هكذا يضاعف الغزو الروسي لأوكرانيا مخاوف وقوع مجاعة في اليمن

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكد تقريران، أحدهما صحفي والآخر دولي، أن 2022 ستكون أكثر سنة سيجوع فيها اليمنيون، في ظل الوضع الإنساني المرير ببلدهم مع دخول الحرب الأهلية للعام الثامن على التوالي، وما زاد الطين بلة بدء الغزو الروسي لأوكرانيا التي توفر ثلث غذاء اليمن.

ودق ناقوس الخطر، تقرير نشرته صحيفة "ذي إكسبريس تريبين" الباكستانية، وآخر لموقع "ريليف ويب"، أكبر بوابة معلومات إنسانية في العالم، بشأن اقتراب حلول مجاعة كبيرة إلى اليمن ستكون خسائرها البشرية باهظة.

الدائرة تضيق

وذكرت الصحيفة الباكستانية أن الحرب الروسية في أوكرانيا تهدد بتوسيع دائرة المهددين بالمجاعة في اليمن، الذي يتأرجح بالفعل على حافة المجاعة، ويخشى من نقص إمدادات الغذاء، لاسيما القمح.

وأوضحت نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية، أن حقول القمح تمتد في شمال اليمن الذي تسيطر عليه جماعة الحوثي المتمردة، لكنها لا تكفي لتغذية بلد يعاني فيه الملايين من الجوع.

وفي أحد مخابز العاصمة صنعاء المزدحمة، يبيع محمد الجلال أرغفة الخبز الصغيرة للعملاء الذين يحملونها في أكياس بلاستيكية حمراء.

ويقول جلال: "قلقون من النقص بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا".

وفي محافظة الجوف المتاخمة للسعودية، يعمل المزارعون بجد لحصاد محاصيلهم قبل طحن القمح وشحنه بشكل أساسي إلى صنعاء.

ولن يتذوق معظم سكان اليمن البالغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة هذا المنتج المحلي، لأن البلاد تعتمد بالكامل تقريبا على واردات الغذاء، حيث يأتي ما يقرب من ثلث إمدادات القمح من أوكرانيا، وفقا للأمم المتحدة.

وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يكافح الناس لتأمين حتى أبسط المواد الغذائية في ضوء ارتفاع أسعار السلع الأساسية والوقود الناجم عن الغزو الروسي لأوكرانيا في نهاية فبراير/ شباط 2022.

وقال جلال، إن "السلطات في اليمن يجب أن تدعم المزارعين حتى يتمكنوا من زراعة المزيد من القمح في بلادنا".

وبعد أكثر من سبع سنوات من الحرب الأهلية، تعاني أفقر دولة في العالم العربي  بالفعل مما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وأظهرت التقييمات المدعومة من الأمم المتحدة في مارس/ آذار 2022، أن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، ومن المرجح أن يرتفع العدد الإجمالي. وقالت وكالات الأمم المتحدة إن المجاعة أصابت بالفعل أكثر من 30 ألف يمني.

انهيار اقتصادي

ويخشى علي الكبوس، وهو مستورد وتاجر للقمح من تأثر الإمدادات بالوضع في أوكرانيا، ويقول: "إذا استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، سيرتفع سعر القمح هنا".

وتضاعفت أسعار المواد الغذائية في اليمن بالفعل منذ 2021، وأدت سنوات القتال في البلاد إلى انهيار اقتصادي حر.

وبينما يفرغ طاقمه عشرات الأكياس البيضاء المليئة بالدقيق، يشير الكبوس إلى مصدر قلق ذي صلة، فمع ارتفاع أسعار النفط العالمية، سترتفع تكاليف النقل، و"سيكون ذلك عبئاً ثقيلاً على الناس".

ويقاتل الحوثيون المدعومون من إيران والذين يسيطرون على جزء كبير من شمال اليمن، الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، التي يدعمها تحالف عسكري تقوده السعودية منذ عام 2015.

