"مروا عبر المملكة".. كيف يتعامل المغرب مع انقلابات العسكر بمنطقة الساحل؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة جون أفريك الفرنسية أن مالي وغينيا وبوركينا فاسو كانوا مسرحا للانقلابات خلال العامين الماضيين.

وفي هذا السياق، تساءلت المجلة: ما هي إستراتيجية المملكة المغربية للحفاظ على علاقاتها الجيدة مع دول الساحل هذه؟

"لا أرى، لا أسمع"، يلخص هذا التعبير وحده مسار النشاط الذي اتبعته الدبلوماسية المغربية في مواجهة تعاقب الانقلابات في منطقة الساحل. 

حلقات جديدة

وكانت آخر حلقة نهاية يناير/كانون الثاني 2022 في بوركينا فاسو، عندما أطاح الجيش بالرئيس روش مارك كريستيان كابوري واستولى على مقاليد السلطة.

وهو انقلاب أدانته الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا)، والجزائر وغالبية الدول الغربية بما في ذلك فرنسا.

لقد فضَّل المغرب وهو حليف تقليدي لبوركينا فاسو التزام الصمت رغم أنه مكترث بالأحداث. وفي المملكة أيضا، وجد الرئيس السابق بليز كومباوري الملاذ بعد استقالته.  

أما كريستيان كابوري، فقد بعث ملك المغرب محمد السادس برسالة تهنئة في 30 نوفمبر 2020 لإعادة انتخابه.

حدث ذلك نفس عدم وجود رد فعل خلال انقلاب سبتمبر/أيلول 2021 في غينيا، عندما كانت العلاقات مع ألفا كوندي دافئة بشكل ملحوظ.

مع ذلك، تابعت السلطات المغربية تطورات الوضع بأكبر قدر من الاهتمام، خاصة وأن منتخب أسود الأطلس (المغربي) كان موجودا في ذلك الوقت في كوناكري، حيث كان من المقرر أن يواجه الفريق الغيني (جرى تأجيل اللقاء).

وكانت الجزائر أقل حذرا في التعجيل برفض أي "تغيير غير دستوري للسلطة في أعقاب الانقلاب العسكري".

خلال الانقلاب العسكري الأول في مالي، أغسطس/آب 2020، كانت المملكة راضية عن دعوة "الأطراف المختلفة إلى حوار مسؤول"، مما سمح للدبلوماسية المغربية بعدم قطع العلاقات مع باماكو. 

في غضون ذلك، زار وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مالي.

وفي فبراير/شباط 2021، جاء دور العقيد عاصمي غوتا نائب الرئيس الانتقالي لجمهورية مالي، للسفر إلى الرباط للقاء وزير الخارجية والمفتش السابق للقوات المسلحة الملكية، اللواء عبد الفتاح لوارك.

عندما أعلن عاصيمي غويتا نفسه رئيسا في مايو/أيار 2021، لم يتغير شيء.  

وفي 28 ديسمبر/كانون الأول 2021، استقبل الأخير السفير المغربي حسن الناصري في ختام مهمته، وذكر أن "المغرب ليس شريكا عاديا بل بلد شقيق".  

يؤكد إبراهيم الفاسي الفهري الرئيس المؤسس لمعهد أماديوس في الرباط أن "المغرب الحليف التقليدي لفرنسا التي تحافظ على علاقات سيئة مع السلطات الجديدة في باماكو، اختارت إبقاء علاقاتها".

تتجنب المملكة الواقعية التصالحية والغضب بحرص. وتقول المجلة إن المغرب لا يتوقف عند الشخصيات المسؤولة عن البلدان، وليس لديه أي شروط مسبقة لتعزيز العلاقات والتعاون مع دول الساحل.

على عكس الجزائر التي ترتبط مبادراتها في مالي على سبيل المثال، ارتباطا مباشرا بتنفيذ اتفاق الجزائر لعام 2015 ومصالحها الخاصة. 

ناهيك عن أن الجزائر التي تشترك في حدود 1400 كيلومتر مع مالي، لديها وسائل للتأثير على هذه القضية أكثر من الرباط، التي تعتبر "أكثر سطحية" حسب مصدر محلي. 

