بالتعاون مع الرياض.. ما حقيقة رغبة واشنطن في شن هجوم بري ضد الحوثيين؟

يستعد الجيش اليمني "لشن هجوم بري واسع النطاق على مناطق سيطرة الحوثيين"
تحدثت تقارير أميركية وغربية عمّا أسمتها "خطة سعودية أميركية" لمحاربة الحوثيين في اليمن عبر تدخل بري، وسط شكوك متزايدة بشأن فعالية الضربات الجوية وحدها لتحقيق الأهداف المرجوة.
وسلطت صحيفة "سوهو" الضوء على التحركات الإقليمية والدولية المتسارعة لمواجهة تصاعد نفوذ الحوثيين في اليمن، متحدثة عن جهود مشتركة بين السعودية والولايات المتحدة تهدف إلى تقويض قدراتهم العسكرية.
كما ناقشت الصحيفة البعد العسكري واللوجستي، بما في ذلك تجنيد مرتزقة سودانيين وسوريين، والتخطيط لإنشاء قاعدة جوية في الحديدة الساحلية (غرب).
هزيمة صعبة
وذكرت أنه "في غضون 48 ساعة، شنت القوات الأميركية أكثر من 30 غارة جوية دقيقة على أهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن".
وتركزت الضربات بشكل خاص على قاعدة تحت الأرض لتخزين الصواريخ والذخائر في جبل نقم قرب العاصمة اليمنية صنعاء، ما أسفر عن سلسلة من الانفجارات العنيفة المتتالية في المنطقة.
وتؤكد الصحيفة الصينية أن الغارات الجوية الأميركية أصبحت أكثر دقة في الآونة الأخيرة؛ إذ تواصل استهداف مستودعات الصواريخ والطائرات المسيرة التابعة للجماعة في اليمن، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات اغتيال مركزة تستهدف أماكن اجتماع الضباط الحوثيين.
وتتواصل الغارات الأميركية الغربية الإسرائيلية على اليمن في ظل استمرار هجمات الحوثيين على سفن تل أبيب أو تلك المتجهة إلى إسرائيل عبر البحرين العربي والأحمر.
وتؤكد الجماعة أن هجماتها على السفن أو صواريخها ومسيراتها التي تطلقها نحو إسرائيل لن تتوقف قبل إنهاء العدوان على قطاع غزة.
ومن جانبه، قال المحلل البارز في الشأن اليمني أحمد ناجي: إن "الاعتقاد الأميركي بأن الغارات الجوية قد تجبر الحوثيين على الاستسلام، خاطئ".
وأضاف أن هذا الأسلوب فشل في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، ومن غير المرجح أن ينجح في عهد خلفه دونالد ترامب.
وبحسب "سوهو" الصينية، أوضح ناجي أن هزيمة الحوثيين لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال معارك برية، وهو أمر لا تنوي الولايات المتحدة الإقدام عليه؛ إذ ستكتفي الولايات المتحدة بتقديم الدعم الجوي والبحري والقوات الخاصة، مع الحاجة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين بالوكالة للقتال على الأرض.

جولة جديدة محتملة
وعلى حد قول الصحيفة، فإن "جولة جديدة من الحرب على وشك أن تبدأ قريبا؛ حيث وصل وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إلى الولايات المتحدة". كما عقد وزير الدفاع السعودي، خالد بن سلمان، اجتماعا مع نظيره الأميركي بيت هيغسيت.
ووفقا للصحيفة، تشير بعض التقديرات إلى أن "الولايات المتحدة تناقش مع السعودية مسألة ضرب جماعة الحوثي في اليمن، وأن قوات الحكومة اليمنية الشرعية ستستخدم في هذا الإطار كقوة وكيلة".
وبحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، يستعد الجيش اليمني بدعم من القوات الجوية والبحرية السعودية والأميركية إلى جانب قوات خاصة، لشن هجوم بري واسع النطاق على مناطق سيطرة الحوثيين، بهدف السيطرة على ميناء الحديدة الإستراتيجي.
وفي حال السيطرة على الحديدة، فستُقطع جميع خطوط الاتصال الخارجية للحوثيين، بما في ذلك مواقع إطلاق صواريخهم المضادة للسفن ومحطات الرادار.
