لم تعد ملفا أوروبيا.. موقع إيطالي: 2023 سيشهد عودة أميركية قوية إلى ليبيا

توقع موقع إيطالي أن يشهد عام 2023 تطورات جديدة تحدد مستقبل الأزمة الليبية، في ظل مؤشرات على عودة أميركية قوية إلى هذا الملف الذي كان لسنوات ملفا أوروبيا.
ودلل موقع "إنسايد أوفر"، على ذلك، بالزيارة التي أجراها مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز في 13 يناير/ كانون الثاني 2023 إلى ليبيا، وإجرائه محادثات في طرابلس مع رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وفي بنغازي مع الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.
اهتمام مفاجئ
وذكر الموقع الإيطالي أن التطور الأول قد يكون متعلقا بالاهتمام المباشر للولايات المتحدة بالملف الليبي، بعد مراقبة لسنوات دون تدخل مباشر من قبل دبلوماسي واشنطن.
لكن الوضع تغير الآن بعد الزيارة التي أداها بيرنز إلى طرابلس وبنغازي.
ولفت إلى أن المستجد المهم الآخر يتمثل في الحوار غير الرسمي بين حفتر، الذي تسيطر مليشياته على إقليم برقة وجزء من إقليم فزان، وسلطات طرابلس، ما قد يؤدي إلى سيناريوهات مهمة في المستقبل.
وبحسب الموقع، شكلت زيارة مدير المخابرات الأمريكية إلى ليبيا مفاجأة، خصوصا وأن واشنطن لم تكن أبدًا مهتمة تمامًا بالملف الليبي.
فتدخل حلف الشمال الأطلسي "ناتو" الذي كان حاسما في عام 2011 في قتل وإسقاط العقيد معمر القذافي، كان بقيادة بريطانية فرنسية.
ولطالما كانت ليبيا شأنا خاصا بأوروبا أكثر منه بالولايات المتحدة.
وحتى بعد وصول الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدت الولايات المتحدة أكثر ابتعادا عن الملف.
واستدل في ذلك بأن واشنطن لم تنظم أبدًا مؤتمرات دولية مخصصة لليبيا، وغالبًا ما تترك المهمة لأوروبا كما يتضح من المؤتمرات المتعاقبة في باريس وباليرمو وبرلين بين عامي 2018 و 2020.
ولفت إلى أن ستيفاني ويليامز، المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة إلى ليبيا إلى غاية بضعة أشهر مضت، هي بالفعل أميركية لكنها عملت دائمًا تحت راية الأمم المتحدة ولم تمثل الولايات المتحدة رسميًا.
لذلك ربما تكون زيارة بيرنز قد شكلت تغييرًا في مسار البيت الأبيض الذي يريد أن يُرى وجوده بوضوح ويمكن أن يصبح طرفا رائدا مرة أخرى في متاهة هذا الملف المعقد، وفق تعبير إنسايد أوفر.
علاوة على ذلك، لقاء بيرنز بالدبيبة وحفتر يمكن أن يمهد الطريق لمحاولة وساطة بين الأطراف تحت إشراف مباشر من الولايات المتحدة وهو "مستجد مهم وغير مسبوق في السياق الليبي".
الدور الروسي
لكن لماذا قررت الولايات المتحدة تغيير النهج الآن؟ يجيب الموقع الإيطالي قائلا: إن السبب يكمن في النشاط الروسي في ليبيا خاصة منذ عام 2015، وهو العام الذي بدأت فيه موسكو في دعم حفتر بشكل أو بآخر.
وألمح إلى أن هذا الآن لم يعد واضحا، في ضوء الأحداث في أوكرانيا وبتغير المصالح الروسية المحتملة في البحر المتوسط.
فضلا عن أن حفتر هو أيضًا مواطن أميركي، عاش في فرجينيا لسنوات عديدة خلال فترة المنفى في عهد القذافي، وهذا لم يمنعه من أن يصبح أحد النقاط المرجعية الروسية الرئيسة في ليبيا.
