مباشرة إلى أوروبا.. نظرة "متعددة الجوانب" على مباحثات أمير قطر في طهران

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع "إيران دبلوماسي" عن زيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، في 12 مايو/أيار 2022، إلى طهران ولقائه بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي.

وتأتي زيارة أمير قطر إلى طهران، بعد زيارة الرئيس الإيراني إلى الدوحة في فبراير/شباط من العام نفسه، في ظل علاقات أخوية وتاريخية بين البلدين، على خلاف علاقات طهران "المتوترة" مع بعض العواصم الخليجية.

آنذاك، وقع البلدان 14 وثيقة تعاون في مجالات الطيران والتجارة والملاحة البحرية والإعلام والسياسة الخارجية والطاقة والمقاييس والثقافة والتعليم.

وتقول الخبيرة في العلاقات الدولية الباحثة في شؤون الشرق الأوسط زهرة زمردي، إن قطر تحاول أن تلعب دور الوسيط في المباحثات بين إيران والغرب بشأن الاتفاق النووي وإمكانية العودة إلى اتفاق عام 2015 من عدمه. 

وترجح تكهنات أن الزيارة جرت بهدف منع الوصول إلى طريق مسدود في المفاوضات النووية بين إيران والغرب، وعودة الاتفاق النووي.

وتشهد أروقة فنادق فيينا مباحثات شاقة لإحياء اتفاق العام 2015. حول طاولة واحدة، يجتمع دبلوماسيو إيران وممثلو القوى المنضوية في الاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، والاتحاد الأوروبي ذو الدور التنسيقي.

واقتربت الأطراف من التوصل لاتفاق في أوائل مارس، عندما دعا الاتحاد الأوروبي، الذي ينسق المحادثات، الوزراء إلى فيينا لإبرام الاتفاق. لكن المحادثات دخلت في حالة من الفوضى بسبب المطالب الروسية في اللحظة الأخيرة، ورفض واشنطن رفع الحرس الثوري الإسلامي من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وفي ظل التصريحات المتفائلة بشأن اتفاق وشيك في فيينا، ألقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ظلالا من الشك على نجاح المحادثات عندما أشار في مارس/آذار إلى وجود "مشكلات لدى الجانب الروسي".

وبعد زيارته إيران مباشرة، بدأ الشيخ تميم جولة أوروبية تشمل سلوفينيا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، فضلا عن سويسرا للمشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بين 22 و26 مايو/ أيار.

على ماذا تعتمد؟

تابعت الخبيرة: منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وحتى قبل البدء في الانتفاضات العربية عام 2011، كانت قطر تلعب دور الوسيط والمحافظ على السلام والاستقرار في المنطقة. 

تعتمد سياسة الوساطة القطرية (في شؤون لبنان، أزمة دارفور، وغيرهما) على أساس منح الحوافز الاقتصادية، الاستثمار الأجنبي، وتقديم القروض. 

لكن مع وقوع الثورات العربية، واتخاذ السياسة المنحازة، قل دور وساطة قطر في المنطقة لكنه لم ينعدم. 

وبعد وصوله إلى السلطة عام 2013 بعد تنازل والده عنها، حافظ تميم على سياسة الدوحة المستقلة في الشؤون الإقليمية والعالمية. 

وزادت هذه المهمة بالتزامن مع بداية مرحلة انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الأراضي الأفغانية، وعودة نفوذ طالبان إلى أشده.

وعلى مدار عامين قبل الانسحاب، لم تظهر قطر كوسيط موثوق به للولايات المتحدة فحسب، بل اكتسبت ثقة طالبان لاستضافة محادثات الحركة مع الحكومة الأفغانية أيضا بعد التوقيع على اتفاق الدوحة في فبراير/شباط 2020.

وفي الوقت الراهن أيضا، فإن الدوحة بصدد لعب دور الوسيط بين جمهورية إيران الإسلامية والغرب مرة أخرى بخصوص أنشطة طهران النووية والعودة إلى اتفاق عام 2015.

وعلى غرار زيارة تميم بن حمد إلى طهران ومساعيه لتأدية دور الوسيط هناك عدة نقاط جديرة بالذكر.

