تضارب مصالح.. هكذا تتصارع روسيا وإيران على النفوذ في سوريا

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة "ستار" التركية الضوء على ديناميكيات الصراع في الحرب السورية، مؤكدة وجود ثلاث طبقات صراع رئيسة ترسم شكلا هرميا.

ورتبت هذه الطبقات في مقال للكاتب نجدت أوزتشيليك، لتكون الأولى طبقة "الصراعات الدنيا" وتشمل الجهات الفاعلة غير الحكومية، والثانية "الصراعات الوسطى" وتضم القوى الإقليمية، أما الثالثة فهي "الصراعات العليا" وبها القوى العالمية التي تتشارك النفوذ الجيوسياسي.

حرب غير مباشرة

ولفتت الصحيفة التركية إلى أن الحرب غير المباشرة المستمرة بين طبقات الصراع تعقد صورة الوضع في سوريا.

وبالنظر من هذا الجانب، يبدو الدور الذي تلعبه إيران في الحرب السورية لافتا للغاية، خاصة وأن الأنشطة العسكرية الإيرانية تؤثر على جميع تلك الطبقات.

وأضافت أن أنشطة إيران غير النظامية أصبحت تشكل مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة وباتت تعتبر تهديدا على القوى الإقليمية والدولية.

حتى إن الشراكة الإيرانية الروسية في سوريا تأثرت بذلك وبدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة.

وكما هو معروف، يقوم الوجود العسكري الإيراني في سوريا على دوافع جيوسياسية وأيديولوجية.

فتهدف إيران بوجودها الجيوسياسي على خط العراق وسوريا ولبنان، وفق الصحيفة، إلى ترسيخ هيمنتها على الطاقة في الخليج "الفارسي" وأحواض شرق المتوسط.

أما أيديولوجيا، فتحاول الإبقاء على نظام بشار الأسد لضمان هيمنتها على الإدارة السورية.

ولتحقيق كلا الأمرين، تستخدم إيران نموذجها العسكري الكلاسيكي المتمثل في تعبئة المليشيات الشيعية في سوريا.

وهنا بالضبط يكمن سبب الصراع الروسي الإيراني؛ إذ إن موسكو لا تريد لنفوذها أن يتراجع في سوريا والشرق الأوسط وشرق المتوسط على حساب تزايد نفوذ طهران في الحكومة والجيش السوريين.

النفوذ الإيراني

ورأت الصحيفة أنه لن يكون من الخطأ الإشارة إلى عام 2016، عند الحديث عن بدء تراجع النفوذ الإيراني في سوريا.

أما أسباب ذلك، فهي ثلاثة، أولها تضاؤل التعاون بين إيران وروسيا تدريجيا، بعد أن خضعت محافظة حلب شمالي سوريا لسيطرة النظام عام 2016.

وثانيها، سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي اتبعها لحصار إيران بعد انتخابه عام 2016. فتزايدت الضربات الجوية الإسرائيلية الموجهة ضد المليشيات الشيعية المدعومة من طهران في سوريا، ولم تظهر روسيا رد فعل يذكر تجاه ذلك.

وفي الواقع، صرحت إسرائيل بأن الحرب الأهلية السورية دخلت مرحلة جديدة بالاشتباكات الجوية التي كثفتها في عام 2018 ردا على هجمات مليشيات حزب الله على هضبة الجولان السورية المحتلة.

وهذه المرحلة انتهت وفق الصحيفة مع مقتل عدد من مقاتلي حزب الله وعناصر فيلق القدس الإيراني.

أما ثالثها، فهي العمليات العسكرية التي أطلقتها تركيا عبر الحدود شمالي سوريا منذ عام 2016 ومازالت مستمرة حتى اليوم. فتعاون تركيا مع روسيا غرب نهر الفرات يضعف من نفوذ إيران، وفق الصحيفة.

وبالفعل، كان تنسيق تركيا مع روسيا في عملية غصن الزيتون التي أطلقتها عام 2018، أمرا مزعجا جدا بالنسبة لإيران.

واعتبرت الصحيفة أنه من المعروف أن ألوية فاطميون وزينبيون وحزب الله بذلوا جهودا كبيرة مع إرهابيي حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" وأذرعه في سوريا من أجل إيقاف الجيش التركي جنوبي عفرين.

 ومع نجاح عملية غصن الزيتون وتحقيق أهدافها، شنت المليشيات الشيعية هجمات مختلفة بالتعاون مع عناصر "بي كا كا" وأذرعه في سوريا، ضد أفراد الجيش التركي والجيش الوطني السوري المعارض في مناطق مثل عفرين والباب شمالي البلاد.

ومن المعروف أيضا وفق "ستار" أنه تم تعيين شخصيات ذات صلة وثيقة بروسيا بعد عام 2019 في الجهاز الأمني ​​التابع للنظام السوري، وذلك بعد استبعاد بعض المسؤولين المقربين من إيران.

وفي نفس الاتجاه، قامت روسيا بترقية بعض مديري المخابرات العامة المقربين منها في مدن مثل حلب وحمص، في محاولة لكسر النفوذ الإيراني في مناطق الصراع.

صراع مع الجميع

وذكرت الصحيفة التركية أن حزب الله اللبناني والمليشيات الشيعية العراقية والأفغانية تشكل مصادر التعبئة الشيعية الإيرانية في سوريا، ما يشكل عقبة أمام إعادة تشكيل روسيا لقطاع الأمن في سوريا، نظرا لولاء هذه الجماعات لطهران.

وأضافت أن عناصر حزب الله اللبناني تنشط على خط دمشق وحمص وشرق إدلب وحلب ضد جهات مختلفة تماما مثل إسرائيل، وتركيا، وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وهيئة تحرير الشام.

فيما تنشط عناصر المليشيات الشيعية الأفغانية حول محافظة حلب ضد تركيا ومليشيا "قسد".

أما المليشيات الشيعية العراقية فتنشط على خط محافظة دير الزور على الحدود السورية العراقية ضد القوات الأميركية، وقسد، وبي كا كا.

بينما يساور روسيا القلق من قدرة المليشيات الشيعية المنتشرة على الحدود السورية العراقية على إحداث تأثير عسكري عبر الحدود، لذا تحاول موسكو كسر نفوذ تلك المليشيات في هذه المنطقة بوجودها العسكري.

إضافة إلى محاولة موسكو التعاون مع بي كا كا وأذرعه السورية الخاضعة لسيطرة الولايات المتحدة، وإن كان من المعروف أن إرهابيي بي كا كا لا يرحبون بهذا التعاون في الوقت الحالي.

غير أن روسيا وفق الصحيفة ليست الوحيدة المنزعجة من قدرة المليشيات على إحداث هذا التأثير، فكل من الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا منزعجة أيضا من ذلك أشد الانزعاج.

لذا، هاجمت الطائرات الإسرائيلية والأميركية المليشيات الشيعية مرات عديدة، لعل أبرزها واقعة مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.

وتشير بعض التقديرات إلى أن بعض هذه الهجمات نفذتها القوات الروسية أو سمحت بها لترهيب المليشيات الشيعية الإيرانية.

فالوضع الحالي في سوريا الناجم عن الوجود العسكري الإيراني، يشكل تهديدا، ليس فقط على الجهات التي تعاديها، بل حتى على من تتحالف وتتعاون معها أيضا مثل روسيا.

وقضيتا الهجرة والتغيير الديموغرافي في سوريا يعدان أيضا من أبرز نتائج مشروع النفوذ الإيراني.