تطبيع السعودية وإيران.. كيف يؤثر على المفاوضات النووية مع أميركا وإسرائيل؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

استعرض موقع "مودرن دبلوماسي" الأميركي انعكاسات عودة العلاقات بين إيران والسعودية على مسار تطبيع الأخيرة مع الكيان الإسرائيلي.

وأوضح أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يحاول تحقيق توازن في علاقاته، غير أن الخطوة الأخيرة التي تعد هدية شرق أوسطية للصين هي الأكثر تحديا بالنسبة له.

تطور مفاجئ

ففي تطور مفاجئ، أعلنت السعودية وإيران، في 10 مارس/ آذار 2023، عودة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين، برعاية صينية، وبحضور مستشاري الأمن القومي للبلدين.

وأصدر الطرفان بيانا مشتركا، جاء فيه أنهما اتفقا على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001.

ووفق الموقع، فإن الاتفاق الأخير هو نموذج نادر للوساطات الصينية الناجحة في نزاعات الشرق الأوسط، وربما تكون أيضا هدية من دولتي الشرق الأوسط لبكين.

وأضاف أنه إذا كان هناك شيء سيقدّمه هذا الاتفاق، فإنه سيضع كلا من السعودية وإيران كلاعبين بنائين في الحد من التوتر الإقليمي، شريطة أن يساعدا في إنهاء حرب اليمن، والحروب بالوكالة في مناطق أخرى.

علاوة على ذلك، يمكن أن يمنح الاتفاق فرصة جديدة للجهود المتعثرة حتى الآن في إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي حدّ من البرنامج النووي الإيراني.

وجدير بالذكر أن السعودية قطعت علاقاتها مع إيران بعد أن اقتحم الإيرانيون سفارة المملكة في طهران عام 2016، احتجاجا على إعدام رجل دين شيعي سعودي بارز.

وقبل يوم واحد من الإعلان الإيراني-السعودي، اتخذت الإمارات خطوة إلى الأمام للتحوّط من رهاناتها، من خلال الاتفاق مع إيران على زيادة التعاون في مجال الطيران.

وخلال عام 2022، أعادت الإمارات فتح سفارتها في طهران، التي أغلقتها في وقت القطيعة الدبلوماسية بين إيران والسعودية.

هذا الإعلان السعودي-الإيراني جاء في أعقاب تقارير تفيد بأن المملكة اقترحت إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل مقابل تعهد أميركي ملزم قانونا بأمن الخليج.

بالإضافة إلى دعم الولايات المتحدة لبرنامج نووي سعودي سلمي، وزيادة مبيعات الأسلحة الأميركية إلى المملكة.

ووفق الموقع، فإن "إعادة العلاقات بين الرياض وطهران لن تذهب بالعرض السعودي من على الطاولة، غير أن صفقة كهذه من المرجح أن تنظر إليها طهران على أنها تستهدف الجمهورية الإسلامية".

"لكن الاتفاق الأخير قد يفرض تغييرا في بعض ديناميكيات العرض السعودي للتطبيع مع إسرائيل"، حسب الموقع.

وأشار إلى أن "السعودية كما الإمارات، تستحسن حرب إسرائيل السرية ضد إيران، تلك الحرب التي تتضمن هجمات ضد أهداف في الداخل الإيراني وسوريا".

"لكن في الوقت نفسه تخشى الدولتان الخليجيتان من أن يكونا هدفا للانتقام الإيراني"، يضيف الموقع.

ووفق الموقع، فإن الالتزام الدفاعي الأميركي يمكن أن يقلل من هذا الخوف الخليجي، كما يمكن أن يقوي شوكة إسرائيل، في الوقت الذي يمكن أن تؤدي فيه إعادة العلاقات بين السعودية وإيران إلى تغيير ديناميكيات التنافس بين البلدين.

وفي مارس/ آذار 2023، حذر قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني، علي رضا تنكسيري، دول الخليج من دعم حرب إسرائيل السرية على بلاده.

وقال تنكسيري: "إذا كانوا يرغبون في مهاجمتنا من أراضي أية دولة، أو الاستفادة من المجال الجوي لأي بلد، فسنرد الصاع صاعين، وسنسحق أي منطقة قد تُحاك فيها مؤامرات ضد المصالح الإيرانية".

كوابح التطبيع

ويرى الموقع الأميركي أن عودة العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض من شأنها أن تهدئ المخاوف من انتقام إيراني، حال تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل.

كما يعتقد أن التطبيع السعودي-الإسرائيلي سيفتح الباب أمام اعتراف العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة بإسرائيل، لا سيما في آسيا، وسيعيد ترسيخ ثقة الخليج في مصداقية الولايات المتحدة كضامن للأمن الإقليمي.

