عبر "سياسة متوازنة".. هكذا نجحت تركيا مجددا بتفعيل اتفاق الحبوب مع روسيا

قسم الترجمة | a year ago

12

طباعة

مشاركة

بعد أيام على وقف روسيا عمله، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعادة فتح ممر شحن الحبوب من الموانئ الأوكرانية كسابق عهده.

وقال أردوغان، في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إنه أجرى أمس اتصالا هاتفيا، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيجري اليوم اتصالا مماثلا، مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وأضاف، في كلمة ألقاها أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه "العدالة والتنمية" بالعاصمة أنقرة: "أولئك الذين انتقدوا سياسة تركيا المتوازنة بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية قبل بضعة أشهر، يأخذوننا الآن كمثال".

وأوضح أنه عقب حديثه مع بوتين، اتصل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بنظيره التركي خلوصي أكار، وأعلن استمرار شحنات الحبوب كما هو مخطط لها مسبقا، على أن يبدأ العمل لصالح البلدان الإفريقية الفقيرة أولا.

وتأتي الأزمة كواحدة من تأثيرات الحرب التي يقودها الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا على الوضع الغذائي حول العالم وإمكانية أن يتسبب استمرار الغزو بأزمة في هذا المجال.

أزمة صفقة الحبوب

صحيفة "غازيتا دوت رو" الروسية، استعرضت جهود تركيا ومسار الأزمة منذ وقف موسكو تصدير الحبوب.

الأزمة بدأت في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بإعلان وزارة الدفاع الروسية تعليق حركة السفن عبر الممر الآمن المحدد بموجب مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب، "بسبب استخدامه من أوكرانيا في خوض عمليات قتالية ضد روسيا".

وكانت إسطنبول قد شهدت في 22 يوليو/تموز، توقيع "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية"، بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة.

وتضمنت الاتفاقية تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود (شرق أوروبا) إلى العالم، لمعالجة أزمة نقص الغذاء العالمي التي تهدد بكارثة إنسانية.

وعقب تعليق روسيا العمل بالاتفاقية، صرح حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن روسيا يجب أن تستأنف على وجه السرعة صفقة الغذاء بحيث تصل الحبوب إلى من هم في أمس الحاجة إليها. 

ودعا الحلف بوتين إلى التوقف عن "استخدام الغذاء كوسيلة ضغط". وفي الوقت نفسه، أعلنت تركيا بدء مفاوضات جديدة لحل الوضع.

كما نقلت وكالة رويترز البريطانية، أن حلف الناتو بدعم من تركيا والأمم المتحدة دعا روسيا إلى استئناف الاتفاق الخاص بتصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية "على وجه السرعة".

وقالت المتحدثة باسم الناتو "أوانا لونجيسكو": ندعو روسيا إلى إعادة النظر في قرارها واستئناف صفقة "الحبوب" على وجه السرعة.

وأشارت لونجيسكو إلى أن جميع حلفاء الناتو رحبوا بهذا الاتفاق، وأن تصدير الحبوب الأوكرانية "ساعد في خفض أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم".

وأضافت: "يجب على الرئيس بوتين التوقف عن استخدام الغذاء كسلاح ووضع حد للحرب مع أوكرانيا".

وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، بحث أردوغان وبوتين خلال اتصال هاتفي، قضايا إقليمية على رأسها المستجدات الأخيرة في الحرب الروسية الأوكرانية.

كما أكد الرئيس التركي على ثقته بإقامة تعاون "يركز على الحل فيما يخص شحن الحبوب الأوكرانية".

وذكر أردوغان خلال الاتصال أن تركيا تواصل اتخاذ المبادرات اللازمة مع جميع الأطراف لحل المشاكل المتعلقة بتنفيذ اتفاقية إسطنبول لشحن الحبوب.

وبحسب مقالة للكاتبة "أليس أندريفا"، دعا الاتحاد الأوروبي روسيا إلى التراجع عن قرارها بتعليق صفقة الحبوب.

وصرح رئيس الدبلوماسية الأوروبية "جوزيب بوريل" أن قرار روسيا بتعليق المشاركة في الصفقة يهدد طريق التصدير الرئيس للحبوب والأسمدة التي تشتد الحاجة إليها للتغلب على أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا".

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن "تعطيل صفقة حبوب البحر الأسود يمكن أن تؤدي إلى قفزة حادة في أسعار المواد الغذائية مما يزيد من تفاقم أزمة الأمن الغذائي العالمية في فترة بداية الشتاء في العديد من البلدان".  

وفي ظل هذه الظروف، أجل الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" رحلته التي كانت مقررة إلى الجزائر في 30 أكتوبر بسبب الوضع المحيط باتفاقية تصدير الحبوب. 

وبحسب قوله، فإن الأمم المتحدة تحتفظ باتصالات تهدف إلى جعل موسكو تعيد النظر في قرارها. 

تفاوض تركي

وقالت وكالة بلومبيرغ الأميركية، إن السلطات التركية تفاوضت مع روسيا بشأن صفقة الحبوب، مع استمرار بقاء السفن الناقلة للحبوب في موانئ أوكرانيا. 

ولم يعلق السكرتير الصحفي بالكرملين ديمتري بيسكوف على معلومات بلومبيرغ بشأن المفاوضات ونصح بالاتصال بوزارة الخارجية للحصول على معلومات. 

ودعت وزارة الدفاع التركية المشاركين في صفقة الحبوب إلى تجنب الإجراءات التي يمكن أن تؤثر سلبا على آلية تصدير المواد الغذائية.

وأشارت إلى أن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار يجري محادثات مع زملائه الأجانب و"الإدارات المعنية" لحل الوضع.

وذكرت وزارة الدفاع في بيان أن "المفاوضات تدل على أهمية استمرار المبادرة التي لها تأثير إيجابي على العالم وتثبت أن جميع الأزمات يمكن حلها على أساس حسن النية والحوار".

ووعدت الوزارة بأن تواصل تركيا جهودها لإرسال مساعدات إنسانية وضمان السلام. 

وحسب صحيفة يفرابيسكيا برافدا، أفادت روسيا بأن القوات الأوكرانية استخدمت طائرات مُسيّرة في مهاجمة سفن من أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول، أكبر مدينة في شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، في الساعات الأولى من صباح 29 أكتوبر.

وجاء التعليق في أعقاب الهجمات على سفن في شبه جزيرة القرم، ما يمثل ضربة للاتفاق الذي أبرم قبل نحو ثلاثة أشهر بهدف تخفيف الضغط العالمي على إمدادات الحبوب.

وعقب الموقف الروسي، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تعليق روسيا اتفاق تصدير الحبوب في البحر الأسود يتطلب ردا دوليا قويا من الأمم المتحدة ودول مجموعة العشرين.

من جهته وصف الرئيس الأميركي جو بايدن تعليق روسيا مشاركتها في اتفاق الحبوب مع أوكرانيا بأنه "أمر شنيع"، و"لا يوجد سبب لفعل ذلك".

فيما قال وزير خارجيته أنتوني بلينكن، إن روسيا تستخدم الغذاء كسلاح بوقف مشاركتها في صفقة حبوب البحر الأسود، وذلك من خلال زيادة تفاقم الأزمات الإنسانية.

وأضاف بلينكن في بيان أن "أي إجراء من جانب روسيا لتعطيل هذه الصادرات المهمة للحبوب هو في الأساس بيان مفاده أنه يتعين على الناس والعائلات في جميع أنحاء العالم دفع المزيد من أجل الغذاء أو الجوع".