مشهد نادر.. لماذا يتزاحم قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا على زيارة بكين؟

منذ ٨ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2025 قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة رسمية إلى الصين، على أن يتبعها مطلع يناير/ كانون الثاني 2026 زيارة للمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ثم في أواخر الشهر نفسه يحل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ضيفا على بكين.

وعلق موقع "سوهو" الصيني على هذه الزيارات قائلا: "في مشهد نادر لم يحدث من قبل، ثلاثة من كبار قادة أوروبا يتزاحمون على زيارة بكين في فترة وجيزة".

وتساءل: هل هي محاولة أوروبية لفتح صفحة جديدة بعيدا عن واشنطن، والسعي نحو ما يُعرف بـ"الاستقلال الإستراتيجي" عبر إعادة التموضع من خلال الصين؟

وأجاب قائلا: "بعض المراقبين يرون أن الهدف اقتصادي بحت، للحصول على عقود تجارية، وآخرون يعتقدون أن الغاية هي دفع الصين للعب دور الوسيط في الأزمة الأوكرانية".

غير أن القراءة الأعمق تكشف، بحسب تحليله، أن أوروبا "تشعر بأن الولايات المتحدة قد حاصرتها في زاوية ضيقة، وأن هذه الزيارات المكثفة تبدو في ظاهرها تعبيرا عن التعاون، لكنها في جوهرها رسالة تحدٍ لواشنطن مفادها: إذا استمر تجاهلنا فسوف نبحث عن طريقنا الخاص".

تعاون متوازن

من الثالث إلى الخامس من ديسمبر 2025، قام ماكرون بزيارة استمرت ثلاثة أيام إلى الصين، شملت العاصمة بكين ومدينة تشينغدو. 

وأكد قصر الإليزيه في بيانه أن الزيارة تمحورت حول الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين فرنسا والصين، مع التركيز على دفع أجندة "التعاون والتوازن" في مجالي الاقتصاد والتجارة.

وحول أسباب زيارة الرئيس الفرنسي إلى الصين في هذا التوقيت، رأى الموقع أنه "في ظل أزمة أوكرانيا المستمرة منذ نحو أربع سنوات، وما تفرضه من تحديات داخلية وخارجية على فرنسا؛ يسعى ماكرون عبر سياسة (التوجه شرقا) إلى توسيع هامش المناورة الإستراتيجية لفرنسا وأوروبا".

وأضاف: "منذ عهد الرئيس الفرنسي شارل ديغول، دافعت فرنسا بقوة عن مفهوم (الاستقلال الإستراتيجي) الأوروبي، وماكرون، الذي يلقب أحيانا بـ (ديغول الصغير)، جعل من هذا المفهوم هدفا سياسيا محوريا منذ توليه الحكم".

واستشهد على ذلك قائلا: "ففي عام 2018، طرح فكرة إنشاء (جيش أوروبي) لتقليل الاعتماد الدفاعي على الولايات المتحدة".

واستدرك: "إلا إن ما حدث في عام 2022 عرض فكرة الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي لتآكل غير مسبوق، فقد أثبتت الأزمة الأوكرانية أن أوروبا ما زالت تعتمد بشكل كبير على الدعم العسكري الأميركي".

وهو ما دفع أوروبا إلى "إرضاء واشنطن عبر الانخراط في خطاب (تقليل المخاطر المرتبطة بالصين)، بل وافتعال توترات تجارية في مجالات السيارات الكهربائية والطاقة الجديدة والأجهزة الطبية وأشباه الموصلات".

مع ذلك، يقدر الموقع أن "هذه (المجاملات) لم تُترجم إلى احترام متكافئ أو ضمانات أمنية راسخة، بل على العكس، وجدت أوروبا نفسها مهمشة ومتفرجة في النقاشات حول خطط السلام الخاصة بأوكرانيا".

وتابع: "إن طرح واشنطن لـ (مسرحية خطة السلام الأوكرانية) فجر الغضب بين الطرفين؛ إذ رأت أوروبا -أكبر داعم لكييف والجار المباشر لساحة المعركة- أنها أصبحت خارج الصورة تماما".

