لوموند: انفجار سياسي يوشك أن يقع في السنغال قبيل الانتخابات التشريعية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تعيش السنغال على وقع احتجاجات تجوب العاصمة داكار وبعض مدن الداخل، رفضا لعدم قبول المجلس الدستوري ملفات ترشح بعض قادة المعارضة في الانتخابات التشريعية المرتقبة، في طليعتهم المعارض البارز عثمان سونكو.

وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن المعارضة السنغالية ترفض بقوة إلغاء ترشح بعض قياداتها وترى أن هذا النهج محاولة من الرئيس ماكي سال لإبعاد خصومه تحت غطاء قانوني.

مأزق سياسي

وذكرت الصحيفة الفرنسية أن ثمة أنباء عن سقوط قتيل و20 جريحا، إثر اشتباكات بين الشرطة وشباب معارضين خرجوا تلبية لدعوة تحالف "يوي أسكان وي" المعارض، احتجاجا على رفض المجلس الدستوري ملفات ترشح بعض رموز المعارضين.

وكانت العديد من الشوارع الرئيسة في داكار مسرحا للاشتباكات بين الشباب والشرطة يوم الجمعة 17 يونيو/ حزيران 2022، في وقت تشهد فيه البلاد حالة من التوتر بين السلطات والمعارضة قبيل شهر ونصف الشهر من الانتخابات التشريعية.

وقال المتحدث باسم حزب "الوطنيون الأفارقة" حسينو لي، (يرأسه سونكو)، إن السلطات اعتقلت 3 قيادات معارضة ومنعت سونكو وعمدة دكار بارتيليمي دياس من مغادرة منزليهما.

ونقلت بعض وسائل إعلام محلية عن سونكو المرفوض ملف ترشحه رفقة آخرين لتشريعيات 31 يوليو، قوله: "حتى حريتنا في العبادة تنتهك اليوم"، في إشارة لعدم تمكنه من الخروج لأداء صلاة الجمعة.

وشهدت عدة أحياء بالعاصمة داكار اشتباكات بين شباب يرشقون الشرطة بالحجارة، ويضرمون النار في بعض الإطارات، وعناصر أمن يطلقون الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.

وكانت السلطات السنغالية، قد رفضت الترخيص لمظاهرات الجمعة، واصفة إياها بأنها تهدد بـ"الإخلال بالنظام العام وانتهاك المادة 61 من قانون الانتخابات"، التي تحظر أي دعاية "مقنعة" في الثلاثين يوما التي تسبق انطلاق الحملة الانتخابية.

بينما أكد الرئيس ماكي في تصريحات صحفية، أن الأمر يتعلق بإجراء قانوني بحت اتخذه المجلس الدستوري، مدعيا أن الأمر لا يقتصر على المعارضة، حيث تم رفض ملفات ترشح بعض الموالين لنظامه.

ويحتج أمادو غوي، الشاب صاحب 27 عاما، الذي خرج بالفعل إلى الشوارع في مارس/ آذار 2021، بعد اعتقال زعيم المعارضة سونكو، بالقول، "لماذا لا تسمح لنا السلطات بالتظاهر؟  هذا الحق مكفول من قِبل ديمقراطيتنا".  

وأثار استجواب سونكو، في قضية اغتصاب مزعومة حينها، عدة أيام من الانتفاضة الشعبية في داكار والمدن الرئيسة الأخرى في البلاد، وأسفرت عن مقتل العشرات من المتظاهرين.

عنف مقلق

وتسببت اشتباكات الجمعة، في تعرض محطة توتال النفطية للنهب في منطقة كولوبان التجارية والشعبية وفقا للعديد من وسائل الإعلام السنغالية. 

وصرح الشاب لمين ديميه، مرتديا العلم السنغالي بقوله إن "الرئيس سال يريد الذهاب إلى الانتخابات بمفرده دون معارضة لكننا لن نقبل بذلك".  

هذه ليست سوى بداية التظاهرات، نحن مستعدون للتعبئة حتى الانتخابات التشريعية.

وبحسب الصليب الأحمر السنغالي، توفي شاب واحد على الأقل في داكار إثر حريق في ثكنة في كولوبان، حيث استمر تبادل الحجارة مقابل الغاز المسيل للدموع معظم اليوم. 

وعلى الرغم من الحظر الذي فرضته السلطات السنغالية على التظاهر، نُظمت مسيرة احتجاجية في زيغينشور، عاصمة كازامانس (جنوب) التي يتولى عثمان سونكو رئاسة البلدية فيها، وسط مناخ يسوده العنف.  

وذكرت وسائل إعلام محلية والمعارضة أن شخصين قتلا في كازامانس، أحدهما في زينغينكور والآخر في مدينة بينونا.

بالإضافة إلى الغضب الذي أثاره رفض قائمة المعارضة للانتخابات التشريعية، استنكر المتظاهرون النية المنسوبة إلى الرئيس سال للترشح لولاية ثالثة عام 2024.

فضلا عن الاحتجاجات على غلاء المعيشة، إذ ترتفع الأسعار منذ سنوات وبصورة ملحوظة في أعقاب الحرب في أوكرانيا.

ومع ذلك، فإن الرغبة في خوض هذه المعركة السياسية عبر الشارع ليست محل إجماع صلب الرأي العام السنغالي. 

ويقول الشاب سيني ثياو، 37 عاما، وهو أحد الذين خرجوا لمشاهدة الاشتباكات من بعيد دون أن يشارك "لدينا حلول أخرى لحل هذه المشكلة، وهذه الاشتباكات تضر بديمقراطيتنا".

من جانبه، أشاد تحالف الأغلبية "بينو بوك ياكار" (BBY)، في بيان، بـ"النضج الديمقراطي للشعب الذي لم يستجب لدعوة التمرد"، ورحب بـ"فعالية العمل العام في البلاد المتعلق بتطبيق القانون".

مسألة ديمقراطية

ومتحدثا في منتصف الليل من منزله، انتقد المعارض عثمان سونكو، الرئيس ماكي سال بقوله إنه "يريد إبعاد المعارضين السياسيين عن أي منافسة" .

وأضاف أن "مسؤولية قتل الثلاثة شبان في داكار تقع حصريا على عاتق ماكي سال".  

وأكد أنها "ليست مجرد مسألة قائمة انتخابية بل مسألة ديمقراطية".

وهذا المأزق السياسي قبل أسابيع قليلة من الانتخابات يقلق المراقب والمدافع عن حقوق الإنسان عليون تاين.

وقال تاين: "تعكس هذه الأحداث انحطاط الديمقراطية السنغالية".  

وأضاف أن "وجود مثل هذه المشاكل عند تقديم القوائم يعني أن نظامنا الانتخابي لا يعمل بشكل صحيح". 

وفي اليوم السابق للمظاهرة، أعربت جمعية الأئمة والعلماء في السنغال عن مخاوفها وأثارت خيار تأجيل الانتخابات.

وبحسب تاين، فإن تطرف المعارضة التي تدعو الآن إلى التمرد هو في الأساس نتيجة الافتقار إلى الحوار السياسي.  

وتابع، مذكرا في معرض حديثه أن حرية التظاهر حق دستوري، لكن "نوصي بمزيد من ضبط النفس". 

وختم بالقول: "لكن الوضع يجب أن يدفع الرئيس أيضا إلى التحدث علانية من أجل التحرك نحو انتخابات سلمية وديمقراطية بحد أدنى من الإجماع على القواعد العامة لسير المحافل الانتخابية".