صحيفة إيرانية: الكويت تعرقل التقارب العربي مع طهران والأعين تتجه للسعودية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

لطالما كان حقل غاز الدرة، والذي يطلق عليه الإيرانيون اسم آرش، نقطة خلاف بين إيران وكل من السعودية والكويت في العقدين الماضيين.

إذ تدعي إيران من جهة والكويت والسعودية من جهة أخرى الحق في استخدام هذا الحقل، ليعود إثارة هذه القضية إلى الواجهة مجددا. 

لكن توتر العلاقات بين إيران والسعودية في السنوات الأخيرة، بعد أحداث الهجوم على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران عام 2016، أدى إلى تأجيج هذا الخلاف. 

وبحسب ما ورد في تقرير لصحيفة آرمان ملي الإيرانية، فإن حقل آرش الواقع في شمال الخليج، اكتشف عام 1967، من قبل شركة يابانية. 

ويقدر احتياطي الحقل من الغاز الطبيعي والنفط بحوالي 20 تريليون قدم مكعبا من الغاز، ونحو 310 ملايين برميل من النفط.

وترى الصحيفة أنه "يسهل معرفة حق الإيرانيين في استغلال حقل آرش/الدرة من خلال الرجوع إلى الوثائق التاريخية الخاصة بهذا الحقل، مثلهم في ذلك مثل الكويتيين والسعوديين الذين لديهم الحق أيضا في الاستفادة منه". 

الخلاف مع الكويت

في رصدها للخلاف بين إيران والكويت، تقول الصحيفة إنه "على الرغم من أحقية الدول الثلاث في حقل الدرة، فإن الكويتيين اختلقوا الخلافات مع إيران أخيرا، بسببه، وأدلوا بتصريحات غير مقبولة على الإطلاق، ولن تتسبب إلا في إحداث التوتر بين الطرفين".

وتوضح أنه "منذ وقت ليس ببعيد، زعمت الدولة الخليجية أن "حقل النفط والغاز الموجود في الخليج، يخص المملكة العربية السعودية والكويت فقط، على الرغم من ادعاء إيران وجود حصة لها فيه".

وكانت وزارة الخارجية الكويتية قد قالت في بيان لها، إن الدولتين الخليجيتين "تجددان التأكيد أن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".

ودعت الكويت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في يوليو/تموز 2023، للتفاوض حول الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة مع السعودية والكويت كطرف تفاوضي واحد، وإيران كطرف آخر، وفقا لأحكام القانون الدولي ومبادئ حُسن الجوار.

وسبق أن وجهت كل من السعودية والكويت دعوات إلى إيران للتفاوض بخصوص تعيين الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة، ولم تلبِّ طهران تلك الدعوات، حسب بيان سابق مشترك بين الدولتين الخليجيتين.

ووقعت الدولتان الخليجيتان في ديسمبر/كانون الأول 2022 من خلال شركتي "أرامكو لأعمال الخليج" و"الشركة الكويتية لنفط الخليج"، مذكرة تفاهم لتطوير حقل الدرة للغاز المشترك بين البلدين.

وأعلنت شركة نفط الكويت في بيان لها أنه من المتوقع أن ينتج هذا الحقل مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي و84 ألف برميل في اليوم.

كما بينت الشركة أنه "سيجرى اقتسام الغاز والنفط بالتساوي بين شريكين اثنين، هما السعودية والكويت".

وفي 21 مارس/آذار 2022، اتفقت وزارتا الطاقة السعودية والنفط الكويتية في محضر الاجتماع الموقع بينهما، على العمل لاستغلال الحقل الواقع في المنطقة المغمورة المقسومة.

وترى الصحيفة أن هذا الاتفاق أشعل الخلافات الماضية، وأثار رد فعل من جانب السلطات الإيرانية.

إذ وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية في ذلك الوقت، سعيد خطيب زادة، هذه الاتفاقية بأنها غير شرعية، وأعلن أن أي استغلال لهذا الحقل يجب أن يجرى بالتنسيق بين الدول الثلاث.

