أول دولة إفريقية ستسيطر عليها القاعدة.. ماذا يحدث في مالي؟

إسماعيل يوسف | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

بعد فترة تخبط وصراعات داخلية، تصاعدت التحذيرات الغربية من قرب استيلاء "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM)، التابعة لتنظيم "القاعدة"، على العاصمة المالية “باماكو”، بعد حصار مستمر منذ عدة أشهر.

وسائل إعلام غربية تصرخ مُحذرة أن تصبح هذه الدولة الإفريقية، ذات الأغلبية المسلمة (95 بالمئة)، أول دولة يسيطر عليها تنظيم القاعدة في إفريقيا ما قد يهدد لاحقا دولا عربية، حيث تلاصق مالي، الجزائر وموريتانيا.

معارضون للنظام العسكري في مالي أطلقوا نداءات تدعو الإمام محمود ديكو، المقيم بالجزائر، إلى العودة لتولي زمام حل الأزمة السياسية والأمنية المتفاقمة بعد وصول الجماعات المسلحة إلى أبواب باماكو.

وهو ما عده محللون "مؤشرا" على خطورة الأوضاع، إذ يُعده الإمام "ديكو"، أحد أكثر الشخصيات نفوذا في مالي، وسبق له قيادات المظاهرات ضد الأنظمة السابقة للمطالبة بالديمقراطية، قبل أن ينقلب العسكر ويتولون السلطة.

وعمل "ديكو" سابقا كوسيط بين الحكومة المالية والجماعات المسلحة ويتمتع بخبرة تفاوضية كبيرة، لذا يرى الماليون أنه القادر على إخراج البلاد من حالة الانسداد التي تعيشها منذ خمس سنوات من الحكم العسكري.

ما الجديد؟

منذ انقلاب مالي عام 2020، وتولي مجلس عسكري السلطة، والبلاد تشهد حالات من عدم الاستقرار، تفاقمت، مع طرد القوات الفرنسية، وتحالف النظام مع روسيا بديلا عن فرنسا.

بعدما انقلب العسكر على الرئيس المدني الراحل إبراهيم بوبكر كيتا عام 2020، تصارعوا فيما بينهم، وقام العقيد "عاصمي غويتا" عام 2021، بانقلاب ثان على الرئيس الانتقالي العقيد المتقاعد باه نداو، ونصب نفسه رئيسا.

في سبتمبر/أيلول 2025، وبعد معارك متبادلة بين الجيش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، فرض مسلحو القاعدة حصارًا اقتصاديًا على باماكو ومنعوا دخول الوقود لها.

فرض الحصار، جاء كرد فعل انتقامي على حظر الحكومة العسكرية بيع الوقود في المناطق الريفية الخاضعة لسيطرة التنظيم، وأدى إلى شلل في العاصمة، وارتفاع أسعار الوقود بنسبة 500 بالمئة، وإغلاق مدارس، وإلغاء رحلات جوية.

لكن جماعة النصرة، حولت الحصار المؤقت إلى "إستراتيجية ضغط اقتصادي" بهدف إسقاط النظام من الداخل بتعظيم الغضب والاستياء الشعبي وتحفيز ثورة داخلية أو انقلاب عسكري ضد الجنرال غويتا.

سيطرت على الطرق الدولية التي تربط مالي بدول الجوار، وهي شرايين حياة الدولة الحبيسة التي لا تملك منفذا بحريًا مثل طرق: داكار – باماكو (غربا مع دولة السنغال)، وهو ممر حيوي لاستيراد المواد الغذائية.

وطريق أبيدجان – باماكو (جنوبا مع ساحل العاج) المخصص لنقل الوقود والبضائع، وطريق نواكشوط – باماكو (شمال غرب مع موريتانيا، وهو منطقة تُستخدم لتهريب السلاح والوقود.

وقد استغل "إياد أغ غالي"، زعيم تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، انسحاب القوات الفرنسية بعد خلاف مع الحكم العسكري الجديد، وصعد الحرب ضد باماكو، محاولًا استثمار الفراغ الأمني لترسيخ نفوذه في مناطق الطوارق والفولان.