هذه الثقة التي ضعفت بسبب تركيز الولايات المتحدة على الصين كخصم إستراتيجي، وانشغالها بالحرب في أوكرانيا، إلى جانب إحجام واشنطن عن الرد على الهجمات الإيرانية على أهداف سعودية وإماراتية.

علاوة على ذلك، فإن التطبيع سيُمكّن ابن سلمان من تلبية احتياجاته الدفاعية العاجلة، ودفع العجلة للإمام نحو إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، وتأسيس إطار عمل لعلاقات المملكة مع الولايات المتحدة والصين.

حيث إن التطبيع السعودي-الإسرائيلي سيشكّل دعامة لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب في القرن الحادي والعشرين، يضيف الموقع.

لكن هناك تحديات تعترض التطبيع السعودي-الإسرائيلي، منها أن حشد دعم الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، للتوصل إلى اتفاق رسمي مع السعودية شبه مستحيل؛ بسبب تناقض توجهات الكثيرين في الكونغرس حيال المملكة.

وحتى إذا كان استخلاص التزام من الولايات المتحدة أمرا متيسرا، فإنه سيتعين على ابن سلمان إثبات أنه شريك موثوق لواشنطن.

"فهناك مآخذ أميركية متعددة على ولي العهد السعودي، منها حملة القمع الوحشية ضد المعارضة وحرية التعبير، وإدارته لحرب اليمن، وبعض تحركاته الخارجية التخريبية، كحصار قطر الذي استمر 3 سنوات ونيفا"، يضيف الموقع.

وفي هذا الشأن، صرح سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل سابقا، مارتين إنديك، أن "السعوديين بحاجة لإثبات أنهم شريك مسؤول، فلا يمكن لهم أن يسيروا في اتجاهين متعارضين".

وتابع: "إذا كانت تريد الرياض هذا النوع من الالتزام من الولايات المتحدة، فعليها أن تتماشى معنا، وإذا كانت علاقتنا الأمنية مع المملكة ستتعمق لأن السعوديين يريدون ذلك، فهناك التزامات مطلوبة ومحددة".

تفاوض صعب

وأوضح الموقع الأميركي أن "إحدى الطرق التي يمكن أن يظهر ابن سلمان مسؤوليته من خلالها هي التفاوض على شروط الدعم الأميركي للبرنامج النووي للمملكة".

حيث تسعى الأخيرة لبناء 16 محطة للطاقة النووية، مؤكدة باستمرار أن برنامجها موجه للأغراض السلمية، وأنها ملتزمة بوضع منشآتها المستقبلية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ومع ذلك، فإنه مع اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، تهدف السعودية أيضا إلى اكتساب المعرفة، ووضع لبنات البناء التكنولوجية اللازمة لمضاهاة طهران.

هذه التطورات تريد واشنطن إيقافها عن طريق إقناع المملكة بقبول الضمانات المطلوبة بموجب القانون الأميركي، لكن ترفض الرياض ذلك حتى الآن.

ووفق الموقع، فإن المسؤولين الأميركيين يخشون من أن الإصرار السعودي قد يرقى إلى التراجع عن مذكرة تفاهم أُبرمت عام 2009 مع الولايات المتحدة، تعهدت بموجبها المملكة بالحصول على الوقود النووي من الأسواق الدولية.

ومع ذلك، حتى لو تمكن ابن سلمان من إقناع الولايات المتحدة بإحساسه بالمسؤولية ولبّى شروطها فيما يخص التعاون النووي، فإن إسرائيل تظل الورقة الرئيسة.

ويؤكد الموقع أن ولي العهد وغيره من كبار المسؤولين السعوديين أوضحوا أنهم يريدون إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، وأن ذلك لن يكون ممكنا إلا بوضع حل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بطريقة تراعي مصالح الطرفين.

لكن في المقابل، "فإن بنيامين نتنياهو يترأس حكومة إسرائيلية بعيدة كل البعد عن تنفيذ هذا الشرط"، يوضح الموقع.

ويبدو أن رهان نتنياهو يتمحور حول تضاؤل دعم المملكة وغيرها من الدول العربية والإسلامية للفلسطينيين، لدرجة أنه إذا خُيّرت السعودية بين دعم الفلسطينيين، وبين والتعاون الأمني والتكنولوجي مع إسرائيل - لا سيما ضد إيران- فإن المملكة ستختار إسرائيل.

بينما، قد يكون رهان ابن سلمان يعتمد على أنه إذا توصلت السعودية والولايات المتحدة إلى اتفاق حول التطبيع مع إسرائيل، فإن نتنياهو سيحذو حذوهما، ويسعى لتلبية الشروط السعودية.

"لكن قد يكون هذا رهانا محفوفا بالمخاطر؛ لأن نتنياهو بقدر ما يريد التطبيع مع السعودية، بقدر ما يرغب في تجنيب مستقبله السياسي أي خطر، عبر المجازفة بأزمة مع شركائه في الائتلاف اليميني"، يختم الموقع.