معركة دبلوماسية محتدمة بين إسرائيل وفرنسا.. العلاقات إلى أين؟

منذ يوم واحد

12

طباعة

مشاركة

تشهد العلاقات بين فرنسا وإسرائيل توترًا غير مسبوق، مع تصاعد حدة التصريحات المتبادلة، في ظل تحركات فرنسية جريئة نحو الاعتراف بدولة فلسطين.

وفي هذا الإطار، سلطت صحيفة "دياريو دي نوتيسياس" البرتغالية الضوء على آخر الهجمات الكلامية بين الطرفين والتوقعات بشأن المؤتمر المرتقب بشأن حل الدولتين.

وفي كلمة ألقاها في افتتاح منتدى شانغريلا الدفاعي في سنغافورة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: إن "الغرب يخاطر بفقدان كل مصداقيته أمام بقية العالم إذا تخلى عن غزة، وسمح لإسرائيل أن تفعل ما تريد في الأراضي الفلسطينية".

وأصر ماكرون على أن "أوروبا يجب أن تعترف رسميا بدولة فلسطين من أجل الحفاظ على المصداقية، وأن تتوقف عن إعطاء إسرائيل تفويضا مطلقا في حملتها العسكرية في قطاع غزة".

وأضاف: "علينا أن نعمل من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. إذا تخلينا عن غزة ومنحنا إسرائيل حرية التصرف الكاملة، فإننا بذلك ندمر مصداقيتنا". كما حذّر من أن فرنسا قد تفرض "عقوبات" على المستوطنين الإسرائيليين.

وأردف: "إذا لم يكن هناك رد خلال الساعات والأيام المقبلة بشأن الوضع الإنساني، فسنضطر إلى تشديد موقفنا الجماعي".

في المقابل، ذكرت الصحيفة البرتغالية أن وزارة الخارجية الإسرائيلية اتهمت ماكرون بقيادة "حملة صليبية" ضد الدولة اليهودية وعدم الاهتمام "بالحقائق".

وقالت: "لا يوجد حصار إنساني، هذا كذب صارخ، بدلا من الضغط على الإرهابيين، يريد ماكرون مكافأتهم بدولة فلسطينية، لا شك أن عيدها الوطني سيكون في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول"، وفق تعبيرها.

تصريحات قاسية 

وأفادت الصحيفة بأن "المسؤولين الفرنسيين الذين زاروا إسرائيل سمعوا رسائل قاسية للغاية"، واصفا إياها بأنها "لم تكن سهلة على مسامعهم".

وأوضح أن المسؤولين الإسرائيليين قالوا لنظرائهم الفرنسيين: "فرنسا تشجع الإرهاب. أنتم، من خلال خطوتكم هذه وكل الكلمات الجميلة، تقدمون المكافأة الأكبر على المجزرة الأكبر بحق اليهود منذ المحرقة. أنتم تُعلمون العالم أن العنف يحقق نتائج".

وأضافوا: "بشكل عملي، أنتم تقوضون فرصة الوصول إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار؛ لأن حماس تفهم من ذلك أنه من المُجْدي لها الصمود وتشديد قبضتها، ومن ثم ستجتاز المرحلة؛ لأن العالم يحمّل إسرائيل المسؤولية وقرر أن يمنح الفلسطينيين دولة".

وتابع المسؤولون الإسرائيليون: "الربط الذي تقومون به بين غزة والدولة الفلسطينية المستقلة صادم؛ لأنكم بذلك تكافئون (حركة المقاومة الإسلامية) حماس"، وفق تعبيرهم.

وشددوا على أن "باريس تقوم بعمل مدمّر، وحماس تفهم من خطوات فرنسا أن هناك من ينفذ عملها نيابة عنها، في الوقت الذي قال فيه ستيف ويتكوف (مبعوث الرئيس الأميركي للشرق الأوسط): إن حماس تعيق مسار المفاوضات وتعيده إلى الوراء".

كما زعموا أن ما تفعله باريس "يلحق ضرا كبيرا بالقضية الفلسطينية"، فقالوا: "أنتم تقولون للسلطة الفلسطينية: لا تدخلوا في مفاوضات مع إسرائيل، فالعالم سيعترف بدولتكم على أي حال".

وتابعوا هجومهم: "أنتم تُضعفون فرص السلام، ولا تعطون الفلسطينيين أي حافز للدخول في مفاوضات"، وفق ما نقلت الصحيفة.

في المقابل، أوضحت أن الفرنسيين ردوا بالقول: "فرنسا ليست وحدها، فأوروبا بأسرها تدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة".

فردّ مسؤولو الخارجية الإسرائيلية: "ليست كل أوروبا ترغب في الاعتراف بدولة فلسطينية، هذا فقط جزء من أوروبا يعاني من مشاكل سياسية داخلية".

وأضافوا: "لقد كان هناك كيان فلسطيني مستقل في غزة، وكان يمثل دولة إرهاب صغيرة. أنتم تريدون أخذ النموذج الصغير من القطاع وتطبيقه على نطاق أوسع في الضفة الغربية. أنتم تسعون لإقامة دولتين إرهابيتين".

