ترامب يلغي المنح الدراسية لـ6 آلاف طالب.. شروط جديدة لتأشيرات الأجانب

إسماعيل يوسف | منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في أقل من أسبوع وضمن سياسة عدوانية عنصرية جديدة تجاه كل من يعادي إسرائيل أو يدعم غزة، ألغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب 6 آلاف تأشيرة دراسية لطلاب أجانب.

كما قررت عدّ "معاداة أميركا والسامية" معيارا لدخول الأجانب للولايات المتحدة، ووصل الأمر إلى إعلان الخارجية الأميركية مراجعة تأشيرات 55 مليون شخص دخلوا البلاد خلال الأشهر السبعة الماضية لبيان موقفهم من إسرائيل.

هذه الحملة المسعورة التي يتبناها أنصار ترامب من اليمين الديني الإنجيلي المتطرف، وتيار "ماغا"، لدعم إسرائيل والعدوان الوحشي على غزة، انتقلت من قمع الأصوات الأميركية المؤيدة لفلسطين، إلى الأجانب، وتحوّلت إلى معاداة المسلمين خصوصا.

6 آلاف تأشيرة

مع أن سياسة ترامب بطرد وترحيل طلاب أجانب مثل الفلسطيني محمود خليل، والفلسطينية لقاء كردية، والتركية رميساء أوزتورك فشلت، فقد كشفت وزارة الخارجية الأميركية أنها ألغت 6 آلاف تأشيرة دراسية خلال الـ 7 أشهر الأخيرة.

وذلك بدعوى "تجاوزات قانونية وأنشطة مرتبطة بدعم الإرهاب"، ضمن حملة مطاردتها للطلاب الذين يدعمون غزة. وفق شبكة "فوكس" الأميركية، 18 أغسطس/آب 2025.

 “فوكس نيوز” كشفت أن إلغاء التأشيرات "يأتي ضمن سياسة موسعة لتشديد التدقيق الأمني في طلبات الفيزا، شملت مراجعة حسابات السوشيال ميديا للمتقدمين".

وكشف مسؤول بالخارجية أن ما بين 200 و300 تأشيرة أُلغيت لأسباب تتعلق بـ"الأنشطة الإرهابية"، ويقصد بها اتهام ترامب للجامعات بأنها "باتت معاقل لمعاداة السامية" عقب احتجاجات الطلاب ضد إبادة إسرائيل لغزة.

كما ألغيت نحو 4 آلاف تأشيرة بسبب "مخالفات قانونية" ارتكبها الطلاب، من بينها اعتداءات وقيادة تحت تأثير المخدرات أو الكحول.

ونقلت قناة "فوكس نيوز ديجيتال" في 18 أغسطس/آب 2025، عن الخارجية الأميركية أنه "جرى سحب ما يقرب من 40 ألف تأشيرة في عام 2025، مقارنة بـ 16 ألف تأشيرة ألغيت خلال نفس الإطار الزمني في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن".

وأكّد مسؤولون أن بعض حاملي التأشيرات الدراسية وبطاقات الإقامة الدائمة قد يواجهون الترحيل بسبب مشاركتهم في احتجاجات أو تعبيرهم عن دعم الفلسطينيين وانتقادهم العدوان الإسرائيلي على غزة، واتهامهم أنهم يهددون بذلك مصالح أميركا.

في 27 مارس/آذار 2025، أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أنه ألغى تأشيرات أكثر من 300 طالب وصفهم بـ"المخبولين"؛ لأنهم يتظاهرون ضد إسرائيل بينما هم مسجلون كطلبة فقط ليس من حقهم التظاهر.

وتحرك روبيو، الذي ظهر واضعا صليبا على جبهته، لترحيل هؤلاء الطلاب وإنهاء دراستهم، في إطار مساعيه لمكافحة الحراك الطلابي الداعم لفلسطين، والمناهض لإسرائيل في الجامعات الأميركية. 

وعاد ليقول في مقابلة مع شبكة EWTN مطلع أغسطس 2025: "لا يوجد حق دستوري في الحصول على تأشيرة طالب، فهي قرار نقرر منحه لك". 

وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية، جرى إصدار ما يقرب من 400 ألف تأشيرة طلابية، والمعروفة أيضًا باسم تأشيرات F1، في السنة المالية 2024.

ويمثل هؤلاء الطلاب البالغ عددهم حوالي 6 آلاف، جزءًا ضئيلًا من 1.1 مليون أجنبي درسوا في الكليات والجامعات في الولايات المتحدة، التي سعى ترامب لإخضاعها، وفق أحدث البيانات المتاحة. 

ويشير "تحليل توقعات" أجرته "رابطة المعلمين الدوليين" (NAFSA) وشركة تكنولوجيا المعلومات JB International إلى توقع انخفاض تسجيل الطلاب الأجانب الجدد بنسبة 30-40 بالمئة، وانخفاض 15 بالمئة من إجمالي المسجلين في العام الدراسي الجديد.

