من الاستيراد للتصدير.. مركز إيطالي يتتبع خطوات تركيا في صناعة الأسلحة

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

اعتبر مركز الدراسات الدولية الإيطالي أن تركيا في الوقت الحاضر تعد أحد اللاعبين الرئيسيين على الساحة الدولية مرجعا ذلك إلى تطور صناعتها العسكرية.

وقال المركز في مقال على موقعه الإلكتروني إن دور أنقرة في مناطق مثل البحر المتوسط ​​ووسط وغرب آسيا شهد خلال السنوات العشر الماضية تطورا كبيرا على صعيد الوجود والأهمية الإستراتيجية.

ويتجلى ذلك على سبيل المثال في الدور الذي لعبته أنقرة في الصراعين الليبي والسوري، إضافة إلى نفوذها المتزايد في منطقة القوقاز وشرقي إفريقيا، وفق المركز.

رؤية إستراتيجية

ونوه المركز بأنه من المهم دراسة تطور الصناعات العسكرية التركية للوقوف على كيفية مساهمتها بشكل كبير في إعادة تموضع أنقرة الإستراتيجي على الساحة الدولية.

في البداية، ذكر أنه في عام 2011، مع اندلاع ثورات الربيع العربي وبداية زعزعة الاستقرار في منطقة البحر المتوسط، بلغ الإنفاق العسكري لتركيا نحو 11 مليار دولار أي ما يعادل اثنين بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وشكلت الواردات العسكرية نسبة 7 بالمئة من الإنفاق بقيمة إجمالية بلغت 780 مليون دولار، في حين بلغت الصادرات في هذا القطاع نحو 86 مليون دولار.

وفي تلك الفترة، استوردت أنقرة الأسلحة البحرية والمقاتلات وأنظمة صاروخية بشكل رئيسي من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وألمانيا والمملكة المتحدة وإسرائيل.

وعلى المستوى المحلي، كانت تصنع المركبات البرية والمدفعية وتصدرها خاصة إلى السعودية وباكستان والإمارات وماليزيا.

ولفت الموقع إلى أن "التغيير الأول في سياسة الدفاع التركية الجديدة ينبع من عقيدة (مافي فاتان) أو الوطن الأزرق وهو مفهوم يلخص هدف تحويل أنقرة إلى قوة بحرية قادرة على إسقاط نفوذها خارج أراضيها".

ولتحقيق ذلك، انتهجت الدولة في البداية سياسات داعمة للشركات الإستراتيجية في الدفاع، خاصة في القطاعات التي كانت تعتمد بشكل كبير على الصادرات مثل البحرية.

وفسر المركز ذلك بالقناعة التركية بأن صناعة قوية ومكتفية ذاتيا بإمكانها أن تسهم في بناء دولة قوية ومستقلة في السياق الدولي.

وأضاف أنه كانت هناك نية للتحرر من الاعتماد على المعدات والأنظمة العسكرية المصنعة في الخارج، والاعتماد على الصناعة الوطنية وتطوير وسائل وأنظمة للقوات المسلحة التركية.

خطوات تدريجية

في هذا الصدد، أشار المركز الإيطالي إلى إنشاء هيئة وزارية (لم يسمها) للصناعات الدفاعية في الثمانينيات وباتت منذ عام 2018 تحت إشراف مباشر من رئيس الدولة ورصدت لها ميزانية خاصة، كما أنها مستقلة رسميا عن وزارة الدفاع.

وأضاف أن بيانات تكشف أن هذا الصندوق المخصص لدعم الصناعات الدفاعية خصص في الفترة من 1985 إلى 2008 موارد تصل إجمالا إلى ما يقرب من 18.5 مليار دولار.

وبالنظر إلى النتائج الحالية، رأى المركز أن سياسات أنقرة بدأت تؤتي ثمارها لاسيما وأن حجم الإنفاق العسكري الإجمالي بلغ في عام 2019 ما يقرب من 20.5 مليار دولار (2.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي).

في حين انخفضت حصة الواردات إلى النصف مقارنة بعام 2011، من 7 بالمئة إلى 3.6 بالمئة حاليا.

ولاحظ المركز أن الإنفاق العسكري على اقتناء أنظمة وأسلحة عسكرية بحرية من الخارج انخفض بشكل كبير في السنوات الأخيرة وهو ما يؤكد تركيز أنقرة على هذا القطاع.

في هذا الصدد، أشار إلى تطوير أنقرة سفينة "أناضولو" الهجومية البرمائية ومشروع "ملغم" لإنتاج السفن القتالية التركية من نوع (الكورفيت-الفرقاطات(.

أما بالنسبة للغواصات، فذكر أن أنقرة تجري عملية تحديث للأسطول من خلال برنامج لتصنيع محلي بالكامل للغواصات يعرف باسم"MILDEN " التي ستحل محل غواصة "تايب  214" الحالية المصنعة بموجب ترخيص ألماني.

