في ميزان التحالفات الخارجية.. هذه أسباب السيسي لتفضيل بوتين على بايدن

قسم الترجمة | 2 years ago

12

طباعة

مشاركة

تساءل موقع "إيل سوسيداريوا" الإيطالي عن سر علاقات التعاون والشراكة التي تربط رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لدرجة أن يدعمه في غزو أوكرانيا المتواصل منذ 24 فبراير/ شباط 2022.

واعتبر الموقع أن كلا الطرفين يستغلان عن وعي، بعضهما بعضا، في تحقيق أهداف إقليمية ودولية، ما مهد الطريق لتنامي العلاقات الاقتصادية والدفاعية بينهما، ومع ذلك أكد أن هذه العلاقة محفوفة بالمخاطر.

وللتخلص من الضغط الغربي عليه بقيادة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لتبني موقف مندد بالغزو الروسي لأوكرانيا، تبنى النظام المصري موقفين رسمي وغير رسمي.

الأول بدعم قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ينصر أوكرانيا على روسيا، والثاني بإطلاق آلته الإعلامية ولجانه الإلكترونية لإشباع رغبة موسكو في دعم القاهرة لها.

تعاون كبير

وأوضح الموقع أن مصر اقتنت أسلحة روسية بمليارات الدولارات على مدى السنوات الثماني الماضية، بما في ذلك طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي وفرقاطات.

كما وقع البلدان أيضا اتفاقية تعاون إستراتيجي في عام 2018 تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

وفي عام 2021، زادت التجارة بين مصر وروسيا بنسبة 11.3 بالمئة لتصل إلى 3.4 مليارات دولار مقارنة بـ3 مليارات دولار في 2020. كما بلغت الاستثمارات الروسية في مصر 8 مليارات دولار في عام 2020.

ومن المنتظر أيضا أن تقدم روسيا 85 بالمئة من إجمالي 25 مليار دولار  التكلفة الإجمالية لبناء محطة الضبعة للطاقة النووية، وهي الأولى في مصر، كما تخطط لإنشاء منطقة صناعية في منطقة قناة السويس.

كما تأكد تحسن العلاقات برفع الحظر المفروض على الرحلات الجوية السياحية إلى مصر بعد توقف دام ست سنوات في أعقاب تحطم طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء في عام 2015.

ويشكل السياح الروس نحو ثلث تدفقات السياح إلى مصر، التي تعد صناعة السياحة فيها مصدرا رئيسا للدخل الأجنبي.

تاريخيا، اعتبر الاتحاد السوفييتي أحد الحلفاء الرئيسين لمصر خلال حروبها العسكرية ضد إسرائيل في عامي 1967 و 1973.

ولفت الموقع إلى أن وزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري محمد زكي أجرى زيارة إلى روسيا على رأس وفد عسكري رفيع المستوى في 22 أغسطس/آب 2021 لحضور الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة والتقى بعدد من المسؤولين الروس.

وأكدت الزيارة العلاقة الخاصة المتنامية بين روسيا ومصر، لا سيما بعد انقلاب 2013 الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي.

استغلال متبادل

ولفت الموقع الإيطالي إلى أن السيسي استثمر منذ توليه السلطة في عام 2014 في علاقاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعتبره حليفا رئيسا ويرى في العلاقات بين الطرفين حجر زاوية في السياسة الخارجية المصرية.

وأضاف بأن العلاقات الثنائية التي تعود إلى عقود، تكثفت على مدى السنوات الثماني الماضية خصوصا منذ وصول السيسي إلى السلطة.

ويشرح الموقع أن الأخير حريص على بناء شراكة قوية مع موسكو لعدة أسباب من بينها موازنة العلاقات الخارجية لمصر والاستفادة من تنامي نفوذ روسيا في الشرق.

 وتابع بالقول  إنه "من الواضح أن السيسي معجب أيضا ببوتين كحاكم، لذلك يساعد الاستثمار في العلاقات مع موسكو على موازنة العلاقات الخارجية المصرية مع اللاعبين العالميين، وخاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية لا سيما بعد انتقادهم انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان".

وأكد على أن إقامة علاقات قوية مع روسيا لن يسمح للقاهرة بإعادة بناء ثقلها وصورتها في المنطقة فحسب، بل سيساعد أيضا في خلق توازن ضد التأثير المتزايد للاعبين الإقليميين الآخرين، لا سيما تركيا وإيران.

في المقابل، تعتمد روسيا على مصر لترسيخ نفوذها كقوة عظمى في المنطقة خصوصا وأنها أكبر دولة عربية بإمكانها أن تلعب دورا رئيسا في مناطق الصراع مثل ليبيا وسوريا.

 لذلك يميل الطرفان إلى تنسيق مواقفهما بشأن هاتين المسألتين من أجل تحقيق مصالحهما الإقليمية المشتركة، وفق الموقع الإيطالي.

علاوة على ذلك، يتشارك السيسي وبوتين وجهات نظر متشابهة حول كيفية التعامل مع المعارضة الداخلية التي لا يقبلها كلاهما أو يتسامح معها وأيضا المسائل الإقليمية في سوريا وليبيا، وكذلك الإسلام السياسي.

يذكر في نفس السياق توقيعهما في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 اتفاقية شراكة خلال الزيارة الرابعة لرئيس النظام المصري إلى موسكو تشمل الجوانب العسكرية والأمنية والتجارية والاقتصادية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، صادق البرلمان المصري على اتفاقية شاملة أخرى بين مصر وروسيا تنص على تبادل الزيارات الدورية على مستوى الرئاسة وعلى مستوى وزيري الخارجية والدفاع.

كما تضمنت بنودا حول مكافحة الإرهاب والتعاون في المجالات العسكرية والاقتصادية والتجارية والعلمية والتقنية والسياحة والشباب.

أرقام متصاعدة

ونوه الموقع الإيطالي بأن المبادلات الاقتصادية والتجارة بين مصر وروسيا توسعت بشكل كبير ليبلغ حجم التجارة الثنائية 6.2 مليارات دولار في عام 2019، منها 5.7 مليارات دولار صادرات روسية إلى مصر.

 وبذلك باتت أكبر شريك تجاري لروسيا في الشرق الأوسط وإفريقيا، ووضع الأخيرة في المرتبة الثالثة كأهم شريك لمصر بعد الاتحاد الأوروبي والصين.

وتنشط الشركات الروسية الكبرى في السوق المصري باستثمارات تزيد عن 7.4 مليارات دولار، كما وقع الطرفان اتفاقية لإنشاء منطقة صناعية روسية في شرق بورسعيد، من المتوقع أن تزيد من عدد الشركات والاستثمارات الروسية، ما يخلق حوالي 35000 فرصة عمل للمصريين.

كما تعد روسيا أكبر مصدر للقمح إلى مصر، حيث توفر معظم الطلب المصري، وتمثل المنتجات الزراعية ما يقرب من 80 بالمئة من الصادرات المصرية إلى روسيا، مما يجعلها واحدة من أكبر مستوردي الفاكهة والخضروات المصرية.

من جانبها، أصبحت مصر أيضا أحد أكبر مستوردي الأسلحة في الشرق الأوسط، إذ  زادت واردات الأسلحة بنسبة 136 بالمئة بين الفترات 2011-2015 و 2016-2020، وفقا لتقرير عام 2021 الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

 في نفس الصدد، ذكر الموقع الإيطالي أن "مصر أنفقت حوالي 15 مليار دولار بين عامي 2014 و 2017 على مشتريات الأسلحة، بلغت حصة روسيا منها 60 بالمئة، لذلك يعد التعاون العسكري عنصرا أساسيا في العلاقات المتنامية بين البلدين".

إلى جانب تلك الصفقات، توصل كلا البلدين إلى اتفاقيات تعاون عسكري تقني بتكلفة 3.5 مليارات دولار شملت شراء 46 مقاتلة من طراز ميغ 29 و 46 طائرة هليكوبتر وغيرها، كما يجري البلدان أيضا عدة مناورات عسكرية مشتركة منذ عام 2016 في إطار تعزيز العلاقات العسكرية.

الشراكة مع أميركا

وأشار الموقع الإيطالي إلى أن مصر كانت شريكا إقليميا رئيسا للولايات المتحدة على مدى العقود الخمسة الماضية، وكانت من أكبر المتلقين للمساعدات الخارجية الأميركية في العالم، حيث بلغ إجمالي المساعدات العسكرية والاقتصادية ما يقرب من 1.4 مليار دولار.

إلا أن العلاقات شهدت عدة نكسات منذ اندلاع ثورة يناير/كانون الثاني 2011 لا سيما بعد انقلاب 2013 وعودة ظهور الاستبداد في مصر.

وأعاد التذكير بأن إدارة باراك أوباما  كانت قد علقت بين عامي 2013 و 2015 بعض المساعدات العسكرية الأميركية السنوية للبلاد ردا على التعامل الأمني مع الاحتجاجات في 2013.

وجاء رد السيسي من خلال زيارات متعددة إلى روسيا بين عامي 2014 و 2018 وتعزيز علاقات القاهرة مع موسكو، كما وقع الجانبان عدة اتفاقيات عسكرية ومددا الشراكة الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية رغم  استئناف الإدارة الأميركية للمساعدات العسكرية في مارس/آذار 2015.

ويشرح الموقع بأن رئيس النظام المصري يلعب أوراقه مع الولايات المتحدة ويحاول استغلال علاقاته مع موسكو لجذب انتباه واشنطن.

من جهتها، تدرك روسيا هذه الإستراتيجية وهي بدورها تستخدمها لأغراضها الخاصة لذلك هذا التعاون محفوف بالمخاطر للغاية ويمكن أن يهدد علاقات القاهرة مع أحد شركائها الرئيسين، على حد قول الموقع.

في هذا الصدد، كانت القاهرة على وشك أن تتعرض للعقوبات الأميركية في عام 2019 بسبب سعيها للحصول على طائرات سوخوي 35 روسية الصنع خلال إدارة دونالد ترامب الذي كان يعتبر السيسي"الديكتاتور المفضل".

بحسب الموقع، يعتمد السؤال عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه مصر في علاقاتها مع روسيا على مدى قبول واشنطن لهذا التوجه وتسامحها معه، مؤكدا بأن القاهرة تشعر حاليا بالارتياح من السير في هذا الطريق.