يطالها بشدة.. صحيفة إسبانية: صراع الجزائر والمغرب يهدد استقرار أوروبا

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تبعات خطيرة على منطقة المغرب العربي وشمال إفريقيا وجنوب أوروبا، ترصدها الصحافة العالمية نتيجة التصعيد الأخير بين الجزائر والمغرب الذي وصل لقطع العلاقات بين الجارتين العربيتين الإفريقيتين.

تقرير لصحيفة إسبانية يسلط الضوء على الأزمة الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، بعد وقت قصير من خطاب الملك محمد السادس، الذي أنهى به أزماته مع إسبانيا وفتح قنوات اتصال لتحسين العلاقات مع رئيس الحكومة بيدرو سانشيز.

صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية، أشارت إلى إعلان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، في 24 أغسطس/ آب 2021، قرار الجزائر "قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب".

الصحيفة واسعة الانتشار، لفتت إلى رد فعل مدريد، مؤكدة أنه "كان لهذا القرار أثر مدو في بالاسيو دي سانتا كروز، مقر وزارة الخارجية (الإسبانية)".

وعادت إلى الأسباب التي أعلنتها الجزائر لهذه القطيعة مع جارتها العربية والشمال إفريقية ملمحة إلى قول لعمامرة: "لقد أظهر التاريخ أن المغرب لم يتوقف أبدا عن القيام بأعمال عدائية ضد الجزائر".

الصحيفة الإسبانية أشارت إلى أن المغرب "لم يكن بطيئا في الرد" عن الاتهامات الجزائرية.

وفي بيان مقتضب صادر عن الشؤون الخارجية، أعربت الرباط "بشكل قاطع" عن أسفها ورفضها رد الفعل "غير المبرر والمتوقع" من الجزائر و"الذرائع المضللة، وحتى السخيفة، الكامنة وراءه". 

"الإسبانيول"، نقلت عن مصادر رسمية من وزارة الخارجية الإسبانية قولها: إن "الموقف لم يفاجئهم، وأنه من حيث المبدأ، لا يجب أن يؤثر هذا التصعيد على إسبانيا".

"لكنهم في جميع الأحوال، لا يحبذون ما يحدث بين الجارتين الرئيستين، اللتين تعدان من الشركاء والأصدقاء، على الرغم من وجود منافسة بينهما"، وفق قول المسؤولين الإسبان للصحيفة.

علامات الغضب

وأشارت إلى أن "الجزائر استدعت سفيرها لدى الرباط للتشاور في يوليو/ تموز 2021، بعد أن أيد السفير المغربي لدى الأمم المتحدة (حركة تقرير المصير للشعب الأمازيغي) في منطقة القبائل بالجزائر".

"الإسبانيول"، أضافت في رصدها لعلامات الخلاف: "كما لم يرق لها (الجزائر) تساؤل وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، من المغرب عن الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة".

"كما تلقي الحكومة الجزائرية باللوم على المغرب بسبب دعمه المزعوم لمنظمات تعتبر مسلحة، وكذلك التجسس من خلال برنامج بيغاسوس، الذي كانت ضحية له"، وفق الصحيفة.

ونوهت بأن "قرار القطيعة الدبلوماسية لم يكن مفاجئا، وأنه في 18 أغسطس/ آب 2021، قررت الجزائر إعادة النظر في العلاقات مع المغرب بسبب ما أسمته (الأعمال العدائية)".

واتهمت الجزائر، جارها المغرب بالتورط في حرائق منطقة القبائل، وفقد الكثير من الجزائريين أرواحهم، في حصيلة بلغت 90 شخصا بينهم 33 جنديا؛ ومقتل الفنان جمال بن إسماعيل حرقا 11 أغسطس/ آب 2021، بمنطقة تيزي وزو.

قرار القطيعة جاء في اجتماع استثنائي لمجلس الأمن الجزائري الأعلى برئاسة الرئيس عبدالمجيد تبون لتقييم الوضع في البلاد بعد حرائق الغابات الضخمة.

عقب الاجتماع تحدثت الجزائر عن "الأعمال العدائية المتواصلة التي يرتكبها المغرب وحليفه الكيان الصهيوني ضد الجزائر"، وهو ما أشار إليه لعمامرة، بالفعل 15 أغسطس/ آب 2021.

الاتهام الجزائري جاء بعد مزاعم عن الجزائر أطلقها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد أثناء زيارته للرباط  12 أغسطس/ آب 2021.

لابيد، خلال افتتاح ممثلية للكيان المحتل في المغرب، تحدث عما اعتبره "قلقا من الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة وتقاربها مع إيران، والحملة التي قادتها ضد قبول إسرائيل بصفة مراقب بالاتحاد الإفريقي".

