لا يسعى لإسقاط الانقلاب.. ما الهدف الحقيقي لعملية التحالف المزمعة في اليمن؟

عصام الأحمدي | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

مع دخول العمليات العسكرية للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن عامها الثامن، دون تحقيق الهدف الذي تدخل من أجله، المتمثل بعودة السلطة الشرعية واستعادة العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الحوثيين، أعلن التحالف في 22 فبراير/ شباط 2022 التحضير لعملية عسكرية واسعة لم يحدد موعدها.

ويأتي هذا الإعلان بالتزامن مع تصاعد التوتر دوليا بين روسيا والغرب، مع شن الأولى غزوا عسكريا لجارتها أوكرانيا، ما تسبب في غضب ورفض عالمي، وتوالت العقوبات بين الجانبين، وسط مخاوف من امتداد الصراع ليشمل السلاح النووي.

ويلاحق الفشل والتخبط التحالف منذ تدخله العسكري في اليمن، بطلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في 25/ مارس آذار 2015 بعملية عاصفة الحزم، للوقوف أمام الحوثيين الذين أحكموا القبضة على صنعاء بقوة السلاح في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

ردة فعل

لكن ما حدث هو العكس؛ فقد تطورت قدرات الحوثيين بشكل لافت، لا سيما في جانب الطيران المسير والصواريخ الباليستية التي تزايدت مؤخرا، لتصل إلى العمقين السعودي الإماراتي بشكل متزامن.

ويأتي إعلان التحالف التحضير لعملية عسكرية ضد مليشيا الحوثي في اليمن بعد إصابة 16 مدنيا منهم 3 في حالة حرجة بشظايا طائرة مسيرة أطلقت من مطار صنعاء الدولي نحو مطار الملك عبد الله في جازان جنوب غربي السعودية.

وقال التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس"، إن "التحضير لعملية عسكرية واسعة، وعلى الحوثيين تحمل نتائج سلوك استهداف المدنيين".

واعتبر البيان أن "الحوثيين لا يفهمون سوى لغة القوة وعملية الاستجابة تتوافق مع القانون الدولي".

وسبق أن أعلن التحالف عن عمليات عسكرية واسعة في اليمن ضد الحوثيين بعد هجمات حوثية مشابهة ضد السعودية.

ففي 25 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أعلن التحالف عن عملية عسكرية "واسعة النطاق" في اليمن، بعد مقتل شخصين وإصابة سبعة في هجوم للحوثيين على محافظة صامطة في منطقة جازان جنوب السعودية.

كما أعلن التحالف في 24 يناير/ كانون الثاني 2022، إطلاق عملية عسكرية لتدمير أهداف مشروعة في صنعاء على خلفية هجمات صاروخية للحوثيين على السعودية والإمارات.

أدت إلى إصابة شخصين في منطقة جازان السعودية، ومقتل 3 أشخاص (باكستاني وهنديين) وإصابة 6 آخرين (بينهم مصريان) في أبو ظبي الإماراتية.

وبخصوص الإعلان الأخير قال الباحث العسكري اليمني علي الذهب، إن "هذا ليس الإعلان الأول؛ فكل مرة يعلن التحالف تنفيذ عملية عسكرية وفي العادة تكون هذه العمليات عن طريق الطيران ويستهدف بها مراكز قيادة وسيطرة وأعيان مدنية يعتقد أنها تستخدم لأغراض عسكرية ".

 وأوضح الذهب لـ"الاستقلال" أن "التحالف يرى في هذه العمليات تأثيرا مباشرا وملموسا، وتم تنفيذ كثير من هذه العمليات في صنعاء وعمران والحديدة وصعدة وذمار".

وأشار إلى أن "الإعلان هو للتهيئة النفسية على مستوى المواطنين وتحذيرهم لترك هذه المواقع، ومن جانب آخر فبمجرد الإعلان يتم مراقبة تحرك الآليات والمعدات أو قادة الحوثيين واستهدافها".

غياب الشمولية

من جهته، رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، عبد الباقي شمسان، أن "عمليات التحالف تفتقد لمفهوم الشمولية الذي يأتي من ناحية إستراتيجية، فأي عملية عسكرية يجب أن تكون لها أهداف سياسة، وفي حال تم استعادة بعض القطع الجغرافية دون سلطة على الأرض تدير حياة المواطنين فهي عملية مبعثرة وغير متماسكة".

وأضاف لـ"الاستقلال" أن "العمليات العسكرية تنطلق من وجود سلطة شرعية في الداخل اليمني، تدير المعارك العسكرية.

 "وبالتالي هنا يصبح الهدف من العمليات تعزيز السلطة الشرعية، وهي من يجب أن تتقدم المشهد السياسي والعسكري من حيث التصريحات وإدارة العمليات، وليس دول التحالف التي تعلن عمليات شاملة وتعلن توقف المعارك، وتعلن الذهاب للحرب والسلام"، وفق شمسان.

من جانبه، رأى الباحث العسكري علي الذهب، أن "احتمالية القيام بعملية عسكرية تديرها القوات على الأرض ضئيلة، كون الإعلان عنها منذ وقت مبكر كشف للخطط العسكرية عكس العمليات الجوية التي يكون لها غايات وأهداف لحماية المدنيين تندرج في إطار القانون الدولي الإنساني".