وأبرز أنه "منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض مطلع عام 2025، دأبت واشنطن على تجاوز أوروبا في ملف أوكرانيا من خلال تقليص الدعم العسكري لكييف، والضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير  زيلينسكي للقبول بالتفاوض، بل وحتى إجراء محادثات سرية مع موسكو حول تقاسم مناطق النفوذ".

"أما مسودة الاتفاق الأخيرة فكانت أكثر استفزازا؛ إذ تجاهلت تماما ما تعده أوروبا جوهر القضية من ضمانات للأمن بعد الحرب، وصولا لتعويض الشركات الأوروبية عن خسائرها في أوكرانيا". يقول التقرير.

وأكمل: "في المقابل، احتفظت واشنطن لنفسها بالسيطرة على الملاحة في البحر الأسود، وهو مكسب إستراتيجي بالغ الأهمية".

وأشار إلى أن "ماكرون عبر عن غضبه علنا مؤكدا على أن أي اتفاق سلام لا يمكن أن يتجاوز أوروبا، أما ميرتس فكان أكثر صراحة حي أوضح أن أمن أوروبا لا يمكن أن يُعرّف من خلال طرف ثالث".

ويرى الموقع الصيني أن "هذه التصريحات عكست إدراكا أوروبيا متأخرا بأن واشنطن لا تراهم شركاء حقيقيين، بل مجرد أوراق يمكن التضحية بها عند الحاجة".

وأضاف: "الأزمة الأوكرانية كلفت أوروبا ثمنا باهظا: إنفاق ضخم على الدعم العسكري، ارتفاع أسعار الطاقة بشكل جنوني أدى إلى إفلاس شركات عديدة، وتضخم تجاوز 10 بالمئة في بعض الفترات".

وأردف: "والآن، بينما تسعى واشنطن إلى تسوية منفردة، تجد أوروبا نفسها وقد خسرت استثماراتها، وتواجه عبء إعادة الإعمار وضغوط روسيا العسكرية".

وبحسب تقديره، فإن "هذه الحالة من الخذلان والإقصاء عمقت القلق الإستراتيجي لدى أوروبا، وجعلت فرنسا أكثر وعيا بحقيقة أن اتباع واشنطن اقتصاديا ودبلوماسيا خطوة بخطوة سيحول (الاستقلال الإستراتيجي) الأوروبي إلى مجرد كلام بلا مضمون، وبالتالي، بدأت أوروبا بالبحث عن بدائل".

بناء على ذلك، شدد الموقع على أن "زيارة (الثلاثة الكبار) إلى الصين تحمل رسالة مباشرة إلى واشنطن: إذا أردتم المضي منفردين، فلن نقبل أن نُستبعد، وسنصنع لأنفسنا موقعا مستقلا على طاولة المفاوضات الدولية".

في هذا السياق، يرى الموقع أن "ماكرون، من خلال زيارته للصين، يعمل على إعادة تعزيز التواصل الإستراتيجي مع بكين، والبحث عن موقع جديد لأوروبا في المشهد العالمي الراهن".

صوت جديد بأوروبا

في المقابل، يعتقد موقع "الصين اليوم" أنه "لطالما دعمت بكين فكرة الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي، وترى أن عالم اليوم المتعدد الأقطاب لا يمكن أن يخلو من صوت أوروبا".

حيث "تؤكد بكين رغبتها في أن تتعامل أوروبا مع العلاقات الصينية الأوروبية بعقلانية وبراغماتية". وفق قوله.

مضيفا أن الصين "شددت مرارا على أن مبادئ الاحترام المتبادل، والسعي إلى أرضية مشتركة رغم الخلافات، والانفتاح على التعاون، وتحقيق المنفعة المتبادلة، هي الأسس التي يجب أن تقوم عليها هذه العلاقة، وأنها لا تستهدف طرفا ثالثا ولا تخضع له".

واستطرد: "هذا الموقف يُعد شرطا أساسيا لضمان استمرارية العلاقات الصينية الأوروبية على المدى الطويل".

