هجوم "كلنا إسرائيليون" على العدالة والتنمية بالمغرب بسبب إيران.. ما القصة؟

منذ ٣ ساعات

12

طباعة

مشاركة

شن تيار "كلنا إسرائيليون" الداعم للكيان الصهيوني بالمغرب، هجوما على المتضامنين مع إيران في حربها مع إسرائيل، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية وأمينه العام عبد الإله بنكيران.

واتهم أنصار إسرائيل المتضامنين مع إيران في وطنيتهم وانتمائهم المغربي، كما حرضوا عليهم الدولة، قائلين: إن “ولاءهم للمشرق وليس للبلاد وقضاياه”، وعلى رأسها ملف إقليم الصحراء.

وقال بنكيران: إنه لا يخشى دخول السجن بسبب مواقفه وآرائه، مشددا أنه مستمر في قول ما يرى أنه صواب وحق مهما كان الثمن.

صمت منكر

وكان حزب بنكيران قد أصدر بيانا في 13 يونيو/ حزيران 2025، ضد الهجوم الإسرائيلي على إيران، واصفا إسرائيل بـ"الدولة المارقة والإرهابية".

وعبر الحزب عن إدانته المطلقة للعدوان الصهيوني الإرهابي على الشعب الإيراني واستباحة أراضيه وسيادته الوطنية واستهداف مقدراته وبنياته التحتية، واغتيال قياداته في انتهاك جسيم لكل القوانين والمواثيق الدولية في ظل صمت دولي منكر وتواطؤ أميركي مطلق.

ودعا الحزب “مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وكل عقلاء العالم إلى إدانة هذا الهجوم الغادر والحروب المجنونة التي يشنها هذا الكيان المارق”.

الهجوم على بنكيران واتهامه في وطنيته جاء على لسان موقع "أشكاين" و"الأحداث المغربية" وإذاعة "ميد راديو"، وكلها مملوكة لزعيم تيار "كلنا إسرائيليون"، أحمد الشرعي، وكذا عبر موقع "الزنقة 20"، وجريدة "الصباح"، وموقع "كود"، و"تمغربيت".

وأيضا موقع "هسبريس" الممول إماراتيا، والذي نشر تقريرا يحمل شهادات يهود من أصول مغربية، يدعمون الكيان وحربه على إيران، ويبررون ذلك بشعارات التعايش والسلام، كما دأب الموقع على انتقاد بنكيران وحزبه عبر مقالات رأي وتصريحات صحفية.

جدير بالذكر أن الشرعي كتب مقالا تحت عنوان "كلنا إسرائيليون" بموقع "جيروزاليم بوست" في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يدافع فيه عن إسرائيل ويهاجم المقاومة، ويحرض عليها الدول العربية والغربية.

وعُرف الشرعي بأنه عراب التطبيع مع إسرائيل من الناحية الإعلامية بالمغرب، خاصة أنه يملك العديد من وسائل الإعلام، كما أنه كاتب مقالات بعدد من المنابر الإعلامية على الصعيد الدولي، خاصة بأميركا وإسرائيل.

وفي مقاله "كلنا إسرائيليون"، أعلن الشرعي تضمانه مع إسرائيل عقب عملية "طوفان الأقصى"، التي قادتها المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة.

وأمام الهجوم الذي تعرض له بنكيران بسبب آرائه، أكد زعيم الحزب الإسلامي استعداده للذهاب إلى السجن ثمنا لمواقفه ولتعبيره عما يعتقده صوابا وصحيحا.

وأضاف بنكيران في كلمة خلال مؤتمر حزبي في 14 يونيو 2025، إن "السياسة تقتضي التضحية، بقول كلمة الحق أو الدفاع عن الفقراء وعن أهلنا في غزة أو غيرهم، وأما تأدية الثمن جراء هذا فهو أمر لا إشكال فيه".