وكانت "الهيئة الوطنية للموارد" توقعت في أواخر يوليو/تموز 2025 أن "مثل هذه النتيجة من شأنها أن تحرم الاقتصاد الأميركي من 7 مليارات دولار وأكثر من 60 ألف وظيفة". بحسب شبكة "سي إن إن"، 21 أغسطس 2025.

ووفقًا لقوانين الهجرة الأميركية، يمكن لوزارة الأمن الداخلي بدء إجراءات الترحيل ضد حاملي الجرين كارد (الإقامة الدائمة) بسبب أنشطة متنوعة، بما في ذلك دعم جماعة إرهابية.

وجاءت الحملة ضد الطلاب بعدما شهدت عشرات الجامعات الأميركية عام 2024 احتجاجات واعتصامات واسعة لدعم القضية الفلسطينية، واجهتها السلطات بحملات قمع وأعمال عنف.

واعتقلت الشرطة قرابة 600 طالب من 15 حرمًا جامعيًا، حسب ما نقله موقع أكسيوس الأميركي في 27 أبريل/نيسان 2024، لكن إدارة ترامب قررت إلغاء التأشيرات وطرد الطلاب من البلاد.

هواجس التدقيق

وسعت إدارة ترامب إلى إلغاء التأشيرات وترحيل الأشخاص الذين شاركوا في الاحتجاجات في الحرم الجامعي ضدّ الحرب في غزة، مدعية أنهم انخرطوا في سلوك معادٍ للسامية أو أظهروا دعمًا لجماعات إرهابية محددة مثل حركة المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله. وفق تصنيفها.

ومنذ عودته إلى البيت الأبيض تبنى ترامب سياسات صارمة تجاه الحركة الطلابية المتضامنة مع فلسطين في الجامعات الأميركية بدعوى أنها "معادية للسامية"، وبدأت إدارته عملية اعتقال وطرد طلاب خارج البلاد.

ففي بداية عهده، وقّع، في يناير/كانون الثاني 2025، أمرًا تنفيذيًا يتعلق بـ "مكافحة معاداة السامية"، يتيح ترحيل الطلاب الذين يشاركون في مظاهرات داعمة لفلسطين.

وتعهّد بترحيل المتظاهرين الأجانب المؤيدين للفلسطينيين، واتهمهم بـ "دعم حركة حماس وتشكيل عقبات أمام السياسة الخارجية الأميركية ومعاداة السامية". 

ومن هنا، واجه الطلاب الذين شاركوا علنا في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تدقيقا متزايدا وتهديدات مستمرة بالترحيل.

وزارة الخارجية الأميركية لم تكتفِ بطرد الطلاب وإلغاء تأشيرات 6 آلف منهم في 7 أشهر، بل بدأت بمراجعة شاملة لكل من يحمل تأشيرة دخول صالحة إلى الولايات المتحدة منذ تولي إدارة ترامب، وعددهم أكثر من 55 مليون شخص.

وجاء ذلك، بهدف البحث عن أي مخالفات تتعلق بموقفهم من إسرائيل، وقد تجعل بعض هذه الملايين عرضة للترحيل.

وأوضحت الوزارة أن المراجعة ليست لحاملي تأشيرات محددة فقط (مثل الطلاب أو الزائرين)، بل تشمل كل أنواع التأشيرات.

أي أن أي شخص يحمل تأشيرة دخول بات خاضعًا لعملية "تدقيق مستمر" يمكن أن تؤدي إلى إلغائها فورًا، وإذا كان موجودًا داخل الأراضي الأميركية، فقد يجرى ترحيله مباشرة.

أما الحجج التي قد تطرد السلطات الأميركية هؤلاء بموجبها فتشمل: “الانخراط في أنشطة إرهابية أو دعم منظمات مصنفة على لائحة الإرهاب”.

وهذا بخلاف تجاوز مدة الإقامة المسموح بها في التأشيرة، وأي نشاط إجرامي أو تهديد للأمن العام.

وسيجرى ذلك عبر مراجعة المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وهل يدعم أي حاصل على التأشيرة فلسطين ويعادي إسرائيل أم ماذا؟! حسب ما أوضحت وكالة أسوشيتد برس الأميركية في 22 أغسطس.

ويعني القرار عمليًا أن إدارة ترامب توسع دائرة التدقيق والهواجس الأمنية لتشمل حتى الأشخاص الذين دخلوا بطريقة قانونية وبموافقات رسمية مسبقة.

وهي خطوة يرى البعض أنها جزء من سياسة أوسع للضغط على المهاجرين والطلاب الأجانب، فيما يعدها أنصار ترامب ضرورة لـ"حماية الأمن القومي الأميركي"، الذي يرون أن إسرائيل جزء منه.

ولم تكتفِ إدارة ترامب بذلك، بل أصدرت قرارا جديدا في 16 أغسطس 2025، بمنع منح تأشيرات للحالات الإنسانية والعلاج للمصابين من غزة، أي التأشيرات التي يطلق عليها اسم "الدخول المؤقت" وتمنح بصفة مؤقتة لأسباب إنسانية. 