كما تحالف القيادي المسلح "غالي"، لأول مرة مع الانفصاليين من الطوارق في جبهة واحدة، رغم التباين العقائدي بينهما، وتعاونا في بعض المعارك، حسب المصالح الظرفية، وتقاتلا في أوقات أخرى.

فـ "القاعدة"، تُعلن رغبتها في إقامة نظام إسلاميٍ يقوم على الشريعة والخلافة على نهج تنظيم القاعدة، بينما "حركة تحرير أزواد" (MNLA)، وهي حركة سياسية وعسكرية أسسها الطوارق في شمال مالي، هدفها إقامة دولة علمانية مستقلة باسم "أزواد".

ولأن الإمام محمود ديكو، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى (2008-2019)، لعب عام 2020 دورا في التغيير الذي حدث عام 2020، ولكنه غادر للجزائر بعد خلافات مع العسكر، فقد دعته قوى المعارضة للعودة وتسلم مرحلة انتقالية.

دعت لعودة الإمام، بصفته قائدا يمكنه توحيد الشعب وإعادة الشرعية والتفاوض مع زعماء القاعدة.

وتعهد الحاكم العسكري الحالي "غويتا" بتسليم السلطة للمدنيين بحلول نهاية مارس/آذار 2024، لكن حكومته الانتقالية أعلنت في 25 سبتمبر/أيلول 2023 تأجيل الانتخابات الرئاسية، وإلغاء الانتخابات التشريعية، وأرجعت ذلك لأسباب فنية!

وكان الجنرال "غويتا" تعهد بعد قيامه بانقلابين عامي 2020 و2021 بجلب الاستقرار، لكنه حول البلاد لفوضى، وفكك الجيش ما تبقى من الأسس المؤسسية للدولة، وانقسم على نفسه، وفق دراسة لموقع "أتلانتيك كونسل"، 31 أكتوبر/تشرين أول 2025.

لذا لم يستبعد وزير مالي سابق يعيش في المنفى لصحيفة "الغارديان"، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، حدوث انقلاب جديد (ثالث) خلال الأيام القليلة المقبلة، لأن “البلد تنهار أمام أعيننا”. وفق قوله.

هل ستسقط العاصمة؟

رغم قيام تنظيم القاعدة بهجمات سابقة على مطار باماكو في 2024 وحرقه، يستبعد محللون دخولهم العاصمة باماكو، وذلك لسببين:

1-عدم وجود حاضنة قبلية واجتماعية للجماعة في باماكو، حيث معظم عناصر تنظيم القاعدة من قبيلة الفلاني (الفلان)، بينما الغالبية في باماكو من قبيلة (البامبارا) الذين يرفضون أي سيطرة خارجية عليهم.

2-أن هدف تنظيم القاعدة ليس دخول المدن ولكن التحصن في الجبال والمناطق الواسعة وإسقاط النظام بالضغط الخارجي والحصار، بما يجلب إثارة الغضب الشعبي ويشجع عسكريين آخرين على القيام بانقلاب جديد.

ويقول الباحث المالي، "كريبسو ديالو": إنه رغم فرض "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، حصارا على إمدادات الوقود المتجهة إلى العاصمة باماكو، إلا أن الحصار ليس مطبقا بالكامل والقوافل تمر بحراسة الجيش.

أوضح في تحليل، بموقع “تقدم” الإلكتروني الذي يصدر من الكويت، أن الأزمة الحالية، رغم تأثيرها الكبير على باماكو، "لا تشكل دليلا على قدرة عسكرية استثنائية قد تمكن التنظيم من السيطرة على العاصمة".

ووصف التوقعات الغربية بشأن احتمالية استيلاء التنظيم على السلطة بأنها "مبالغ فيها، وتعكس أثر الأزمة المؤقتة أكثر من استنادها إلى تقييم واقعي لقدرات التنظيم العسكرية".

وشدد على أن "الهدف الحقيقي للتنظيم ليس الاستيلاء على باماكو، بل محاولة إسقاط السلطة من خلال تفاقم الأزمات" التي يواجهها النظام، و"تآكل الدولة دون خوض معركة"، ما قد يؤدي إلى انتفاضة شعبية ضد الحكومة القائمة. 