وحول كيفية تحويل فكرة "الاستقلال الإستراتيجي" من مجرد شعار إلى خطوات عملية، يقدر الموقع أن "أوروبا تحتاج أولا إلى تصحيح انحيازاتها الاقتصادية تجاه الصين، والتخلي عن عقلية الحرب الباردة التي تصف بكين دوما بأنها (منافس مؤسسي)".

ومن اللافت -بحسب التقرير- أن الجانبين "حافظا في الآونة الأخيرة على تواصل مكثف بشأن عدد من القضايا الحساسة"؛ إذ عقدت الصين وأوروبا اجتماعات ضمن آلية حوار محدثة حول ضوابط التصدير، تناولت مسائل تتعلق بضبط صادرات المعادن النادرة، وقضية مكافحة الدعم في قطاع السيارات الكهربائية، وأزمة شركة (أنسيس) لأشباه الموصلات، وغيرها. 

ووفقا له، "بعثت هذه الخطوات بإشارات إيجابية إلى استعداد الطرفين لحل الخلافات عبر الحوار والتشاور، وأسهمت في تعزيز استقرار وسلاسة سلاسل الإمداد الصناعية بين الصين وأوروبا".

من هذا المنطلق، يتوقع التقرير أنه "إذا تمكن ماكرون من استثمار زيارته لكسر القيود التي تفرضها الانحيازات الأوروبية تجاه بكين، وإظهار الإرادة السياسية لتحقيق (الاستقلال الإستراتيجي)؛ فسوف يؤدي ذلك إلى تعزيز الأساس السياسي القائم على الاحترام المتبادل والمعاملة المتساوية في العلاقات الصينية الأوروبية".

وتطرق الموقع للحديث عن العلاقة التاريخية بين بكين وباريس قائلا: تجمع بين الصين وفرنسا صداقة تقليدية؛ حيث تحتفل العلاقات الصينية الأوروبية في عام 2025 بمرور خمسين عاما على تأسيسها.

مضيفا: "يُظهر التاريخ أن العلاقات الصينية الفرنسية كثيرا ما كانت بمثابة البوصلة التي توجه مسار العلاقات الصينية الأوروبية".

وأردف: "وبصفتهما من أبرز المدافعين عن التعددية القطبية والتعددية في النظام الدولي، فإن الصين وأوروبا تمتلكان آفاقا واسعة للتعاون في مجالات الحوكمة العالمية، والتجارة، والتحول الأخضر، والابتكار التكنولوجي".

وأشار الموقع إلى أن الصين "تعتقد أنه إذا التزمت أوروبا فعليا بمبدأ الاستقلال الإستراتيجي، ستكون أكثر قدرة على حماية مصالحها، وفي الوقت نفسه ستُسهم في تعزيز الاستقرار واليقين في عالم يزداد اضطرابا".

ومن هذا المنطلق، أوضح أن بكين "تتطلع لأن تُسهم زيارة ماكرون في تجديد أواصر الصداقة التقليدية بين الصين وفرنسا، وفتح فصل جديد في مسيرة التعاون الصيني الأوروبي نحو عالم متعدد الأقطاب واقتصاد عالمي أكثر انفتاحا".

في المقابل، يشير التقرير إلى أن "فرنسا وقفت في الصف الأمامي ضد سياسة (فك الارتباط)، حيث انتقد الرئيس ماكرون الولايات المتحدة متهما إياها بـ (استخدام الهيمنة لإجبار الحلفاء على الاصطفاف)".

"معلنا رفضه القاطع لأي محاولة لـ (قطع السلاسل مع الصين)، ومؤكدا على أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يضع سياسته تجاه بكين وفقا لمصالحه الخاصة، لا أن تُفرض عليه من طرف ثالث". وفق الموقع.

فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، يرى التقرير أن "تأسيس ماكرون (تحالف الراغبين) بمشاركة بريطانيا وألمانيا لوضع خطة أمنية لدعم لكييف، يعكس رغبة أوروبية في استعادة زمام المبادرة".

