هآرتس: هكذا حاول كوشنر كسب ود الفلسطينيين في ورشة البحرين

12

طباعة

مشاركة

وسط غضب فلسطيني كبير، تعقد الولايات المتحدة ورشة عمل "السلام من أجل الازدهار" في العاصمة البحرينية المنامة. عرض ممثلو إدارة الرئيس دونالد ترامب في اليوم الأول منها، الجانب الاقتصادي للخطة المعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن".

وحسب صحيفة "هآرتس" العبرية، "عرّف صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر (عراب الصفقة)، خطته بالقول إن: هذه خطة ستجعل المستقبل أفضل، هذه هي رؤية لما يمكن أن يحققه السلام". 

وفي حين غاب عن المؤتمر الممثلون الرسميون من الطرفين الإسرائيلي أو الفلسطيني، حضر الإعلام الإسرائيلي بقوة. ونشرت "هآرتس" تقريرا من المنامة، قالت فيه إنّ كوشنر خاطب الفلسطينيين في المؤتمر الاقتصادي في البحرين بقوله: "الأمريكيون والرئيس لم يتنازلوا عنكم". 

أحلام ترامب

وأضاف صهر ترامب في كلمته الموجهة إلى الفلسطينيين: "على الرغم من الأمور التي خيبوا آمالكم فيها في الماضي، الأمريكيون والرئيس الأمريكي لم يتنازلوا عنكم". وأكمل حديثه: "لقد ظل الفلسطينيون محاصرين في الماضي لفترة طويلة جدًا، وهذه خطة لمستقبل أفضل، رؤية لما يمكن أن يسمح به السلام".

ونقلت الصحيفة عن كوشنر قوله: "تخيل مركزا سياحيا صاخبا في وسط غزة أو في وسط الضفة الغربية، تخيل أشخاصا يسافرون في أرجاء المنطقة بسلعهم بأمان وبرفاهية؛ هذه ليست مبالغة، هذا تراث الشرق الأوسط". وأضاف: "يمكن تحقيق السلام من خلال الطريق إلى تحسين حياة الناس والبحث عن الفرص، بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين في الوضع الحالي".

ورفض كوشنر تسمية "صفقة القرن" قائلا: بل هي "فرصة القرن" من أجل خلق فرص للشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن الكثير من رجال الأعمال الفلسطينيين أرادوا المشاركة لكن السلطة الفلسطينية منعتهم.

ورفض المسؤولون الفلسطينيون حضور المؤتمر، مشددين على أنه لا يمكن الحديث عن الجانب الاقتصادي قبل التطرق إلى الحلول السياسية لحل النزاع. وأثار غياب الحل السياسي، الذي قالت واشنطن إنها ستكشف عنه النقاب في وقت لاحق، رفضا ليس فقط من قبل الفلسطينيين، بل من دول عربية تطمح إسرائيل لإقامة علاقات طبيعية معها.

وتباينت ردود الفعل منذ السبت الماضي، فالفلسطينيون أصحاب القضية الرئيسية، أعربوا عن سخطهم، من انحياز الولايات المتحدة لصالح إسرائيل على مدار عامين الذي أضرّ برام الله وغزة. إذ قطعت السلطة الفلسطينية بالفعل العلاقات مع الولايات المتحدة العام الماضي، عندما تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

يعمل صهر الرئيس، جاريد كوشنر، ومبعوث الشرق الأوسط جاسون غرينبلات لأكثر من عامين على الأجندة الاقتصادية في اتفاق السلام. يقترحون جمع حوالي 50 مليار دولار وضخّهم على مدى عقد من الزمان في خطة رئيسية لتنمية الاقتصاد والمجتمع الفلسطيني. وقال البيت الأبيض، إن المال المنتظر جمعه في المؤتمر سيوفر مليون فرصة عمل، وسيمول إنشاء ممر نقل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ومن بين الأمور الأخرى، تقترح هذه الخطة الشاملة الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة عبر إسرائيل، على الرغم من سياسة "فرق تسد" التي ينتهجها نتنياهو. في الواقع، تبدو هذه الخطة تمامًا كمشروع لإعادة تأهيل دولة ما، بحسب الصحيفة، دون أن تذكر بأي حال ما إذا كان ستكون دولة كهذه.

ملامح الخطة

وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية عرضت في المؤتمر الذي يعقد يومي 25 و26 يونيو/ حزيران، الفصل الاقتصادي من "خطة السلام" لحكومة ترامب. وبعد أن قرر الفلسطينيون مقاطعة مؤتمر المنامة، فضلت الولايات المتحدة كذلك عدم حضور تمثيل إسرائيل رسمي، وحضر من كلا الجانبين رجال أعمال بشكل أساسي. 

وقررت إدارة ترامب عقد المؤتمر للتشجيع على الاستثمار في المناطق الفلسطينية كخطوة أولى لـ"خطة السلام" الخاصة بتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وأوضح البيت الأبيض أنه سيشارك فيه قادة حكومات وممثلون بارزون عن المجتمع المدني وقطاع الأعمال.

