مناورة جديدة.. ماذا وراء دعوة إيران لتشكيل حكومة يمنية من كل الأطراف؟

حمدي عبد العال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد أكثر من سبع سنوات من الحرب في اليمن، دعا وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في 28 ديسمبر/ كانون الأول 2021، إلى تشكيل حكومة يمينة بمشاركة جميع الأطراف.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن اللهيان قوله إنه "يجب تشكل حكومة يمنية للحفاظ على الوحدة الوطنية لليمن وسيادته، فالأزمة في البلاد ليس لها إلا الحل السياسي"، على حد تعبيره.

ويعيش اليمن حربا أهلية منذ 2014، عندما تزايدت أطماع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في السيطرة على الحكم بعد ثورة 11 فبراير/ شباط 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وزادت مأساة اليمن بتدخل دول إقليمية على خط الأزمة وتشكيل تحالف بقيادة السعودية وبمشاركة الإمارات لقتال الحوثيين في 15 مارس/ أذار 2015.

وبدأت السعودية في شن غارات جوية على مناطق سيطرة الحوثيين بهدف استعادة الحكم للرئيس عبدربه منصور هادي الذي فقد السيطرة على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014.

وأودت الحرب الأهلية باليمن بحياة قرابة 250 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

دور إيران

كان لطهران دور فاعل في حرب اليمن بما قدمته من دعم سياسي للحوثيين فكانت الدولة الوحيدة من دول العالم التي عينت سفيرا لها في العاصمة صنعاء.

كما تمد مليشيا الحوثي بدعم لوجستي وعسكري ما جعلها تمتلك زمام المبادرة من الدفاع إلى الهجوم. بحسب مراقبين.

وتنفي الدبلوماسية الإيرانية تدخلها مباشرة في حرب اليمن إلا أن عسكريين إيرانيين كذبوا خارجية بلادهم.

فكشف الجنرال في الحرس الثوري الإيراني غلام علي رشيد عن ستة جيوش أسستها بلاده خارج حدودها عبر فيلق القدس التابع للحرس الثوري.

وأقر في تصريحات لقناة روسيا اليوم في أبريل/ نيسان 2021 بوجود مستشارين عسكريين إيرانيين بجانب الحوثيين.

ورغم أن مجلس الأمن الدولي أصدر قرار رقم 2140 لسنة 2014 بحظر توريد الأسلحة إلى اليمن وطالب الدول الأعضاء باتخاذ التدابير لمنع دخول أي ذخائر بشكل مباشر أو غير مباشر للبلاد، إلا أن خبراء أممين رصدوا في عدة تقارير استخدام الحوثيين أسلحة وذخائر تشبه إلى حد كبير المصنعة في إيران.

وأشاروا إلى امتلاك الحوثيين طائرات بدون طيار، وصواريخ كروز الأرضية الأكثر تطورا، وقنابل يدوية، وصواريخ مضادة للدبابات.

C:\Users\Hamdy\Desktop\صور اليمن\if1_0.png

وذهب الخبراء إلى أن تلك الأسلحة تصل الحوثيين من خلال التهريب عبر سلطنة عمان والساحل الجنوبي لليمن والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ومنها إلى صنعاء.

ولم ينقطع الدعم الإيراني بالأسلحة كافة لمليشيا الحوثي، إذ أعلنت وزارة العدل الأمريكية في 7 ديسمبر 2021 مصادرة شحنة أسلحة إيرانية كانت موجهة للحوثيين وصفتها بالأكبر على الإطلاق.

كانت تشمل 171 صاروخ أرض جو، وثمانية صواريخ مضادة للدبابات، فضلا عما يقرب من 1.1 مليون برميل من المنتجات النفطية الإيرانية.

وفي ردها على البيان الأمريكي، قالت البعثة الإيرانية بالأمم المتحدة إن "واشنطن تمارس سرقة نفطنا في المياه الدولية، وهذه ممارسات ستخلف تداعيات خطيرة".

وهو ما يعد اعترافا ضمنيا من إيران بمحتويات الشحنة كافة التي تتضمن أسلحة نوعية .

C:\Users\Hamdy\Desktop\صور اليمن\if2_0.png

من جانبها، أعلنت السعودية، على لسان المتحدث باسم قوات التحالف تركي المالكي، قبل يومين من دعوة عبد اللهيان، دعمها لكل المبادرات الرامية للحل السياسي الشامل في اليمن، لكنها أكدت أن الحوثيين لا يملكون القرار المستقل للدخول في حوار لحل الأزمة.

وأضاف المالكي في مؤتمر صحفي عقده في 26 ديسمبر 2021 أن إيران تدعم الحوثيين بصواريخ بالستية لاستهداف المملكة، كما تجلب عناصر من حزب الله اللبناني لتدريب الحوثيين مستخدمة مطار صنعاء قاعدة عسكرية تنطلق منها عملياتها وطائراتها المسيرة.

حل صعب

يرى مراقبون أن الذهاب إلى تشكيل حكومة وفق تفاهمات دولية وإقليمية لا تلبي مطالب الشعب اليمني أمر صعب، والدعوات إليها تهدف إلى تخفيض التصعيد وتهدئة الأوضاع نحو تحقيق اختراق للمفاوضات مع إيران حول الملف النووي.