إمكانية الحل

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو: أين نقطة الخلاف بين الأطراف الثلاثة، إيران والسعودية والكويت؟

تجيب الصحيفة على هذا السؤال بقولها إنه بالرجوع إلى الماضي، نجد أن المفاوضات بين إيران والكويت بشأن حقل الدرة قد بدأت عام 1960، ومازالت مستمرة حتى اليوم.

ويعود محل الخلاف الرئيس لهذا النزاع إلى ترسيم الحدود بين مياه الجرف القاري لهذين البلدين، وفق قولها.

وفي السنوات التي سبقت الثورة الإيرانية عام 1979، جرى تحديد الحدود البحرية لإيران بناء على القوانين الدولية، التي تقبلها جمهورية إيران الإسلامية حتى اليوم. 

وبهذا الترسيم، يقع حوالي 40 بالمئة من تكوين حقل غاز الدرة داخل حدود إيران، لكن الكويت تطالب بترسيم جديد للحدود، يضع الحقل بأكمله داخل الحدود الكويتية والسعودية، مستندة إلى نتائج الأبحاث الزلزالية التي أجرتها شركة شل العالمية.

لكن يبدو أنه يمكن للإيرانيين بعد استعادة العلاقات أن يأملوا في أن يكون للسعوديين تفاعل وتعاون أكثر وأفضل مع إيران فيما يتعلق بحقل الغاز. 

وفي 10 مارس/آذار، أعلنت السعودية وإيران توقيع اتفاق لاستئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.

وشهدت العلاقات السياسية بين إيران والسعودية قطيعة استمرت سبع سنوات، بعد هجوم على سفارة الدولة الخليجية في طهران وقنصليتها في مشهد، إثر إعدام المملكة رجل الدين الشيعي نمر النمر.

وأثر عدم وجود علاقات دبلوماسية على العديد من القضايا، من بينها قضية حقل غاز الدرة. ولهذا السبب استطاع الكويتيون الحصول على دعم السعوديين في خلافهم مع إيران بهذا الملف.

عرقلة التقارب

وتعتقد الصحيفة أن استعادة العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، يمكن أن تسهم في ترسيم الحدود المائية بين إيران والكويت.

وقالت إنه "بعد أن تبنت حكومة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، سياسة التعاون الإقليمي والتقارب مع دول الجوار، يجب على جيران إيران أيضا أن يتدخلوا بتصريحاتهم وأفعالهم بما يتماشى مع هذه السياسة".

ويعلق الخبير في قضايا الشرق الأوسط، حسن هاني زادة، بشأن الخلافات على حقل غاز الدرة، بالقول إن الحقل يقع في المياه القريبة من إيران، جنوب أروندرود، وفي منطقة خور عبدالله، ومن المقرر أن يجرى استغلاله بشكل مشترك، بين طهران والكويت.

وأضاف هاني زادة في لصحيفة آرمان ملي أن الاستغلال المشترك تأتي "مع أن إيران تمكنت من الوصول إلى هذه المنطقة البحرية منذ زمن بعيد، وشرعت في عمليات التنقيب قبل الكويت". 

ويتهم الكويت بـ"محاولة زرع الفتنة في الآونة الأخيرة بالمنطقة، ومنع تقارب إيران مع الدول العربية في الخليج، بتحريض من الولايات المتحدة وبعض القوى الأخرى، وخاصة النظام الصهيوني".

وأوضح هاني زادة أن الكويت ليس لديها في الأساس أي حصة في منطقة أرش/الدرة البحرية، ولكن بسبب وجود جزء من مصب خور عبد الله (في الدولة الخليجية)، حاولت إيران بشكل عادل حل مسألة الاستغلال في هذه المنطقة سلميا".

واستدك: "لكن الكويتيين يزعمون أن إيران ليس لها نصيب في الحقل، ولا تشاركها فيه إلا السعودية، على الرغم من أن الأخيرة ليس لها أي ارتباط بحري مباشر بخور عبدالله".

ويختم بالتأكيد على وجوب حل هذه القضية من خلال الحوار بين طهران والكويت، وإلا فإن الأخيرة "ستتحمل تبعات هذه الأطماع والتحركات غير الودية"، وفق وصفه.