ترامب تجنّب إدراج جماعة الإخوان "منظمة إرهابية" بشكل مباشر.. لماذا؟

إسماعيل يوسف | منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذياً يُوجّه بموجبه وزيري الخارجية والخزانة إلى دراسة ما إذا كان ينبغي تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية (FTOs) وإرهابيين عالميين محددين بشكل خاص (SDGTs). 

هذا القرار أثار ارتباكًا واسعًا، إذ سارعت الأنظمة العربية وبعض المنظمات المعادية لجماعة الإخوان إلى وصف الأمر على أنه تصنيف رسمي للإخوان كمنظمات إرهابية، رغم أنه لم يتم التصنيف بعد وإنما هو مجرد طلب لدراسة الأمر.

في المقابل، برزت العديد من التساؤلات حول طبيعة هذا القرار، وأهمها: لماذا لم يصنف ترامب بشكل مباشر فروع جماعة الإخوان في مصر ولبنان والأردن كمنظمات إرهابية أجنبية، واكتفى بطلب دراسة الحالة أولاً؟ ولماذا اقتصر الأمر على هذه الفروع المحددة دون غيرها؟ وهل يحمل القرار في طياته خدمة لمصالح إسرائيل، خاصة في سياق تداعيات "طوفان الأقصى"، أم أنه يعكس مصالح أميركية بحتة كما يتم الترويج له؟

ماذا يقول القرار؟

نصّ الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب على إطلاق "عملية يُدرس بموجبها تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين أو فروعها"، وهو ما يشير بوضوح إلى أن القرار ليس تصنيفًا مباشرًا أو نهائيًا، بل خطوة أولية تفتح بابين محتملين:

الأول: أن يكون الأمر التنفيذي بمثابة توجيه لبدء إجراءات رسمية قد تؤدي في النهاية إلى تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين حول العالم كـ"منظمات إرهابية أجنبية".

الثاني: أن الهدف هو مجرد الدراسة والتقييم والنظر في مدى توافق هذا التصنيف مع القوانين الأميركية، خاصة وأن إدارة ترامب خلال ولايته الأولى كانت قد ناقشت الخطوة ذاتها ثم تراجعت عنها، وهو ما يفسر صدور القرار الحالي بصيغة فضفاضة وخالية من الحسم.

لذلك، يرى مراقبون أن القرار لا يعني تصنيف الجماعة كاملة، بل يقتصر على فروع محددة ذُكرت أمثلة عليها:

مصر ولبنان والأردن، وذلك بسبب دعم أفراد أو جهات محسوبة على هذه الفروع لحركة حماس خلال عملية طوفان الأقصى.

كما أن القرار ليس تصنيفًا بحد ذاته، بل مجرد طلب من وزارتي الخارجية والمالية دراسة الأمر وإعداد توصيات بشأن إمكانية إدراج بعض الفروع على قوائم الإرهاب.

وبحسب الصحفي المقيم في الولايات المتحدة محمد السطوحي، فإن قرار ترامب يعني أنه لم يعلن بعد تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية، وإنما اتخذ فقط خطوة إجرائية أولى باتجاه ذلك، مع ترك القرار النهائي للجهات المختصة.

لهذا وصفت "بي بي سي" القرار بأنه "تحرك" من جانب ترامب "لتصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كجماعات إرهابية"، وليس قرارا نهائيا.

وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، 25 نوفمبر: إن "ترامب يبدأ إجراءات تصنيف فروع الإخوان المسلمين"، ويطلب "تقديم تقرير عن فروع المنظمة في لبنان ومصر والأردن"، أي أن القرار النهائي لم يصدر بعد.

ويُعدّ القول بأن القرار يمثّل تصنيفًا فعليًا وشاملًا لكل فروع جماعة الإخوان المسلمين قولًا "يفتقر إلى الدقة"، إذ لم يتضمن الأمر التنفيذي أي إجراء تصنيفي مباشر، ولا يشمل جميع الفروع. بل إن نص القرار يؤكد فقط بدء عملية تقييم قد تقود لاحقًا إلى تصنيف بعض الفروع دون غيرها.

ويُلزم "أمر" ترامب وزيري الخارجية والخزانة، وبالتشاور مع النائب العام ومدير الاستخبارات الوطنية، بتقديم تقرير خلال 30 يومًا يحدد ما إذا كان ينبغي تعيين أي من فروع الجماعة – مثل الموجودة في لبنان ومصر والأردن – كمنظمات إرهابية أجنبية بموجب قانون 8 USC 1189، أو كـ"منظمات إرهابية عالمية مصنّفة" (SDGTs) بموجب 50 USC 1702 والأمر التنفيذي 13224.