وقال الباحث السياسي اليمني المختص بالعلاقات الدولية عادل المسني إن إيران تواجه مأزقا كبيرا بشأن مفاوضاتها حول الملف النووي حيث تواجه ضغوطا دولية كبيرة وتصعيدا إسرائيليا واسع النطاق.

وأضاف لـ"الاستقلال": كما أن هناك قمة خليجية وحدت إلى حد كبير الموقف باتجاه دعم السعودية في حربها ضد إيران في اليمن، وهو ما ظهر أخيرا من خلال استهداف التحالف مواقع حساسة للحوثيين بصنعاء.

وأشار إلى أن استهداف السعودية لمواقع إستراتيجية وحصينة وخبراء لحزب الله وإيران حتى طالت السفير الإيراني نفسه لدى الحوثيين وتسببت في مقتله تعد كلها متغيرات لها دور كبير في التأثير على قرار طهران.

كما لفت المسني إلى أن التقارب الإماراتي مع إيران أصبح مسارا إستراتيجيا يصب لصالح الاقتصاد الإيراني ويمثل رئة تنفس للحرس الثوري ولأبوظبي دور كبير في تمكين الحوثيين والتخادم معهم في سياق التفاهم مع إيران.

وهو ما ظهر في انسحاب قوات تابعة لهم أخيرا من الحديدة، فضلا عن عمليات تهريب النفط والأسلحة المستمرة إلى الحوثيين.

وأوضح أن الإمارات لديها هدف إستراتيجي تعمل عليه وهو توريط السعودية واستنزافها في معركة اليمن ولا ترغب في أن تخرج المملكة منتصرة من هذه الحرب.

وأرجع ذلك إلى أن الإمارات لا تريد زيادة نفوذ السعودية في الخليج والمنطقة، لأنها تتطلع لأن تكون واجهة إقليمية بدلا عن الرياض.

وأشار الباحث اليمني إلى أن المشاورات بين السعودية وإيران بوساطة عراقية لا تسمح بالتوصل إلى الحكومة التي تدعو إليها طهران لما لدى الرياض من شكوك عميقة حول التعاون، إضافة إلى أن نقاط الخلاف والتوتر بين الجانبين أكثر بكثير من أن تسمح بإجراء اتفاق.

وعن أسباب المشاورات، قال المسني إن الرياض مضطرة للتشاور مع طهران بسبب عدم قدرتها على حسم الصراع وارتفاع فاتورة استهداف الحوثيين للداخل السعودي والرغبة في كسب ولاء الإدارة الأميركية، إلى جانب الخوف من تداعيات تطور الصراع الإقليمي لاسيما مع إسرائيل التي تخطط لضربة تستهدف البرنامج النووي الإيراني.

موقف ثابت 

من ناحية أخرى، اعتبر المحلل السياسي الإيراني محمد غروي أنه لا جديد في الدعوة لتشكيل حكومة يمنية من خلال حوار يمني- يمني دون تدخل أي أطراف خارجية وصولا إلى وقف الحرب، مشيرا إلى أن الحل السياسي هو رؤية طهران منذ البداية.

وقال لـ"الاستقلال" إن مبادرة إيران تنبع من رؤيتها أنه لا منتصر في هذه الحرب، سوى أنها تزيد من قتل الشعب اليمني، وفي حال قبول السعودية للخطوة سيمكن الوصول إلى حل وبالطبع لن يكون هذا الحوار في ظل القصف الدائم ووقوع مزيد من القتلى هنا وهناك.

واستبعد أن يكون للوضع الميداني فيما يخص مجريات الحرب الدائرة وتقدم للحوثيين في عدة مناطق والقصف السعودي الأخير، علاقة بالمبادرة الإيرانية.

في المقابل رأى المحلل السياسي اليمني نبيل البكيري أن إيران غير جادة في كل ما يتعلق بالحديث عن السلام والاستقرار في المنطقة معتبرا أن قوتها نابعة من إضعاف الدول المجاورة من خلال دعم المليشيات على حساب أمن هذه الدول.

وقال البكيري لـ"الاستقلال" إن إيران تجيد دائما دغدغة المشاعر بالحديث عن السلام والتوافقات والحوارات وهي أكثر دولة لا تعترف إلا بنفسها ومليشياتها المنتشرة في عموم المنطقة العربية من العراق إلى سوريا ولبنان وصولا إلى اليمن.

وتابع أن دعوة طهران لتشكيل حكومة من جميع الأطراف هو نوع من الاشتغال العكسي أي الدعوة لمزيد من الحرب والفوضى خاصة وأن هناك بوادر تحرك جديد ضد مليشيات الحوثي.

وأشار إلى أن تصريحات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان هي من باب التصريحات الإعلامية التي تحرص دائما على إثارتها من حين لآخر وتهدف من خلالها بأن تكون حاضرة في صدارة المشهد.

وأكد أن إيران في الحالة اليمنية لا تريد فقط تمكين حلفائها وأتباعها من مليشيا الحوثي وإنما تريدهم أن يستأثروا بالحكم كله جملة وتفصيلا، خاصة وأنها ترى أن ذلك سيوفر لها سلطة كبيرة دون أن تدفع أي مقابل لهذا النفوذ المجاني، على حد وصفه.