لم تعقد منذ 2018.. الانتخابات المحلية تشعل معركة التحالفات السياسية بالعراق

يوسف العلي | a year ago

12

طباعة

مشاركة

على بعد ثمانية أشهر من موعد الانتخابات المحلية (مجالس المحافظات)، بدأت أبرز القوى السياسية العراقية التخطيط للتحالفات التي ستشارك من خلالها في هذا السباق الذي ينتج عنه تشكيل حكومات محلية تدير شؤون المحافظات تتكون من مجالس رقابية ومحافظ.

وفي 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أعلن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إجراء انتخابات مجالس المحافظات في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مشيرا إلى أن المحافظات تشهد في الوقت الحالي فراغا منذ 2018 خلافا للدستور الذي نص على شرعيتها.

وكان مقررا إجراء انتخابات المجالس المحلية في مايو/ أيار 2018، لكنها أرجأت إلى سبتمبر/ أيلول 2018 ومن ثم إلى أكتوبر/ تشرين الأول 2019، إلا أنها ارجئت مجددا إلى أبريل/ نيسان 2020.

وفي 8 أكتوبر/ تشرين الثاني 2019، قرر البرلمان حلّ مجالس المحافظات، في خطوة لتهدئة الاحتجاجات الشعبية، التي طالبت وقتها بحل البرلمان أيضا، وإزاحة الطبقة السياسية التي تولت إدارة الحكم عقب الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003.

تحالفات تتشكل

ولوحظ في الأيام الأخيرة أن بعض القوى السياسية العراقية بدأت التشاور من أجل تشكيل قوائم وتحالفات انتخابية مبكرا، قبيل الشروع في التصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات في البرلمان الذي يُتداول إعلاميا أنه سيحدث قريبا، دون تحديد موعد بعد.

وكشفت صحيفة "المدى" العراقية، مطلع فبراير/ شباط 2023 أن "قوى الإطار التنسيقي الشيعي تقترب من الانشطار إلى نصفين على الأقل بسبب خلافات على خارطة الانتخابات المحلية، لأن التحالفات الكبيرة باتت رفاهية غير موجودة، وكذلك هي غير موجودة لدى القوى السنية والكردية".

ونقلت الصحيفة عن قيادي في "الإطار التنسيقي" (لم تكشف هويته) أن "كل أحزاب الإطار شكلت لجانا للتهيئة للانتخابات المحلية، والمقترحات تتحدث عن قائمتين على الأقل للتحالف الشيعي".

واستبعد القيادي الإطاري "دخول الإطار التنسيقي بشكل موحد إلى الانتخابات المحلية بسبب وجود رغبة لدى بعض الأطراف للدخول بشكل منفرد"، لافتا إلى أن "ائتلاف دولة القانون يريد أن تستثمر شعبية زعيمه نوري المالكي لجمع الأصوات له لا لأحزاب أخرى".

وبحسب قوله، فإن ائتلاف المالكي يفكر أن يرفض كل طلبات الانضمام إليه من أحزاب شيعية أخرى في الانتخابات المبكرة، مؤكدا في الوقت نفسه أن "هناك بوادر لتحالف بين منظمة بدر بزعامة هادي العامري وعصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي".

وتشكّل الإطار التنسيقي في 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لتنسيق مواقف القوى الشيعية الرافضة لنتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة في العاشر من الشهر نفسه، التي حل بها التيار الصدري أولا وأراد تشكيل حكومة أغلبية، لكن بعد شهور انسحب من البرلمان، لتتضاعف مقاعد الإطار ويتمسك بالبرلمان.

ويضم الإطار التنسيقي كلا من: ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، وتحالف الفتح بقيادة هادي العامري، وتحالف قوى الدولة بقيادة عمار الحكيم، وحركة عطاء برئاسة فالح الفياض، وحركة حقوق بقيادة حسين مؤنس، وحزب الفضيلة برئاسة عبدالحسين الموسوي.

ولم يصدر حتى مطلع فبراير 2023 أي تصريح عن التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر عن مشاركته في انتخابات مجالس المحافظات من عدمه، وذلك بعد قراره باستقالة كتلته من البرلمان المكونة من 73 نائبا من أصل 329 عضوا، بعدما أخفق في تشكيل حكومة أغلبية سياسية.

الأكراد والسنة

وعلى صعيد الساحة السنية، كشف مصدر برلماني عراقي لـ"الاستقلال" أن "تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر، والذي يضم معه حزب تقدم بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لن يكون متماسكا في الانتخابات المحلية المقبلة، وذلك لكثرة التذمر داخل التحالف من سطوة الأخير وصمت الأول عليه".

وأوضح المصدر، طالبا عدم الكشف عن هويته، أن "تحالف الأنبار الذي يضم قوى وشخصيات سياسية مناوئة لتحالف السيادة بات يمتلك شعبية كبيرة في الأنبار معقل حزب تقدم، إضافة إلى أنه سيشكل مجموعة تحالفات مماثلة في نينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك، تنافس السيادة في الانتخابات".

