"العبودية لم تنته بعد".. هكذا يعاني الأميركان السود حتى في انتخاب ممثليهم

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

ردا على ما شهدته ولاية جورجيا جنوب شرقي الولايات المتحدة من إقبال كثيف من الأقليات، ولا سيما أصحاب البشرة السوداء، في انتخابات 2020، ما رجح كفة الحزب الديمقراطي بالولاية لأول مرة منذ 3 عقود، وقع حاكم جورجيا الجمهوري منتصف 2021، قانونا يجري تغييرات شاملة على قواعد التصويت عبر البريد بالولاية، ويقلل الوقت المتاح أمام الناخبين للاقتراع، ويتشدد مع متطلبات تحديد هوية الناخبين، ما تسبب بإشعال أزمة مع الديمقراطيين.

ومع انطلاق الانتخابات النصفية المصيرية في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أكدت صحيفة "الباييس" الإسبانية، أن العبودية لم تنته بعد في أميركا، إذ لا يزال يعاني المواطنون السود حتى اليوم من ممارسات عنصرية وفوقية حتى في انتخاب ممثليهم في المجالس الرسمية.

ويلقي كثير من الجمهوريين بالمسؤولية على خسارتهم الثلاثية بانتخابات 2020 (رئاسة البلاد ومجلسي النواب والشيوخ) إلى عملية التوسع في التصويت بالبريد، وزيادة الفترة المتاح التصويت فيها، وهو ما دفع إلى تصويت الأقليات التي عادة تنشغل عن الانتخابات، وتنتخب حال مشاركتها، الديمقراطيين بنسب كبيرة.

تجاوز العوائق

وذكرت الصحيفة الإسبانية أنه على الرغم من محاولات الجمهوريين وضع عوائق أمام عملية التصويت المبكر، إلا أن التصويت في جورجيا يسير بصورة جيدة، وسط أحاديث عن انتصار متوقع للحزب الديمقراطي

وقالت، إن عائلة ياسمين بولز مثلا تحب التصويت مبكرا، أو في نفس يوم فتح صناديق الاقتراع إذا كان الأمر ممكنا.

لذلك اتجه أجداد ياسمين ووالدتها وابنتها في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، لأداء واجبهم الانتخابي في مركز رياضي بمقاطعة كلايتون، جنوبي أتلانتا، في ولاية جورجيا التي تشهد تنافسا شديدا. 

في الواقع، هناك دوافع أخرى إلى جانب الدوافع المدنية؛ حيث تقدم ياسمين، الابنة، ناشطة أمريكية من أصل إفريقي تعمل في منظمة تدافع عن حقوق عاملات المنازل، ترشحها في هذه الانتخابات.

وتسعى المرشحة من أصل إفريقي إلى إعادة انتخابها عضوا في مجلس إدارة المدارس في منطقتها في الانتخابات التشريعية التي ستجرى لتجديد مئات المناصب المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى الكونغرس بأكمله وثلث المناصب في مجلس الشيوخ.

وفي حديثها مع الباييس، أكدت ياسمين أن "لديها شعورا بأن نسبة المشاركة ستكون عالية، على الرغم من محاولات الجمهوريين قمع أصوات من هم مثلها".

في إشارة إلى قانون انتخابات الولاية التقييدي لعام 2021 الذي يشدد متطلبات التصويت ويؤثر في الغالب على النساء والأقليات والقطاعات الأكثر حرمانا.

ومن المثير للاهتمام أن تلك الأقليات، مثل بولز، عادة ما تختار التصويت لصالح الديمقراطيين.

وأشارت الصحيفة إلى أن توقعات ياسمين كانت في محلها حيث صوّت أكثر من مليوني شخص مبكرا أو عن طريق البريد في جورجيا، بزيادة نصف مليون مقارنة بالحملة الانتخابية النصفية الأخيرة، في عام 2018. 

لكن، مقارنة بالانتخابات الرئاسية لعام 2020، يعدّ هذا الرقم أقل بحوالي 1.2 مليون صوت،

وهذا الرقم يجب أن يُستبعد منه تأثير الوباء الذي كان في ذروته في ذلك الوقت.

عموما، دفع هذا العامل 70 بالمئة من الناخبين إلى التصويت مبكرا لتجنب الازدحام.

معركة حقيقية 

وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن عامل الحذر الذي كان نتيجة الوباء، حول جورجيا التي كانت حاسمة في انتصار جو بايدن، إلى ساحة معركة حقيقية. 

وأمضى دونالد ترامب حملته الرئاسية بأكملها محذرا من أن تسهيل التصويت المبكر والذي كان بالنسبة له مجرد حيلة لسرقة الانتخابات منه، والتي خسرها لأن جورجيا صوتت للديمقراطيين.

وإلى غاية الوقت الراهن، لا يزال يرفض قبول هذه النتيجة، على الرغم من إثبات عدم صحة نظرياته مرارا وتكرارا.

