"الأسد مندوب إيران".. حقائق دفعت السوريين لوسم القمة العربية بـ"العار"

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

ما إن وطأت قدما رأس النظام السوري بشار الأسد أرض السعودية لحضور القمة العربية بجدة في 19 مايو/أيار 2023، حتى أطلق السوريون عليها "قمة العار".

وعمت مظاهرات عارمة مناطق الشمال السوري الخارج عن سيطرة قوات النظام مطالبين بمحاسبة الأسد لا مكافأته على جرائمه بحق الشعب.

"قمة العار"

وندد المتظاهرون بإعادة الأسد إلى الجامعة العربية وتناسي جرائمه البشعة وقصفه المدن بكل أنواع الأسلحة بما في ذلك الكيماوي، مؤكدين أن أسباب طرده عام 2011 منها ما تزال قائمة.

وتزامنا مع انطلاق القمة، رفع المتظاهرون في إدلب وعدد من مدن ريف حلب لافتات، كتب على بعضها: "سوريا لا يمثلها الأسد المجرم"، "قمة ستقدم الكبتاغون إلى الشعوب العربية بكل أمانة"، "السوري يرفع إيدو بشار ما منريدو"، "سمعوا الجامعة العربية بشار خاين سوريا".

وأطلق الناشطون السوريون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "قمة العار" على القمة العربية في جدة، ونشروا صورا لجرائم نظام الأسد بحق السوريين.

وأعادت الرياض علاقاتها مع دمشق في 23 مارس/آذار 2023 بعد قطيعة لأكثر من عقد من الزمن، قبل أن تسرّع جهود إعادة النظام لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، بقرار من وزراء الخارجية العرب في 7 مايو 2023.

ورأى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن "استقبال مجرم الحرب بشار الأسد لحضور القمة العربية مكافأة له على ما اقترفه من جرائم بحق الشعب السوري، وتجاوزا لتضحيات السوريين لأكثر من 12 عاما، وتناسيا للضحايا الذين ينتظرون تحقيق العدالة، وتخليا عن الشعب السوري الثائر المطالب بالحرية".

ونشر الائتلاف بيانا في 19 مايو رأى فيه أن "وجود النظام المجرم في مقعد سوريا في الجامعة العربية يعني أن إيران تحضر القمة عبر مندوبها وحامل أجندتها وأحد أدواتها في تنفيذ مشروعها التوسعي الحاقد في الدول العربية".

كما أن "العذر بإعطاء فرصة لنظام الأسد هو هدر للوقت ومماطلة لن تفضي إلا إلى مزيد من القتل والاعتقال والمأساة لأن لنظام الأسد سجلا واسعا بالخداع والكذب وعرقلة أي عملية سياسية ذات صلة بسوريا"، وفق البيان المذكور.

وشدد الائتلاف المعارض، على أنه "من غير المقبول أن تنظر بعض الدول لهذا النظام على أنه نظام شرعي بعد ارتكابه مئات الآلاف من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري".

وأضاف قائلا: "كما أنه من المعلوم أن هذا النظام ليس إلا دمية بيد روسيا ونظام الملالي يسيرانه وفق مصالحهما ومواقفهما وإرادتهما مقابل ما قدموه له من قتل للسوريين ودعم لآلته العسكرية".

"الأسد مندوب إيران"

واستهجن عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، يحيى مكتبي، دعوة بشار الأسد لقمة جدة، واصفا إياه بأنه "مندوب إيران؛ لأن هذه هي الحقيقة فقد أباح المجرم بشار الأسد سوريا لحوالي 55 مليشيا إيرانية مجرمة بقيادة الحرس الثوري الإيراني أن تشارك في قتل السوريين وتشريدهم".

وأضاف لـ"الاستقلال" قائلا: "كما أن الأسد تنازل عن الكثير من الاستثمارات في سوريا لصالح نظام الملالي وسمح لهم بشراء الأراضي و بالتغلغل الاجتماعي والديني وبث أفكار متطرفة حاقدة طائفية غريبة عن المجتمع السوري".

ومضى مكتبي متسائلا: "فكيف لا يكون المجرم بشار الأسد مندوب إيران في سوريا كما المجرم حسن نصر الله مندوب طهران في لبنان؟".

وفي 18 مارس/ آذار 2023، أكملت الثورة السورية ضد رئيس النظام بشار الأسد الذي ورث الحكم عن أبيه عام 2000، عامها الـ 12.

ورغم مسيرة الثورة الطويلة نحو الخلاص من استبداد عائلة الأسد التي تحكم سوريا بقبضة أمنية منذ عام 1971، إلا أنها ما تزال محافظة على مكتسباتها وهذا ما يعبر عنه أهالي مناطق الشمال السوري الخارج عن سيطرة الأسد، والذين يعدون الحاضنة الأخيرة للثورة ولسانها الناطق.

ويمثل الشمال السوري الواقع على حدود تركيا الجنوبية، المعبر الرئيس عن أحداث المشهد السياسي السوري ويدلي بمواقف جماعية إزاء تطوراته، ولا سيما في ظل انسداد أفق الحل السياسي بسوريا رغم وجود قرار أممي يحمل رقم 2254، صادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2015، يعد الممهد للحل.