وأكد أنه "لن يكون لنا مستقبل إن لم نساند إخواننا، ومن ذلك ما تتعرض له إيران، رغم أنها دولة شيعية ولها بعض المواقف السلبية من دولتنا".

وكان المغرب قد قطع علاقاته مع إيران عام 2018، متهما إياها بتوفير دعم عسكري لجبهة "البوليساريو"، وتدريب لعناصرها، وهو ما نفته إيران آنذاك.

وشدد بنكيران على أنه "لا يمكن سوى دعم إيران أمام إسرائيل، الدولة المغتصبة لفلسطين لأزيد من 70 سنة، والتي ارتكبت وما تزال، جرائم إبادة غير مسبوقة، ولذلك لا مجال لأي علاقة معها".

ودعا المتحدث ذاته أنصار "كلنا إسرائيليون" إلى التوبة إلى الله، وأن يتصالحوا مع المجتمع، مردفا: "مستقبلا سيشعر أبناؤهم بالخزي من هذا الذي يقولونه ويفعلونه الآن".

التعبير عن موقف مساند لإيران في وجه الاحتلال جاء أيضا على لسان حزب "التقدم والاشتراكية" المعارض، والدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان و"حركة التوحيد والإصلاح"، و"فيدرالية اليسار".

خلفيات الهجوم

في تحليله لخلفيات الهجوم على بنكيران والمتضامنين مع إيران في وجه الغطرسة الصهيونية، قال الناشط السياسي والإعلامي حسن حمورو: إن "الحملات المغرضة التي نراها ضد حزب العدالة والتنمية وأمينه العام بنكيران ليست جديدة ومعروف من يقف وراءها".

وأكد حمورو لـ"الاستقلال" أن "هذه الحملات المقصود بها يتجاوز العدالة والتنمية إلى المجتمع، والهدف منها إخراس الأصوات وإسكات كل من يرفع صوته مدافعا عن الحق وعن المبادئ".

وأردف: "لن تنجح هذه الحملات، التي يستغل الواقفون وراءها أحداثا معينة، ما دام العدالة والتنمية محافظا على استقلاليته ومتمسكا بمرجعيته ومبادئه التي تؤطر مواقفه".

وشدد حمورو على أن "هؤلاء الذين يشنون حملة ضد العدالة والتنمية بسبب موقفه المدين للعدوان الإسرائيلي على إيران والمتضامن مع شعب إيران، لا تهمهم مصلحة وطنية ولا صحراء مغربية، وأجزم أن أغلبهم لا رصيد معرفيا وتاريخيا وسياسيا لديه لكي يترافع عن مغربية الصحراء".

واسترسل: "لو كانت تهمهم فعلا مغربية الصحراء لانتفضوا ودونوا وأصدروا البيانات عندما خرج بنيامين نتنياهو أمام الكاميرات رافعا خريطة تظهر بلادنا بدون صحراء، ولكن لم نسمع لهم ركزا".

وكان رئيس وزراء الاحتلال قد رفع مرات عدة خريطة الشرق الأوسط والعالم العربي تتضمن حدود المغرب دون الصحراء، رغم أن تطبيع الرباط أواخر 2020 كان بمبرر الاعتراف بسيادة المغرب على الإقليم المتنازع عليه مع البوليساريو.

ولذلك، يتابع الناشط السياسي والإعلامي، “هؤلاء همهم هو إبعاد الأحزاب والمواطنين عن الحديث الدائم عن جرائم الكيان الصهيوني، وهم بذلك يقدمون أنفسهم طابورا خامسا له”.

واستطرد: "هؤلاء يشتغلون على ترسيم صورة غير حقيقية يدعون من خلالها أن رفض الكيان الصهيوني ورفض التطبيع معه مجرد موقف نشاز في المغرب، عكس الحقيقة التي تكشفها المسيرات والوقفات التي لا تتوقف، وكذا بيانات القوى الحية من أحزاب وتيارات ترفض التطبيع مع كيان مجرم قاتل للأطفال والنساء والشيوخ".

