سفارة مسقط في فلسطين تزامنا مع ورشة المنامة.. وساطة أم تطبيع؟

آدم يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

يبدو أن مسقط قررت تفعيل دورها الدبلوماسي على نحو أكثر فاعلية ونشاطا في المنطقة، فبعد أن أعادت افتتاح سفارتها في بغداد، منذ إغلاقها قبل نحو 3 عقود، قررت في 26 يونيو/حزيران 2019 إعادة فتح بعثة دبلوماسية لها في رام الله.

تزامنت هذه الخطوة مع انعقاد ورشة المنامة بالبحرين في 25 و26 يونيو/حزيران 2019 بقيادة الولايات المتحدة، في أول مؤتمر علني يكشف عن تفاصيل الخطة التي تقدم بها ترامب، والمعروفة بـ "صفقة القرن"، التي ركزت على الشق الاقتصادي، وأجّلت الكشف بشكل رسمي، عن الجانب السياسي الذي يتجاهل حق الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة.

مراقبون اعتبروا مسقط طريق العبور بشكل صريح لخطة "نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي) ـ كوشنر (صهر ترامب ومستشاره الخاص) ـ غرينبلات (المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط)"، في فتح علاقات مع الدول العربية وإسرائيل، متهمين عمان بأنها تقوم بدور مطلوب منها تأديته، يسهم في تنفيذ مقترح صفقة القرن، لكن بطريقة ناعمة.

قبل انعقاد الورشة، وحسب الأناضول، لم تؤكد مسقط مشاركتها، كما لم تعلن مقاطعتها، وأعلنت الحياد تلك الورشة، كما هو الخط العام لمواقفها تجاه أحداث كهذه، غير أنها قالت عبر وزير خارجيتها يوسف بن علوي، إنها تدعم القضية الفلسطينية، وتطالب بمنح الفلسطينيين حقوقهم بإقامة دولتهم المستقلة، معتبرة أن إقامة دولة فلسطينية سوف تضع حدا للعنف، حد قوله.

أثار تزامن هذه الخطوة مع انعقاد ورشة المنامة تساؤلات كثيرين عن علاقة توقيت افتتاح السفارة، الذي تأخر حتى هذه اللحظة، بمقترح ترامب، وتساءل مراقبون: هل تعد هذه الخطوة ترجمة عملية لمشروع ترامب، تسعى لإقناع الفلسطينيين بقبول المقترح، لاسيما في ظل تصريحات مسقط بأن لدى الإسرائيليين حقا في إقامة دولتهم، أيضا.

كانت مسقط أغلقت بعثتها الدبلوماسية في غزة أعقاب قصف إسرائيل للقطاع عام 2006، مع بقاء العلاقات الدبلوماسية عبر السفارة الفلسطينية في مسقط، بحسب رويترز.

وعن أسباب افتتاح السفارة في فلسطين، كتبت وزارة الخارجية العمانية تغريدة قالت فيها: استمرارا لنهج السلطنة الداعم للشعب الفلسطيني، قررت السلطنة فتح بعثة دبلوماسية جديدة لها، لدى دولة فلسطين، على مستوى سفارة، وسيتوجه وفد من وزارة الخارجية إلى رام الله لمباشرة إجراءات فتح السفارة.

زيارة نتنياهو

الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مسقط، في أكتوبر/كانون الأول 2018 أثارت غضب الكثيرين الذين اتهموا مسقط بالتطبيع مع عدو لا يحترم الحقوق الفلسطينية، وعمله على خلق مساحة للكيان الصهيوني للتحرك وفتح علاقات عربية خليجية تنسف مبادرة السلام العربية.

حسب المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوليفر جندلمان فإن "زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى سلطنة عمان هي أول زيارة رسمية في هذا المستوى منذ 1996".

لم تكن هذه هي الزيارة الأولى لمسؤول إسرائيلي رفيع حيث سبقه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحق رابين الذي زار مسقط عام 1994، وتلاها بعام واحد، استضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، شمعون بيريز، لوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي في القدس بعد أيام قليلة من اغتيال رابين.

كما وقّعت إسرائيل وعمان اتفاقًا بشأن الافتتاح المتبادل لمكتب التمثيل التجاري في يناير/كانون الثاني 1996، والذي أعقبه زيارة رسمية بعد 4 أشهر من جانب بيريز إلى عمان لافتتاح "مكاتب تمثيل تجاري إسرائيل" رسميًا هناك.

عقب الزيارة الأخيرة صرح وزير الشؤون الخارجية العماني بن علوي بقوله: "التاريخ يقول إن التوراة رأت النور في الشرق الأوسط، واليهود كانوا يعيشون في هذه المنطقة من العالم، مشيرا إلى أن إسرائيل دولة موجودة بالمنطقة".