ومن بين 62 دعوى قضائية تم رفعها، توصلت جميعها إلى استنتاج أنه لم يكن هناك احتيال، باستثناء واحدة، حيث لم يؤثر العد الجديد على النتيجة.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال ثلثا الجمهوريين يعتقدون أن بايدن لم يفز بشكل نظيف.

ونقلت الصحيفة أن محاولات ترامب ومعاونيه لتخريب تلك الانتخابات ما زالت حية في شكوك أتباعه.

وكذلك في تحقيق أجراه المدعي العام لمحكمة مقاطعة فولتون، وهي الأكثر اكتظاظا بالسكان في جورجيا، وفي لجنة الكونغرس التي تبحث عن المتورطين في الهجوم على مبنى الكابيتول.

عموما، تتمثل أحد الأجزاء الأساسية في كلا التحقيقات في المكالمة الهاتفية الشهيرة التي أجراها ترامب لمدة ساعة مع وزير خارجية جورجيا، براد رافينسبيرغر، والتي أعيد تقديمها. قال له: "أريد فقط أن أجد 11780 صوتا". 

وأشارت الصحيفة إلى أن رافنسبيرغر والحاكم الجمهوري، بريان كيمب، الذي يسعى أيضا لإعادة انتخابه، قاوما الضغوطات المسلطة عليهما.

لكن بعد أشهر قليلة، بدأت الشكوك التي يغذيانها ترى النور خاصة بعد المصادقة على قانون نزاهة الانتخابات، الذي غير قواعد اللعبة لعام 2020. 

ووفقا لمركز برينان للعدالة، فإن هذا القانون يعد القاعدة الأكثر شهرة في الموجة الأخيرة من الهجمات على الحقوق المدنية في جميع أنحاء البلاد.

حيث إنه منذ بداية عام 2021، أقرت 21 ولاية 42 قانونا انتخابيا تجعل من الصعب على الأقليات الوصول إلى صناديق الاقتراع.

وهو أيضا المعيار في قمع الناخبين في الولايات المتحدة. ومن بينها 33 قانونا ساريا بالفعل ويمكن أن يطبق في اقتراع 8 نوفمبر.  

كفاح متواصل

ونقلت الصحيفة الإسبانية عن ريكاردو راميريز، أحد مستشاري برينان، قوله إن "جورجيا لديها ماض مجيد في الكفاح من أجل الحقوق المدنية".

وأضاف أنها أرض مارتن لوثر كينغ وجون لويس، ولسوء الحظ، أصبحت اليوم المكان الذي يرمز إلى الكيفية التي تشن بها القطاعات الأكثر تحفظا هجومها على قلب الديمقراطية حتى لا تفقد القوة التي كانت تملكها بسبب العامل الديمغرافي. 

وأشارت الصحيفة إلى أن قانون جورجيا قلّص من الموعد النهائي للتصويت بالبريد ويشترط أن يكون مصحوبا بنسخة مطبوعة أو ممسوحة ضوئيا من وثيقة هوية سارية المفعول.

علاوة على ذلك، يقلص من عدد مراكز الاقتراع والمقصورات لإيداع بطاقات الاقتراع، وكذلك ساعات عملها.

كما أنه يزيل يوم الأحد من قائمة أيام عمل هذه المراكز. فضلا عن ذلك، يعد إطعام أو شرب الناخبين الذين يصطفون في الطوابير جريمة، لمنع النشطاء من التأثير على قراراتهم. 

وفي يوم انتخابات 2020، تم تسجيل فترات انتظار تصل إلى تسع ساعات في أكثر المقاطعات اكتظاظا بالسكان، والتي تعد أيضا الأكثر تنوعا عرقيا والتي صوتت بشكل جماعي لبايدن.

ونوهت الصحيفة بأن الوجه الأكثر وضوحا للنضال ضد قمع الناخبين في جورجيا هي المرشحة ستايسي أبرامز، التي أسست منظمة "فير فايت" لمعالجة قمع الناخبين. 

وفي أعقاب العمل الرائد لأبرامز، ظهرت عدة منظمات منذ عام 2020 تعمل على نفس المنوال. إحداها هي منظمة حماية تصويت جورجيا، بقيادة الشابة هانا جبريسيلاسي.

وتعليقا على مخاوف الشباب، تقول جبريسيلاسي: "يعتقد الكثيرون أن العبودية قد انتهت، لكن هذا ليس صحيحا".

وتضيف: "ولا تزال العبودية بيننا كما يمكن رؤية مظاهرها في معدلات البطالة، وفي المستويات التعليمية المتفاوتة، أو في قمع التصويت".

وتؤكد: "كل هذا له علاقة بالأسس غير الكاملة التي بُني عليها هذا البلد. ولتغيير ذلك، من الضروري ألا يضعوا عقبات أمام تصويت الأقليات".