حفيد الخميني يتنبأ باندلاع ثورة جديدة في إيران.. ما رؤيته؟

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

في الذكرى السنوية الرابعة والأربعين للثورة الإيرانية (1979)، خرج حسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله الخميني، بتصريحات جديدة حول الوضع في إيران.

جاءت تصريحات حسن الخميني، المحسوب على التيار الإصلاحي، خلال لقاء عقد في حرم ضريح جده لأعضاء المجلس المركزي لحزب "الثقة الوطنية" الذي أسسه السياسي الإصلاحي مهدي كروبي.

وقد حرصت مجموعة كبيرة من الصحف والمواقع الإخبارية على نقل تصريحات حسن الخميني التي أدلى بها نهاية يناير/كانون الثاني 2023، ومنها موقع "رويداد ايران" الذي نشر تقريرا يحمل جزءا من حديث الحفيد بعنوان "الاستضعاف يؤدي للثورة"، استعرض فيه أبرز ما تحدث به.

وكان حسن الخميني قد دعا في تصريحاته إلى الحوار، ونبذ العنف، ولفت الأنظار إلى الاهتمام بالمحرومين الذين كانوا قاعدة للثورة والجمهورية الإسلامية، وحذر من أن الاستضعاف يمكن أن يفجر ثورة. 

ويتحدث الخميني هنا عن الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء مختلفة بإيران في 16 سبتمبر/أيلول 2022، إثر وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد 3 أيام على توقيفها لدى "شرطة الأخلاق" المعنية بمراقبة قواعد لباس النساء.

وأثارت الحادثة غضبا شعبيا واسعا في الأوساط السياسية والإعلامية بإيران، وسط روايات متضاربة عن أسباب الوفاة.

الحوار هو الحل

أكد حسن الخميني، على أن رأيه في الأحداث الأخيرة التي تشهدها إيران ثابت ولم يتغير، وهو أن "الحوار هو الحل الوحيد للأزمة الحالية التي تواجهها إيران". 

وطالب بـ "خفض مستوى العنف في المجتمع"، وهو ما نادى به من قبل، حينما بدأت الاشتباكات بين المحتجين والسلطات الإيرانية في المظاهرات الأخيرة.

كان الخميني قد طالب السلطات الإيرانية قبل ذلك بالسعي للحد من العنف تجاه المتظاهرين.

وأكد على أنه "لا يوجد حل آخر سوى العقلانية"، وحذر من "توسع العنف الذي يمكن أن يجر البلاد إلى أسوأ وضع".

ولنجاح هذا الحوار، يرى حسن الخميني أنه "لا يمكن للطرفين أن يضعا شروطا مسبقة، أو أن يكون الهدف هو تغلب طرف على الطرف الآخر، لأن إيران بلد واحد، وأمة واحدة، على الرغم من اختلاف الآراء والأفكار".

ولهذا "لا يمكن أن يقول أحد الطرفين إنه سينفذ عمله بشرط القضاء على الطرف الآخر".

ويوضح حسن الخميني المقصود بالحوار الوطني، فيقول إنه لا يقصد بذلك أن يتحدث أحدهم مع الآخر فقط، وإنما المقصود بالحوار على المستوى الوطني هو الانتخابات.

ويرى ضرورة السير في هذا المسار، بحيث يقول كل إنسان ما يعتقده، ويعرضه على الناس. أما إذا ضعفت الانتخابات فسيظل الوضع على ما هو عليه، وفق تقديره.

ودعا حسن الخميني في تصريحاته إلى "العودة لمبادئ الثورة الإسلامية واستعادة الأسس التي قامت عليها". 

وقال إن القاعدة الاجتماعية بالنسبة لزعيم الثورة هم "المحرومون"، الذين أيدوا الجمهورية الإسلامية بنسة 100 بالمئة، ولكن هذه القاعدة تحولت من المحرومين إلى طبقة المتدينين.

وأتبع: "على الرغم من أن المتدينين هم النواة الصلبة في الدفاع عن الجمهورية الإسلامية، فإن الثورة كانت توجه خطابها دائما إلى المحرومين، وتبذل مساعيها من أجلهم، ولكن هذا تغير الآن، وصار الخطاب موجها إلى المتدينين".

وأشار الخميني إلى مظهر من مظاهر اهتمام الثورة بالمحرومين في سنواتها الأولى، وهو أن "الاجتهادات في القضايا الدينية، والتغييرات التي حدثت في الاختيارات الفقهية، كانت من أجل المحرومين، ولمصلحتهم".

حدث هذا في موضوعات مثل تقسيم الأراضي، ومصادرة الأموال والممتلكات، وغير ذلك من الأمور الأخرى. حتى إن آية الله الخميني كان يختلف مع مراجع عصره الدينيين من أجل هؤلاء المحرومين.