تقرير الصحيفة الإسبانية أكد أن قائمة اللوم في الجزائر بحق المغرب واسعة، لافتة إلى اتهامات بدعم "الحركة من أجل الحكم الذاتي للقبائل"، والحركة السياسية الإسلامية المحافظة "رشاد"، التي تدعو إلى تغيير سلمي للنظام في البلاد.

وذلك إلى جانب اتهامات جزائرية للرباط برفض إجراء استفتاء في الصحراء الغربية، والتسبب في الركود الذي يعاني منه اتحاد المغرب العربي، وفق قول "الإسبانيول".

وترى الصحيفة أن "خطاب المصالحة الذي ألقاه الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش، في 31 يونيو/ حزيران 2021، لم تكن له فائدة تذكر". 

وفي إشارة إلى أمن واستقرار البيئة الإفريقية والأورومتوسطية، أكد محمد السادس، أن "كل ما يحدث للمغرب يجب أن يكون له تداعيات على الجزائر، لأن الاثنين يشكلان جسدا واحدا".

وعلى عكس رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، الذي رحب 21 أغسطس/ آب 2021، بخطاب الملك المغربي الذي تحدث عن محاولات إنهاء توتر العلاقات مع مدريد، لم يقبل الرئيس تبون اليد الممدودة من الرباط.

حرب تسلح

الصحيفة الإسبانية، تعتقد أن "محاولة الحفاظ على الاستقرار في المغرب العربي، مهددة الآن من قبل أكبر دولة وأكثرها استقرارا في القارة (الجزائر)، إلى جانب المغرب".

وأشارت إلى أن هذه الاضطرابات تأتي في ظل أزمات بمنطقة المغرب العربي، وخاصة "غرق ليبيا في صراع يشبه الحرب منذ وفاة الزعيم معمر القذافي 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2011".

ولفتت إلى "الأزمة السياسية في تونس؛ والتوترات في موريتانيا بعد أن سجن رئيسها السابق، محمد ولد عبد العزيز، المتهم بالفساد".

الصحيفة ترى أن "انعدام الأمن في المنطقة، بالقرب من الساحل، أدى إلى تحفيز القوتين الشماليتين لتعزيز قواتهما المسلحة في السنوات الأخيرة".

"من هنا، تفاقمت الحرب الباردة الأبدية بين البلدين مع إعادة تسليح المغرب، وبينما كرست الرباط نفسها لشراء الأسلحة، قامت الجزائر بتحديث جيشها"، وفق "الإسبانيول".

وبينت أنه "في هذه العلاقة التاريخية من التنافس والمواجهات بعد استقلال عام 1962، كانت الجزائر حليفا لروسيا، وتقارب المغرب من أميركا".

في هذا السياق، حصلت الجزائر مؤخرا على مقاتلات "أس يو-57" وغواصات متطورة من روسيا؛ فيما وقع المغرب اتفاقية دفاع مع واشنطن.

إسبانيا بين جبهتين

وقالت الصحيفة: إن "الصراع بين الجزائر والمغرب من شأنه أن يعرض الاستقرار السياسي والاقتصادي في شمال إفريقيا، للخطر؛ وكذلك استقرار جنوب أوروبا، بسبب روابطها التاريخية وقربها الجغرافي".
ونوهت بأن "إسبانيا، التي استأنفت لتوها العلاقات مع المغرب بعد 4 أشهر من الأزمة الدبلوماسية، تتأثر بشكل مباشر بالأحداث الأخيرة".

"هناك العديد من الاتفاقيات التي تجمع مدريد مع الرباط والجزائر، فيما يتعلق بالهجرة والأمن، ولكن أيضا اقتصاديا، مع الاعتماد على الموارد الطبيعية في هذين البلدين"، بحسب "الإسبانيول". 

وعن العلاقات التجارية والاستثمارية، أشار تقرير الصحيفة إلى أن المغرب الوجهة الأولى للاستثمار الإسباني بإفريقيا، لافتة إلى أنه عام 2019، كانت إسبانيا شريكها التجاري الرئيس وثاني مستثمر لها بعد فرنسا.

"أما الجزائر فهي من البلدان الرئيسة لسياسة التجارة الإسبانية، وهي مدرجة في قائمة البلدان ذات الأولوية في إستراتيجية الأفق الإفريقي، التي أقرتها وزارة الصناعة والتجارة والسياحة مؤخرا".

وإسبانيا تستورد الغاز بشكل رئيس من الجزائر، وبالعام 2019، شكلت واردات الوقود من هذا البلد نسبة 92 بالمئة من إجمالي الواردات الإسبانية، وفقا لبيانات المعهد الإسباني للتجارة الخارجية.

وتركز استثمارات إسبانيا الأكثر أهمية في الجزائر على قطاعات الطاقة والبناء والمياه.