ويؤوي الشمال السوري نحو خمسة ملايين نسمة، غالبيتهم نازحون داخليا من مختلف المدن السورية، الذين هجرتهم آلة القتل عن ديارهم.

كما يشكل الشتات السوري في مختلف الدول التي هاجر إليها السوريون وطوروا من مهاراتهم وخبراتهم، أحد أهم العوامل التي ساهمت في تشكيل رأي داعم للثورة السورية لدى حكومات تلك الدول.

ولهذا كان الصوت مرتفعا جدا من أهالي الشمال السوري خلال قمة جدة، للتأكيد على أن عودة الأسد للحضن العربي لم يقابلها أي تنازلات من طرفه، بل كان موقفا خاذلا لتضحيات السوريين.

المحاسبة لا المكافأة

ورأى السوريون أن عودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية، والعمل على دفع مزيد من الدول للتطبيع معه وفتح علاقات معه يعد تجاوزا "لدماء السوريين".

ورفض هؤلاء المتظاهرون محاولة القمة تلميع صورة الأسد المتهم بارتكاب جرائم حرب ضد السوريين بعدما قتل مئات الآلاف منهم، وشرد 13 مليونا أقل من نصفهم باتوا لاجئين خارجيا، من أصل سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة.

كما انتقد المتظاهرون الرافضون لإعادة تأهيل الأسد، عجز الدول العربية عن تحقيق تقدم في ملف المعتقلين في سجون الأسد على خلفية الثورة.

وتؤكد "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" المعارضة، أن نظام الأسد لا يزال يحتجز لديه 132 ألف مواطن، من بينهم 87 ألف مختف قسريا.

وقد رأى كل من "اتحاد الإعلاميين السوريين، واتحاد إعلاميي حلب وريفها ورابطة الإعلاميين السوريين"، في بيان مشترك موجه للدول العربية، أن "تجاوز تضحيات السوريين وتقويض ثورتهم، سيكون من نتائجها تمكين توسيع المشروع الإيراني في سوريا، وامتداد خطره لجميع دول المنطقة".

وملأ السوريون وسائل التواصل الاجتماعي بحملات تحت عناوين "سوريا لا يمثلها الأسد المجرم"، و"الأسد مجرم حرب" للرد على قمة الجامعة العربية في السعودية.

وفي هذا السياق، كتب رئيس الائتلاف السوري المعارض، سالم المسلط، عبر تويتر قائلا: "استدعاء مجرم الحرب بشار الأسد لحضور القمة العربية يقض مضجع أكثر من مليون شهيد سوري قتلوا بيد بشار وزبانيته، كان ذلك مكافأة مجانية لمجرم الحرب، ولن يفهمها بحسب طبيعته إلا فرصة جديدة ليكرر جرائمه ووحشيته ضد الشعب السوري، وليستمر في تنفيذ أجندات نظام الملالي في طهران".

"اجتماع مقرف"

وعلى المستوى الدولي، وصف رئيس لجنة شؤون الشرق الأوسط في الكونغرس الأميركي، جو ويلسون، اجتماع القمة العربية في جدة بأنه "مقرف"، مشيرا إلى أن التطبيع مع نظام الأسد ستكون عواقبه "وخيمة".

وقال ويلسون في تغريدة على حسابه في تويتر: "كان اجتماع جامعة الدول العربية هذا الصباح مقرفا"، مضيفا أن "العناق الدافئ للقاتل (الجماعي) بشار الأسد سيقابل بعواقب وخيمة".

وختم السيناتور الأميركي بالقول: "أنا أعمل على ضمان أن قانون مكافحة التطبيع في نظام الأسد، الخاص بي، سيمر بسرعة عبر الكونغرس".

وذلك في إشارة إلى إقرار لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي منتصف مايو 2023 مشروع "قانون محاربة التطبيع مع نظام الأسد لعام 2023"، والذي ينتظر التصويت عليه من الكونغرس الأميركي ليصبح نافذا.

كما جاءت عناوين الصحافة الغربية لاذعة حول دعوة بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية، فقد رأت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها بتاريخ 18 مايو، أن "عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية نهاية للعزلة العالمية شبه الكاملة لنظام ارتكب سلسلة من الفظائع بحق شعبه ولقي ترحيبا بالعودة إلى المنظومة العربية بلا قيود تقريبا".

أما صحيفة "واشنطن بوست" فقد وصفت في تقرير لها بتاريخ 20 مايو، عودة الأسد إلى الجامعة العربية وحضوره قمة جدة بـ "الخيانة"، مشيرة إلى أن "عديدا من السوريين الذين عانوا من الحرب يرون أن ما عاشوه من أهوال محي من الذاكرة تماما".

من جانبها رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" في مقالة لها بتاريخ 19 مايو، "أن إعادة اندماج سوريا في العالم العربي تظهر كيف عاد الحكم الاستبدادي إلى المنظومة العربية والذي قطع شعبه بوحشية بعد أكثر من عقد من انتفاضات الربيع العربي".

بينما وصفت صحيفة "فاينناشال تايمز" في تقرير لها بتاريخ 17 مايو، عودة الأسد إلى الجامعة العربية بـ "اليوم الحزين للدبلوماسية العربية، وأنه يرسل رسالة تقشعر لها الأبدان إلى ضحايا فظائع النظام وتُمكن الأسد من الإفلات من العقاب".