وأعرب الباحث لـ"الاستقلال" عن اعتقاده أن "العملية المزمع تنفيذها قد تكون تمهيدا ناريا بأسلحة إستراتيجية للقوات، خصوصا في الخطوط الأمامية من أجل تمكين القوات من التقدم كما حدث في شبوة وجنوبي مأرب، ما أسهم بتقدم القوات الحكومية مسنودة بالقبائل".

ويفتقد التحالف لخطط عسكرية واضحة المعالم تحقق نتائج ملموسة وواسعة على الأرض، تدفع بعملية تحرير اليمن من قبضة مليشيا الحوثي منذ تحرير عدن في منتصف يوليو/ تموز 2015.

إضافة إلى معركة تحرير الحديدة التي انطلقت في 13 يونيو/ حزيران 2018، وتوقفت بعد وصول القوات المشتركة المدعومة إماراتيا إلى أحياء مدينة الحديدة واقترابها من ميناء الحديدة الإستراتيجي، بسبب توقيع اتفاق إستكهولم بين الحكومة والحوثيين في 13 ديسمبر/ كانون الأول 2018 برعاية الأمم المتحدة.

ومن حين لآخر تنفذ القوات الحكومية والقبائل بدعم من التحالف عمليات عسكرية محدودة في بعض المحافظات في مناطق التماس مع مليشيا الحوثي ومناطق على الحدود السعودية، بالإضافة لمحافظتي مأرب والجوف، لكن سرعان ما تتراجع تحت ضغط هجمات الحوثيين نتيجة لفارق التسليح.

وتعتمد القوات الحكومية بشكل أساسي على الغطاء الجوي من التحالف الذي لم يزودها بأسلحة حديثة على الأرض توازي سلاح الحوثي الذي سيطر على مقدرات الجيش اليمني ونهب الأسلحة من مخازن الدولة ويستخدمها في جبهات القتال.

الضغط لحل سياسي

وفي هذا السياق، أوضح الأكاديمي شمسان أن "العمليات العسكرية إلى الآن متقطعة وتنفذها مليشيات تحت مسمى ألوية اليمن السعيد أو تحت مسمى قوات العمالقة، وليس جيشا وطنيا، وهذه وفق القانون الدولي تسمى مليشيات أو مرتزقة".

وأضاف: "لا بد من عمليات عسكرية ينفذها الجيش الوطني وتخضع للقائد العام للقوات المسلحة ولا أمل من هذه العمليات المتقطعة التي تديرها دول التحالف ولا تديرها السلطة الشرعية". 

وأكد أن "إنهاء الانقلاب الحوثي لن يتم إلا بإدارة السلطة الشرعية للملف السياسي والعسكري وغير ذلك فإن كل هذه العمليات لا تحقق الهدف، بل تجعل مسار السلام في اليمن بعيدا ورخوا وتجعل الشعب اليمني يبحث عن السلام لعقود".

وبين شمسان أن "الهدف من العملية المرتقبة، تقويض سلطة الحوثيين لا أكثر والحفاظ عليها إلى جانب المجلس الانتقالي الجنوبي وسلطة ضعيفة للحكومة الشرعية، لإيجاد تسوية تضم جميع الأطراف".

ومضى يقول: "وهذا يلتقي مع التوجه الغربي الذي يتحدث عن تسوية بحسب المبعوث الأممي إلى اليمن الذي قال إن لديه خطة شاملة تشمل مسارا سياسيا وعسكريا وأمنيا وأنه سيقوم بالاتصال بجميع الأطراف، وبالتالي فالعمليات هي للضغط على الحوثي من أجل الانخراط في العملية السياسية".

من جانبه، قال الباحث العسكري علي الذهب أن هذه العملية تأتي في إطار الاستنزاف وحمل المليشيا الحوثية على الانصياع للسلام أو الاقتراب والتفاوض، ولكن المليشيا الحوثية لا تؤمن بالسلام، وخيار الحرب هو الأول لديها، أما السلام فهو استثناء. 

ورأى الذهب أنه على الرغم من دخول الحرب عامها الثامن إلا أنه إلى الآن لم يكن هناك عملية عسكرية شاملة تعيد القوات إلى ما قبل ديسمبر/ كانون الأول 2019، حيث كانت القوات على تخوم صنعاء وتسيطر على معظم مناطق محافظتي البيضاء والجوف ومناطق في حجور بمحافظة حجة والحشا بالضالع.

ولفت الباحث العسكري اليمني أنه في حال تم إعادة القوات الحكومية إلى ما كانت عليه فيمكن للعملية العسكرية أن تؤتي ثمارها ودون هذا فإنها استنزاف لجميع الأطراف، وفي انتظار ترتيبات سياسية مستقبلية يحشد لها جميع الأطراف باستثناء الحكومة الشرعية التي تكمن نقاط ضعفها في قيادتها.

ويؤكد التحالف من وقت لآخر دعمه للجهود التي يبذلها المبعوث الأممي إلى اليمن من أجل التوصل لحل سياسي للأزمة، ويتهم الحوثيين بعرقلة الوصول إلى تسوية سياسية وتصعيد هجماتهم ضد السعودية ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية.