ما المقابل؟.. صحيفة إسبانية: مدريد ترحل معارضي تبون للتعذيب بالجزائر

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

أعرب ناشطون جزائريون مستقرون في إسبانيا عن مخاوفهم من أن تؤثر الأزمة الدبلوماسية بين البلدين "سلبا" على أوضاعهم.

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن "أحد المعارضين حذر من أن إسبانيا أصبحت تشكل خطرا على المعارضين الجزائريين". 

وأوضحت أن "آخر عمليات ترحيل الناشطين الجزائريين التي وقعتها إسبانيا مرت عبر الميناء القديم في مدينة مارسيليا الفرنسية، أمام مرأى ومسمع السياح والمتفرجين".

وتابعت: "في ظل هذا الوضع، نددت لافتات خلال مظاهرة احتجاجية بهذه الإجراءات، جاء في بعضها: إسبانيا تعتقل، والجزائر تعذب".

موجة غير عادية

وأكدت الصحيفة أن "المعارضة الجزائرية والحركات التي ظهرت في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لا تثق في الحكومة الإسبانية، رغم أن العلاقات بين البلدين تمر بأسوأ لحظات لها منذ عقود".

ونقلت "الإندبندينتي" عن الصحفي الجزائري فريد بوغيدة، الذي حصل مؤخرا على حق اللجوء السياسي في إسبانيا، قوله: "سلمت مدريد مواطنين، وهما محمد عبد الله ومحمد بن حليمة للسلطات الديكتاتورية الجزائرية، وما زلنا خائفين".

وتجدر الإشارة إلى أن بوغيدة غادر الجزائر في سبتمبر/أيلول 2020 على متن قارب صغير، وصدرت بحقه مذكرة توقيف عن محكمة بسبب عمله منذ مارس/آذار 2022. 

وعلق المعارض في لقائه مع الصحيفة قائلا: "حتى بعد الحصول على حق اللجوء السياسي، أعلم أن هناك مخاطر".

وجاءت هذه اللقاءات خلال الأسبوع الذي أكد فيه رئيس الحكومة الإسباني، بيدرو سانشيز، للمستشار الألماني، أولاف شولز، في 30 أغسطس/آب 2022 أنه "سيكون سعيدا بالذهاب إلى الجزائر"، التي أصبحت هدفا بالنسبة له ولأوروبا التي تسعى جاهدة للعثور على بدائل النفط والغاز الروسي. 

ونوهت الصحيفة بأن "التغيير التاريخي في الموقف المتعلق بإقليم الصحراء الغربية، الذي دفع الجزائر في مارس 2022 إلى سحب سفيرها لدى إسبانيا وتجميد التجارة معها؛ لم يغير من معنويات المعارضة الجزائرية التي قادت موجة غير عادية من الاحتجاجات بين 2019 و2021 ضد بوتفليقة والقيادة العسكرية التي لا تزال تحكم خطط البلاد".

وتحديدا، في مارس 2022 وفي خضم التوتر الدبلوماسي بين البلدين، رحلت إسبانيا ابن حليمة إلى الجزائر، وهو ناشط وضابط عسكري سابق كان قد ندد بالفساد بين كبار المسؤولين العسكريين.

وأشارت الصحيفة إلى أن ابن حليمة كان قد تقدم بطلب للحصول على اللجوء في إسبانيا في مناسبتين، 18 فبراير/شباط و18 مارس 2022، وفي كلتا المناسبتين قوبل طلبه بالرفض.

وفي وقت لاحق، انتهى به الأمر بالترحيل من إسبانيا، في عملية، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان، "انتهكت حق مقدم الطلب في تقييم مخاطر عودته".

وفي مايو/أيار 2022، أصدرت محكمة جزائرية حكما بالإعدام ضده في الجزائر العاصمة، وإدراكا منها لمثل هذا السيناريو، حاولت منظمة "العفو الدولية" دون جدوى منع ترحيله.

وبحسب المنظمة، لم تقدم السلطات الإسبانية أدلة على علاقة ابن حليمة المزعومة بحركة "رشاد" الجزائرية المعارضة التي صنفتها الجزائر عام 2021 على أنها "إرهابية"، ولا على الهدف المزعوم للجماعة المتمثل في اختراق الراديكاليين لمجموعة الشباب تحت غطاء الاحتجاج على الحكومة.

وبعد اعتقال أحد محاميه، امتنعت عائلته عن الإدلاء بأقوال للصحافة، في انتظار الإجراءات القضائية.

