ملفات حيوية متشابكة.. إلى أين تتجه علاقات العراق وتركيا وإيران؟

منذ ساعتين

12

طباعة

مشاركة

ترجمات

تفاوض حذر

علاقة معقدة

زخم غير مسبوق

لقاء وزير الخارجية التركي مع نظيره العراقي بالدوحة.. ما علاقته بإيران؟

العراق وتركيا وإيران.. لقاءات دبلوماسية لحلحلة ملفات حيوية متشابكة

بنية أمنية واقتصادية جديدة.. إلى أين تتجه علاقات العراق وتركيا وإيران؟

https://www.instagram.com/tr.agency1/p/DR9jdJbDKT7/?hl=am-et

 

في ظل تعدد الملفات العالقة بين بغداد وأنقرة، برز الملف الإيراني بوصفه المحور الأبرز في لقاء وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره التركي هاكان فيدان على هامش مشاركتهما في منتدى الدوحة في ديسمبر/ كانون الأول 2025. 

وحسب موقع "الدبلوماسية الإيرانية" تحولت هذه القضية من "مجرد ملف إقليمي إلى عنصر أساسي في معادلة الشرق الأوسط، نظرا للدور المحوري الذي تلعبه طهران في التطورات الجارية في العراق وسوريا، وهو دور لا يمكن تجاوزه عند الحديث عن أي بنية أمنية مستدامة في المنطقة".

جولة جديدة من المواجهات

واستهل الموقع تقريره مشيرا إلى أهمية إيران لكلٍّ من العراق وتركيا: "أصبحت طهران اليوم ركنا أساسيا في معادلة الشرق الأوسط، ودورها في العراق وسوريا لا يمكن تجاوزه عند الحديث عن أي ترتيبات أمنية مستقبلية".

وتابع: "بالنسبة لبغداد، لا تمثل إيران مجرد دولة مجاورة، بل طرفا فاعلا ينعكس أي تصعيد في علاقاته الإقليمية مباشرة على الداخل العراقي".

وأردف: "فالتوتر بين طهران وواشنطن، أو بينها وبين إسرائيل، قد يجر العراق إلى جولة جديدة من المواجهات غير المباشرة، وهو ما تسعى بغداد إلى تجنبه عبر لعب دور الوسيط والموازن".

من هنا، يشدد الموقع على أن "الحكومة العراقية تحرص على تعزيز قنوات الحوار مع إيران، وفي الوقت ذاته الحفاظ على علاقات مستقرة مع تركيا والولايات المتحدة والدول العربية، في محاولة لصياغة سياسة خارجية متوازنة تمنع انزلاق البلاد إلى صراعات إقليمية لا طاقة لها بها".

في المقابل، يرى أن تركيا "تتعامل بحذر بالغ مع الدور الإيراني، في ظل علاقة معقدة تشكلت من مزيج مستمر من التعاون والتنافس في ملفات حيوية تشمل سوريا والعراق وقطاع الطاقة وجنوب القوقاز".

ووفقا له، فإن "هذا التشابك في المصالح جعل العلاقات بين أنقرة وطهران أكثر تعقيدا، من دون أن يصل إلى حد القطيعة أو التفكك".

وعزا ذلك إلى "إدراك أنقرة أن أي تصعيد محتمل في علاقة إيران بالقوى الدولية من شأنه أن يعيد صياغة المشهد الإقليمي بالكامل، من خطوط ومسارات الطاقة، مرورا بالمسار السوري، وصولا إلى التوازنات الأمنية الحساسة في شمال العراق".

تحولات معقدة

بالانتقال إلى لقاء وزير الخارجية العراقي ونظيره التركي، أوضح الموقع الإيراني أن الوزيرين ناقشا مجموعة واسعة من القضايا الثنائية والإقليمية، مع التركيز على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بين البلدين. 

كما استعرض الجانبان آخر المستجدات في سوريا، مؤكدين ضرورة دعم الاستقرار السياسي والاقتصادي فيها، إلى جانب الدفع بمشاريع الاستثمار والتنمية.

وفي سياق متصل، شدد الموقع على أن "القضية الإيرانية" شكلت محورا رئيسا في المباحثات؛ حيث شددت بغداد وأنقرة على أهمية خفض التوترات الإقليمية، واعتماد الحلول السياسية القائمة على الحوار والتفاهم، بما يسهم في تعزيز الأمن الجماعي.