ولفت إلى أن "تحالف السيادة فقد الكثير من شعبيته كونه لم يحقق أي وعد تعهد به للجمهور قبل انتخابات البرلمان في 2021، ولا سيما موضوع إعادة النازحين إلى مدنهم، وأبرزهم أهالي مدينة جرف الصخر شمال بابل، الذين تسيطر على مناطقهم مليشيات موالية لإيران منذ عام 2014".

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي عبد الله الركابي، إن "كل التحالفات السياسية في العراق لا تبنى على الأهداف الإستراتيجية المشتركة، بل إنها تمثل حاجة وقتية للاتفاق على توزيع المناصب الهامة ومواقع المسؤولية وفق مبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية".

وأوضح لصحيفة "العربي الجديد" في 22 يناير/ كانون الثاني 2023، أنه "منذ 2003، تعمل الأحزاب جميعها وفق هذه الطريقة. وقد فشلت معظم محاولات التجديد في طريقة التحالف، وأبرزها تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع التيار الصدري، لتعود مرة أخرى التحالفات للاعتماد على الطائفة والمصالح".

وأشار إلى أن "المرحلة الحالية هي أصعب مرحلة على التحالفات السياسية، لا سيما أن هناك بروزا لحالة تدل على عدم الثقة بين الأحزاب".

واستدرك الركابي قائلا: "لكن التحالف الكردستاني، لا تنطبق عليه هذه الحالة، لأنه تفكك منذ سنوات، وتحولت علاقة أطرافه البارزة (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني) إلى علاقة متوترة وقريبة من التصادم".

وأكد الباحث أن "التحالف المدني الحالي (قوى التغيير الديمقراطية) أمام تحدّ وفرصة لاستثمار الظروف الصعبة للأحزاب التقليدية، لتحقيق نتائج جيدة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة".

أهمية المجالس

وبخصوص ما تمثله مجالس المحافظات من أهمية للأحزاب والقوى السياسية، فإن خبراء في الدستور العراقي، يؤكدون أن أهميتها تكمن في مراقبة عمل المحافظ والدوائر الحكومية في المحافظة، لكن في المقابل هناك معوقات تحول دون إجراء انتخاباتها.  

وقال الباحث في القانون الدستوري، حسين الحاج حمد، إن "انتخابات مجالس المحافظات تمثل ضرورة دستورية وعملية في الوقت نفسه.

إذ إن الدستور العراقي لعام 2005 تبنى اللامركزية الإدارية، وأوجد مجالس المحافظات لتمثل القاعدة الشعبية للمحافظة، لتراقب عمل المحافظ والدوائر الحكومية في المحافظة.

وأضاف لوكالة "شفق نيوز" العراقية في 23 ديسمبر/ كانون الثاني 2022، أن "الدستور ينص بشكل صريح على انتخاب مجلس المحافظة، بمعنى أن تكوين مجلس المحافظة لا يكون إلا عن طريق الانتخاب".

وأيضا المحكمة أتمت هذا المبدأ وألزمت أن تكون الانتخابات خلال مدد زمنية محددة، بحيث لا يجوز لمجلس النواب أن يطيل هذه المدة، يتابع حمد.

وأردف: إن "الواقع العملي يحتّم إنشاء مجالس المحافظات، خصوصا بعد تشكيل الحكومة الجديدة ومنهاجها الوزاري الذي أكد مجموعة من الأمور منها مسألة الإعمار وإكمال المشاريع السابقة، ما يستلزم وجود رقابة شعبية على هذه الأعمال والمتمثلة بمجلس المحافظة".

وأكد الباحث أنه "رغم وجود هذه الضرورة، تبقى هناك بعض المعوقات التي تحول دون إجراء انتخابات مجالس المحافظات، فلا بد من وجود إرادة سياسية تتفق على تحديد موعد الانتخابات، ويسبق هذا الاتفاق وجود قانون انتخابات يأخذ في الحسبان المتغيرات السياسية والقانونية التي طرأت على البلاد، لاسيما بعد التغيير الحاصل في قانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 سنة 2020".

وتابع: "إذ إن هذا القانون تبنى نظام الانتخاب الفردي، في حين أن النظام الانتخابي الذي أجريت فيه آخر انتخابات لمجالس المحافظات كان يعتمد على نظام القائمة الانتخابية، ولكل واحد من هذين النظامين مزايا وعيوب ما يستلزم الوصول إلى صيغة معينة مقبولة عند أغلب الأطراف السياسية والشعبية".

وخلص إلى أن "ما يعيق إجراء الانتخابات أيضا، التهيئة التامة من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فضلا عن وجود حالة من الشك بعد قرار المحكمة الاتحادية العليا التي دعت فيه المشرّع العادي إلى العدول عن نظام العد والفرز الإلكتروني، بعد أن قضت فيما سبق بدستوريته ودعته إلى أن يستبدل هذا النظام، بنظام العد والفرز اليدوي".

وحتى الآن لم تتوصل القوى السياسية الى اتفاق على قانون انتخابات جديد لكن هناك شبه اتفاق على إلغاء الدوائر المتعددة والعودة إلى نظام سانت ليغو 1.7 والذي يقسم عدد أصوات الفائزين على الرقم الأخير مما يعرقل نجاح الأحزاب التي تحصل على أصوات محدودة، وهو ما رفضه التيار الصدري سابقا.