"ورشة البحرين".. ترامب يدفن فكرة الدولة الفلسطينية بالأموال الخليجية

12

طباعة

مشاركة

مع انعقاد ورشة عمل في العاصمة البحرينية المنامة، لبحث الجانب الاقتصادي لـ"صفقة القرن" الأمريكية، رغم الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن عربية للتنديد بالمؤتمر، سلطت صحيفة "لوسوار" البلجيكية، الضوء على هذا الحدث الذي يقاطعه الفلسطينيون.

وقالت الصحيفة الناطقة بالفرنسية، إن المنامة عاصمة مملكة البحرين الخليجية، تشهد يومي الثلاثاء 25 والأربعاء 26 يونيو/حزيران الجاري، مؤتمرا دوليا لإطلاق الجزء الاقتصادي من خطة السلام الأمريكية لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني (صفقة القرن)".

الجانب الاقتصادي

وأوضحت أن المؤتمر، يأتي بعنوان "السلام من أجل الازدهار" يعقد بقيادة جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يستعد منذ أكثر من عامين لهذه الخطة، مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون جرينبلات.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا المكوّن الاقتصادي الأمريكي لم يعد سرا منذ أن كُشف عنه النقاب، السبت الماضي، في البيت الأبيض، لكن رغم ذلك ازدادت الشكوك المحيطة بجهود كوشنر وجرينبلات، واختفت كلمة "مؤتمر" أيضا من المفردات، وحلت محلها كلمة أكثر تواضعا "ورشة عمل".

وحول ما تحتويه الخطة قالت "لو سوار": الهدف هو جذب استثمارات تتجاوز الـ 50 مليار دولار على مدى 10 سنوات، منها 28 للأراضي الفلسطينية، 9 لمصر، 7.5 للأردن و 6 للبنان، خطة يمكنها أن "تحول الضفة الغربية وغزة بشكل جذري وتفتح فصلا جديدا في التاريخ الفلسطيني، فصلا لا يتحدد عبر المحن والخسائر بل عبر الحرية والكرامة"، وفقا للإدارة الأمريكية.

وبحسب البيت الأبيض، فإن "الخطة تهدف أيضا، لإيجاد أكثر من مليون وظيفة، ومضاعفة الناتج القومي الإجمالي، والكميات المتاحة من مياه الشرب، وارتفاع الصادرات الفلسطينية إلى ثلاثة أضعاف، وإنشاء جسر اتصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة (طريق سريع/ أو سكة حديد)"، ولكن لا يوجد ميناء أو مطار في النص.

وعن تمويل هذه المشروعات، أشارت الصحيفة إلى أن "أمل الإدارة الأمريكية هو الاعتماد على سخاء حلفائها في الملكيات النفطية، وليس هذا وحسب بل إنه من المتوقع أن يأتي جزء كبير من التمويل من الاستثمار الخاص"، وهو ما يشكك فيه الكثير من المراقبين.

وقال كوشنر لوكالة "رويترز": إن "الولايات المتحدة يمكن أن تشارك في نهاية المطاف في التمويل"، لكن هذه المعلومات ليست في نص خطة صهر ترامب، وتشمل الخطة كذلك تنفيذ 179 مشروعا للبنية الأساسية وقطاع الأعمال في الضفة الغربية وقطاع غزة والدول المجاورة".

وأضاف: "الخطة تستهدف بشكل رئيسي قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والطاقة والمياه والتكنولوجيا والسياحة والزراعة، ومن بين المشروعات سيتم تنفيذ 147 مشروعا في الضفة الغربية وغزة و15 في الأردن و12 في مصر، و5 مشاريع في لبنان".

سخط فلسطيني

وبيّنت الصحيفة، أن ردود الفعل تباينت منذ السبت الماضي، فالفلسطينيون أصحاب القضية الرئيسية، أعربوا عن سخطهم، فانحياز الولايات المتحدة لصالح إسرائيل على مدار عامين أضرّ برام الله وغزة.

ولفتت إلى أن السلطة الفلسطينية قطعت بالفعل العلاقات مع الولايات المتحدة العام الماضي، عندما تم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهاجمت القيادة الفلسطينية، من خلال حنان عشراوي، المقربة من الرئيس محمود عباس وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الخطة في تغريدة على "تويتر".

