بينما يشكو المغاربة من الفقر والغلاء.. من أين يضاعف عزيز أخنوش ثروته؟

"عزيز أخنوش لم يُفرق منذ 2007، تاريخ أول دخول له إلى الحكومة، بين التجارة والوزارة"
يواصل رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، مالك مجموعة "أكوا" القابضة، تضخيم استثماراته الشخصية داخل المغرب وخارجه، في وقت يتجاهل فيه معاناة الشعب المغربي وشكواه من الغلاء والتضخم وسوء الأوضاع الاقتصادية.
وفي 18 يونيو/حزيران 2025، كشفت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، أن مجموعة "أكوا" المغربية التي يملكها أخنوش، حصلت على الضوء الأخضر من السلطات السنغالية لاستيراد المنتجات النفطية، وذلك بعد سلسلة من التحديات الإدارية والفنية.
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المغاربة من رئيس الحكومة البحث عن حلول ومبادرات للحد من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الأساسية وضعف الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وارتفاع معدل البطالة، يعزز أخنوش استثماراته داخل المغرب وخارجه.
وتسيطر مجموعة رئيس الحكومة المعروفة باسم "أكوا" المغربية القابضة، على نسبة كبيرة من سوق توزيع المحروقات بالمغرب، فترفع أسعارها كيفما شاءت دون أي رقيب أو حسيب، وهو ما أثار جدلا واسعا بالمملكة، واتهامات لشركات المحروقات بـ"الاحتكار والجشع".
وتستحوذ شركة رئيس الحكومة "إفريقيا غاز" على 36 بالمئة من سوق المحروقات في المغرب، 29% من الديزل و42% من البنزين الممتاز.
فهل أصبحت مهمة رئيس الحكومة هي كيفية تعزيز استثماراته داخليا وخارجيا ومضاعفة ثروته عوض البحث عن حلول للمشاكل المعيشية لحوالي 40 مليون مغربي؟
مفارقة أخلاقية
الصحفي والباحث في العلوم السياسية والتواصل السياسي عبد الصمد بنعباد، يرى أن مشكلة المغاربة ليست مع رجل الأعمال عزيز أخنوش، خاصة نجاحاته الخارجية، بل إشكالهم الكبير والعويص متعلق بطريقة تعامل رئيس الحكومة عزيز أخنوش مع القوانين المغربية، وكذا حضور الجوانب الأخلاقية في تراكم ثرواته.
وأضاف بنعباد لـ"الاستقلال"، أن "عزيز أخنوش لم يُفرق منذ 2007، تاريخ أول دخول له إلى الحكومة، بين التجارة والوزارة، بل سعى - كما تطارده اتهامات المعارضة- إلى مراكمة ثرواته، ولو على حساب القانون، والدولة، والمجتمع".
وسجل بنعباد، أن المغرب حاول تطويق الفساد والتضييق عليه، وهذا ما شدد عليه الفصل 36 من دستور المملكة الذي ينص على أنه: "يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح، وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات طابع مالي".
ومع كل هذا التحصين، يوضح بنعباد، فإن أخنوش بعد توليه منصب رئيس الحكومة عقب انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021، سيدخل في سلسلة مخالفات قانونية وأخلاقية توجب مؤاخذته، خاصة في فضيحة صفقة تحلية مياه البحر للدار البيضاء، حيث وقع أخنوش في "تضارب مصالح" أسال كثيرا من المداد في المغرب وخارجه.
وفي 2023، استحوذ عزيز أخنوش رئيس الحكومة والمالك لمجموعة "أكوا" المغربية القابضة على صفقة ضخمة لتحلية مياه البحر ليبسط نفوذه الاستثمارية برا، وبحرا، وجوا.
ورأى بنعباد، أن "خطر ما يقوم به رئيس الحكومة الحالية، يتجاوز شخصه، بل يكاد يتحول إلى صفة لازمة لأغلب وزراء الحكومة الحالية، الذين تتهمهم المعارضة وما تبقى من الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي باستغلال النفوذ، وتضارب المصالح، والمحسوبية، والزبونية، والريع، سواء على مستوى الصفقات والوظائف، وغيرها من المخالفات القانونية الخطيرة".
