"تأسيس حياة جديدة".. هذه خطوات للتعامل مع الأطفال بعد الزلزال

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

سلطت وكالة "الأناضول" التركية الضوء على  الأمور التي يجب على المعلمين أخذها في الحسبان حتى يتمكن الأطفال الذين شهدوا الزلازل من مواصلة حياتهم التعليمية بطريقة صحية.

وقالت الوكالة الرسمية في مقال للكاتبة عائشة بيلغه سلجوق: "بعد الزلزال الذي ضرب عدة ولاية تركية في 6 فبراير/شباط 2023 تُرك العديد من الأطفال بلا مأوى ولم يعودوا يذهبون إلى المدرسة. لذا، قامت الحكومة بتوزيعهم في مقاطعات مختلفة ونقلهم إلى مدارس في مناطق لم تتأثر بالزلازل".

وأشارت بيلغه سلجوق إلى أنهم "بدأوا حياتهم التعليمية من جديد في المحافظات الـ71 الأخرى اعتبارا من 20 فبراير".

وشددت على أنه "من أجل ضمان تكيّف الأطفال المتضررين من الزلزال في مدارسهم الجديدة وتلبية احتياجاتهم النفسية بشكل فعال، هناك بعض النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار في هذه العملية".

مسألة حساسة

وذكرت بيلغه سلجوق: "في البداية، وقبل التخطيط لأي خطاب بخصوص الزلازل في الفصل الدراسي، من المفيد للمدرسين مراعاة أنه قد يكون هناك طلاب فقدوا أقاربهم في الزلزال، حتى لو كانوا لا يعيشون في منطقة الزلزال".

وتظن الكاتبة أنه "يمكن للمدارس إقامة اتصال بين الطلاب والمعلمين بسرعة في هذا الصدد".

وأردفت: "من المفيد أن نضع في حساباتنا أننا خرجنا للتو من فترة جائحة كورونا، وأن أكثر من 101 ألف شخص فقدوا حياتهم بسبب هذه الجائحة وحده في بلدنا في السنوات الثلاث الماضية، وذلك يضع أمامنا احتمالية أن تكون هناك وفيات في أُسر الطلاب، وأن الموت مسألة حساسة".

ويمكن أن ينتشر القلق والفزع بشكل أسرع خلال هذه الفترة، وهذا، ينطبق بشكل خاص على الأطفال الذين عانوا من تجربة مؤلمة، مثل مشكلة صحية خطيرة في أنفسهم أو في أُسَرهم، أو فقدوا أحد أحبائهم. 

ومن الضروري الحديث مع عائلة الأطفال، الذين قدموا من منطقة الزلازل، مسبقا عن مكان وكيفية تعرضهم للزلزال.

وأشارت بيلغه سلجوق إلى أن "تجربة الزلازل ستظهر اختلافا من أسرة لأسرة اعتمادا على مدى متانة المبنى الذي كانوا يسكنون فيه، والخسائر التي حصلت في محيطهم، لذا فإن وضعهم الحالي واحتياجاتهم ستكون مختلفة عن بعضها البعض". 

كما أنه من الضروري على إدارة المدرسة الحصول على معلومات حول الفترة التي سبقت الزلزال والفترة التي تلَتها، ومقابلة الطفل أيضا.

وأشارت إلى أن "المدرسين يلعبون دورا حاسما في التعرف على احتياجات الأطفال وتقديم التوجيه اللازم أثناء فترات الكوارث والأوقات المماثلة عندما ينشغل الآباء في المكافحة جسديا أو اجتماعيا أو نفسيا أثناء محاولتهم تأسيس حياة جديدة، وهذا ينطبق على كل من الاحتياجات الجسدية والنفسية".

بالإضافة إلى أنه "من المهم للمدرسين أن يكونوا على دراية جيدة بما اختبره الأطفال نفسيا أثناء الزلزال في هذه الفترة، كما أنه من المفيد للمدرسين معرفة المواقف الأكثر شيوعا والتي لا تتطلب تدخلا متخصصا، وأي المواقف تتطلب الإحالة إلى طبيب نفسي للأطفال"، وفق بيلغه سلجوق.

