ماريا معلوف.. إعلامية لبنانية مثيرة للجدل ومتهمة بـ"الخيانة" لصالح إسرائيل

لندن - الاستقلال | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

"مثيرة للشغب".. وصف ظل لصيقا بالإعلامية اللبنانية ماريا معلوف، قبل أن تنالها اتهامات بـ"الخيانة والتجسس" و"التعامل مع العدو"، جراء انفتاحها على إسرائيل وتشجيعها التطبيع مع هذا الكيان.

وعادت المسيحية معلوف (54 عاما) لتشغل الرأي العام وتضع نفسها مرة أخرى تحت سياط الشارع اللبناني والعربي، بعدما ظهرت عبر تسجيل مصور في 18 يوليو/ تموز 2023، تغني باللغة العبرية، كما ظهرت في تسجيل آخر وهي تحمل علم إسرائيل.

جاء ذلك إثر مشاركة معلوف في مؤتمر أقامه "اتحاد المسيحيين من أجل إسرائيل" في الولايات المتحدة، حيث نشرت مقاطع فيديو عبر حسابها على "إنستغرام".

وفي أحد المقاطع، قالت: "لن نسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي"، فضلا عن نقل كلمات المشاركين المؤيدين للاحتلال، بأن الرد على حزب الله في حال فتح جبهة ضد الاحتلال سيكون أقوى بعشرين ضعفا لما جرى في عدوان 2006.

اللافت أن معلوف نشرت كل تلك المقاطع بعد أقل من 24 ساعة من ادعاء مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي على معلوف، بجرائم مخالفة لقانون مقاطعة إسرائيل، والإدلاء بتصريحات من شأنها إثارة النعرات الطائفية والمذهبية.

واستند الادعاء على معلوف على خلفية مقابلة أجرتها مع إحدى المحطات التلفزيونية الإسرائيلية رغم أن لبنان وإسرائيل رسميا "في حالة حرب".

النشأة والتكوين

وولدت ماريا هاني معلوف عام 1968، في مدينة زحلة لأسرة من الطائفة المسيحية كان لها أدوار في الحياة الفكرية والأدبية في لبنان والوطن العربي.

وأنهت ماريا دراستها الثانوية في ثانوية راهبات العائلة المقدسة، والتحقت بعدها بالجامعة اللبنانية كلية العلوم الاجتماعية، ومن خلال تسلسل دراستها أنجزت رسالة الماجستير بعنوان "التاريخ السياسي لآل الهراوي" تقديرا لرئيس الجمهورية الراحل إلياس الهراوي.

وحازت معلوف على دبلوم في الدراسات العليا بعنوان (إلغاء الطائفية السياسية بين المؤيدين والمعارضين)، وهي تحضر رسالة دكتوراه في علم الاجتماع السياسي.

تزوجت ماريا معلوف مرتين، الأولى من رجل أعمال لبناني لم تفصح عن اسمه، وأنجبت منه طفلا، وقد وصفته وسائل الإعلام المحلية بأنه رجل ثري قبل أن تنفصل عنه لاحقا.

دخلت عالم الصحافة والإعلام من بابه الواسع، وعملت كمذيعة في قنوات محلية، قبل أن تقوم بتقديم برنامج "بلا رقيب" على قناة "نيو تي في" الذي استضاف أكثر من 1400 شخصية عربية وغربية من رؤساء جمهوريات وحكومات ووزراء على مدى أكثر من 150 حلقة.

وهي صاحبة "دار الخليج للطباعة والنشر" والتي تصدر عنها (مجلة مرآة الخليج)، ومجلة "بنكو" التي تعنى بالمصارف وغيرها.

وهي مالكة "شركة ماريا معلوف للصحافة والنشر والتوزيع"، التي تصدر عنها "جريدة الرواد" اللبنانية.

كما قدمت على قناة "المحور" المصرية برنامجا سياسيا عربيا، وكانت آخر إعلامية التقت الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قبل وفاته في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004.

حصدت "لقب الإعلامية الأكثر جرأة" للأعوام 2011 و 2012 و2013، كما نالت "جائزة امرأة العام 2013" في "مهرجان زحلة للإبداع"، كما حصدت العديد من الأوسمة والدروع ومنها، "وسام ولاية ميرلاند" في الولايات المتحدة، و"وسام لبنان الذهبي" من قبل ”MC International Awards“.

وهي أول صحفية لبنانية دعيت للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد انتخابه رئيسا عام 2009، ضمن وفد رجال وسيدات أعمال من مختلف أنحاء العالم.

عينت معلوف سفيرة السلام في الشرق الأوسط من قبل "المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي" في مملكة النرويج.