ومن هنا، يعتقد أن "أحد أهداف زيارة بكين يتمثل في السعي للحصول على دعم الصين لخطط أوروبا لما بعد الحرب، واستخدام ثقلها الدولي لموازنة النفوذ الأميركي، بما يضمن عدم تهميش أوروبا في المرحلة المقبلة".

على الصعيد الاقتصادي، قال التقرير: "من المعروف أن شركات فرنسية كبرى مثل "إيرباص" وقطاع السلع الفاخرة تعتمد على السوق الصينية بنسبة تتجاوز 30 بالمئة".

"وبالتالي، فإن القيود الأميركية على الرقائق الإلكترونية ومراجعات الاستثمار، تمثل عمليا قطعا لشرايين الاقتصاد الفرنسي".

لذا يتوقع التقرير الصيني أن "يركز ماكرون خلال زيارته إلى بكين على تعزيز عقود جديدة لشركة إيرباص والتعاون في مجال الطاقة النووية، في محاولة لإثبات أن التعاون العملي هو الرد الأمثل على دعاوى (فك الارتباط)".

استياء من أميركا

وتناول موقع "سوهو" الصيني بعضا من "الخطوات العملية الأوروبية التي تعكس بوضوح استياء القارة العجوز من أميركا".

وقال: "في الأشهر الثلاثة الأخيرة، أرسلت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إشارات متتالية تعكس انفتاحا أكبر تجاه الصين، وكل خطوة جاءت منسجمة مع المصالح المشتركة للطرفين، وفي الوقت نفسه شكلت صفعة قوية لسياسة (فك الارتباط) التي تروج لها واشنطن".

وأشار إلى أن "ألمانيا، بصفتها المحرك الاقتصادي لأوروبا، كانت أول من غير موقفه".

وعزا ذلك قائلا: "فصناعة السيارات الألمانية تعاني منذ سنوات؛ فهي من جهة تواجه صعود السيارات الكهربائية الصينية في الأسواق العالمية، ومن جهة أخرى تضطر بفعل (قانون خفض التضخم) الأميركي إلى بناء مصانع داخل الولايات المتحدة".

وتابع: "ومع أن الاتحاد الأوروبي فرض سابقا رسوما تصل إلى 35 بالمئة على السيارات الكهربائية الصينية بدعوى مكافحة الدعم، إلا أن الشركات الألمانية كانت أول من تضرر؛ إذ تراجعت مبيعاتها في السوق الصينية بشكل كبير".

حيث هاجم اتحاد صناعة السيارات الألمانية علنا تلك الرسوم وعدوها "خطأ"، داعيا إلى "تقليل الحواجز التجارية".

وفي تطور لافت، أشار الموقع إلى أن برلين تدرس "تخفيف التحقيقات الخاصة بالسيارات الكهربائية الصينية، وتسعى لبدء مفاوضات مع بكين حول صيغة بديلة تقوم على (تحديد سعر أدنى)، وهو ما يعني عمليا التخلي عن سياسة الرسوم المرتفعة".

"بدوره، أكد المستشار فريدريش ميرتس أن (الاقتصادين الألماني والصيني شديدا التكامل، وفرص التنمية في الصين لا يمكن تفويتها)، في إشارة إلى أن زيارته المقبلة تهدف إلى إبرام مزيد من اتفاقات التعاون في قطاع السيارات". وفق الموقع.

كما شدد ميرتس على رغبته في تعميق التعاون الصيني الألماني في مجالات الطاقة الجديدة والتصنيع الذكي، بهدف استثمار الإمكانات العلمية والتكنولوجية. 

"أما بريطانيا فيعتقد الموقع أن قرارها المضي قدما نحو تعزيز العلاقات مع بكين في هذا التوقيت يعكس رغبة واضحة في إصلاح العلاقات الثنائية".

ويعود ذلك، بحسب التقرير، إلى "حاجة بريطانيا الماسة إلى استثمارات الشركات الصينية لإنعاش النشاط الاقتصادي، فيما تحتاج شركات الطاقة الجديدة الصينية إلى التكنولوجيا والبراءات البريطانية".

وبحسب تقديره، فإن "هذه المعادلة الرابحة للطرفين تبدو أكثر جدوى من مجاراة واشنطن في سياسة المواجهة".