وأضاف: "نحن جميعا ندرك هذا، والعالم أيضا يدرك هذه الحقيقة وربما حان الوقت لمعاملة إسرائيل بالمثل وتحملها نفس الالتزامات"، ما عده البعض تصريحا يأتي ضمن جهود التطبيع الذي تقوم به مسقط مع إسرائيل.

إلا أن بن علوي نفى أن تكون الجهود الدبلوماسية التي تقوم بها مسقط شكلا من أشكال التطبيع، وأكد إن إقامةَ الدولة الفلسطينية شرطٌ لأي تطبيع مع الكيان الصهيوني، نافياً إلى جانب ذلك، أن تكون زيارة نتنياهو لبلاده أو لقاءه بالأخير في وارسو "شكلاً من أشكال التطبيع".

وفي مقابلة مع قناة روسيا اليوم، قال بن علوي إن سلطنة عمان أبلغت نتنياهو، حين زارها مؤخراً، موقفاً صريحاً وقوياً بأنه "لا يمكن إقامة علاقات مع إسرائيل ولا أمن لهم إلا بقيام الدولة الفلسطينية". 

وساطة أم تطبيع؟

في معرض الحديث عن لعب مسقط دور الوسيط بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، قال وزير الشؤون الخارجية العماني بن علوي: "نحن في الحقيقة لسنا وسطاء إطلاقا، سيبقى رأينا أن الدور الأمريكي هو الدور الرئيسي في مساعدة الطرفين ومساعدة دول المنطقة المحاذية لها في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين والجميع، ويعطي المنطقة فرصة من الراحة بدلا عن الخلافات والصراعات الموجودة، إنما نحن نقدم ما نسميه التيسير".

وأضاف الوزير العماني خلال قمة أمنية في البحرين بعد يوم من زيارة نتنياهو لعمان: "نشعر بتفاؤل شديد حيال هذا الاقتراح لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي سيكون مفيدا للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. لا نقول إن الطريق أصبح الآن سهلا ومفروشا بالورود لكن أولويتنا هي وضع نهاية للصراع والانتقال إلى عالم جديد".

اعتمد بعض المراقبين في تفسير التحركات التي تقوم بها عمان، بالتطبيع مع إسرائيل على تصريح المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي اوليفر جندلمان، الذي قال إن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي لعمان في أكتوبر/تشرين الأول 2018، جاءت بعد توجيه السلطان قابوس دعوة لنتنياهو".

الطرفان بحثا، في الزيارة سبل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط وناقشا عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك والتي تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط. 

رافق نتنياهو في زيارته لمسقط فريق مكون من رئيس الموساد يوسي كوهين ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات ومدير عام وزارة الخارجية يوفال روتيم ورئيس ديوان رئيس الوزراء يؤاف هوروفيتس والسكرتير العسكري لنتنياهو أفي بلوت. 

غير أن وزير الشؤون الخارجية العماني نفى تلك الرواية قائلا: "رئيس الوزراء الإسرائيلى، والرئيس الفلسطينى أبديا رغبة أن يلتقيا بصاحب الجلالة" وليس العكس، وأن زيارة نتنياهو سبقتها زيارة للرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى عمان، وجاءت الزيارتان في الإطار الثنائي، حيث بحث خلالهما سبل دفع عملية السلام وقضايا تتعلق بتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة"، حد قوله.

نهج الحياد

تناول تقرير لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية مواقف عمان المحايدة، وحاول تفسيرها قائلا: عُمان دولة صغيرة، وغير مركزية في الخليج، وتحظى بموارد أقل من جيرانها، لهذا فإنها دائمًا ما تراهن على العلاقات الودية مع جيرانها المباشرين".

مضيفا: "مسقط تسعى لحل الخلافات عبر التعاون المشترك، إدراكا منها لحجمها في المنطقة، وهو السبب الذي قاد السلطان قابوس بن سعيد إلى تبني محادثات حول الأمن الإقليمي مع دول الخليج عقب الاستقلال عام 1967".

الصحيفة قالت: "تفضل مسقط السياسة الخارجية المتوازنة، ودائما ما تلعب دور الوسيط في المنطقة، وتتبنى منهجا براجماتيا على طول الخط، وهو الأمر الذي دفع  وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي ليصرح في وقت سابق أنه ليس من صالح دول مجلس التعاون الخليجي أن تتحد في وجه دولة مثل إيران.

هذا النهج الحيادي المتوازن دفع عمان للاحتفاظ بعلاقات مع كل أطراف الصراع السوري، ودفعها لاستضافة محادثة بين حكومة الرئيس هادي والحوثيين المدعومين من إيران.