ولها عدد من المؤلفات المطبوعة، منها "امرأة تبحث عن وطن"، "التاريخ السياسي لآل هراوي"، و"إلغاء الطائفية السياسية"، و"التزوير الصهيوني للمسيحية"، "المرأة التونسية –زمن التحديات"، وكتاب "المهدي: الإمامة، الخلافة، الشهادة، الغيبة، الانتظار، العودة" الذي أصدرته عام 2011.

مستفزة ومطبعة

في مقابلة إعلامية أثناء اقتحامها عالم الإعلام قالت: "أنا بحب هز عروش كل الرؤساء العرب".

وفي لقاء مع قناة "العربية" عام 2017 قالت إنها "تحب من الرؤساء العرب العاهل الأردني عبد الله الثاني".

كما اعترفت بالمقابلة بأنها تربطها علاقة ودية مع اللواء وسام الحسن الذي كان رئيس شعبة المعلومات التابع للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في لبنان.

تقول معلوف في المقابلة إنها تراجعت عن دفاعها عن النظام السوري الذي اتهم بتدبير اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005 في بيروت.

وأفادت في المقابلة ذاتها: "أنا لم أندم على شيء لكني راجعت مواقفي في تلك الفترة ووجدت أنها خاطئة".

وفي عام 2011 جرى استدعاء معلوف بصفتها مديرة تحرير مجلة "الرواد" للحضور إلى مكاتب المدعي العام التمييز، سعيد ميرزا، وذلك بسبب نشرها مقابلة مع حبيب الشرتوني المتهم بقتل بشير جميل قائد القوات اللبنانية خلال الحرب الأهلية.

وخلال السنوات الماضية، خرجت معلوف على العديد من القنوات العبرية في مقابلات، وشاركت في مؤتمرات داعمة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

وواجهت معلوف عام 2021 دعوى قضائية لدى النيابة العامة العسكرية في بيروت بتهمة "الخيانة والتجسس" بعدما ظهرت في لقاء أجراه معها الصحفي الإسرائيلي روعي كايس ونشرت في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المذكور على قناة "كان" الرسمية.

وقالت صحيفة "الديار" اللبنانية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن "عددا من الأشخاص ادعوا لدى النيابة العسكرية ضد معلوف بتهمة التعامل مع العدو، وقد قدم الدعوى بما في ذلك، ثلاثة أسرى لبنانيين محررين من السجون الإسرائيلية وإعلاميان".

واتهم المدعون الإعلامية بـ"الاتصال والتعامل مع العدو الإسرائيلي والخيانة والتجسس والتحريض ودس الدسائس لدى دولة أجنبية ولدى العدو والنيل من هيبة الدولة ومكانتها وإضعاف الشعور القومي والاعتداء على أمن الدولة الخارجي ودعوة العدو لقتل اللبنانيين".

وحينها علقت معلوف التي انتقلت للعيش في الولايات المتحدة، على تلك الدعوى بالقول إنها تثبت أنها "على حق وبأن مستقبلنا أفضل بنشر مفهوم السلام".

ورأت أن إسرائيل "أثبتت أنها لم تعد عدوا للبنان، والاتفاقات الإبراهيمية أهم حدث لمصلحة منطقتنا ومن يحتل لبنان هي إيران عبر حزب الله".

وقالت معلوف في المقابلة إن "حسن نصر الله قاتل حيث قتل أطفال اليمن وسوريا، والمواطنين في مرفأ بيروت"، الانفجار الذي حدث في أغسطس/آب 2020، وأودى بحياة نحو 220 لبنانيا.

وكشفت معلوف آنذاك عن أنها تخطط لزيارة إسرائيل قائلة إن "لديها حلما بزيارة كنيسة بيت لحم والمسجد الأقصى".

وثارت حمية معلوف عندما أبدت تعاطفها مع صحفي إسرائيلي تلقى إهانة في قطر من قبل مشجع سعودي أثناء حضوره لمونديال فيفا قطر 2022.

واستنكرت معلوف وقتها الحادثة في تغريدة عبر حسابها على تويتر قائلة: "معليش هذا التصرف غير مقبول! إسرائيل دولة عضوة في هيئة الأمم المتحدة وأي صحفي مراسل يتعرض للإهانة من أي دولة كانت هو اعتداء علينا، جميعا عذرا يا صديقي لا تشيل هم!!! فانت تؤدي واجبا صحفيا يستحق الاحترام".

وحينها شن رواد مواقع التواصل الاجتماعي هجوما لاذعا على معلوف الذين وجدوا أن تغريدتها "تأييد صريح للاعتراف والتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي".

وهاجم عدد كبير من اللبنانيين معلوف، مؤكدين أنها وأمثالها "لا يمثلون لبنان العروبة"، وذكروها بالحروب والمجازر الإسرائيلية بحق الشعب اللبناني ومنها مجزة قانا.