وطالبت عشراوي: "أولا رفع الحصار عن غزة، ووقف السرقة الإسرائيلية لأرضنا ومواردنا وأموالنا، ومنحنا حريتنا في الحركة والتحكم في حدودنا، ومجالنا الجوي، المياه الإقليمية وما إلى ذلك، ثم شاهدنا نبني اقتصادا مزدهرا نشطا كشعب حر وذي سيادة".

كما نوّهت "لوسوار " أيضا، إلى ردود الفعل السلبية للخبراء في هذا الشأن، وقالت إن مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية في القدس المحتلة بيوتر سامولار، غرّد قائلا: "الأكثر رعبا في هذا الهراء الكبير حول التقدم الاقتصادي (مع أفكار قديمة مجددة في ابتكارات) هو الطريقة التي يتم بها تجاهل التاريخ والسياسة والواقع على أرض الواقع طواعية".

وتابع: "الجزء الأول من خطة ترامب، هو دفن فكرة الدولة الفلسطينية تحت جبال من المال الافتراضي بالكامل، وسراب من المشاريع الاقتصادية، نحن نعد بحياة أفضل، دون ذكر الاحتلال أو الدولة الفلسطينية".

وعن المشاركين في ورشة المنامة، قالت الصحيفة: سيكون هناك بالتأكيد مئات الأشخاص في قاعة المؤتمرات، ولكن في الواقع، ستكون المشاركة في ورشة العمل ضعيفة إلى حد ما، في غياب الفلسطينيين والعراقيين، واللبنانيين، والأمم المتحدة، والأوروبيين، والصين، والروس، إلخ.

وأكدت الصحيفة: "ستوجد دول البترودولار مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أو قطر، أو (أصدقاء) آخرين للولايات المتحدة كالأردن والمغرب ومصر، ولكن غالبا ما يتم تمثيل هذه الدول بواسطة عدد قليل من المسؤولين".

وذكرت، أن "السعوديين والمصريين صرحوا، للرأي العام، بأنهم لن يوافقوا على أي خطة يرفضها الفلسطينيون"، مبينة أنه "بالنسبة لإسرائيل، لم يتم توجيه الدعوة لها رسميا، ولا تزال الصحافة الإسرائيلية تكتب أن الدولة ستمثل، ربما من رجال أعمال".

"فاتح شهية"

وخلصت الصحيفة إلى أن "ورشة البحرين" ليست سوى فاتح شهية، ويبقى العنصر السياسي لخطة كوشنر هو الأكثر انتظارا من الجميع، ويسعى إلى الحفاظ على سريتها لبضعة أشهر على الأقل، وقد تم بالفعل طرح أسباب عدة مختلفة لشرح عدم الكشف عنها، فالانتخابات الإسرائيلية في أبريل/نيسان الماضي كانت الذريعة الأخيرة.

وزادت قائلة: "بما أن هذه الانتخابات أسفرت عن عرقلة سياسية وسيتم إعادتها في 17 سبتمبر/ أيلول، فإن المكون السياسي لخطة كوشنر، قد جرى تأجيله مرة أخرى، وربما حتى التوصل لتحالف في الكنيست الإسرائيلي لتشكيل حكومة، وهذا لن يحدث قبل أربعة أشهر في أحسن الأحوال".

وأكدت الصحيفة، أن "النجاح الاقتصادي للخطة الأمريكية يعتمد في الأساس على استجابة إيجابية من الجهات الفاعلة الإقليمية المعنية بهذه القضية السياسي الحيوية. ومع ذلك، فإن الافتقار الكامل إلى منظور سياسي يقبله الفلسطينيون - وقبل كل شيء نهاية الاحتلال الإسرائيلي - يبدو أنه يقوّض أي أمل في التوصل إلى سلام حقيقي".

لكن كوشنر أبدى قناعته بأن خطته ستغير قواعد اللعبة، وقال مخاطبا القادة الفلسطينيين الذين رفضوا الخطة مبدئيا، واعتبروها محاولة لإنهاء طموحاتهم بإقامة دولتهم المستقلة: "أضحك عندما يهاجمون ذلك بوصفها صفقة القرن، وهي ستكون فرصة القرن إذا كانت لديهم الشجاعة للالتزام بها"، بحسب الصحيفة.