كما أوضح المسؤولون الإسرائيليون أنه "لا يوجد أي رابط بين نزع السلاح وأي أفق سياسي".

وقالوا: "نزع السلاح يأتي نتيجة للمجزرة، وليس لأي سبب آخر. لقد ذُبحنا، ولذلك لا يمكن لهذا المكان أن يحتوي على سلاح؛ لأنهم يقولون صراحة إنهم يريدون ذبحنا مرة أخرى".

وفيما يتعلق بالانتقادات الفرنسية حول توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، أشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قالوا: "للمرة الأولى منذ شهور تصل مباشرة إلى سكان القطاع"، وفق زعمهم.

وتابعوا: "بدلا من أن تدعموا هذا النموذج، تقفون مجددا في الجانب الخاطئ وتدعمون استئناف المساعدات التي لم تكن تصل للناس مباشرة، بل لحماس".

ديناميكية سياسية 

وفي سياق متصل، نقلت الصحيفة البرتغالية تصريحات مسؤول فرنسي بارز، حول المحادثات الجارية مع إسرائيل استعدادا لمؤتمر حل الدولتين المزمع عقده من 17 إلى 20 يونيو/ حزيران 2025 في نيويورك؛ إذ أكد المسؤول أن الهدف الأولي من المؤتمر هو "تقديم أدوات مرحلية تساعد في معالجة القضية ذات الأولوية القصوى: وقف إطلاق نار يتيح الإفراج عن جميع الرهائن (الأسرى الإسرائيليين)، ونزع سلاح حماس، والتحضير لليوم التالي في قطاع غزة".

واستطرد: "ولتحقيق ذلك، نحن متفقون على أننا بحاجة إلى ممارسة ضغط إضافي على حماس".

ولفت المسؤول إلى أن نتيجة المؤتمر "لن تكون قرارا، بل وثيقة تعبر عن رؤية، وسيتم اعتمادها من قبل جميع أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة الراغبين بذلك".

وأكّد أنهم لا يسعون لفرض شيء على أحد، وأن ما يحاولون فعله هو "المساهمة في إطلاق ديناميكية سياسية إيجابية ومستدامة تضمن السلام والأمن لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين".

وشدَّد على أنهم "لا يتجاهلون الولايات المتحدة، بل يجرون معها ومع إسرائيل مناقشات بشأن مضمون هذه الرؤية".

وأوضح أن "هدف زيارتهم لإسرائيل هو محاولة فهم رؤيتهم لليوم التالي وللمستقبل".

في هذا الصدد، كشفت الصحيفة أن "دبلوماسيين فرنسيين رفيعَي المستوى، التقيا من بين آخرين، بوزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، والمدير العام لوزارة الخارجية إيدن بار تال، ونائب رئيس الأركان للأمن القومي جيل رايش".

"كما عقدا اجتماعا مع مستشاري الرئيس إسحاق هرتسوغ في مقر إقامته؛ حيث دخل الأخير الغرفة واستقبلهم"، بحسب الصحيفة البرتغالية.

رسالة مطمئنة 

ووفقا له، نقل الدبلوماسيان رسالة مطمئنة إلى إسرائيل، مؤكدين أن فرنسا لا تنوي الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية خلال المؤتمر.

بل ستُعلن عن تطلعها إلى الاعتراف بدولة فلسطينية وتهيئة الظروف لذلك، حسب الصحيفة البرتغالية.

وفي هذا السياق، صرّح مسؤول فرنسي آخر أن "هدف المؤتمر هو وضع إطار سياسي يركز على حل الدولتين، وأن هذا الإطار يتألف من عدة مراحل".

"أولها، الدعوة إلى إطلاق سراح الرهائن، وثانيها، وضع رؤية سياسية طويلة الأمد لدولة فلسطينية، وثالثها، الدعوة إلى التكامل الإقليمي لإسرائيل".

"بالإضافة إلى نزع سلاح حماس، وإنشاء آلية أمنية لليوم التالي في غزة، وتعزيز السلطة الفلسطينية، وإصلاح الكتب المدرسية الفلسطينية"، كما أشارت الصحيفة.

وبحسب المسؤول الفرنسي: "سيُعقد المؤتمر في قاعة الجمعية العامة برعاية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وستُلقى خلاله كلمات، كما ستقدم وثيقة سيعتمدها جميع المشاركين دون تصويت".

وأوضح أن الوثيقة "ستتضمن عناصر تُساعد إسرائيل على بناء مستقبلها"، مشددا على أنهم "لا يريدون عزلها".

وأضاف: "هذا إطار عمل قد يُفضي إلى إنهاء الحرب في غزة، والاعتراف بدولة فلسطينية كخيار مطروح على الطاولة، ولكن ليس في إطار المؤتمر، إنها مسألة ثنائية تخص كل دولة".