حساب المصالح.. لهذا اختارت الصين دعم روسيا في أزمة أوكرانيا ضد الغرب

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة "لينتا دوت رو" الروسية أن الصين حددت أخيرا موقفها من أزمة أوكرانيا المتصاعدة منذ شهور بين روسيا والغرب، مشيرة إلى أنها اختارت دعم موسكو في هذه الجولة من النزاع.

وأوضحت الصحيفة في مقال للكاتبة أنجيليكا بيريزنايا أن المصالح الاقتصادية والسياسية هي الدافع الرئيس لميل الصين إلى دعم المطالب الأمنية الروسية كافة، لردع تقدم حلف شمال الأطلسي "الناتو" أكثر صوب الشرق.

معادلة واضحة

وذكرت الصحيفة أن الصين لم تستطع أن تظل غير مبالية في ظل التوترات المتزايدة في قضية أوكرانيا بين روسيا وحلف الناتو، والاتهامات المتبادلة وخطر تصاعد الأزمة الأوكرانية إلى صراع مسلح.

وأضافت أن الرئيس الصيني "شي جين بينغ" التقى مع نظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في بكين قبيل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الشتوية مطلع فبراير/ شباط 2022.

وخلال اللقاء وقع الجانبان بيانا مشتركا يعارض توسع الناتو باتجاه الشرق، ويلقي باللوم على الحلف والدول الغربية في اتباع نهج الحرب الباردة، كما يدعم مقترحات روسيا بشأن الضمانات الأمنية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيسين بحثا خلال هذا اللقاء الشامل الاستقرار الأوروبي، والمقترحات الروسية بشأن الضمانات الأمنية، وحوار روسيا مع الولايات المتحدة وحلف الناتو، ووقعا حزمة من الوثائق الحكومية الدولية والمشتركة بين الإدارات والوثائق التجارية.

وكانت القضية الأساسية لهذا الاجتماع تصاعد الأزمة في أوكرانيا لعدة أشهر، ومفاوضات الكرملين غير المثمرة مع الدول الغربية التي تتهم روسيا بحشد قواتها على حدود أوكرانيا، وتعلن أن الغزو الروسي وشيك، ما يهدد بإسقاط اقتصاد موسكو وفرض عقوبات غير مسبوقة عليها.

تؤكد روسيا بدورها عدم اهتمامها بأي صراع عسكري، مشيرة إلى أن أعضاء حلف الناتو بقيادة واشنطن، يتعمدون "إمداد أوكرانيا بالسلاح"، ما يدفع كييف إلى اللجوء للقوة في حل المشاكل بإقليم "دونباس" الذي يسيطر عليه انفصاليون موالون لموسكو.

شراكة جديدة

وأكدت الصحيفة الروسية أن الصين لم تتجاوز التكهنات الإعلامية بشأن تصعيد الأمر ضد أوكرانيا.

 ولفتت إلى  مطالبة الرئيس الصيني بوتين بعدم غزو أوكرانيا خلال الألعاب الأولمبية، وفق وكالة بلومبرغ الأميركية نقلا عن مصدر دبلوماسي في بكين لم تسمه.

غير أن السفارة الصينية في روسيا نفت هذه المعلومات ووصفتها بأنها وهمية واستفزازية.

وفي أعقاب اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات، أعلن شي وبوتين شراكة بلا حدود، لتدعم كل منهما الأخرى في مواجهات بشأن أوكرانيا وتايوان مع تعهد بزيادة التعاون في مواجهة الغرب.

وشرح الجانبان الصيني والروسي في اللقاء بشكل مكثف نهجهما المشترك تجاه المشاكل العالمية الأساسية، بدءا من العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان والديمقراطية، إلى الأمن الإقليمي والعالمي والفضائي.

وكذلك الأجندة البيئية وحماية السيادة الوطنية.

لكن الأهم بالنسبة لموسكو هو دعم بكين للمقترحات الروسية بشأن الضمانات الأمنية، التي تنطوي على منع دخول أوكرانيا إلى حلف الناتو، أو إجراء أي نشاط عسكري على أراضيها أو أراضي دول أخرى في أوروبا الشرقية.

إضافة إلى سحب الأسلحة النووية الأميركية، وكذلك حظر نشر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى من المنطقة، حيث تكون قادرة على ضرب أراضي دولة أخرى.

كما ركز البلدان على دعم نظام عالمي قائم على الدور المركزي للأمم المتحدة.

وهكذا، احتلت الصين، وإن كان ذلك رسميا، مكانتها في الأزمة الأوكرانية بجانب روسيا. وهذا أعطى المؤسسة الغربية ذريعة لإعلان ظهور تحالف جديد خطير وأخرج بكين من موقفها المحايد، ما يعرض العلاقات مع كييف للخطر.

العلاقات مع أوكرانيا

وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن بكين وكييف يتمتعان بتاريخ طويل من العلاقات التجارية والاقتصادية.

فأصبحت الصين أهم سوق لتصدير الأسلحة في أوكرانيا في التسعينيات. ومع ذلك، أدى النمو الاقتصادي السريع والتطور التكنولوجي إلى تحويل الصين إلى مصنع عملاق، ما أدى إلى تغيير نموذج التعاون بين البلدين.

وبدأت الواردات الصينية في التركيز على توريد المواد الخام والمنتجات الزراعية الأوكرانية.

على الرغم من أن بكين لا تزال واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لكييف، حيث تمثل 14.6 بالمئة من حجم التجارة في أوكرانيا، إلا أن حصة الاستثمار الصيني في البلاد صغيرة ومتخلفة عن بلدان آسيا الوسطى.

فقد وجه الموقف مع شركة "موتور سيتش" الأوكرانية التي تطور محركات الطائرات والمروحيات ضربة لإمكانيات الاستثمار والتعاون العسكري التقني بين البلدين. حيث فقدت الصين بالفعل مصدر تقنيات إنتاج محركات توربينات غازية للطائرات بسبب تصرفات السلطات الأوكرانية.

فبعد شراء الصين 50 بالمئة من أسهم الشركة، قامت كييف بتأميم ممتلكات الشركة، وتكبدت الشركة الصينية "بكين سكايريزون للاستثمار في صناعة الطيران" خسائر فادحة.

كما أن احتمالية مشاركة أوكرانيا في مبادرة الحزام والطريق الصينية لا تزال غامضة للغاية، وهذا المشروع يمكّن كييف من أن تصبح جزءا من ممر عبور البضائع الصينية إلى أوروبا.

وتظل كييف خيارا احتياطيا للصين لتنفيذ "طريق الحرير"، ولكن ما يجعلها أقل جاذبية مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي الأخرى مثل بلغاريا ورومانيا هو الافتقار إلى عضوية الاتحاد.

إضافة إلى وجود آلية غير شفافة وطويلة لتخليص البضائع الجمركية حيث التكلفة العالية لمكالمات السفن وعدم وجود طرق عالية الجودة للاتصال التلقائي مع الدول الأوروبية.