وخلص بنعباد، قائلا: "نحن أمام مفارقة غريبة، قد تكون لأول مرة في تاريخ المغرب، ينتقل فيها المسؤولون العموميون من حماة للقانون إلى معتدين على حساب الوطن والدولة والشعب".
ثروته في تزايد
وسبق لتقرير لجنة استطلاعية برلمانية صدر في 2018، أن وجه أصابع الاتهام لـ"شركة إفريقيا غاز" المملوكة لأخنوش مع باقي شركات المحروقات بتحقيق أرباح خارج نطاق القانون وبشكل غير مشروع.
وبلغت الأرباح غير المشروعة التي حصلت عليها تلك الشركات مطلع 2021 نحو 45 مليار درهم (4.5 مليارات دولار)، حسب ما نقل موقع محلي عن الحسين اليماني، الخبير في مجال المحروقات والقيادي في نقابة الكونفدرالية المغربية للشغل.
وحسب تقارير إعلامية، فإن ثروة وأرباح أخنوش بدأت تتزايد أكثر من خلال شركاته الخاصة به، مستفيدا بشكل مباشر من الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات.
وفي آخر تحديث لمجلة "فوربس" الأميركية لأكثر الأفارقة ثراء، عام 2025، بلغت ثروة رئيس الحكومة ورجل الأعمال عزيز أخنوش 1.6 مليار دولار بحلول الأول من يناير 2025.
ويبدو أن قطاع البترول والغاز يعد المصدر الأساسي لثروة أخنوش، نظير أسعار البنزين "الصاروخية".
أما مجال الأكسجين الطبي، فيعاني من احتكار واضح لصالح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عبر شركته "مغرب أكسجين".
وتنفرد شركة أخنوش بتزويد المستشفيات العامة والمصحات الخاصة بهذه المادة الحيوية، مقابل مبالغ مالية توصف بالكبيرة والمبالغ فيها.
ورغم أهميته، فإنه لحد الآن لم يجر تقنين سعره، كباقي الأدوية، لكي يكون معلوما لدى عامة المواطنين، وكي لا يكون موضع احتكار من جهة أو جهات معينة.
عادة قديمة
حِرص أخنوش على تعزيز استثماراته ومصالحه ليس وليد اليوم، فقد سبق له أن عقد في 29 يوليو/تموز 2021، اتفاقا عبر شركته إفريقيا غاز، وبين "ساوند إنيرجي" Sound Energy لشراء أصول في الشركة البريطانية بقيمة 2.8 مليون دولار، مع بيع الغاز الطبيعي المسال المستخرج من مشروع تندرارة بإقليم فكيك (شرق المملكة).
وكشف موقع "الصحيفة" المحلي، في تحقيق له، أنه بعد أن أصبح أخنوش مالكا لجزء من أسهم الشركة البريطانية، جرى تخفيض الضرائب على "ساوند إنرجي" البريطانية، مما يؤكد وجود شبهة تضارب مصالح في هذه الصفقة.
وأفاد الموقع المحلي، أنه بعد أن أصبح أخنوش مساهما في الشركة البريطانية التي تملك "غاز تندرارة"، نشر موقع Morningstar البريطاني معطيات لافتة تتعلق بإدارة الضرائب المغربية التابعة لوزارة المالية التي كان يرأسها محمد بنشعبون (عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار قائد الحكومة الحالية).
وبين أن تلك الإدارة تخلت عن المطالبات الضريبية المتعلقة بالاستحواذ على الأصول غير الملموسة بين عامي 2016 و2018 الخاصة بشركة Sound Energy البريطانية، بَعد عدة جلسات جرت مع لجنة من إدارة الضرائب شكلت لهذا الغرض.
وأواخر أكتوبر/تشرين الأول 2022، كشفت مواقع محلية موريتانية ومغربية، أن الشركة المغربية المعروفة اختصارا بـ"أكوا" استحوذت على "توتال موريتانيا" التابعة لعملاق المحروقات الفرنسي "توتال إنرجيز".
وذكرت المواقع، أنه جرى إبلاغ مجلس المنافسة (هيئة حكومية تعنى بضمان الشفافية في العلاقات الاقتصادية)، بمشروع عملية تركيز اقتصادي تخص تولي المراقبة الحصرية لشركة توتال موريتانيا من قبل شركة "أكوا" إفريقيا".
تركيز الثروة
وفي تعليقه على حرص عزيز أخنوش رئيس الحكومة على مضاعفة ثرواته مقابل معاناة المغاربة مع غلاء المحروقات والسلع والخضر والفواكه وضعف الخدمات الاجتماعية، قال القيادي بحزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي: إن هذا لا يخرج عن نطاق مقاربة موغلة في الافتراس باسم "الليبرالية" و"الانفتاح" ويجري العمل بها في أكثر من بلد.
وأضاف أفتاتي، في حديث لـ"الاستقلال"، أنه يجري بالمغرب بتوجيه من مركز السلطة أو النواة الصلبة في الدولة، توزيع مصادر "الماكرو ثروة" وليس الثروة فقط وتركيزها، أي مصادر الثروة ومنابعها، بين أيدي بضع عائلات متحالفة فيما بينها.
وتابع أن هذه "الكارطيلات" (تجمعات) العائلية المبرمجة والموجهة من مركز الدولة ونواتها الصلبة، تعمد إلى توزيع أدوار التشبيك والتحالف مع الرأسمال الأجنبي خدمة لأجندات دول، وفي نفس الوقت خدمة لـ"الكارطيلات" و"الافتراس" العابر للحدود والقارات.
ويرى أفتاتي، أن ما يجري في قطاعات حيوية وبالغة الحساسية (الطاقات المتجددة وتحلية مياه البحر وقطاعات تقليدية ريعية أخرى لا تقل أهمية) من تقاسم رهيب بين "كارطيلات" محلية ومثيلاتها العابرة للقارات لا يخدم التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وتقاسم ثمار النمو بين أوسع الفئات الاجتماعية، وإنما يخدم أجندات دول تستعمل الرأسمال الكبير والريعي في مآرب شتى.
وأشار أفتاتي إلى أن "هذا الكائن/الكمبرادور (أخنوش) قام في دولة شقيقة أخرى باقتناء شبكة بكاملها للمحروقات كانت في ملكية طوطال"، في إشارة إلى استحواذ شركة أخنوش على "توتال موريتانيا" التابعة لعملاق المحروقات الفرنسي "توتال إنرجيز".
ويرى أفتاتي، أن "هذه الأمور ستفتح علينا أبوابا من التشويش بحكم الموقع التنفيذي لصاحبها، مما سيفسر أنه استفاد مما استفاد منه بحكم تسخيره لمركزه في الدولة ودواليبها قبل أي شيء آخر".
وأردف أنه "قد تنتقل صورة بلدنا من بلد مساعد ومتعاون إلى صورة مسيئة وملتبسة بالاستغلال وما شابه من أمور مضرة بالعلاقات التاريخية للمغرب".
وخلص أفتاتي، إلى أن هذه "الاكتساحات" لأسواق أو أجزاء كبيرة من الأسواق في دول أخرى من طرف من هو متورط فيما يعلمه الناس من "ماكرو شفط" يقدر بعشرات المليارات من الدراهم بدليل تغريمهم من مجلس المنافسة ( 1.83مليار درهم لتسع شركات محروقات)، "سيفتح علينا أبوابا من التشويش بحكم أن فبركة الدول للرأسمال الكبير و تحصينه، يقتل المنافسة ويكرس الفقر ويعمق التفاوت الطبقي...".
المصادر
- Sénégal – Maroc : comment Akwa a débloqué son projet pétrolier avec Dakar
- Morocco’s Akwa Group invests in oil storage project in Senegal
- Propriété d’Akhannouch, Akwa décroche une licence au Sénégal malgré un dossier fragile
- فوربس: ثروة أخنوش تصل إلى 1.7 مليار دولار وبنجلون يرفع ثروته إلى 1,4 مليار دولار بفضل "بنك أفريقيا"