ويرى الباحث في الشؤون الإفريقية "إدريس آيات"، أن النظام في مالي لن يسقط أمام جبهة النصرة (تنظيم القاعدة) لعدة أسباب منها أن:

1- جماعة النصرة لا تبني إستراتيجيتها على اقتحام مدن مثل العاصمة باماكو (على غرار ما حصل في أفغانستان أو سوريا) بل تفضل العمل في مناطق الصحاري والجبال.

2-اقتحامها باماكو سيكون بمثابة "انتحار تكتيكي"؛ إذ لا تملك الخبرة في إدارة المدن المفتوحة، ولا في مواجهة جيش متمركز في العاصمة.

3- يقدر عدد مقاتلي النصرة بحوالي 6000 مقاتل، بينما عدد أفراد جيش مالي حوالي 40 ألف جندي، مع دعم جوي وبري من تحالفات خارجية تشمل تركيا وطائراتها المسيرة، والفيلق الإفريقي الروسي، وتحالفات غير معلنة مع الولايات المتحدة، ما يعني أنهم سيخسرون لو دخلوا العاصمة.

4-لا توجد قوة سياسية أو حزبية مستعدة لتولي الحكم مع "القاعدة" في حال سقوط باماكو، خاصة أنهم ارتكبوا جرائم ضد المدنيين كما فعلت قوات الدعم السريع في السودان، ما أفقدهم أي رصيد أخلاقي لإقناع السكان بأنهم البديل الممكن للحكومة.

ويقول الصحفي المالي "يوسف جوارا"، إن "فكرة سيطرة الإرهابيين على باماكو خيال إعلامي، فالعاصمة محمية بأنظمة دفاع متعددة الطبقات، وبقوة نيران متفوقة، وأعداد عسكرية كبيرة، مدعومة من شركاء تحالف دول الساحل".

بينما جماعة النصرة تفتقر للمدفعية الثقيلة والمركبات المدرعة والطائرات، لشن هجوم تقليدي على مدينة يتجاوز عدد سكانها مليونين ونصف مليون نسمة.

وقد كشفت دراسة تحليلية لـ "يوسف جوارا"، اعتمدت على تحليل أكثر من 15 ألف منشور و387 مقالًا حول ما يقال عن حصار العاصمة أن الخطاب الإعلامي الفرنسي ضخم مصطلحات "الانهيار" بنسبة 12.000%.

وأن أغلب المفردات المنذرة بنهاية وشيكة في مالي مصدرها باريس، بسبب غضب فرنسا من النظام الحالي؛ لأنه طرد قواتها من مالي وأحل محلها قوات روسية.

سيناريوهات متوقعة

إذا استمر تدهور الأوضاع، فقد تسيطر الجماعة المسلحة على مناطق واسعة وتُشكل منطقة شبه مستقلة خارج حكم باماكو، وقد يشجع هذا، قبائل "الطوارق" في منطقة "أزواد" شمال البلاد، على السعي لإنشاء دولتهم الانفصالية.

والطوارق شعب مسلم من الرُّحّل، ذوي أصول أمازيغية، يتخذون من الصحراء الإفريقية الكبرى الممتدة بين ليبيا والجزائر والنيجر ومالي وبوركينا فاسو موطنا له.

ويتهم السكان الطوارق في "أزواد" مرتزقة فاغنر الروس الذين استعانت بهم السلطة لمحاربتهم بارتكاب مجازر وإبادة جماعية ونهب "الذهب" في المنطقة التي تقع على حدود الجزائر، وأعلن مسلحو الطوارق، تحقيق انتصارات على هؤلاء المرتزقة.

لكن هناك سيناريو آخر محتمل، هو التدخل الدولي أو الإقليمي (إفريقي/أوروبي) لدعم الجيش المال، لصد القاعدة وإعادة فرض سلطة الدولة.