كما ينص الأمر على أن يتخذ وزير الخارجية ووزير الخزانة الإجراءات التنفيذية اللازمة – في حال إقرار التصنيف رسميًا – خلال 45 يومًا من تاريخ تقديم التقرير، لتعيين الفروع المحددة كـ"منظمات إرهابية أجنبية" و"منظمات إرهابية عالمية محددة"، إذا اقتضت الظروف ذلك.

وجاء في نص القرار أن "الهدف النهائي للأمر هو القضاء على قدرات وعمليات الفروع المعينة، وحرمانها من الموارد، وإنهاء أي تهديد قد تشكله على المواطنين الأميركيين والأمن القومي للولايات المتحدة".

ورغم الطابع الإجرائي للقرار، يرى مراقبون أن مجرد إصدار ترامب لهذا الأمر التنفيذي يشير إلى نية واضحة للمضي نحو التصنيف في نهاية المطاف، بتقدير أن الخطوة موجّهة – في جوهرها – لاستهداف من دعموا حركة حماس خلال طوفان الأقصى، خدمةً لمصالح إسرائيل.

ويشير هؤلاء إلى أن القرار المحتمل هو نتيجة جهود ممتدة لسنوات قادها ناشطون يمينيون داعمون لإسرائيل ومعادون للإسلام، أبرزهم سباستيان جوركا، المسؤول السابق عن مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض.

وكانت إدارة ترامب في ولايته الأولى قد حاولت الدفع باتجاه التصنيف، لكن عوائق قانونية حالت دون ذلك، من بينها: صعوبة إثبات ارتكاب الجماعة أعمال عنف مباشرة، وعدم وجود نشاط معادٍ للمصالح الأميركية بشكل مباشر، واستمرار اعتراف حكومات عربية بالجماعة أو وجود وزراء ينتمون إليها، إضافة إلى وجود منظمات وجمعيات أميركية مرتبطة بها بشكل قانوني.

خدمة إسرائيل والحلفاء

كان واضحًا، من خلال تحليل العبارات الواردة في أمر ترامب التنفيذي، أن القرار جاء منحازًا للرؤية الإسرائيلية في جوهره، وأنه صُمّم ليخدم مصالح تل أبيب بشكل مباشر، عبر استهداف الجهات التي ساندت طوفان الأقصى والمقاومة الفلسطينية، لا سيما في البلدان العربية الثلاثة التي ذُكرت بالاسم. ولهذا لم يشمل القرار فروع الإخوان في عشرات الدول التي يتمتعون فيها بوجود سياسي أو اعتراف رسمي، مثل ماليزيا وإندونيسيا والجزائر والسودان والمغرب وغيرها.

وأورد نص القرار بوضوح أنه: "في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في إسرائيل، انضم الجناح العسكري للفرع اللبناني للإخوان المسلمين إلى حماس وحزب الله والفصائل الفلسطينية لشن عدة هجمات صاروخية على أهداف مدنية وعسكرية داخل إسرائيل".

وهو ما يعكس بجلاء أن الخلفية التي دفعت ترامب إلى اتخاذ هذه الخطوة ليست مرتبطة بمصالح الأمن القومي الأميركي بالدرجة الأولى، وإنما مرتبطة بردّ سياسي يخدم إسرائيل ويستهدف محيطها الإقليمي.

وخلال معركة طوفان الأقصى التي خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، برز وللمرة الأولى منذ سنوات طرف سُنّي فاعل في معادلة المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، الأمر الذي أثار قلقًا واضحًا لدى واشنطن وتل أبيب، وظهر انعكاسه في صياغة القرار الأميركي.

الطرف الفاعل هو "قوات الفجر"، الجناح العسكري لـ “الجماعة الإسلامية” التي أعلنت استهداف مواقع للاحتلال بالصواريخ، عدة مرات، لذا تريد إسرائيل وترامب تصنيفها "إرهابية" للتضييق عليها.

كما زعم الأمر التنفيذي لترامب، في سياق تبرير طلب تصنيف الإخوان المسلمين في مصر – بصفتها المقر الأم للجماعة – أن "أحد كبار قادة الجماعة شجّع على شن هجمات عنيفة ضد شركاء الولايات المتحدة ومصالحها في الشرق الأوسط، في اليوم نفسه الذي نفذت فيه حماس هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول".

غير أن النص لم يقدّم أي اسم أو تصريح محدد، ولم يُفصح عن طبيعة هذا "التشجيع" أو دليله، ما عده مراقبون محاولة لخلق رابط مصطنع بين الإخوان في مصر وطوفان الأقصى دون أساس واضح.