ووجهت اتهامات لإيران بتهريب أسلحة إلى الحوثيين، وهو ما تنفيه طهران، فيما فرض التحالف حصارا جويا وبحريا على الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون منذ عام 2016.

ووفقا لمشروع بيانات اليمن، وهو جهاز تعقب مستقل، نفذ التحالف أيضا أكثر من 25 ألف غارة جوية على اليمن منذ تدخله في البلاد عسكريا.

ويقول علي الخالد، المتحدث باسم وكالة إنتاج الحبوب التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون والمسؤولة عن إنتاج الحبوب: "بسبب حصار العدو وكذلك الحرب في أوكرانيا، يجب أن نضمن الأمن الغذائي من داخل البلاد".

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في 2021، أن إجمالي إنتاج الحبوب باليمن قدر في عام 2020 بنحو 365 ألف طن، وهو رقم يأخذ في الاعتبار "القيود المتعلقة بالصراع" وهو أقل بنسبة 25 في المائة تقريبًا من متوسط الخمس سنوات.

وفي 2 أبريل 2022، بدء سريان هدنة لمدة شهرين بوساطة الأمم المتحدة، وهي أول هدنة على مستوى البلاد في الحرب منذ عام 2016.

وكجزء من هذا الاتفاق، وافق التحالف على تخفيف حصاره للسماح برحلتين تجاريتين أسبوعيتين إلى صنعاء. وسيتدفق الوقود والمزيد من شحنات المواد الغذائية إلى ميناء الحديدة، الذي يسيطر عليه المتمردون أيضا.

وبعد أن قُتل أكثر من 150 ألف شخص في القتال، انخفض العنف بعد الهدنة التي بدأت في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك، لكن معركة البقاء مستمرة بينما يكافح اليمنيون لتوفير الطعام لأنفسهم.

مخاوف جسيمة

من جانبه، يشير موقع "ريليف ويب"، إلى أن الأرقام الواردة في تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي تم إصداره مؤخرًا تؤكد المخاوف الجسيمة التي تشعر بها وتتوقعها المنظمات الإنسانية مثل منظمة "كير" في اليمن لعام 2022.

فخلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار 2022، سيعاني 17.4 مليون يمني من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، بزيادة تزيد عن 7 بالمئة مقارنة بعام 2021. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 19 مليونا خلال النصف الثاني من العام.

وما يثير القلق العميق أنه بحلول مايو 2022، ستشهد الدولة زيادة بنسبة 89 بالمئة بين أولئك المعرضين لخطر كارثة الجوع مقارنةً بتحليل التصنيف الدولي المرحلي السابق الذي يغطي الفترة من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر/ كانون الأول 2020.

حيث يعيش 31 ألف شخص في حالة حرمان شديد من الغذاء ارتفاعا من 16 ألف شخص. وبحسب التحليل، من المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 161 ألفا خلال النصف الثاني من 2022.

وعلاوة على ذلك، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022، تشير التقديرات إلى أن 5.6 ملايين شخص يعيشون في مرحلة الطوارئ من تصنيف انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو مصطلح يشمل الأشخاص الذين يعانون من فجوات كبيرة في استهلاك الغذاء والتي ستؤدي إلى سوء التغذية الحاد.

كما يتوقع التقرير زيادة هذا العدد إلى 7.14 ملايين بين يونيو/ حزيران وديسمبر 2022.

ويقول آرون برنت، مدير منظمة كير في اليمن: " أرقام التصنيف الجديد مؤشرات مأساوية تستدعي بالفعل اتخاذ إجراءات فورية لتخفيف مخاطر المجاعة في اليمن. يضاف إلى ذلك التأثير السلبي لنقص الحبوب والنفط الذي سيؤثر على كل منطقة في العالم".

وأضاف: اليمنيون ليسوا مستعدين لتحمل عبء ما يحصل خارج البلاد. ستشكل آليات المواجهة السلبية التي نتحدث عنها جزءا لا يتجزأ من حياتهم، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى عواقب وخيمة لا رجعة فيها، خاصة بالنسبة للنساء والفتيات الأكثر ضعفا.