قشة نجاة

في المحصلة، يشدد التقرير على أنه "الأكثر أهمية بالنسبة لأوروبا هو الحفاظ على الوظائف، فالإجراءات التي اتخذتها واشنطن خلال الفترة السابقة تجاه أوروبا ليست سوى شكل من أشكال (الحمائية الاقتصادية)، إذ تُغري الشركات الأوروبية بمليارات الدولارات من الدعم لنقل مصانعها إلى الولايات المتحدة".

وبالفعل اضطرت شركات مثل "فولكسفاغن" و"بي إم دبليو" إلى بناء مصانع هناك، فيما تواجه شركة "إيرباص" الفرنسية منافسة شرسة من بوينغ الأميركية. 

واستطرد الموقع: "أوروبا تدرك أن الاستمرار في هذا المسار سيؤدي إلى تفريغ صناعاتها من الداخل".

في المقابل، أبرز الموقع السوق الصينية لأوروبا كـ "قشة نجاة"، فقد بلغ حجم التجارة بين الصين وأوروبا في 2024 نحو 785.8 مليار دولار، وتشكل الصين أكبر سوق خارجي لصناعة السيارات الألمانية، وقطاع السلع الفاخرة الفرنسي، والخدمات المالية البريطانية. 

والأكثر أهمية من ذلك، بحسب الموقع، أن الصين "تتمتع بميزة في سلاسل الصناعات المستقبلية مثل الطاقة الجديدة، والذكاء الاصطناعي، والتنمية الخضراء، فيما تمتلك أوروبا التفوق التكنولوجي، ما يفتح آفاق تعاون ضخمة للطرفين".

وهكذا، فإنه من الواضح أن "التحول في مواقف فرنسا وبريطانيا وألمانيا ليس صدفة، بل نتيجة حسابات دقيقة للمصالح".

مع ذلك، طرح الموقع تساؤلات حول “قدرة أوروبا على تحدي الولايات المتحدة؟”

ليعلق قائلا: "الجواب أنها لا تستطيع المواجهة المباشرة، لكنها قادرة على اتباع (مسار التفاف) يحفظ مصالحها".

وتابع موضحا: "فزيارة القادة الثلاثة إلى بكين تهدف أساسا إلى بناء توازن ثلاثي بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا، بحيث تتحول أوروبا من (تابع لواشنطن) إلى (فاعل مستقل)".

وأكمل: "خلاصة المشهد أن زيارات القادة الثلاثة من بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى بكين لا تعني مجرد (النظر شرقا)، بل بالأحرى (النظر إلى الواقع)".

واسترسل: "فالسياسات الأحادية للولايات المتحدة أصابت أوروبا بخيبة أمل، فيما أغرت فرص التنمية الصينية الأوروبيين بالانفتاح، وهو ما جعل هذا التحول الإستراتيجي الأوروبي أمرا شبه محتوم تحت تأثير (الدافع المزدوج)".

مع ذلك، يشدد الموقع على أهمية "إدراك الصين أن أوروبا والولايات المتحدة ما زالتا في نهاية المطاف على خط واحد".

فالتحول الأوروبي الراهن، بحسب تحليله، ليس سوى خطوة تكتيكية مؤقتة، تُوظّف الصين كورقة ضغط في المساومة مع واشنطن.

وأضاف محذرا: "مهما اتسع نطاق التعاون بين بكين وبروكسل، ستظل أوروبا محافظة على تحالفها الأطلسي مع الولايات المتحدة، وستواصل العمل ضمن مجموعة السبع في إطار اقتصادي احتكاري، مع بقاء احتمال التراجع أو تغيير المواقف قائما في أي لحظة".

لذلك، يؤكد على "ضرورة أن تكون لدى الصين حساباتها الخاصة، وألا تنخرط في علاقة وثيقة أكثر مما ينبغي، فالأفضل أن يقوم التعاون على قاعدة (المصالح المتبادلة)، بحيث يحصل كل طرف على ما يحتاجه دون أن يضع نفسه في موقع التبعية أو الارتهان".