ونبه حمورو إلى أن "العدالة والتنمية لا يدافع عن الأخطاء المنسوبة لإيران في بعض مواقفها تجاه بلدنا، ولكن يرفض الاعتداء على سيادتها بخلفية الانتماء للأمة الإسلامية التي يعد المغرب عنصرا منها ومكونا من مكوناتها، وكذلك بخلفية القوانين والمواثيق الدولية".

وخلص إلى القول: "العدالة والتنمية أولى من هؤلاء للدفاع عن بلدنا ومؤسساته وصحرائه، لأنه جزء أصيل من النسيج الذي يحظى بشرعية تمثيلية عن طريق برلمانييه ومنتخبيه، بينما هؤلاء المسلطون عليه لا شرعية تمثيلية لهم".

تفاعلات اجتماعية

عدد من النشطاء عبروا عن انتقادهم لـ"أنصار إسرائيل" في المغرب، مؤكدين أن الوقوف إلى جانب إيران يمليه الواجب الديني والأخلاقي والقانون الدولي أيضا.

وفي هذا الصدد، قالت نائبة رئيس مجلس النواب السابق، أمينة ماء العينين، إن "إسرائيل تنتشي بضربتها لإيران وتحتفي بها وتبالغ في الإشادة بقدراتها، والصهاينة في كل مكان وضمنهم (صهاينتنا) يكادون يطيرون من الفرح".

وتابعت ماء العينين في تدوينة عبر "فيسبوك" في 13 يونيو، "ولذلك لا يخفون مشاعر الشماتة في إيران والانحياز اللاأخلاقي لإسرائيل التي تمردت على كل القوانين والشرائع والأخلاق".

وتابعت: "دعهم يفرحون فإنما هو فرح ساعة، ولهذا الظلم نهاية محتمة، ولهذه العربدة أجل لعله قريب".

أما رئيس المركز المغربي للأبحاث المعاصرة، امحمد الهلالي، فقال: إن “الموقف من العدوان على إيران من طرف قتلة الأنبياء من الكيان الصهيوني الإرهابي ليس له من محدد يحكمه سوى معيار الرجولة والشرف والشهامة”.

وشدد الهلالي في تدوينة عبر حسابه على "فيسبوك" في 17 يونيو، على أن “الموقف الصحيح مما يجري هو أن تصطف مع المظلوم ضد الظالم، ومع الضحية ضد الجلاد، ومع المختلف عقديا ضد الأشد عداوة للمؤمنين”.

وأردف: "الموقف السليم أن تختار بين أن تكون رجلا شهما شريفا، أو أن تكون وضيعا نذلا، إذ ليس هناك منطقة وسطى بينهما".

الموقف الصحيح

وذكر موقع "تمغربيت" الموالي لتيار “كلنا إسرائيليون” في 16 يونيو 2025، أن “إيران ما تزال تناهض المصالح المغربية وتهدد استقراره عبر دعمها الجزائر في نزاع الصحراء”.

وأفاد الموقع بأن موقف بنكيران "يعكس تناقضا صارخا بين الخطاب السياسي والمسؤولية الوطنية"، مقدرا أن “تصريحه لا يمكن قراءته إلا كخطوة تكشف عن أولويات مشوهة ومشبوهة”. وفق تعبيره.

وأضاف: "حيث يبدو أن الانتماء الأيديولوجي يطغى على الالتزام بمصالح الوطن، مما يضع علامات استفهام كبيرة حول صدق النوايا السياسية لصاحب هذا الموقف".

ويرى أن "هذه التصريحات تستدعي رد فعل شعبي ومؤسساتي حازم، يؤكد أن أي محاولة للمساس بالوحدة الترابية أو تقديم مصالح أجنبية على المصلحة الوطنية ستواجه بالرفض القاطع والمساءلة الصريحة".