إجراءات داخل الفصل

وقالت الكاتبة: "أثناء النقاشات التي قد تجرى في الفصل الدراسي حول الزلزال، يستطيع المعلم إخبار الطلاب أننا مررنا بكارثة زلزال مؤسفة فحسب، دون إعطاء معلومات مفصلة للغاية حول ماهية الزلزال، كما يمكن سؤال الطلاب عن مشاعرهم دون توجيه مشاعرهم وأفكارهم". 

وأضافت "ليكن في العلم أن التحدث في الفصل ليس الطريقة الوحيدة للمشاركة، حيث يمكن أيضا تشجيع الطلاب على الكتابة، حيث يمكن أن تكون مساحة تمكّن الطفل من مشاركة مشاعره وأفكاره، أي العالم الداخلي للطفل، بسهولة أكبر، ويمكن إجراء الأنشطة الكتابية خلال الفصل الدراسي". 

وتابعت: "لا ينبغي أيضا التسرع في التدريبات على الزلازل في المدارس، وإذا وجب عرض مقطع فيديو أو صورة في الفصل الدراسي في إطار التدريب على الزلزال، فيجب أن يكون العرض مكونا من رسم غرافيكي أو صور فنية، ويجب ألا تحتوي على مشاهد حطام حقيقي أو صور مشابهة". 

واستطردت "أثناء التخطيط للتدريبات على الزلزال، من الضروري أن تكون الإدارة حساسة للغاية بشأن الأطفال الذين شهدوا الزلزال من قبل، بل وربما ينبغي وضع تخطيط منفصل لهؤلاء الأطفال، كما يجب إبلاغ جميع العائلات قبل التدريبات".

واستدركت بيلغه سلجوق: "في حين أن مثل هذه التمارين ضرورية، إلا أنها يمكن أن تزيد من القلق وتؤثر على أنماط النوم لدى بعض الأطفال.

وتظن الكاتبة أنه "من المفيد أن يكون الجميع على دراية بما يجب قوله أو عدم قوله، وما يفعله أو لا يفعله في العلاقات مع المعلمين والطلاب الذين فقدوا أحباءهم أو تعرضوا لزلزال، لهذا، يمكن الرجوع إلى فيديو (الإسعافات الأولية النفسية) في قناة اليوتيوب الخاصة بجمعية علم النفس التركية".

وبرأي بيلغه سلجوق "يجب أن يكون لدى جميع موظفي التعليم في تركيا معرفة بالإسعافات الأولية النفسية، وإذا كان هناك طالب في الفصل متضرر من الزلزال، فإن قسم التوجيه يحتاج إلى ترتيب لقاء معه والحديث إليه".

كما يجب أن يؤخذ في الحسبان أن التجربة الوحيدة الصعبة للطالب ليست الزلزال، بل فقدانه العديد من الأمور، ويمكن أن يأخذ قسم التوجيه وإدارة المدرسة في الاعتبار ملف الطالب والمعلم في الفصل الدراسي أثناء تحديد الفصل الذي سيدرس فيه الطفل.

وقالت بيلغه سلجوق: "لا ينبغي أن يُنظر إلى الطفل الذي جاء إلى الفصل الدراسي من منطقة الزلزال بالشفقة، حيث يجب النظر إليه على أنه طفل أو مراهق في طور التغلب على تجربة صعبة، وحتى فيما بينهم، يجب ألا يستخدم المعلمون تعريف ضحايا الكوارث أو ضحايا الزلزال تجاههم، بل يجب أن يخاطبوا الطفل بالاسم".

ورأت أن "أكثر ما يعاني منه الأطفال المتضررون هو القلق، وهو ما يؤثر في الانتباه، وبالتالي يؤثر الانتباه على التعلم، وقد يستغرق الأطفال المتضررين من الزلزال بعض الوقت للانتباه إلى محتوى السنة الدراسية، كما يمكن الرجوع لبضع مواد إلى الوراء في المنهج الدراسي للحد من القلق".

وترى بيلغه سلجوق أنه "من المهم أن ننتبه لما يمكن أن يفعله الناس من جميع الأعمار، بما في ذلك الأطفال، والمواد التي في أيدينا، وأن نقوم بتمرين عقولنا حتى نجتاز هذه المحنة ونستعيد إحساسنا بالسيطرة".