وعن الهدف من المؤتمر قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن إدارة ترامب تريد تحفيز الدعم للاستثمارات الاقتصادية المحتملة حال التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط.

ونقلت وسائل إعلام غربية عن مسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكية، ملامح الخطة التي تتضمن 4 عناصر، تتمثل في البنية التحتية، والصناعة، والتمكين والاستثمار في الشعوب، إضافة إلى الإصلاحات الحكومية، وذلك من أجل إيجاد بيئة جاذبة للاستثمار في المنطقة، بهدف حل النزاعات التي أثّرت على عملية السلام وتسببت بإطالة أجل نجاحها. ومن ضمن هذه النزاعات: حق الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة، ووضع القدس، والإجراءات التي تتخذها إسرائيل من أجل الدفاع عن النفس، بالإضافة إلى قضية اللاجئين الفلسطينيين.

ترحيب بحريني

وحضر إلى المؤتمر من الجانب الإسرائيلي، المنسق السابق للأنشطة الحكومية في الضفة الغربية، اللواء يؤاف مردخاي. والرئيس التنفيذي لشركة "نوكيا" في إسرائيل، أريك طال، والرئيس التنفيذي للمركز الطبي "شيبا" البروفيسور، يتسحاق كريس. وشددت الصحيفة الإسرائيلية على أن جميعهم حضروا بصفة رجال أعمال. أما من الجانب الفلسطيني فقد حضر رجل الأعمال المثير للجدل من الخليل، أشرف الجعبري، برفقة فلسطينيين آخرين.

وحضر المؤتمر ممثلون عن الدول العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والأردن ومصر والمغرب والإمارات العربية المتحدة وقطر، فضلاً عن كبار رجال الأعمال العرب.

وأشارت تقارير صحفية إلى أن الجعبري، هو موظف سابق في جهاز الشرطة الفلسطينية أسس حزب "الإصلاح والتنمية"، المتهم بالقرب من واشنطن، ويدعو إلى "السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

وانتقد البيان التأسيسي للحزب ما سماه "فساد وترهل منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية ووضع حد لهيمنة بعض الفصائل على الحكم". واتهمت حركة فتح في الخليل الحزب بأنه يهدف إلى بسط سيادة إسرائيل على الضفة الغربية وضمها إلى إسرائيل، محذرة الفلسطينيين من التعاطي معه وتوعدت بمحاسبة منظميه والمشاركين فيه. 

وأفادت "هآرتس" بأن وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، التقى في اليوم الأول من المؤتمر  بالبروفيسور يتسحاق كريس، كما من المقرر أن تجمعهما جلسة خاصة اليوم الأربعاء. وقال كريس للصحيفة الإسرائيلية: "لقد فوجئنا وسررنا بالأجواء البناءة التي تسعى إلى مواجهة التحديات المشتركة"، وتابع المتحدث: "وجدنا جميع الأطراف منفتحة للغاية على المبادرات المستقبلية والتعاون". وأشار التقرير إلى لقاء آخر جمع بين اللواء مردخاي ومرافقي الجعبري الفلسطينيين.

 

لماذا البحرين؟

وكانت العديد من التحليلات قد أشارت إلي أن اختيار البحرين، لم يكن عشوائيا، وإنما كان اختيارا مدروسا من الإدارة الأمريكية، وفقا لتحركات الملك عيسى بن حمد آل خليفة، في خلق ظهير إستراتيجي يدعم البحرين في دوامة الصراعات التي تشهدها منطقة الخليج العربي، وهو ما ترجمته تصريحات الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد بالبحرين، بأن المؤتمر يأتي تأكيدا للشراكة الإستراتيجية الوثيقة بين البحرين والولايات المتحدة الأمريكية.

ورأى المتابعون أن مؤتمر المنامة، هي منصة لإطلاق التطبيع الرسمي بين إسرائيل وعدد من الأنظمة العربية، وهو ما ألمح إليه بيان وكالة الأنباء البحرينية الخاص بالمؤتمر، الذي حمل عنوان "السلام من أجل الازدهار".

وأشارت تحليلات عديدة إلى أن المجهود الذي يبذله الجانب الأمريكي من أجل نجاح صفقة القرن، لن يكون مرادفا لنجاح الصفقة، وربما تتحول لكابوس ضد إسرائيل وأمريكا علي حد سواء، وهو ما ذهب إليه تحليل موسع لشبكة "بي بي سي"، تحت عنوان "صفقة القرن: هل تتحول الخطة الأمريكية إلى "كابوس"؟

واعتمد التقرير البريطاني على عدة كتابات لمحللين عرب، أكدوا فيها أن مصممي صفقة القرن اعتمدوا على الضعف العربي باعتباره حالة دائمة، وهو قرار غير صحيح، كما أن ما يصرح به الأمريكان من أفكار لن يكون ملزما لأحد إذا ما استعاد العرب قدرتهم على أن يكونوا الطرف القوي المناسب في الحوار.