من جانبه، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان في معرض الدفاع التركي "إيديف 2021"، المنعقد في أغسطس/آب 2021، تراجع اعتماد تركيا على الإمدادات الخارجية من السلاح في السنوات الأخيرة من 80 بالمئة إلى 20 بالمئة حاليا.

وعلى مستوى الشركات العسكرية المصنعة، أفاد المركز بنموها بشكل كبير في السنوات الأخيرة منوها بتصميمها على تحسين الأداء، إذ يوجد حاليا حوالي 230 شركة خاصة أو تشترك الدولة في ملكيتها نشطة في القطاع العسكري.

وفي نفس السياق، نوه بإدراج سبع شركات تركية في عام 2020 ضمن قائمة أفضل 100 شركة في العالم في هذا القطاع من خلال حجم التداول، يضاف إليها عديد من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم التي تشكل العمود الفقري للصناعة العسكرية التركية.

شركاء جدد

 في السياق، أشار المركز إلى أن الشركاء التجاريين لتركيا قد تغيروا بشكل كبير، إذ لم تعد إسرائيل والمملكة المتحدة وألمانيا الدول المصدرة الرئيسة للأسلحة لها في 2019، بل إيطاليا وروسيا وإسبانيا بينما تحتل الولايات المتحدة المركز الرابع.

وبالتزامن، نمت الصادرات التركية إلى الخارج بشكل كبير، وبلغت في 2019 حوالي 240 مليون دولار، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في عام 2011، بفضل توسع وجهات التصدير وتحسن وتميز المعدات والأسلحة المصنعة.

وبالإضافة إلى الإمارات وماليزيا، أبرمت تركيا صفقات بيع كبيرة إلى قطر وعمان وتركمانستان وليبيا وأذربيجان وأوكرانيا. ولا تزال الأسلحة البرية تمثل المعدات الرئيسة للصادرات التركية، لكن تضاف إليها الأسلحة الجوية وأنظمة الصواريخ والسفن والأسلحة البحرية.

وأشاد الموقع بريادة تركيا حاليا على المستوى العالمي في تصنيع وإنتاج الطائرات المسيرة، خاصة من طراز "بيرقدار تي بي2" الأكثر مبيعا.

فإضافة إلى تفوق هذه المسيرات في ساحات المعارك، تتميز بسعر منخفض نسبيا مقارنة بمثيلاتها وهو ما أثار اهتمام عدد من البلدان.

وأفاد المركز بأن الصناعة العسكرية التركية تحرز تقدما كبيرا في القطاعات الأخرى البرية والبحرية خاصة في تصنيع المركبات ذاتية القيادة على غرار المركبة الأرضية "ألكار أر4" وسفينة  "أولاق" القتالية غير المأهولة.

تحديات كبيرة

وفي جانب آخر، أشار المركز الإيطالي إلى علاقة تركيا المتدهورة مع الولايات المتحدة والشركاء الآخرين بحلف شمال الأطلسي "ناتو"، خصوصا بعدما فرضت واشنطن عقوبات على أنقرة، واستبعادها من برنامج تصنيع مقاتلات إف 35، على خلفية شرائها منظومة الدفاع الروسية "إس 400" .

واعتبر أن "خسارة أنقرة لا تتعلق فقط بعدم امتلاك مقاتلات الجيل الخامس الأميركية، بل أيضا بخسارة منصة المعلومات ذات الصلة المرتبطة بإدارة البيانات التي تم جمعها أثناء المشاركة في البرنامج الخاص بتصنيع المقاتلة الأميركية".  

"ونظرا لتصنيع بعض مكونات الطائرة من قبل شركات تركية بدعم من نظيراتها الأميركية، فإن عقوبات واشنطن أدت إلى خسارة قطاع الطيران التركي للبراعة اللازمة لتحقيق مزيد من التقدم"، وفق المركز الإيطالي.

وزعم أن الصناعات الدفاعية التركية تعاني من تأخير في مشاريع أخرى بسبب نقص الخبرة، خاصة فيما يتعلق ببناء المحركات وأنظمة الدفع على غرار برنامج" ألتاي" لإنتاج دبابة قتالية أو المروحية القتالية "أتاك 2 ".

واستنتج بذلك مركز الدراسات الإيطالي بأن صناعة الدفاع التركية أحرزت تقدما كبيرا، لكنها لم تحقق بعد "استقلالية كاملة" خاصة في بعض القطاعات التي لا تزال تتطلب تحسينات وتطورات كبيرة.

وبحسب الموقع، يضاف إلى هذه الصعوبات المحددة للقطاع، ارتفاع معدل التضخم وتراجع قيمة الليرة إلى مستويات قياسية.

ورأى المركز أن الحل يكمن في ضرورة إيجاد مصادر جديدة للتمويل وزيادة صادرات أنقرة في هذا القطاع، من أجل إيجاد أسواق جديدة للمعدات العسكرية المصنعة محليا.