وسيناريو ثالث، مطلوب شعبيا، هو تدخل الشيخ "ديكو" بدعم من المعارضة لإجبار المجلس العسكري والرئيس العسكري على وضع خطة إصلاح اقتصادي وديمقراطي يلعب فيها الشيخ دورا كبيرا.

وقد صدرت نداءات في باماكو يوم 13 نوفمبر 2025، تطالب بتدخل الإمام ديكو، وجاءت هذه الدعوات في وثيقة تداولها ناشطون ومعارضون عبر الإنترنت، حملت عنوان "الإمام محمود ديكو، الرجل القادر على إنقاذ مالي من المأزق".

دعوا فيها الحكومة العسكرية إلى فسح المجال أمام "الإمام ديكو" ليقود مرحلة جديدة قوامها الشرعية الأخلاقية والمصالحة الوطنية. 

ووصفت الوثيقة النظام العسكري بأنه "يعيش حالة إنهاك سياسي وفقدان للبوصلة"، بعد سلسلة من الوعود التي لم تتحقق على الصعيد الأمني أو الاقتصادي.

وحذر نص البيان، من فشل السلطة العسكرية في احتواء العمليات التي تنفذها الجماعات المسلحة مثل تنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين" و"جبهة تحرير أزواد" إلى جانب تنظيم "الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى".

ودعت الوثيقة إلى انتقال جديد في مالي يقوم على القيادة الأخلاقية، وترى أن الإمام ديكو، المعروف بمواقفه الداعية إلى الحوار والمصالحة، يمتلك من الشرعية الشعبية ما يؤهله لتوحيد الماليين بكل أطيافهم الدينية والسياسية والعرقية.

ووصفته بأنه "قادر على مخاطبة الجميع، من عسكريين ومدنيين، ومنظمات شبابية ونسوية، وزعماء مجتمعات محلية، وحتى ممثلين عن الجماعات المسلحة".

من هو الإمام ديكو؟

اكتسب "الإمام" شهرته حين كان رئيسا للمجلس الإسلامي الأعلى (2008-2019) وخاض نضالات سياسية مختلفة منها معركة ضد قانون الأسرة بين عامي 2009 و2011، كما تدخل لحل الأزمة المالية منذ عام 2012.

ويعد الشيخ محمود ديكو داعيا إسلاميا، وهو من رموز التيار الإصلاحي في مالي، وكان إماما بأحد أهم مساجد العاصمة باماكو.

وتقلّد منصب الأمين العام لـ "جمعية مالي للاتحاد وتقدم الإسلام"، وهي أول جمعية إسلامية بالبلاد أُسست عام 1980، لتعزيز وحدة المسلمين وتمويل بناء المساجد والمدارس القرآنية، والوساطة والتهدئة أثناء الأزمات السياسية والاجتماعية.

كما لعب دورا في الانتخابات الرئاسية عام 2013، وعارض إدخال التربية الجنسية في المناهج التعليمية عام 2019، وقضايا أخرى مختلفة.

وحصد الإمام شعبية كبيرة لوقوفه مع القضايا الجماهيرية في وقت انعدمت فيه ثقة السكان في القوي السياسية الموجودة على الساحة والطبقة السياسية.

وأثبت مع غيره من علماء المسلمين في مالي أنهم الوحيدون القادرون على حشد الجماهير، مما جعل قادة أحزاب المعارضة كذلك يلتفون حولهم بدوره.

وكان الإمام ديكو، وهو أحد أبرز وجوه الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا في عام 2020، قد دخل في خلاف مفتوح مع المجلس العسكري بقيادة عاصمي غويتا بعد أن رفض ما عده "انحرافا عن المسار الديمقراطي" واحتكارا للسلطة من قبل العسكريين.

وقبل انقلاب العسكريين في "مالي" يوم 19 أغسطس 2020، كان الإمام "محمود ديكو" زعيم أبرز التيارات الإسلامية الوسطية المعتدلة يقود المعارضة ضد الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا، ويطالب بإسقاط حكمه.