أما فيما يتعلق بـ فرع الجماعة في الأردن، فقد اكتفى الأمر التنفيذي بالقول إن "قادة الإخوان المسلمين الأردنيين قدموا دعماً مادياً للجناح المتشدد لحماس"، من دون ذكر واقعة محددة أو تواريخ أو أدلة تثبت ذلك الادعاء، وهو ما أثار تساؤلات حول الخلفيات السياسية للتوجّه الأميركي أكثر من كونه استنادًا إلى معطيات قانونية أو أمنية.

واقتصر التبرير العام الوارد في أمر ترامب على القول بأن القرار "يتعلق بانخراط فروع الجماعة في لبنان والأردن ومصر في أو تسهيل أو دعم العنف وحملات زعزعة الاستقرار التي تضر بمناطقها وبمواطني الولايات المتحدة ومصالحها".

لكن اللافت – بحسب محللين – هو غياب أي دليل مباشر على تورط هذه الفروع في أعمال تستهدف الولايات المتحدة أو مصالحها، الأمر الذي يعزز الانطباع بأن الخطوة ذات طبيعة سياسية موجهة نحو خدمة الأجندة الإسرائيلية في سياق ما بعد طوفان الأقصى.

عقب أحداث طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، انتشرت في الولايات المتحدة وأوروبا تقارير ودراسات عدة، رصدتها "الاستقلال"، وأعدّها باحثون من أصول يهودية، طالبت بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ"جماعة إرهابية" لأسباب رئيسة:

الأول، أن حركة حماس التي شنت الهجوم على إسرائيل تعد "الجناح الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين"، وبالتالي يجب التركيز على تفكيك البنية الأيديولوجية التي أفرزتها، وهي جماعة الإخوان المسلمين، وفق هذه الدراسات الأجنبية.

والثاني، أن جماعات وأحزاباً سياسية تنتمي إلى فكر الإخوان في عدة دول عربية، مثل تونس والمغرب والأردن، أبدت تأييدها وإشادتها بحماس، ما دفع إلى المطالبة بحظر هذه الجماعات على الأراضي الأميركية.

من بين هذه التقارير، تقرير نشرته صحيفة "جيروزاليم إستراتيجيك تريبيون" في أبريل 2025، دعا فيه الرئيس السابق ترامب إلى "سحق جماعة الإخوان المسلمين".

وفي سياق متصل، حذّر المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري، في مقابلة مع القناة 13 الإسرائيلية بتاريخ 19 يونيو 2024، من ضرورة القضاء على الإخوان، موضحا أن القضاء على حماس "غير ممكن" بسبب عقيدتهم الفكرية، وأن "الإخوان هي كلمة السر".

وأكد هاغاري أن "حماس هي الإخوان المسلمون"، وأن محاولة اختفاء هذه الفكرة هو أمر "مخطئ"، في إشارة إلى الأهمية المركزية للإخوان في فكر الحركة.

وأشار الجزء الثاني من أمر ترامب التنفيذي، تحت عنوان “التقدير السياسي” إلى أن سبب القرار هو "سياسة الولايات المتحدة في التعاون مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات وعمليات فروع جماعة الإخوان المسلمين المصنفة كمنظمات إرهابية أجنبية"، مما يوضح أن القرار جاء أيضا بناء على طلب أو مجاملة لأنظمة إقليمية معادية للجماعة.

وتُذكر أن جماعة الإخوان محظورة في عدد من البلدان، منها السعودية والأردن، فضلا عن مصر التي نشأت فيها الجماعة؛ حيث أطيح بالرئيس محمد مرسي في 2013، وتولى عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش آنذاك، رئاسة البلاد.

وفي أبريل 2025، أعلن الأردن حظر أنشطة الإخوان كافة داخل المملكة، وأغلق مقارها ومصادر ممتلكاتها، متهمًا الجماعة باقتناء أسلحة ومحاولة تصنيع متفجرات وصواريخ، والتخطيط لزعزعة أمن الدولة.

ماذا لو صدر القرار؟

رغم أن القرار النهائي بشأن تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية في الولايات المتحدة لم يصدر بعد، إلا أن هناك تداعيات متوقعة ستنال الأفراد والجمعيات والمنظمات الإسلامية المرتبطة أو التي يُشتبه في تبعيتها للجماعة داخل أميركا، خاصة في مجالات النشاط السياسي والتبرعات المالية.

