المبذولة لإيجاد حل لمشكلة قبرص؟ وسيعطي الاجتماع بين الطرفين إشارة إلى ذلك.
ومنذ عام 1974، تعاني جزيرة قبرص من الانقسام بين شطرين تركي في الشمال، ورومي في الجنوب، ورفض القبارصة الروم في 2004، خطة قدمتها الأمم المتحدة لتوحيدهما، وفقا للصحيفة التركية.