وجاء هذا بعدما أثارت الصحفية اليمينية المتطرفة لورا لومر المقربة من ترامب قضية دخول مصابي غزة المدنيين إلى الولايات المتحدة للعلاج واتهمتهم بالإرهاب، وطالبت وزير الخارجية ماركو روبيو بوقف هذه التأشيرات.

ومنذ بداية عام 2025 أصدرت الولايات المتحدة أكثر من 3800 تأشيرة زيارة من فئتي بي1 وبي2، تتيح للأجانب تلقي العلاج في البلاد، لحاملي وثائق سفر من السلطة الفلسطينية، وفقا لوكالة رويترز البريطانية.

معاداة أميركا وإسرائيل

وأعادت سياسة ترامب تجاه الأجانب، مفهوم "معاداة أميركا" إلى الواجهة، والذي يقصد به تاريخيا "الشيوعية" التي تعادي الولايات المتحدة.

ويشير دليل السياسات بشأن مفهوم "معاداة أميركا" إلى بند في القانون الفيدرالي يحظر تجنيس الأشخاص "المعارضين للحكومة أو القانون، أو المؤيدين للأشكال الشمولية للحكم".

ويلفت النص إلى أنصار الشيوعية أو الأنظمة الشمولية والأشخاص الذين يؤيدون الإطاحة بالحكومة الأميركية والعنف ضد المسؤولين الحكوميين، من بين عوامل أخرى.

ولكن منذ توليه منصبه مطلع 2025، اتخذ ترامب خطوات حازمة لتغيير هذا المفهوم ليصبح مقصودا به من يعادي إسرائيل.

ومن ثم بدأت إدارته رفض أو إلغاء التأشيرات لمن تعدهم معارضين لمصالح أميركا المتعلقة بإسرائيل.

وأصدرت إدارة ترامب في 19 أغسطس 2025، "وثيقة" أصبحت تنظر بموجبها في قرارات الهجرة من زاويتي: هل يعادي طالب الهجرة أميركا؟ وهل يعادي إسرائيل أو يروج لأيديولوجيات "معادية للسامية"؟!

ويُلزم هذا التحديث موظفي دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأميركية التابعة لوزارة الأمن الداخلي بمعالجة طلبات الهجرة والدخول المؤقت وفق "دليل سياسات جديد" يتضمن هذين الشرطين.

ومن بين هذه الشروط أيضا مراجعة ما يكتبه طالب التأشيرة على وسائل التواصل الاجتماعي ومراجعة ما وصفته بـ "النشاط المعادي لأميركا"، وكذا العداء للسامية.

وهو ما يقول محامو الهجرة إنه تعريف فضفاض لـ "معاداة أميركا والسامية"، يتماهى مع رغبات الإدارة واليمين المتطرف لمنع قبول طلبات الهجرة ممن يعادون إسرائيل.

وقالت دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأميركية: إنها وسعت أنواع الطلبات التي تتضمن فحص وسائل التواصل الاجتماعي، وسيتم إضافة المراجعات الخاصة بـ "النشاط المناهض لأميركا" إلى هذا الفحص.

وبدأت الإدارة تطبيق هذه القرارات بأثر فوري على أن يتمّ تنفيذها على جميع الحالات المعلقة التي لم يجر اتخاذ قرار فيها بعد أو الطلبات الجديدة.

وتقول “إذاعة بوسطن العامة”، في 22 أغسطس: إن مشكلة سعي إدارة ترامب لتوسيع وتغيير تعريف "معاداة أميركا"، يُعيد إلى الأذهان حقبة "المكارثية" التاريخية العصيبة.

وهو قانون يعود إلى خمسينيات القرن الماضي ويسمح للحكومة باستبعاد الأشخاص المشتبه في دعمهم للشيوعية أو الاستبداد، خلال التحقيقات مع المشتبه بأنهم "شيوعيون".

ويؤكد الباحث في المجلس الأميركي للهجرة، آرون ريتشلين ميلنيك، أن هذه الخطوة تذكرنا بما حدث في الخمسينيات من القرن الماضي عندما طارد السيناتور جوزيف مكارثي الشيوعيين المزعومين في حملة أصبحت مرادفة للاضطهاد السياسي.

قال: "المكارثية تعود إلى قانون الهجرة"، و"معاداة أميركا ليس لها سابقة في قانون الهجرة، وتعريفها متروك بالكامل لإدارة ترامب"، حسبما نقلت عنه صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، 21 أغسطس 2025.

ومع هذا يرى الكاتبان الإسرائيليان، "إيتامار مان" و"ليهي يونا"، في مقال بصحيفة "الغارديان" 23 مارس 2025 أن "التعريف الجديد لمعاداة السامية يُغيّر أميركا ويخدم خطة قومية مسيحية".

وأكدا أن "إعادة تعريف معاداة السامية في القانون لم يكن يهدف إلى حماية اليهود، بل لترسيخ السلطة الاستبدادية (لترامب) تحت ستار حماية الأقليات".