وبسبب قيادة الإمام "ديكو" الحراك الشعبي والمظاهرات ضد الرئيس المخلوع "كيتا"، وحشد جماهير واسعة للإطاحة به، تساءل مراقبون آنذاك: “هل سيستولي الإسلاميون على السلطة في باماكو؟” وفق مجلة لوبوان الفرنسية، أغسطس 2020.

لكن الإمام ديكو وعلى عكس التصورات الغربية أعلن انسحابه من الحياة السياسية بعد سقوط الرئيس وقيام الانقلاب العسكري، ولم يحاول تسلم زمام السلطة، واكتفي بالمطالبة بسلطة أخلاقية بعيدة عن النزاع لكن العسكر اضطهدوه فسافر للجزائر.

ولكن بعد تضييق متزايد عليه في باماكو، غادر البلاد في نهاية عام 2023 نحو الجزائر؛ حيث أقام في المنفى الاختياري بعد أن أثارت زيارته الرسمية إلى الجزائر أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين.

وكان استقبال الإمام ديكو من قبل الرئيس عبد المجيد تبون قد أثار رد فعل غاضبا من المجلس العسكري المالي الذي اتهم الجزائر بـ"التدخل في الشؤون الداخلية"، وعقد "اجتماعات سرية مع شخصيات معادية للحكومة".

تنظيم القاعدة

تعتبر "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، فرع تنظيم القاعدة في منطقة الساحل، وهي الجماعة المسلحة الأكثر نشاطا في المنطقة. وفقا لـ"مركز رصد الصراعات في إفريقيا (ACLED)، بتاريخ 23 نوفمبر 2023.

وقد تشكلت عام 2017، نتيجة اندماج جماعات كانت تنشط سابقا ضد القوات المالية والفرنسية، وتضم قرابة 6 آلاف مقاتل حسبما أفادت صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن مسؤولين إقليميين وغربيين، 8 يونيو/حزيران 2025.

وتشمل هذه الجماعات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي المتمركز في الجزائر، وثلاث جماعات مسلحة في مالي هي: أنصار الدين، والمرابطون، وكتيبة ماسينا.

والهدف الرئيس لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين هو الاستيلاء على الأراضي والسيطرة عليها، وطرد النفوذ الغربي من مناطق سيطرتها، رغم أنها لم تدخل في حروب مع القوات الفرنسية في المنطقة.

ويتزعم الجماعة "إياد أغ غالي"، وهو مالي من أصل طوارقي من منطقة كيدال شمال مالي، وسبق أن أسس جماعة أنصار الدين في عام 2012، بهدف فرض تفسيرها للشريعة الإسلامية في جميع أنحاء مالي.

ورغم رفع قادة تنظيم القاعدة في مالي شعارات تزعم فيها السعي لإقامة خلافة إسلامية وتحرير القدس، كما يتضح من شعاراتها مثل "يا أقصى نحن قادمون"، يتهمها ماليون بأنها لم تقم بعمل عسكري واحد ضد القوى الغربية التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2023، أعلن زعيم القاعدة في منطقة الساحل، إياد آغ غالي أنه يبحث عن مجندين جدد للقتال ضد كالي والنيجر، وبوركينا فاسو، ووصفهم بأنهم "حكومات مرتدة وكافرة"، معلنا عزمه على إقامة الشريعة وخلافة إسلامية.

وكان لافتا أن هذا الإعلان يأتي في وقت تسعى فيه هذه الدول لتحرير نفسها من النفوذ الاستعماري الفرنسي، وطرد القوات الفرنسية من أراضيها.

دفع هذا الباحث في شؤون في إفريقيا والشرق الأوسط بجامعة الكويت، "إدريس آيات" للتساؤل عن سر رفع الجماعة، رسائل ذات شعارات ثورية، لكنها تقتل المدنيين في مالي لا المستعمرين.

ورأى أن “هذا التناقض يُعد دليلاً على أنّ التنظيمات ذوات الأيديولوجيات المتطرفة ينفذون أجندات سياسية مخفية”.

ولا توجد معارك معلنة قوية بشكل مباشر بين "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، والقوات الفرنسية، رغم أن مهمة الفرنسيين الأساسية في مالي كانت "محاربة تنظيم القاعدة".