"انتكاسة إستراتيجية".. هكذا ترى صحيفة إيطالية دخول فاغنر الروسية إلى مالي

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة إيطالية الضوء على رغبة "المجلس العسكري الانقلابي" في مالي، تنحية شراكة مكافحة الإرهاب مع باريس جانبا، وفتح الأبواب أمام المرتزقة الروس. 

وأوضحت صحيفة "نيغريسيا" أن "موسكو بعد هذا القرار ستعزز نفوذها في إفريقيا، كجزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض ميزان القوى الحالي".

وكانت وكالة "رويترز" البريطانية قد نشرت أوائل سبتمبر/أيلول 2021، نبأ اتفاق بين الحكومة المؤقتة لمالي ومجموعة "فاغنر" الروسية نقلا عما مجموعه سبعة مصادر دبلوماسية.

وأفادت هذه المصادر أن المجلس العسكري في باماكو وافق على دفع 10.8 ملايين دولار شهريا لشركة الأمن الروسية الخاصة، مقابل الحصول على بعض الخدمات. 

وتشمل التدريب وتقديم الاستشارة للقوات المسلحة المحلية، فضلا عن الحراسة الأمنية لكبار المسؤولين الحكوميين، وذلك في سياق مكافحة الجماعات القتالية النشطة بالبلاد.

تعزيز النفوذ

وبحسب الوكالة البريطانية، قال مصدر أوروبي متخصص في شؤون غرب إفريقيا وآخر أمني إقليمي، إن "فاغنر قد تنشر ما لا يقل عن ألف مرتزق"، بينما يعتقد مصدران آخران أن العدد ربما يكون أقل رغم أنهما لم يقدما أرقاما.

ويذكر أن مجموعة "فاغنر" تأسست عام 2014 من قبل ضابط المخابرات العسكرية الروسية السابق، ديمتري أوتكين، وبدأت نشاطها من خلال دعم الانفصاليين الموالين لروسيا في صراع شرق أوكرانيا.

وشكلت سوريا مسرح الحرب الثاني الذي انتشرت فيه القوات السرية الروسية الخاصة، حيث تدخلت أواخر عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد. 

ثم غابت عن الأنظار ثلاث سنوات، حتى عام 2018، عندما نفذت المجموعة عمليات في جمهورية إفريقيا الوسطى لتدريب القوات الحكومية، في إطار صدها لهجمات جماعة "سيليكا" المتمردة.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن دولا أخرى قررت عقب إفريقيا الوسطى، نشر مرتزقة فاغنر لتتمركز في ليبيا بهدف دعم قوات الانقلابي خليفة حفتر، وفي غينيا والسودان والكونغو ورواندا وأنغولا وبوتسوانا وليسوتو وزيمبابوي وموزمبيق ومدغشقر.

وتابعت "نيغريسيا" بالقول: "إذا دخل الاتفاق الذي كشفت عنه رويترز حيز التنفيذ في الأسابيع المقبلة، فإن الشركة الروسية ستنشر مرتزقتها في مالي، التي شكلت في أقل من عامين مسرحا لانقلابين عسكريين".

وبينت أن "من شأن وجود المرتزقة الروس في سياق غير مستقر، أن يؤدي إلى تعزيز نفوذ موسكو في إفريقيا بشكل كبير، كجزء من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض ميزان القوى الحالي وخاصة النظام الدولي التاريخي في القارة، حيث لعبت فرنسا دائما دورا رئيسا".

واعتبرت الصحيفة أن "باريس فشلت حتى الآن في تحقيق استقرار أكبر في منطقة الساحل، وهو ما يشجع الحكومة المؤقتة في مالي للتخلي عن الشراكة التي تربطهما في مكافحة الإرهاب".

من جانبه، قال رئيس وزراء مالي، شوغل مايغا إن "التقارير التي تتحدث عن اتفاق لنشر مرتزقة من مجموعة فاغنر مجرد إشائعات، حتى في حال استمر الوضع الأمني ​​في التدهور يوما بعد يوم".

وأضاف مايغا "رغم أن مالي لديها العديد من الشركاء على الميدان، إلا أننا بحاجة إلى إيجاد داعمين جدد يمكنهم مساعدتنا في تحسين الوضع الأمني، لهذا يمكننا عقد شراكة مع روسيا أو مع أي دولة أخرى".

انتكاسة إستراتيجية

على الجانب الآخر، رحب المسؤولون الروس، عكس نفي نظرائهم الماليين، بالأخبار المتداولة حول الصفقة المحتملة مع "فاغنر".

في هذا الصدد، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي عقد منذ أيام قليلة بمقر الأمم المتحدة أن "الماليين يحاربون الإرهاب، وقد لجؤوا إلى شركة عسكرية خاصة من روسيا في ظل أن فرنسا، كما أفهم، تريد تقليص وجودها العسكري هناك بشكل كبير". ديمتري أوتكين

من جانبها، تصر العديد من الحكومات الغربية على أنه "لا يوجد فرق عملي كبير بين الكرملين وشركة فاغنر، التي يديرها الأوليغارشي الروسي يفغيني بريغوزين، طباخ الرئيس فلاديمير بوتين، ورجل أعمال صاحب ماض مثير للجدل والمقرب من المؤسسات السياسية و العسكرية الروسية، تشير الصحيفة الإيطالية.

وأوضحت أن "الرأي العام في مالي أعرب مرارا وتكرارا عن معارضته لوجود قوات القوة الاستعمارية السابقة، وينظم بانتظام احتجاجات ضد الجيش الفرنسي ويتهم باريس بعدم إحراز نتائج كبيرة في محاربة المتطرفين".

وذكرت "نيغريسيا" أن المحتجين كانوا قد شبهوا في عدة مرات الوجود العسكري الفرنسي بـ"الاحتلال" ودعوا إلى انسحابه بسرعة، وهو ما يؤكد موافقة العديد من الماليين على انتشار الروس بدلهم في أقرب وقت ممكن.

علاوة على ذلك، بعد ثمان سنوات من تدخل الفرنسيين، انتشرت الجماعات القتالية إلى بوركينا فاسو والنيجر، حيث تنشط العديد من الجماعات المرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"الدولة" في المنطقة من قواعدها في الصحراء الكبرى. 

وأثناء هذه السنوات الثماني، لقي 58 جنديا فرنسيا مصرعهم، فيما قتل المئات من الماليين، وفق الصحيفة الإيطالية. 

وقال عمر سيسي، أحد نشطاء السلام البارزين من منطقة موبتي المضطربة، إن "روسيا شريك تاريخي للجيش المالي، وليس لها مصلحة في السياسة المالية، على عكس فرنسا التي تدير الصراع وفقا لمصالحها الاقتصادية والسياسية".

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إنه "لا توجد حاليا أي احتجاجات ضد موسكو، لكن الرأي العام بشأن إمكانية تدخل مجموعة فاغنر منقسم، إلا أن المؤكد أن اتفاقا لنشر المرتزقة الروس في مالي سيشكل توسعا مهما في المصالح العسكرية الروسية في إفريقيا، مقابل انتكاسة إستراتيجية حاسمة لفرنسا والغرب".