مع انشغال أوروبا بأوكرانيا.. دبلوماسي إيطالي يحذر: طبول الحرب تقرع في ليبيا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

استنكر دبلوماسي إيطالي انشغال الأوروبيين بالصراع الدائر في أوكرانيا، رغم أن "برميل بارود يوشك على الانفجار" على بعد أميال قليلة من ساحل بلاده، في إشارة إلى الأوضاع غير المستقرة في ليبيا.

وكتب السفير الإيطالي السابق بحلف شمال الأطلسي "ناتو" ستيفانو ستيفانيني، في مقال نشرته مجلة "فورميكي"، أن الوقت حان لكي تتقدم روما لقيادة مفاوضات في ليبيا لحل الانقسام السياسي الراهن مع قرب انتهاء تفويض البعثة الأممية.

وتشهد ليبيا حاليا صراعا سياسيا بعد تنصيب مجلس النواب في طبرق، وزير الداخلية السابق فتحي باشاغاـ رئيسا لحكومة جديدة، بدلا من حكومة عبد الحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

رؤية غائبة

وأشار الدبلوماسي الإيطالي إلى أن العد التنازلي بدأ في ليبيا مع اقتراب نهاية تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في 31 يوليو/ تموز 2022، بعد أن جرى تمديدها في نهاية أبريل/نيسان لثلاثة أشهر فقط.

ومنحت الأمم المتحدة الأمل بعد أن ساهمت في التوصل إلى هدنة منذ سنة ونصف السنة، وعودة نسبية إلى الحياة الاقتصادية والتجارية، لكنها فشلت في حل عقدة الانقسام السياسي.

وحذر من أن مغادرتها ستترك فراغا في المبادرة الدولية، "ومن المحتمل أن تسارع روسيا وتركيا وغيرهما لملئه" مشيرا إلى أنها كانت تحاول بقوة الدبلوماسية والإقناع أن تقود ليبيا إلى طريق المصالحة الوطنية والسلام.

 في المقابل، يقود صراع المصالح بين موسكو وأنقرة إلى الاتجاه المعاكس أي الحرب بالوكالة التي يؤججها بنشاط الوجود على الميدان خاصة لمرتزقة فاغنر الروس، وفق قوله.

واستنكر ستيفانيني غياب الاهتمام الإعلامي بما يحدث في ليبيا بالقول، إنه "لا تنشر إلا القليل من الأخبار عما يحدث هناك طالما أنه لا توجد حرب، على عكس ما يحدث للأسف في أماكن أخرى". 

وأشار إلى المشاكل التي تهم إيطاليا على غرار التحكم في تدفقات الهجرة وتواصل صادرات الغاز، مؤكدا أن ذلك يُعد كافيا على الجانب السياسي، لتقدم روما الدعم الكامل للمستشارة الخاصة للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز.

ولفت إلى أن الانحراف عن المسار بدأ في ديسمبر/كانون الأول 2021، على إثر تأجيل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كانت تشكل خطوة رئيسة.

وقال إن الفاعلين الليبيين عادوا إلى التجاذبات فيما بينهم، فيما ظلت المصالحة الوطنية عالقة في مراحلها الأولى وبينما يقترب تفويض البعثة الأممية وتكليف ويليامز من نهايته لا توجد خطط دولية "ب".

وفي الأشهر الأخيرة، عادت ليبيا إلى حالة الانقسام بعد أن أظهرت لفترة وجيزة أنها متحدة تحت رئاسة حكومة الدبيبة الذي لا يزال يرفض التنحي وتسليم السلطة.

على الطرف المقابل، كُلف باشاغا بقيادة حكومة موازية، غير معترف بها من قبل الأمم المتحدة على أساس أغلبية مشكوك فيها من الأصوات البرلمانية.

وتعد روسيا الجهة الوحيدة التي تعترف بحكومة باشاغا وظلت موجودة على الأراضي الليبية عبر مرتزقة فاغنر، رغم أن عددهم تقلص بعد نقل جزء منهم للقتال في ماريوبول الأوكرانية والمنطقة المحيطة بها. 