وقدم فؤاد حسين خلال اللقاء عرضا مفصلا حول التطورات الداخلية في العراق، بما في ذلك نجاح الانتخابات ومسار تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي ختام الاجتماع، أكد الطرفان التزامهما بمواصلة التنسيق والتشاور، والبناء على الروابط التاريخية والجغرافية التي تجمع البلدين.

ويرى الموقع أن "لقاء حسين وفيدان جاء في وقت يشهد فيه العراق إعادة رسم لميزان القوى من شماله إلى جنوبه".

مشيرا إلى أن "التطورات الأخيرة في العراق تعني دخول البلاد مرحلة جديدة من التعقيد الأمني والسياسي، حيث تتداخل مستويات متعددة من التهديدات والضغوط".

وتابع: "فعلى الصعيد الأمني، عادت الهشاشة لتفرض نفسها بقوة، مع تزايد الهجمات بالطائرات المسيرة، ووقوع انفجارات متفرقة، واستهداف منشآت الطاقة إلى جانب تنامي نشاط الجماعات المسلحة غير الحكومية".

واستشهد على ذلك قائلا: "سجلت الأسابيع الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في عدد المسيرات المجهولة في المحافظات الشمالية، إضافة إلى هجمات نالت منشآت النفط والطاقة في الأنبار وإقليم كردستان".

“هذه التطورات الأمنية تترافق مع ضغوط سياسية داخلية، خصوصا خلال مرحلة اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة، ما خلق مشهدا معقدا تتداخل فيه الأزمات الأمنية والسياسية بشكل غير مسبوق”. وفق الموقع.

بالتوازي مع ذلك، أوضح الموقع أن "التنافس بين القوى الإقليمية والدولية أسهم في تعميق الأزمة، فالولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز وجودها واحتواء النفوذ الإيراني، بينما تتمسك طهران بمحور المقاومة".

أما تركيا فأشار إلى أنها "تضع أمن حدودها وملف حزب العمال الكردستاني على صدارة أولوياتها، في حين تعيد الدول العربية صياغة دورها الاقتصادي داخل العراق".

وبحسب الموقع، "دفع هذا التشابك في المصالح بغداد إلى انتهاج دبلوماسية أكثر نشاطا، بهدف الحد من الضغوط المتعارضة ومنع انزلاق البلاد إلى ساحة صراع بالوكالة".

على المستوى الداخلي، يبين الموقع أن العراق "يشهد حالة من عدم اليقين السياسي، نتيجة المفاوضات الطويلة لتشكيل الحكومة، والتنافس بين القوى الشيعية، وتنامي دور الأحزاب الكردية والسنية، إضافة إلى ضغط الشارع المطالب بمكافحة الفساد وتحسين الأداء الحكومي".

ووفقا له، "اضطر حسين خلال لقائه بفيدان إلى توضيح هذه الصورة المعقدة، مؤكدا أن الحفاظ على الاستقرار الداخلي يمثل أولوية قصوى للحكومة العراقية المقبلة".

في المحصلة، يرى الموقع أن تحركات العراق تأتي انعكاسا "لإدراكه أن تفعيل الدبلوماسية وتعزيز التعاون الاقتصادي مع جيرانه يمثلان السبيل الأكثر واقعية لتخفيف الضغوط المتراكمة الناتجة عن التهديدات الأمنية والسياسية".

من هذا المنطلق، خلص الموقع إلى أن "لقاء حسين وفيدان لم يكن مجرد اجتماع بروتوكولي، بل خطوة إستراتيجية تهدف إلى إدارة الضغوط الخارجية وإعادة ضبط العلاقات الإقليمية وتحقيق توازن إقليمي يضمن للعراق مساحة أوسع للتحرك السياسي، وتجاوز مرحلة جديدة من عدم الاستقرار".

معادلة مركبة

وتطرق الموقع الإيراني إلى ملف حزب العمال الكردستاني، أحد أبرز الملفات الشائكة بين بغداد وأنقرة، مشيرا إلى أن "التطورات الأخيرة منحت هذا الملف زخما غير مسبوق".

وتابع موضحا: "فعملية نزع سلاح الحزب، وما ترتب عليها من تغييرات في شمال العراق، وضعت المنطقة أمام واقع أمني ودبلوماسي جديد".