أولا: قطر على علم بالمشاكل والأزمات الاقتصادية الإيرانية، ومن هذا المنطلق فهي بصدد إقناع طهران عن طريق الحوافز الاقتصادية مثل تقديم القروض، الوعد بالاستثمار وغيرها، وذلك بقصد الوصول إلى اتفاق جديد؛ بالإضافة إلى إظهار المرونة في سياساتها. 

وبعبارة أخرى، فإن المساعدات والحوافز الاقتصادية جزء من إستراتيجية قطر للنجاح في عملية الوساطة. 

على الرغم من أن إيران في حالة المرونة البسيطة يمكنها أن تتمتع بمزايا الاستثمار الأجنبي وأخذ القروض من الدوحة، لكن جميع الأمور التي لعبت فيها قطر دور الوسيط منذ العقد الأول من القرن الحالي توضح أن الأداة الاقتصادية والدعم المالي لم يؤد بالضرورة إلى نجاح الدولة الخليجية.

ويبدو أن مسألة الاتفاق النووي بين إيران والغرب أيضا غير مستثناة من هذا الأمر. وبعبارة أخرى، الدوحة فقط في حالة أخذها لمخاوف إيران الأمنية في عين الاعتبار خلال عملية الوساطة مع الغرب، يمكنها على الأقل أن تتفاءل في الوصول إلى اتفاق.

سوق الطاقة

ثانيا: بالنظر إلى هجوم روسيا على أوكرانيا، وما عقبه من تدهور الأمن والاستقرار في سوق البترول والغاز الأوروبي، وفي حالة نجاح الدوحة في الوصول إلى اتفاق بين إيران والغرب من الممكن أن يزيد إنتاج البترول الإيراني في الأسواق العالمية کحد أدنى.

ومن ثم سيعود الاستقرار في الطاقة إلى السوق العالمي مرة أخرى، وسيفرح الغرب بهذه المهمة.

ومن الواجب ذكره أن دخول إيران إلى سوق الطاقة وزيادة صادرات البترول يقلل من ضغط المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على الولايات المتحدة والغرب فيما يتعلق بقضايا المنطقة وكذلك الشؤون الدولية خلال هذه المرحلة الحساسة.

واختتمت الخبيرة مقالتها قائلة: لو نجحت الدوحة في إقناع إيران بالاتفاق مع الغرب على الأقل، سترتقي سمعة ومكانة قطر وخاصة أميرها.

ومن ثم سيجري تسليط الضوء على دور الدوحة مرة أخرى كونها المؤدية لدور محافظ السلام والاستقرار في منطقة غرب آسيا. 

ومن هنا، فقد يعود الاستقرار والأمن النسبي إلى سوق الطاقة بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا، وذلك عن طريق رفع العقوبات نسبيا عن إيران.

وهذا الأمر سيتبعه زيادة في صادرات البترول والاستثمار الأجنبي بصناعة الطاقة الإيرانية، وفق قولها.

وأيضا اكتساب قطر لمثل هذه المكانة سيرتقي بوزنها في حل قضايا المنطقة، وسيؤدي في النتيجة إلى زيادة الأمن القطري وبلا شك سيواجه الأمير تميم التهديدات الإقليمية.

ولا يزال الاتحاد الأوروبي يعتمد بشدة على النفط والغاز الروسيين في الوقت الذي طبق العقوبات على مجالات عمل أخرى.

تنقسم دول الاتحاد الأوروبي حول السرعة التي ستنهي بها الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية بعد بدء موسكو غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط.

وهناك نوعان من التحديات الرئيسة التي تواجهها الدول الأعضاء: أولا كيفية دفع ثمن الطاقة الروسية بطريقة لا تخرق عقوبات الاتحاد الأوروبي أو تقوضها، وثانيا كيفية الحصول على مصادر بديلة وتطويرها للابتعاد عن الاعتماد على روسيا.

وتحصل أوروبا على حوالي 40 بالمئة من غازها الطبيعي من روسيا التي هي أيضا مورد النفط الرئيس للاتحاد الأوروبي.

لكن بعض الدول تعتمد على الوقود الأحفوري الروسي أكثر من غيرها، لذلك قد يكون لانقطاع الإمدادات المفاجئ تأثير اقتصادي هائل، ومن هنا يشير كثيرون إلى أهمية تحقيق الاستقرار مع إيران.