صحيفة إيطالية: محمد مرسي كان الرئيس الديمقراطي الأول والوحيد في مصر

في ذكرى انقلاب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي على الحكم الشرعي، استعرضت صحيفة إيطالية قصة صعود سابقه محمد مرسي إلى السلطة.
وقالت صحيفة "إيل بوست" إن الرئيس المصري الراحل محمد مرسي كان الأول والوحيد المنتخب ديمقراطيا قبل أن يُطيح به انقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي.
وذكرت أن انقلابا نفذه الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي الذي كان آنذاك وزيرا للدفاع وقائدا للقوات المسلحة المصرية، أطاح بحكم الرئيس مرسي منذ عشر سنوات أي في الثالث من يوليو/تموز 2013.
صعود مرسي
وأشارت إلى أن ممثل جماعة الإخوان المسلمين ظل في رئاسة مصر عاما واحدا فقط شهد "احتجاجات شعبية قوية ضد حكومته" بمزاعم تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد، والخوف من إمكانية الانجراف نحو منحى الاستبداد والعودة إلى الماضي، وفق زعمها.
بحسب الصحيفة، مهدت ثورات الربيع العربي التي اندلعت بين عامي 2010 و2011 في مختلف دول الشرق الأوسط، الطريق نحو صعود مرسي إلى السلطة في مصر عبر انتخابات ديمقراطية.
وتذكر أن الربيع العربي تميز بسلسلة من الاحتجاجات التي بدأت في تونس ثم امتدت إلى دول عربية أخرى ضد الفساد وتقييد الحرية والحقوق الفردية وانتهاك الأنظمة لحقوق الإنسان.
كما اندلعت احتجاجات في مصر في يناير/كانون الثاني 2011 وأجبرت الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي عن السلطة بعد ثلاثين عامًا من الحكم.
نشأ مرسي في مصر حيث أتم الدراسة وعمل كمهندس في الولايات المتحدة، وكان عضوا في البرلمان المصري من عام 2000 إلى عام 2005.
انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وهي حركة إسلامية تأسست عام 1928 في مصر، وذات نفوذ كبير في الدول العربية وتصنفها بعض الدول "منظمة إرهابية"، تقول الصحيفة.
وكذلك تعرض مرسي خلال حكم مبارك للمحاكمة عدة مرات مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين.
وسُجن عام 2006، ثم وضع قيد الإقامة الجبرية في منزله، وعادت السلطات إلى اعتقاله في يناير 2011 قبيل اندلاع الثورة التي أطاحت بمبارك.
ترشح في عام 2012 للانتخابات الرئاسية مع حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين ليفوز في جولة الإعادة ضد رئيس الوزراء السابق وقائد القوات الجوية السابق أحمد شفيق.
نوهت الصحيفة الإيطالية إلى القول إن فوز مرسي بأول انتخابات ديمقراطية في تاريخ مصر "كان مهما لأنه مثّل بالنسبة للعديد من المصريين انفصالا نهائيا عن عهد حسني مبارك وسنواته العديدة من الحكم الاستبدادي".
واستدركت بأن "انتخابه شكل أيضا عاملا مثيرا للانقسام بشكل فوري"، إذ عد العديد من المصريين فوزه تتويجا لثورات الربيع العربي وكانوا يأملون في قطيعة نهائية مع الماضي، فيما رأى الإخوان المسلمون في ذلك فرصة لإعادة تأكيد أنفسهم بعد سنوات من المنع والحظر.
على الطرف المقابل، خشي آخرون، بحسب قول الصحيفة، من أن يفرض رئيس الإخوان المسلمين "قواعد أخلاقية إسلامية صارمة، أو أن يسعى إلى إقامة حكومة ثيوقراطية (دينية)".
فترة الحكم
في المرحلة الأولى من حكومته، تشير إيل بوست إلى أن مرسي "أظهر اعتدالا في السياسة الداخلية والخارجية وكان قادرا على فتح قنوات حوار مع الولايات المتحدة وسعى إلى انفراج في العلاقات مع إسرائيل"، وفق زعمها.
وتذكر بأنه تدخل في أكتوبر/تشرين الأول 2012 كوسيط بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس وتمكن من ترتيب تهدئة بين الجانبين.
ولفتت إلى أنه سرعان ما اتُهمت حكومته باستبعاد المعارضة من إدارة الدولة بسياساتها الخاصة وعدم قدرتها على إدارة اقتصاد البلاد.
وأضافت أن قرارا واحدا على وجه الخصوص تسبب في احتجاجات عنيفة في إشارة إلى إصدار مرسي في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 مرسوما يمنح الرئيس صلاحيات أكبر لا سيما في المجال القضائي.
وكان المبرر هو "الدفاع عن الثورة" لكن المعارضة نددت بهذه القرارات واتهمت مرسي بأنه "نصب نفسه الحاكم بأمر الله"، وفق تعبيرها.
كان الهدف وراء صدور هذا المرسوم، تجنب تعرض مراسيمه الرئاسية للطعن وكذلك التباطؤ المحتمل في نشاط الجمعية التأسيسية التي كلفها بصياغة دستور جديد، وفق ما قالت الصحيفة.
من جانبهم، رأى المعارضون أن الرئيس مرسي اتخذ نهجا استبداديا على غرار مبارك، وأن القواعد الجديدة من شأنها أن تسمح للإسلاميين بالسيطرة بشكل أكبر على البلاد، وفرض ممارسات صارمة وأن تفرض دورا هامشيا للأحزاب الأخرى في السياسة المصرية، بحسب تعبير الصحيفة.
أشارت إيل بوست إلى خشية هذه الأطراف من أن يكون الدستور "الذي تأثر بشدة بالإخوان المسلمين الذين فرضوا المبادئ التوجيهية واشترطوا معظم المواد، مستوحى من الشريعة الإسلامية وهو ما يتعارض مع العلمانية والليبرالية".
بلغت الاحتجاجات ذروتها في يونيو/حزيران 2013 حيث تظاهر المصريون للاحتجاج على الحكومة والمطالبة باستقالة مرسي أو إجراء انتخابات مبكرة.
وذكرت الصحيفة أن الجيش بقيادة السيسي"انحاز إلى جانب المتظاهرين"، وفق قولها. وفي غضون أيام قليلة أطاح بمرسي من خلال انقلاب.
على إثر ذلك، ظهر السيسي مع مجموعة من القادة الدينيين والعسكريين والمعارضين ليعلن في التلفزيون تعليق دستور البلاد بمبادرة من الجيش وتكليف رئيس المحكمة الدستورية بتشكيل حكومة تصريف أعمال.
وبعد ذلك، اعتقل الرئيس المنتخب مرسي ووجهت إليه تهم مختلفة من التخابر إلى الهروب من السجن إلى التحريض على العنف، وظل لسنوات متهما في محاكمة أدين فيها عدة مرات.
إلى جانبه، عانى العديد من أعضاء الإخوان المسلمين من قمع شديد، وفق الصحيفة، مضيفة بأنه بعد أسابيع قليلة من الانقلاب على مرسي، قتلت قوات الأمن المصرية أكثر من 800 متظاهر، معظمهم ينتمون إلى الجماعة.
وفي نفس عام الانقلاب، أعلنت الحكومة المؤقتة جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية واعتقلت وحكمت على المئات من أعضائها والمتعاطفين معها بالإعدام.
توفي مرسي إثر أزمة قلبية في 17 يونيو 2019 خلال جلسة استماع في محاكمة اتهم فيها بالفساد والتخابر مع حركة حماس، بحسب مزاعم نظام السيسي.