كما ستُتاح فرصة لإنشاء قاعدة جوية في الحديدة لتسهيل عمليات الاستطلاع والمراقبة والغارات الجوية على أهداف الحوثيين من موقع قريب، بحسب الصحيفة.
ومن ناحية أخرى، تنقل عن تقرير أميركي أن "الحوثي تحولت من جماعة مسلحة محلية ذات قدرات محدودة إلى منظمة عسكرية قوية، تفوق قدراتها القتالية نطاق الأراضي التي تسيطر عليها بكثير".
ويُعزى السبب الرئيس في ذلك إلى "الدعم العسكري والتدريب الذي يوفره فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني".
وترى الصحيفة أن "السبيل الوحيد لحرمان الحوثيين من هذا الدعم هو السيطرة على ميناء الحديدة وقطع جميع قنوات الاتصال الخارجي للجماعة"؛ إذ سيمنع ذلك وصول الأسلحة المتطورة إليهم، مثل الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة المخصصة للمراقبة والهجمات ومنظومات الدفاع الجوي المحمولة وأجهزة التصويب الحرارية.
وبغياب هذه الأسلحة، خاصة الصواريخ والرادارات، لن يعود بإمكان الحوثيين تهديد البحر الأحمر أو شن هجمات بحرية فيه.
ووفقا لما ذكرته الصحيفة، يعتقد خبراء أميركيون أن "استمرار النزاع بين واشنطن وجماعة الحوثي قد يفتح جبهة صراع طويلة الأمد في منطقة البحر الأحمر ذات الأهمية الإستراتيجية، مما قد يكون له انعكاسات معقدة على الأمنين الإقليمي والدولي".

تجنيد المرتزقة
ومن ناحية أخرى، ونقلا عن معهد دراسات الحرب الأميركي، زعمت وسائل إعلام سعودية أن "جماعة الحوثي اعتقلت فجأة نائب مدير جهاز الأمن والمخابرات التابع لها، اللواء عبد القادر الشامي، بعد اكتشاف وزارة الداخلية الحوثية أنه كان عميلا سريا متخفيا".
والشامي لم يكن من الأعضاء البارزين أو القدامى في جماعة الحوثي؛ إذ عمل سابقا في جهاز الاستخبارات التابع لحكومة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، إلى أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014.
ثم انضم الشامي إلى جماعة الحوثي بسبب خبرته السابقة في مجال الاستخبارات، ولهذا عُين نائبا لمدير جهاز الأمن والمخابرات التابع لهم. ومع ذلك، كان مدير الجهاز عبد الحكيم الخيواني يحقق سرا في تصرفاته، بحسب ما نوَّهت الصحيفة.
ووفقا لها، تبين أن الشامي كان على اتصال سري مع قوات الحكومة اليمنية الشرعية، ويُرجح أن وزارة الداخلية الحوثية اعتقلته فجأة بعد أن اكتشفت أنه كان يسرِّب معلومات استخباراتية.
ومن جهة أخرى، تسلط "سوهو" الضوء على حقيقة أن السعودية لا تزال تجند أعدادا كبيرة من المرتزقة السودانيين للمشاركة في حرب اليمن (على الرغم من توقف الأنشطة العسكرية من قبل المملكة في هذا البلد).
ويتقاضى المرتزق السوداني راتبا شهريا يتراوح بين 480 و520 دولارا فقط، ولا يحصل على مكافأة إضافية تتراوح بين 185 و235 دولارا إلا في أوقات المعارك. أما عند التقاعد، فيُمنح مكافأة قدرها 10 آلاف دولار، بحسب الصحيفة الصينية.
وفيما يخص جنود الجيش اليمني الحكومي، توضح الصحيفة أنهم يتقاضون رواتب منخفضة، لافتة إلى أن كلا من الجنود السودانيين واليمنيين يحصلون على تدريب عسكري محدود مدته أربعة أسابيع فقط.
أما الأسلحة التي يُزَوّدون بها، فهي بنادق هجومية من طراز "AK" ورشاشات "RPK" مستعملة، مصدرها العراق وسوريا.