 روابط آمنة

في حين أن المغرب ليس لاعبا رئيسا بمنطقة الساحل، فإن هذه المنطقة تقع في قلب إستراتيجيته الإفريقية

كما يؤكد إبراهيم الفاسي الفهري أيضا أن "المملكة المغربية، في منطقة الساحل، موضع تقدير".

وإلى جانب الروابط الإنسانية والتاريخية والثقافية والدينية، يعتبر المغرب لاعبا مهما من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر والتعاون.

مالي هي المستفيد الثالث من الاستثمار الأجنبي المباشر المغربي والثاني على المنح الطلابية. 

تأتي بوركينا فاسو وغينيا أيضا في صدارة هذين التصنيفين. المملكة تزن، وستظل دائما صوتا مسموعا في هذه البلدان الثلاثة، وفق المجلة. 

وبلغة العلاقات الدولية، يقال إن المغرب ينغمس في "السلطة الذكية" وهي مزيج ذكي من "القوة الناعمة والصلبة". 

على الجانب "الصلب"، للمملكة تقليد طويل في تدريب ضباط الجيش في الأكاديميات الملكية لا سيما في مكناس أو القنيطرة أو بن جرير.   

ويؤكد رئيس معهد أماديوس أنه "في حاشية الرجال الأقوياء الجدد في مالي وغينيا، العديد منهم من الذين مروا عبر المملكة". 

وأضاف "يجب أن نضع في اعتبارنا أن هؤلاء الرجال الأقوياء الجدد لديهم على الأقل شيء واحد مشترك، تجربتهم في الميدان في محاربة الجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الساحل أو في المقاطعات الجنوبية للمملكة المغربية". 

وكما يقول إيمانويل دوبوي رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا (IPSE) فإن التداخل بين جبهة البوليساريو والجماعات الإرهابية في منطقة الساحل مقبول تماما أيضا.

الأصول الأخرى للمغرب هي بالطبع أجهزتها الاستخباراتية المعترف بها كمرجع في مكافحة الإرهاب داخل المنطقة وخارجها.  

تعتبر المديرية العامة لمراقبة الأراضي المغربية (DGST) أيضا أحد أعمدة القتال ضد المسلحين في جميع أنحاء القارة الإفريقية. 

يضيف إبراهيم الفاسي الفهري في سياق متصل أن "المشروع العاجل هو على وجه التحديد إعادة تشكيل الهيكل الأمني ​​في منطقة الساحل". 

وأردف: "مجموعة الساحل الخمس التي شارك فيها المغرب لا تستجيب للمشكلة، للرباط مكان شرعي وخبرتها مطلوبة من قبل دول أخرى في المنطقة".

بداية فبراير 2022، انتخب المغرب لعضوية مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي (AU) وهو بالفعل شريك رئيس لمجموعة الساحل G5.   

لذلك سيكون له رأي واقعي ويمكنه حتى موازنة الموقف الصعب للغاية الذي تنتهجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تجاه مالي وغينيا وبوركينا فاسو والتي جرى تعليق عضويتها على الهيئات الإقليمية والقارية، تقول المجلة.

 يمكن أن تجد القضية الشائكة المتعلقة بانضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا حلا قريبا بعد زيارة الرباط رئيس برلمان المنظمة السيراليوني سيدي محمد في 21 فبراير. 

وقال على وجه الخصوص "سنرى بشكل عام كيفية العمل من أجل العضوية الكاملة للمغرب، لأننا نؤمن إيمانا راسخا بأنه أفضل شيء لنا جميعا، لا مصلحة للمملكة سوى استقرار منطقة الساحل".   

يشرح إبراهيم الفاسي الفهري "اهتمامه يتركز قبل كل شيء على التنمية الاقتصادية وإنشاء منطقة تجارة حرة في نهاية المطاف".

 المغرب حليف للولايات المتحدة وإسرائيل وشريك رئيس للاتحاد الأوروبي في المنطقة، ولديه قوة كبيرة في الوساطة والتفاوض، وفق تقديره.   

وأردف أن هذه "بطاقة يمكن لسلطات مالي وغينيا وبوركينا فاسو أن تختار لعبها للخروج من عزلتها".