وللدلالة على اهتمام قائد الثورة بهذه الطبقة، استشهد حسن الخميني بقول جده إن "شعرة واحدة من رأس سكان الأكواخ ترجح عنده كل سكان القصور".

وزعم أن الثورة قد أدت دينها لهذه الطبقة التي ناصرتها ووقفت خلف الجمهورية الإسلامية التي أقامتها، وذلك بعد أن نقلتهم إلى الطبقة الوسطى في الثمانينيات، عن طريق التوظيف، وتوزيع الأراضي، فصارت لدى إيران طبقة وسطى ضخمة.

ولكن النقلة التي أحدثتها الثورة في وضع المحرومين "أصيبت بانتكاسة فيما بعد، حينما زادت المشاكل، وأدت إلى تقلص الطبقة الوسطى واتساع دائرة الطبقات الضعيفة مرة أخرى".

الاستضعاف والثورة

كما أكد حسن الخميني على أن "الفقر لا يؤدي إلى الثورة"، ولكن "الاستضعاف" يفعل ذلك، وفق تعبيره. 

وأبانت الصحيفة أن "الاستضعاف هو الفقر الذي ينشأ عن الظلم، وهو المصطلح الذي استخدمه آية الله الخميني في الثورة".

ويفسر حسن الخميني ذلك بأن "الفقير لن يشتبك مع أحد إذا كان هو نفسه المقصر والمتسبب فيما هو فيه من فقر".

"أما إذا كان الغير هو السبب في هذا الفقر، لأنه يمنع الفقير من الخروج من دائرة العوز، ولا يتركه يصل إلى حالة الغنى الذي يستحقه، فإن هذا الشخص سيحاربه للتخلص من فقره"، كما قال.

ويضرب حسن الخميني المثل بفقراء الهند الذين يرتضون الفقر ولا يحاربون من أجل تغيير وضعهم.

ويقول "إنهم يولدون في الشارع، ويموتون فيه، وتتقبل بنيتهم الذهنية هذا الفقر لأنهم يعدونه قدرهم، ولهذا لا يرون في الأمر ظلما يقع عليهم من أحد، ولا يسعون لتغييره".

وينقل حسن الخميني عن علي بن أبي طالب وصيته بالمستضعفين من الفقراء، لأنهم لم يصبحوا فقراء إلا بتقصير المجتمع في حقهم، ولهذا يجب على هذا المجتمع أن يساعدهم حتى يتخلصوا من فقرهم. 

ويحذر من هذا الاستضعاف، الذي "من الممكن أن يسري إلى الجانب الثقافي والسياسي أيضا، وهو ما يمكن أن ينجر إلى التعصب، وإذا جاء الاستضعاف بالتعصب فسوف يؤدي إلى التمرد والعصيان، ويمكن أن ينتهي في مرحلة أعلى بالثورة".

وأردف: "لا شك أن هناك عوامل كثيرة يجب أن تتحقق من أجل الوصول إلى نقطة الثورة، ولكن العصبيات هي التي تلقي بالمجتمع في دوامة المشاكل، عندما تتحطم الأعصاب، وتمتلئ القلوب بالسخط". 

ويقف حسن الخميني عند عبارة لعلي بن أبي طالب يقول فيها: "إنما يُؤتى خراب الأرض من إعواز (العوز) أهلها"، أي أنه عندما يشعر الناس بالتعاسة، ويسخطون، يخرب كل شيء.

وبناء عليه، يخلص الخميني إلى أن "الفقر ليس هو السبب في ظهور الحركات والثورات، بل حتى معاداة الدين والاستبداد والغطرسة ليست السبب في هذه الظواهر، إلا إذا عادت جذور كل ذلك إلى الظلم، أي الاستضعاف الذي نشعر به نتيجة ما يقع علينا من ظلم". 

والدليل على ذلك من وجهة نظر حسن الخميني، هو أن "الملكيات المطلقة كانت تحكم إيران، ولم يكن يحدث تمرد أو ثورة، لأن المجتمع لم يكن يفكر في أن له حقا".

ولكنه ثار حينما شعر أن له حقا، وأن هناك من يحرمه من هذا الحق. ولهذا فإن المهاجرين في أي بلد لا يتمردون ولا يقومون بثورة، لأنهم يعتقدون أنه ليس لهم حق هناك، وفق قوله.

وفي تحذير مبطن من دفع الناس إلى القيام بثورة، يؤكد حسن الخميني على أنه في الوقت الحالي هناك تعاسة، وأنه لا شك في أن الحال الآن ليس جيدًا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خراب الأرض الذي حذر منه علي بن أبي طالب في حديثه عن الفقراء الذين دفعوا إلى حالة الإعواز. 

وألقى الخميني بالجزء الأكبر من أسباب التعاسة التي يشعر بها كثير من الإيرانيين في الوقت الراهن على كاهل الحكام، وقال إنهم "لم يطلبوا منا المشورة، ولا يؤثر كلامنا عليهم كثيرا".