وخلال المعارك، تظهر الصحيفة أن قوات النخبة تتولى تشغيل مدافع الهاوتزر ذاتية الحركة وراجمات الصواريخ المتعددة، بالإضافة إلى تنفيذ ضربات نارية عبر القوات الجوية والبحرية.
كما تراقب الطائرات المُسيّرة السعودية والإماراتية ساحة المعركة، بينما يدير الضباط السعوديون والإماراتيون العمليات العسكرية من خلال شاشات مراقبة الطائرات المسيرة وأنظمة الاتصال اللاسلكي، موجهين الجنود السودانيين واليمنيين في الخطوط الأمامية.
وبناء على هذا الإطار، تذهب الصحيفة إلى أنه "في حال اندلاع جولة جديدة من المعارك البرية في اليمن، سيتبع نفس نمط القتال؛ جنود يمنيون وسودانيون وإريتريون منخفضو التكلفة في مواجهة مقاتلي الحوثيين".
وفي الوقت نفسه، تتوقع الصحيفة أن "السعودية قد تتجه هذه المرة أيضا إلى دعوة مرتزقة سوريين كقوات نخبة لاقتحام الجبهات، خاصة أن الثوار السوريين قاتلوا في حروب قره باغ وليبيا" إلى جانب تركيا، وفق زعمها.

ما موقف روسيا؟
من زاوية أخرى، تنقل "سوهو" عن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، قوله: إن ضربة أميركية محتملة تقتصر على المنشآت النووية الإيرانية أو السيطرة على ميناء الحديدة، لن تدفع روسيا للتدخل بشكل عسكري عنيف.
وذكر أن روسيا بحاجة إلى طهران كشريك إستراتيجي، منوهًا إلى أنها "لا ترغب في الوقت نفسه في أن تكون إيران دولة نووية".
وأكد أن "روسيا ليست ملزمة بتقديم الدعم العسكري لإيران إذا تعرضت لضربة من الولايات المتحدة".
وشدد على أن "الموقف الروسي يتمثل في عدم الرغبة بامتلاك إيران أسلحة نووية".
ومع ذلك، يرى أن امتلاكها له لا يهدد الولايات المتحدة مباشرة وأن "أول من يتأثر بالردع النووي هي إسرائيل، وثاني من سيُهدد بالأسلحة النووية هو روسيا".
وفي هذا الصدد، يبرز بوغدانوف أن "وجود دولة تمتلك صواريخ نووية في الجنوب الروسي سيكون له تأثير على توسيع نفوذ موسكو بالشرق الأوسط".
وعلى حد قوله، فإن الأمر مشابه لموقف روسيا من أوكرانيا؛ إذ تعترف موسكو بكييف ولكنها لا تسمح لها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” أو بوجود القوات الغربية على أراضيها؛ لأن ذلك يهدد أمن الكرملين.
وعلى جانب آخر، أكد نائب وزير الخارجية أن "روسيا مازالت تؤكد على ضرورة حل القضايا عبر الحوار والسلام".
ويقول في هذا الصدد: "من الناحية الاقتصادية، أكبر مصالحنا في الشرق الأوسط تتعلق بالسعودية ودول الخليج، فهي المصدر الرئيس للطاقة لدينا، وأيضا سوق لتصدير السلع".
ويتابع: “أما إيران والحوثيون في اليمن وغيرهما من الأطراف، فلا تمتلك الكثير من المنتجات الصناعية والتجارية التي يمكن أن تشتريها”.
وبالنسبة للدول التي تمتلك القدرة الشرائية في منطقة الشرق الأوسط، "فهي السعودية ومصر والإمارات والكويت والعراق، وغيرها من الدول".
ونقلت الصحيفة الصينية عن بوغدانوف قوله: إنه في عام 2024، بلغ حجم تجارة روسيا مع الدول الشرق أوسطية 4700 مليار دولار.
وأشارت إلى أن حجم تجارتها مع إيران عام 2023 كان فقط 14.6 مليار دولار، بينما كان مع جماعة الحوثيين في اليمن، وهي منطقة فقيرة إستراتيجيا، صفر تقريبا.