ومجزرة قانا هي إحدى أفظع المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي، والمسؤول عنها رئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز الذي حصل على جائزة نوبل قبل عامين فقط من ارتكابه للمذبحة.

وحصلت مجزرة قانا ظهر 18 أبريل/نيسان 1996، حيث قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقر قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) في قرية قانا جنوب لبنان، وأدى قصف المقر إلى استشهاد 106 مدنيين، وإصابة نحو 150 بجروح مختلفة.

وكانت إسرائيل قد شنت عملية عسكرية على لبنان، سمتها عملية "عناقيد الغضب"، في الفترة من 11 وحتى 27 أبريل 1996، أعلنت فيها أنها تستهدف المقاومة، لكنها قصفت عددا من المدن والبلدات، من بينها العاصمة بيروت، وخلفت نحو 175 شهيدا و300 جريح، ونزوح عشرات الآلاف، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة في المنشآت.

وطالب العديد من المغردين آنذاك من السلطات اللبنانية سحب الجنسية اللبنانية من معلوف والتحقيق معها بتهمة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

احتضان إماراتي

تعرضت معلوف لصدامات مع أنصار حزب الله والنظام السوري، مما دفعتها التهديدات بالقتل للانتقال والعيش في الإمارات منذ عام 2017 وبقيت هناك لسنوات بمثابة منفية سياسيا.

وأثناء وجودها في الدولة الخليجية عملت في قطاع الإعلام، وقامت بإنجاز أكثر من 50 حلقة لبرنامج "للرواد فقط" على قناة "حواس" الفضائية، وكذلك برنامج "رؤيتي على قناة "24" السعودية.

وقامت معلوف بدخول السجون الإماراتية وتصوير برنامج لصالح قناة "حواس" من 30 حلقة مع المساجين غير السياسيين والاطلاع على واقع حياتهم وكيفية تأهيلهم، وذلك بمساعدة من الفريق ضاحي خلفان وشرطة دبي آنذاك.

وخلال وجودها في الإمارات، ركبت معلوف موجة الحرب الإعلامية التي قادتها الإمارات ضد تركيا ومهاجمة سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وفي 22 يوليو 2020، نشرت فيديو على حسابها في تويتر يحمل ترجمة مزورة للرئيس التركي الذي ادعى ناشرو بأحد الفيديوهات أنه "يعلن فيه أن بلاده تنوي احتلال اليمن وتحقيق الحلم اليهودي في المنطقة العربية".

إلا أن الفيديو يعود إلى خطاب ألقاه أردوغان في أكتوبر/تشرين الأول 2019 في أنقرة، والترجمة المرفقة به ليست صحيحة.

وكتب في ترجمة الفيديو المفبركة: "نحن نريد احتلال اليمن كما احتللنا سوريا، والسعودية هي من اعترض طريقنا ما فعلناه بسوريا هو لتحقيق الحلم اليهودي"، وأيضا "مصر الجار والعدو لإسرائيل يجب تدميرها لتعيش إسرائيل بسلام".

ونشرت معلوف الفيديو وكتبت معلقة عليه: "هذه حقيقة أردوغان الذي يعادي السعودية.. المملكة ستبقى تتصدى لك وستقف لك بالمرصاد حتى تهلك أنت ومرتزقتك في اليمن وسوريا وليبيا".

وتزعم معلوف بأنها ممنوعة من العودة إلى بيروت منذ عام 2017 بسبب تهديدات لاحقتها من مناصري حزب الله، وبسبب الدعوى المرفوعة ضدها من قبل بعض المحامين على خلفية تغريدة نشرتها عن زعيم حزب الله حسن نصر الله تسأل فيها عن سبب عدم قيام إسرائيل باغتياله.

كما أنه في عام 2017 أطلق حيدرة بهجت سليمان وهو ابن سفير النظام السوري السابق في العاصمة الأردنية عمان، تهديدات بقتل معلوف على صفحته في فيسبوك.

وفي مايو/أيار 2014، عدت عمّان، سفير النظام السوري السابق لديها بهجت سليمان، شخصا غير مرغوب فيه، وأمرته بمغادرة المملكة خلال 24 ساعة بسبب "إساءاته المتكررة" بحق المملكة.

وقالت معلوف في مقابلة مع صحيفة "القدس العربي" نشرت بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2019 عن علاقتها السابقة مع حزب الله "كنت أناصره عندما كنا ومثلي مثل العديد من اللبنانيين نعتقد أنه حزب لبناني صرف".

واستدركت: "أما بعد 7 أيار وتوجيهه السلاح إلى الداخل اللبناني وبعد أن أصبح الشعب السوري هو عدوه وأصبحت العروبة في مفهومه عدوا والنظام الإيراني يملي عليه أجندته انتصرت لعروبتي مثل بقية العرب الشرفاء.. وليس بيني وبينه ولن يكون أي تواصل".