إذا ما صدر القرار الرسمي من وزارة الخارجية الأميركية بإدراج الجماعة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية وفق المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأميركي (المعدل بقانون مكافحة الإرهاب لعام 1996)، فإن ذلك سيترتب عليه عدد من الآثار القانونية والعملية الهامة، منها:

  • تجميد فوري لجميع الأموال والممتلكات التي تملكها الجماعة أو تسيطر عليها داخل الولايات المتحدة أو في أي منطقة تخضع للولاية القضائية الأميركية، رغم عدم وجود هيئات منظمة تحمل اسم "الإخوان" بشكل رسمي داخل الولايات المتحدة.
     
  • تجريم تقديم أي دعم مادي أو موارد للجماعة، مع عقوبات تصل إلى السجن لمدة تصل إلى 20 سنة، أو السجن مدى الحياة في حال تسبب الدعم في وفاة أشخاص (وفقا للمادتين 2339أ و2339ب من قانون العقوبات الأميركي).
     
  • منع دخول أي عضو أو داعم للجماعة إلى الأراضي الأميركية نهائيا، بما في ذلك أولئك الذين يطلبون اللجوء السياسي بوصفهم "معارضين إخوانا".
     
  • إمكانية إغلاق أي جمعية، أو مؤسسة، أو مركز ديني يُثبت تقديمه دعما للجماعة أو تجميد أمواله.

ويتوقع أن تشمل هذه التداعيات منظمات بارزة مثل مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (CAIR)، والجمعية الإسلامية في أميركا، والجمعية الإسلامية في شمال أميركا، ومنظمة الإغاثة الإسلامية. بالإضافة إلى عدد من الجمعيات الطلابية والخيرية الكبرى التي قد تُفتح ضدها تحقيقات فورية قد تؤدي إلى إغلاقها أو تجميد أموالها أو ملاحقة قياداتها قضائيا، استنادا إلى ارتباطات موثقة سابقة مع الجماعة.

وعلى الصعيد المحلي، فرض حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، وهو من الحزب الجمهوري أيضا، الأسبوع الماضي تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية على مستوى الولاية، شملت أيضا مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (CAIR)، والذي قام برفع قضية قانونية ضد هذا القرار.

ومن بين تداعيات القرار المحتملة إيقاف معظم البنوك العالمية فورا التعامل مع أي هيكل مالي مرتبط بالإخوان، خشية العقوبات الأميركية الثانوية، ما سيضع الدول التي تتعامل مع الجماعة تحت المساءلة الأميركية، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات اقتصادية عليها.

ولسنوات عدة، يمارس نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي المتطرف ضغوطا متواصلة لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، بحجة علاقاتهم بحركة حماس وإيران، وادعاء سعيهم لفرض الشريعة في عدة ولايات أميركية مثل فلوريدا وتكساس وميشيغن.

وفي يوليو 2025، قدم السيناتور الجمهوري من تكساس، تيد كروز، مع آخرين مشروع قانون لتصنيف الإخوان، مستندين إلى ارتباط أحد فروع الجماعة بحركة حماس التي نفذت هجوم 7 أكتوبر، والذي راح ضحيته 53 مواطنا أميركيا على الأقل.

كما أعاد نواب مثل ماريو دياز بالارت وجاريد موسكوفيتز تقديم مشروع قانون تحت عنوان "تصنيف الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية لعام 2025"، بزعم أن الجماعة ومنظماتها الفرعية تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، وتستغل الأموال الأميركية وأنظمة الغرب لتعزيز العنف وزعزعة الاستقرار.

هل يظل القرار معلقًا؟

يرى محللون أن قرار ترامب بشأن تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية جاء بشكل متعجل، ويخدم بشكل رئيس مصالح إسرائيل والضغوط التي يمارسها المحيطون به من الموالين للاحتلال الإسرائيلي.

ويُشير هؤلاء المحللون إلى أن القرار يفتقر إلى أدوات حظر فعلية، بسبب وجود عقبات قانونية وسياسية تم تناولها ودراستها سابقًا خلال فترة رئاسته الأولى، مما دفع إدارته إلى عدم تمرير القرار بشكل كامل حينها.

هذا يفسر سبب عدم إصدار ترامب أمر الحظر بشكل مباشر، واكتفائه بإطلاق "عملية دراسة" من قبل وزارتي الخارجية والخزانة، مع تحديد مهلة شهر لإعداد الدراسة، تليها 45 يومًا لتطبيق ما قد يترتب على الحظر في حال صدوره فعليًا.

وعليه، فإن العبء الحالي يقع على عاتق وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، لدراسة إمكانية فرض الحظر على الفروع المذكورة في أمر ترامب.