وذكرت الصحيفة أن "السلطات الإسبانية لم تأخذ بعين الاعتبار السياق الجزائري الذي اتسم باستخدام المناصب القضائية لملاحقة المعارضين، بحجة وجود خطر على الأمن القومي أو تهديد إرهابي".

وتقدر منظمة العفو الدولية وجود حوالي 300 شخص وراء القضبان في الجزائر لأسباب سياسية، كما تحذر الأمم المتحدة من تدهور أوضاع حقوق الإنسان والقمع المستمر والمتزايد لأعضاء الحراك المؤيد للديمقراطية.

يا له من عار

وبينت الصحيفة أن إسبانيا رحلت قبل سنة أيضا محمد عبد الله، وهو جندي سابق آخر ندد بالفساد المستشري بين المسؤولين المكلفين بحراسة الحدود بين الجزائر وتونس. 

وبعد إبلاغ رؤسائه بالرشاوى وعمليات تهريب الأسلحة والبنزين التي شاهدها، عمل على مشاركة المعلومات مع نشطاء مكافحة الفساد.

وخوفا من الانتقام هرب عبد الله إلى إسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2018.

وبعد أشهر طلب اللجوء السياسي وضاعف انتقاده للنظام الجزائري عبر حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، مع عشرات الآلاف من المتابعين.

لكن، بعد رفض منحه حق اللجوء أكملت السلطات الإسبانية ترحيله إلى الجزائر العاصمة، حيث تمت محاكمته بتهمة "الإخلال بالنظام العام وأمن واستقرار الدولة".

وفي مارس 2022، حكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية بهدف تقويض أمن الدولة والوحدة الوطنية".

ونوهت الصحيفة بأن هاتين القضيتين، إلى جانب قضية الناشط المعروف في الحراك، إبراهيم لعلمي، أثارت شكوكا ومخاوف تجاه الحكومة الإسبانية بين أولئك الذين ما زالوا ينددون بالقمع وانعدام الحريات العامة في الجزائر.

وفي السياق، أعلن كل من ابن حليمة وعبد الله أنهما تعرضا للتعذيب في السجن.

ونقلت "الإندبندينتي" عن معارض جزائري، طلب عدم ذكر اسمه، أنه: "بلغ به الحد إلى الاعتقاد أن إسبانيا أصبحت تشكل خطرا على طالبي اللجوء الذين يفرون من القمع والمضايقات المستمرة للسلطات الجزائرية".

واستطرد: "تحاول إسبانيا التجارة بالمعارضين، لقد أصبحنا عملة مقايضة".  

وأضاف المعارض، الذي فقد الأمل في إمكانية مساهمة قطع العلاقات الدبلوماسية في تحسين وضع عشرات المعارضين الذين يقيمون في إسبانيا، أن "العلاقات المتوترة بين مدريد والجزائر يمكن أن تؤثر بشكل كبير على أولئك الذين لجؤوا إلى البلد الأوروبي، خاصة المعارضين والصحفيين والناشطين الذين طالبوا بتغيير سلمي للنظام".

وأفادت الصحيفة بأن "توتر العلاقات غير المسبوق بين إسبانيا والجزائر دفع أقارب النشطاء المرحلين إلى توبيخ رئيس الحكومة الإسباني".

وجاء في إحدى الرسائل التي وصلته من الجزائر: "سانشيز، لقد أرسلت محمد عبد الله إلى الجزائر عندما تقدم بطلب لجوء في إسبانيا، مقابل الغاز، حيث يواجه الآن عقوبة الإعدام في سجن عسكري سيئ السمعة".

وتابع: "كنت تعتقد أن المجلس العسكري سيحافظ على كلمته ويزودك بغاز رخيص الثمن، لكنك اكتشفت الآن أنه تم خداعك… يا له من عار". 

وأشارت الصحيفة إلى أنه "خلال الأشهر التي سبقت تسليمه إلى السلطات الجزائرية، أبلغ عبد الله قوات الأمن الإسبانية أنه تعرض للمراقبة والتهديد من قبل عملاء جزائريين في إسبانيا".

وتضمنت إحدى الرسائل التي تلقاها العبارات التالية: "ستدفع ثمنا باهظا للغاية مقابل ما قلته، نعلم أنك طلبت اللجوء في إسبانيا وسنضمن عدم ظفرك به"، وهو ما تحقق فعلا.