برميل بارود

وذكر الدبلوماسي الإيطالي بأن الحرب لم تندلع حتى الآن لكن جرى تفاديها منذ أكثر من أسبوعين على خلفية محاولة باشاغا، مرفوقا ببعض الوزراء، دخول العاصمة طرابلس والسيطرة على السلطة. 

وقال إنه تم "الترحيب بباشاغا بإطلاق النار بدلا من الألعاب النارية مما أجبره على المغادرة على عجل وفي حالة من الغضب" ليعلن على أثر ذلك أن حكومته ستباشر مهامها من مدينة سرت. 

ورأى سفير الناتو السابق أن الشرعية هشة لكلتا الحكومتين المتصارعتين في إطار صراع المحاور بين محور طرابلس - مصراتة، الذي يدعم الدبيبة، ومحور إقليم برقة بنغازي-طبرق الذي يقوده الجنرال الانقلابي خليفة حفتر.

وكان من المفترض أن يكون باشاغا، الذي ينحدر من مدينة مصراتة، الشخصية الموحدة في عملية المصالحة لكنه بدلا من ذلك يحظى بدعم حفتر.

فحفتر حاول السيطرة على طرابلس بقوة السلاح بينما حاول باشاغا تحقيق نفس الهدف بالسياسة وكلاهما فشلا في ذلك وعادا إلى نقطة الانطلاق. 

واتهم السفير الإيطالي "الروس بالنفخ في النار، لأن لديهم الكثير ليخسروه من إعادة تشكيل وحدة وطنية ليبية".

ورأى أن الأتراك والمصريين والجهات الفاعلة الأخرى (الإماراتيين والقطريين والجزائريين والفرنسيين) أكثر استعدادا للجلوس في بازار دبلوماسي سياسي، وفق تعبيره.

واستنكر سيتفانيني الاهتمام الضئيل بالتطورات في ليبيا لا سيما وأن المجلس الأوروبي يواصل التركيز على أوكرانيا وعلى الحظر المفروض على صادرات الحبوب من صوامع أوديسا.

ويركز كذلك على علاقات الرئيس المجري فيكتور أوربان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وأيضا آلة الدمار الروسية التي تتقدم في دونباس. 

صداع كبير

وأكد السفير الإيطالي، أن "نسيان ليبيا لا يمكن لإيطاليا تحمله نظرا للعلاقات بين البلدين، الأمر الذي دفع الليبيين إلى جعل روما ضفة أوروبية ومحاورا متميزا، وكذلك ما يخلفه عدم الاستقرار في طرابلس وبنغازي من صداع لروما".

وقال: "يجب أن يقلقنا الانقسام في ليبيا بين حكومتين، حتى من دون العودة إلى الحرب الأهلية، بشأن الأمن وإمدادات الطاقة والجغرافيا السياسية". 

واستغرب متسائلا "هل نريد قواعد روسية تبعد مئات الأميال عن سيغونيلا (قاعدة عسكرية بحرية وبرية جنوب إيطاليا)؟".

وتابع: "وعلى صعيد الهجرة، ما الذي يمكن توقعه ما لم يصل القمح الروسي والأوكراني إلى ليبيا كما هو الحال في بقية شمال إفريقيا؟ حان الوقت للتفكير في الأمر".

وأكد أنه "لا يمكن لإيطاليا أن تستمر في الاختباء وراء الأمم المتحدة التي بذلت قصارى جهدها لكنها فشلت في تحقيق هدفها النهائي" مستنكرا موقف التجاهل نفسه الذي يتخذه الاتحاد الأوروبي. 

وأضاف أن "الأمريكيين لن يتدخلوا إلا إذا كانت هناك عمليات لمكافحة الإرهاب ومن أجل ذلك فحسب".

ورأى "السبيل السياسي الوحيد للخروج من الأزمة هو التفاوض للتوصل إلى تشكيل حكومة ليبية موحدة مع صيغ لتقاسم السلطة". 

وفي الختام، دعا الدبلوماسي الإيطالي بلاده إلى "أخذ زمام المبادرة ودفع الليبيين إلى طاولة المفاوضات، والسعي إلى التوافق مع باريس حول الملف وجذب انتباه أوروبا إليه والدفع نحو الاتجاه الصحيح من أجل المصلحة الليبية ومصلحتنا".