مراقبة الغموض.. لماذا تثير صحة ملك المغرب مخاوف المخابرات العسكرية الإسبانية؟

سلطت صحيفة إسبانية الضوء على الشائعات حول تدهور الحالة الصحية للملك المغربي، محمد السادس، التي أثارت مخاوف المخابرات الإسبانية حول عملية انتقال السلطة وما يمكن أن يتبعه من عدم استقرار.
وقالت صحيفة "الإندبندينتي" إن الشائعات حول الوضع الصحي السيء للملك المغربي طفت على السطح بعد ظهوره الأخير نهاية مايو/ أيار 2023، حيث بدا "أكثر نحافة وهزيلا للغاية".
ووفقا لمصادر من المخابرات العسكرية، يُراقب من إسبانيا كل الغموض الذي يحيط بالحالة الصحية لمحمد السادس وحالة الفوضى التي تحوم حول خلافته.
وبحسب "الإندبندينتي"، يعاني محمد السادس، الذي شارف على سن الستين، من أحد أمراض المناعة الذاتية، يسمى الساركويد، الذي يؤثر على الرئتين والعقد الليمفاوية ويسبب الإرهاق وفقدان الوزن.
وخضع لعملية جراحية مرتين بسبب عدم انتظام ضربات القلب، في فبراير/ شباط 2018 وفي يونيو/ حزيران 2020، وفي 2019 خضع أيضا لعملية جراحية لعلاج ورم حميد في عينه اليسرى.
أهمية الاستقرار
ونقلت الصحيفة أن الملك المغربي طلق الأميرة للا سلمى، منذ سنة 2018، وهي والدة الأمير الحسن، الذي بلغ العشرين من العمر في مايو 2023، والأميرة خديجة، البالغة من العمر 16 عاما.
وأشارت إلى أن "لدى محمد السادس شقيقا، الأمير رشيد، 53 عاما، وثلاث شقيقات، يتمتعون بنفوذ كبير في البلاط الملكي، لذلك، هناك من يرى أخ الملك بديلا قويا، وعموما، يتمركز في المرتبة الثانية في سلسلة الخلافة ويحضر بشكل متزايد الأحداث الرسمية لتمثيل الملك، مثل جنازة الملكة إليزابيث الثانية".
في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن محلل الشؤون الدولية، يوسف لوح روحو، قوله: "مثلما حدث منذ 21 سنة بعد وفاة الحسن الثاني، لا أرى أن تثير مسألة الخلافة مشاكل".
وأضاف "في ذلك الوقت، استمرت الدولة في العمل، وسيحدث نفس الشيء الآن، علاوة على ذلك، يملك المغرب الآن مؤسسات أقوى، ولا تتكون الدولة فقط من البيت الملكي، هناك بعض المؤسسات التي تضمن خلافة منظمة مثل وزارة الدفاع والشؤون الخارجية والداخلية والعدل، إنه إطار مؤسسي جيد التجهيز".
ونوه المحلل بوجود بؤرتين داخل الأراضي المغربية، يمكن أن تستغلها جهات فاعلة خارجية أو داخلية، إقليم الصحراء الغربية ومنطقة الريف (شمال)، لكنه لا يرى أن "هناك قدرة أو إرادة في تلك المناطق للقيام بانتفاضات".
وينص الدستور، الساري منذ 2011، على أن الابن الأكبر للملك محمد السادس هو ولي العهد، وفي وضع يمكنه من اعتلاء العرش، إذا لزم الأمر، وبدوره، سيصبح "أمير المؤمنين".
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية إسبانية تساؤلها حول "مدى جدية القيود التي توضع لترتيب الخلافة في المغرب".
وأضافت هذه المصادر: "لكن، هناك الكثير من الجوانب المجهولة حول الحالة الجسدية للملك، وما إذا كان سيستمر على العرش أم لا، إن المغرب جار من الجنوب، وتكتسب التطورات فيه أهمية كبيرة بالنسبة لنا، الاستقرار في المنطقة المغاربية ضروري لمصالحنا".
وأشارت الصحيفة إلى أن "منطقة الساحل تحولت إلى برميل بارود، وتخلت عنها جميع الدول الأوروبية وحلفاؤها بشكل متزايد، وكان رحيل فرنسا من مالي وبوركينا فاسو بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، أما الخطر الأكبر فيتمثل في إمكانية استغلال الصين للمرتزقة، على غرار فاغنر، لخدمة مصالحها".
تسريب الشائعات
وفي المنطقة المغاربية، فإن التوتر بين المغرب والجزائر، القوى الإقليمية المتناحرة، مثير للقلق، لم يرغب محمد السادس أبدا في شنّ حرب مع جارته، لكن ليس من المستبعد أن يُقدم ابنه على هذه الخطوة.
وبينت "الإندبندينتي" أن "المواجهة بين المغرب والجزائر أصبحت معقدة بشكل متزايد، وتحديدا، لا تقتصر المنافسة على المغرب الكبير، بل تعدت ذلك لتشمل إفريقيا، حيث توجد منافسة في منطقة الساحل، لكن، يتمثل الخطر الأكبر في حجم التسليح في هذين البلدين".
وأيضا، وقعت إسبانيا في فخ هذا الصراع، بسبب التحول التاريخي لحكومة بيدرو سانشيز في النزاع حول الصحراء الغربية، بقيادة وزير خارجيته، خوسيه مانويل ألباريس، الذي انحاز إلى أطروحة المغرب.
وأضافت مصادر المخابرات العسكرية أن "أكثر ما يقلقنا، في حالة وجود عملية خلافة في المغرب، هو تفاقم المواجهة بين المغرب والجزائر، أي شيء يخلق الفوضى في تلك المنطقة الحساسة سيؤثر علينا كثيرا؛ بسبب التبعات التجارية والطاقة والهجرة والإرهاب".
وذكرت الصحيفة أن "غيابات الملك المستمرة، حيث إنه قضى في عام 2022 حوالي 200 يوم خارج البلاد، بين باريس والغابون، وتدهور صحته، الذي بدا جليا خلال ظهوره للعلن في المناسبات القليلة".
واعترف مصدر مغربي مطلع على كواليس مكاتب المملكة، في حديث مع "الإندبندينتي" بشرط عدم الكشف عن هويته، بأن "غياب الملك ورحلاته خارج المغرب أثرت على شعبية النظام الملكي، للمرة الأولى، يتساءل الناس في الشارع عمن سيخلف الملك، هناك فراغ واضح في السلطة"، وفق قوله.
ورأى أن ذلك "يؤثر بشكل كبير على شعبية الملك والنظام الملكي، خاصة بعدما لم يتدخل الملك أو حتى يعلق على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكما هو الحال في أي حرب، فإن المعلومات هي أحد أسلحة الأطراف المتنازعة في أروقة القصر".
وفي هذا المعنى، قال مصدر مغربي آخر استشارته هذه الصحيفة: "لا يسرب المطلعون أي معلومات عما يحدث بالفعل، إلا عندما يكون ذلك تحركا تكتيكيا من شأنه أن يستخدم بسهولة كمعلومات مضللة لخدمة مصالحهم".
وزعمت الصحيفة أن "إحدى الشائعات تشير إلى احتمال استقالة محمد السادس، الأمر الذي من شأنه أن يمهد الطريق لابنه أو أخيه لتولي العرش".