وفي رده على هذا الهجوم، قال الكاتب الوطني للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، عزيز هناوي: إن هذه الاتهامات والدعوات "تعكس خطا تحريرا استئصاليا للموقع ولمن خلفه، بهدف زرع الكراهية ضد موقف شعبي مقدر وله جمهوره الواسع الرافض للتطبيع مع إسرائيل".

وأكد هناوي لـ"الاستقلال" أن "هذا الموقف الداعي إلى وحدة الأمة هو موقف عموم المغاربة، وأما دعوة النيابة العامة ومؤسسات الدولة إلى التصدي لرافضي التطبيع أو العدوان الإسرائيلي على إيران فهي دعوة كريهة واستئصالية، ولا علاقة لها بتمغربيت أو الوطنية".

وأكد الناشط الحقوقي أن "هؤلاء ليس لهم أي دليل على أن من يدعم حماس أو إيران في مواجهة العدوان يشتغل ضد مصلحة الوطن، اللهم إن كان الوطن بالنسبة لهم هو إسرائيل، فنحن فعلا ضدها ولن نتغير".

ورأى هناوي أن "موقف بنكيران وعموم الأصوات الرافضة للعدوان الصهيوني على إيران ينطلق من أن هذا العدوان هو جريمة كاملة الأوصاف".

ونبه هناوي إلى أن “هذا الهجوم يأتي تنفيذا لأجندة غربية كلاسيكية قديمة، عنوانها منع المنطقة العربية والإسلامية من امتلاك ناصية العلم”.

وأشار في هذا الصدد إلى مؤتمر "كامبل بنرمان" الذي عقدته الدول الاستعمارية عام 1902، والذي كان من مخرجاته منع المنطقة الخضراء أي الإسلامية من امتلاك التكنولوجيا، ثم صناعة كيان دخيل عدو لمحيطه وخادم للغرب أي اسرائيل، ومنع المنطقة من قيادة حكيمة تمثل شعبها.

وعليه، شدد هناوي على أن العدوان الإسرائيلي “جريمة كاملة الأوصاف بمرجعية القانون الدولي أولا قبل السياسة الدولية أو التموقع السياسي إلى جانب إيران أو غيرها”.

وأردف: “حيث يريد أنصار إسرائيل في المغرب وفي كل الدول إيهام الرأي العام بأن الموقف الرافض للعدوان هو عمالة لإيران، وهذا يجافي الحقيقة”.

ورأى أن “الهجوم الصهيوني برعاية غربية يروم ضرب الملف النووي الإيراني كما سبق أن تم ضرب الملف العراقي، ولذلك لا يمكن لأي إنسان يتبنى المرجعية القانونية والدولية إلا أن يدينه”.

وشدد على أن “الاصطفاف مع الكيان الإسرائيلي في جرائمه هو الإجرام الحقيقي وهو الإشادة الواضحة بالإرهاب”.

وبشأن تشكيك الموقع وأنصار "كلنا إسرائيليون" في الحس الوطني لرافضي العدوان الإسرائيلي، قال هناوي: إن هؤلاء عليهم غدا قبول أي عدوان على بلدنا إن هو أراد تحقيق استقلاله العلمي والتكنولوجي، وهذا أمر غير وطني، مما يبين أن موقفهم ليس له أي سند وطني".

وأشار إلى أن “المغاربة يريدون الوثائق والأدلة بشأن خدمة إيران للمشروع الانفصالي ودعمها للبوليساريو، حيث إن الجهات المعنية لم تقدم أي دليل على ما تقول، رغم قطع العلاقات على أساس هذا المبرر منذ 2007، فكيف يراد منا الترويج لشيء والدفاع عنه دون أي سند؟"

وخلص هناوي إلى أنه “في غياب الوضوح ومع وجود قرينة التطبيع، لا يمكن أن نتبع هذا المسار، واتخاذ موقف عدائي من إيران دون سند، لأن آخرته ستجعلنا في مربع خدمة إسرائيل، وهذا لن نقبل به أبدا”.