كما تلقى حفتر دعما بالأسلحة والأموال و مرتزقة فاغنر في أعماله الحربية لاستعادة السيطرة على إقليم برقة بأكمله.
في المقابل، أشار الموقع الإيطالي إلى فترات برودة في العلاقات إن لم تكن توترًا حقيقيًا بين الطرفين.
وبحسب قوله، حفتر ليس أفضل الحلفاء للروس إذ غالبًا ما يقرر دون إخطار أي طرف.
وأشار على سبيل المثال إلى أنه قرر في عام 2020 خلال اجتماع في موسكو مغادرة العاصمة الروسية دون أن يوقع اتفاق وقف إطلاق النار مع حكومة الوفاق الليبية آنذاك.
وعلى أي حال لم يخف حفتر قربه من موسكو، إذ في أواخر عام 2022، نشرت قنوات التواصل التابعة لجيشه طائرات ميغ روسية الصنع وهي رابضة في قاعدة الجفرة.
وأظهرت صور نشرت على الصفحة الرسمية لقوات حفتر، قادة التشكيلات الرسمية يتقدمهم نجلاه صدام وخالد أثناء تفقدهم لهذه المقاتلات.
وكانت القيادة الأميركية في إفريقيا "أفريكوم"، قد اتهمت روسيا بإرسال المقاتلات لحفتر في ربيع 2020 في انتهاك لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا.
آفاق المستقبل
وأكد الموقع الإيطالي أن دور حفتر مهم على المستوى العسكري، لكنه أقل أهمية على المستوى السياسي خاصة وأن اللاعبين الرئيسين على هذا الصعيد هما رئيسا الحكومتين المتنافستين على السلطة.
من ناحية، حكومة الوحدة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ويقودها الدبيبة، وعلى الطرف المقابل، حكومة موازية مكلفة من قبل برلمان طبرق يقودها فتحي باشاغا.
ورأى أن حفتر تخلى تقريبا عن دعم باشاغا الآن، بينما، على العكس من ذلك، يبدو الدبيبة قويًا أكثر وبدعم أكبر لا فقط من غرب البلاد.
ويتوقع أن يؤدي الحوار بين قوات حفتر وحاشية الدبيبة إلى سيناريوهات مثيرة للاهتمام فيما يخص إعادة توحيد المؤسسات الليبية في المستقبل.
من جهتها، تضغط الولايات المتحدة، التي عادت إلى الصفوف الأمامية، من أجل إجراء انتخابات خلال 2023 وهو ما تدعمه أيضا الأمم المتحدة ومختلف الدول الأوروبية، والتي هي الآن على الهامش إلى حد ما.
وبحسب الموقع، الطريق إلى الانتخابات لا تزال وعرة لا سيما مع عدم التوصل إلى اتفاق بشأن القانون الانتخابي والقاعدة الدستورية.
في هذا الصدد، أشار الموقع إلى أن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح يجريان منذ أشهر لقاءات لكن دون خطوات ملموسة نحو التوافق.
علاوة على ذلك، كما أكدت وكالة "نوفا" الإيطالية في أحد تقاريرها، سيعتمد مستقبل ليبيا على الانتخابات التركية لعام 2023.
وأكد الموقع أن أنقرة تعد اللاعب السياسي الرئيس في طرابلس حيث تربطها بحكومة الدبيبة اتفاقيات عسكرية وتجارية، لذلك فموقف تركيا ضروري لفهم الاتجاه المستقبلي لليبيا.
إيطاليا من جانبها، على الرغم من كونها من بين الدول التي تقف على الهامش من الأحداث في الوقت الحالي، لا يزال بإمكانها أن تلعب دورا رئيسا.
وذكر أن روما أكدت موقعها في السنوات الأخيرة كشريك تجاري رائد لليبيا، مع حضور كبير لعملاق الطاقة إيني بفضل مصالحه في الغاز والنفط الذي حافظت البلاد على معدلات إنتاج منتظمة منه في الأشهر الأخيرة.