وفي 13 أغسطس/آب 2025، أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن العملية قد تستغرق وقتا. مشيرًا إلى أن "جماعة الإخوان لديها العديد من الفروع والجبهات التابعة لها التي يجب فحصها بشكل فردي ودقيق".

وأضاف في مقابلة مع برنامج "سيد آند فريندز إن ذا مورنينغ"، أن عملية التصنيف الرسمية طويلة ومعقدة، وأن الحكومة الأميركية حريصة على أن تكون دقيقة في تحقيقها، لكن الخطوات الأولى للتصنيف تُتخذ بالفعل.

وفي 23 نوفمبر 2025، صرح ترامب لموقع "جست ذا نيوز" (Just the News) بأنه يستعد لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، وأن ذلك سيتم باستخدام "أقوى وأشد العبارات". مؤكدًا أن "وثائق التصنيف النهائية" قيد الإعداد.

وجاء إعلان ترامب هذا بعد أيام من نشر موقع "جست ذا نيوز" تحقيقًا مطولًا (21 نوفمبر 2025) عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين والمخاوف المتزايدة داخل إدارة ترامب بشأن الجماعة، والذي دعا إلى تصنيفها ورصد آراء المؤيدين لهذا التوجه.

وخلال فترة رئاسته الأولى، حاول ترامب بشدة تصنيف "الإخوان المسلمين" كجماعة إرهابية أجنبية، لكنه اصطدم بسلسلة عقبات قانونية وسياسية، بعضها كانت قد تسبب في أضرار محتملة لمصالح الولايات المتحدة نفسها، كما أشارت تقارير أميركية عديدة.

العقبات في أربع نقاط:

يمكن تلخيص العقبات التي تواجه تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية أجنبية في أربع نقاط رئيسة:

العقبات القانونية: لا تمتلك واشنطن حتى الآن أدلة موثقة تربط الإخوان كتنظيم عالمي بعمليات إرهابية تستوفي معايير التصنيف بموجب القانون الأميركي.

فوفق قوانين الولايات المتحدة، يجب أن تنخرط المنظمة في نشاط إرهابي أو تنوي ذلك، ويكون هذا النشاط يشكل تهديدا مباشرا لأمن الولايات المتحدة أو لمواطنيها، أو لمصالحها الدفاعية أو الاقتصادية أو الخارجية. كما يجب أن تقوم بتدريب أو تجنيد إرهابيين.

ومع غياب دليل واضح على تورط الفروع الثلاثة المذكورة في أمر ترامب في تهديدات مباشرة لأميركا، يصعب تصنيفها رسميًا. كما أن التصنيف الأميركي لا ينطبق بالضرورة على الجماعات التي تصنفها منظمات حقوقية أخرى كـ"حركات تحرر وطني"، مثل حماس.

إضافة إلى أن التصنيف ينال المنظمات الأجنبية فقط، وليس دائما الجمعيات المحلية داخل الولايات المتحدة؛ حيث كثير من هذه الجمعيات تلجأ إلى القضاء للطعن في قرارات الحظر أو التضييق، ما يعقد تنفيذ أي عقوبات محتملة.

المخاطر السياسية والأمنية: ترى مؤسسات أمنية وسياسية أميركية أن تصنيف الإخوان جماعة إرهابية دون أدلة قوية قد يخلق فراغًا سياسيًا في العالم الإسلامي، وهذا بدوره قد يعزز نفوذ الجماعات المتطرفة التي تعادي الولايات المتحدة، مما قد يزيد من تهديد الأمن القومي الأميركي.

التداعيات الداخلية على المسلمين الأميركيين: محاولة تصنيف الجمعيات والمنظمات الأميركية المرتبطة بالإخوان، والتضييق عليها، تعطي صورة سلبية بأن الحكومة الأميركية تعادي الإسلام ذاته، لا تيارا سياسيا معينا.

وقد أشار "معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم" (ISPU)، وهو منظمة بحثية تركز على المسلمين في الولايات المتحدة، إلى أن هذه التصنيفات تُنظر إليها على أنها حملات لتشويه سمعة المسلمين في الداخل الأميركي، وتهدف إلى شل المجتمع المدني الإسلامي، وتعزيز ظاهرة الإسلاموفوبيا.

التعقيدات السياسية الدولية: تواجه إدارة ترامب صعوبة في تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية شاملة، لأن هناك دولا عربية وأجنبية فيها رؤساء حكومات وبرلمانات تضم أعضاء من الإخوان منتخبين ديمقراطيا، وهو ما يخلق تناقضات سياسية ويعقد فرض الحظر بشكل شامل.