ومن وجهة نظره، "يمثل نزع السلاح تحولا إستراتيجيا في المشهدين الأمني والسياسي، إذ لا يقتصر على الحد من الأنشطة العسكرية للحزب، بل يفتح الباب أمام إعادة تعريف دور الفصائل الكردية سياسيا ودبلوماسيا".

وبذلك، يقدر أن "القضية الكردية لم تعد مجرد ملف أمني، بل تحولت إلى معادلة مركبة تتداخل فيها السياسة الداخلية مع المحادثات الدولية وإعادة صياغة العلاقات بين القوى الكردية المختلفة".

وبحسبه، "تتجاوز تداعيات هذه التطورات حدود تركيا لتنال شمال العراق مباشرة، فالمناطق التي كان لحزب العمال الكردستاني نفوذ فيها، مثل سنجار وقنديل، تعد نقاطا حساسة في معادلة الأمن الإقليمي".

حيث يتوقع الموقع أن "يُسهم نزع السلاح في تعزيز قدرة الحكومة المركزية في بغداد على بسط نفوذها على هذه المناطق الحساسة".

واستطرد: "كما تشير الأنباء المتداولة حول احتمال عقد لقاء بين عبد الله أوجلان ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية إلى توسع نطاق العلاقات الكردية ليشمل البعد الدولي، وإعادة ترتيب العلاقات بين الأكراد في العراق وسوريا، وهو ما قد ينعكس على التوازنات الإقليمية برمتها".

"في خضم هذه التحولات، يبرز الدور الإيراني كعامل موازن لا يمكن تجاهله"، يقول الموقع.

ويكمل: فقد لعبت طهران تاريخيا دورا محوريا في الملف الكردي، وتمتلك شبكة علاقات واسعة مع مختلف الأحزاب الكردية".

هذا الدور -بحسب الموقع- يمنح بغداد وأنقرة فرصة للحفاظ على قدر من الاستقرار، ويتيح لإيران في الوقت ذاته منع تراجع نفوذها في شمال العراق.

وبفضل حضورها الدبلوماسي، يرى أن طهران "تستطيع خلق توازن بين الأحزاب الكردية والحكومة المركزية، والمساهمة في تشكيل نظام أمني جديد في المناطق الحدودية".

وأضاف: "بالنسبة للعراق، يشكل هذا الدور فرصة لتعزيز سيادته، لكنه في الوقت نفسه تحد يتطلب إدارة دقيقة وتنسيقا مستمرا مع كل من أنقرة وطهران".

وهكذا، "تأتي زيارة فؤاد حسين إلى الدوحة ومباحثاته مع هاكان فيدان في هذا السياق، إذ تهدف إلى وضع إطار واضح لإدارة المعادلات الكردية الجديدة، وضمان بقاء إيران طرفا موازنا يمنع اختلال التوازنات الإقليمية".

"وانطلاقا من كل ما سبق، تعمل تركيا على الحد من مستويات الاحتكاك مع إيران، والسعي إلى بناء أرضية إستراتيجية مشتركة تسمح بإدارة الخلافات ضمن أطر يمكن التحكم بتداعياتها"، يقول الموقع.

ويتابع: "وفي الوقت ذاته، جاءت تطورات عام 2025، لا سيما عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المشهد السياسي، إلى جانب التحولات في الموقف السعودي ومساعي الإمارات لإعادة ضبط التوازنات، لتضع المنطقة أمام ملامح ترتيب أمني جديد آخذ في التشكل".

وفي ظل هذه التحولات المتسارعة، يقدر الموقع أن "بغداد وأنقرة أصبحوا بحاجة ملحة إلى بلورة رؤية مشتركة تجاه الدور الإيراني قبل انزلاق المنطقة إلى موجة جديدة من التوترات".

ومن هنا، لا ينظر الموقع إلى "النقاش حول إيران بوصفه ملفا ثانويا، بل كعنصر محوري في أي جهد يستهدف ترسيخ الاستقرار الإقليمي".

وبناء على ذلك، رأى أن "المشاورات بشأن إيران، كانت النقطة الأبرز في الاجتماع، إذ كشفت بوضوح أن مستقبل أمن الشرق الأوسط لا يزال مرتبطا إلى حد كبير بمدى فهم شبكة العلاقات والتنافسات التي تدور حول طهران".