المتدينون في إسرائيل.. اتجاهات الطائفة والتأثير المجتمعي

قسم البحوث | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

المقدمة

1 - اتجاهات المتدينين اليهود في إسرائيل

2 - أوضاع المتدينين اليهود في إسرائيل

أ - البنية السكانية والفئات العمرية

ب – الوضع الاقتصادي والاجتماعي

ج - المستوى الثقافي

3 - القضايا التي يركز عليها المتدينون وموقفهم منها

أ - قضية الهوية وخطورة الاندماج في المجتمع الإسرائيلي

ب - قضايا المحافظة على الشريعة والتقاليد الدينية

ج - قضية التجنيد في الجيش

د - مواقفهم تجاه العرب، والمقدسات الإسلامية

4 - تأثيرهم في المجتمع ثقافيا واجتماعيا

الخاتمة


مقدمة

تركز هذه الورقة على الأوضاع الاجتماعية والثقافية لليهود المتدينين في إسرائيل، ورغم أننا قد نتعرض في بعض مواضعها لوضعهم السياسي، إلا أن تركيزنا لا ينصب عليه بالأساس وإنما يأتي ذكر الدور السياسي في سياق إظهار دور الجماعات الدينية وتأثيرها على المجتمع الإسرائيلي.

وانطلاقا من ذلك فإن منهجنا في هذه الورقة ليس تفصيل كل معلومة ترتبط بالمتدينين في إسرائيل، أو بحصر كامل لاتجاهاتهم وحركاتهم، بل إلقاء نظرة على أكثر الجماعات الدينية في تل أبيب تأثيرا، ومعرفة الظروف التي يعيشها أبناء هذه الجماعات.


1 - اتجاهات المتدينين اليهود في إسرائيل

ينقسم اليهود في العالم إلى ثلاث فرق كبيرة نشأت عبر الزمن لتلبية متطلبات معينة حسب الظرف التاريخي. 

هذه الفرق هي أقرب إلى المذاهب الدينية وإن توترت العلاقة بينها في بعض الأحيان؛ وهي اليهودية الإصلاحية، والأرثوذكسية (التقليدية)، والمحافظة. 

وعلى الرغم من أن اليهودية الإصلاحية هي الأقدم نشأة بين الفرق الثلاث؛ حيث نشأت في ألمانيا مع أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر إلا أن منهج اليهودية التقليدية الأرثوذكسية وأفكارها وأعمالها كانت هي الأصل الأقدم الذي سعى الإصلاحيون لتغييره.

تسمى اليهودية الإصلاحية أيضا باليهودية الليبرالية والتقدمية، وجاءت نشأتها لإعادة تفسير الديانة أو إصلاحها على أساس مستجدات الفكر الغربي وثقافته حتى يندمج اليهود في المجتمعات التي يحيون بها ويتمكنون من التمتع بنفس الامتيازات التي يتمتع بها مواطنو تلك الأمم. 

هذا بالطبع كان معناه عدم الانسجام مع فكرة الوطن القومي؛ ولذلك فإن عدد اليهود الإصلاحيين في إسرائيل يتراوح بين 20 إلى 30 ألفا فحسب.

أما اليهودية الأرثوذكسية فنشأتها كحركة فاعلة لم يحدث إلا في القرن التاسع عشر كرد فعل على اليهودية الإصلاحية.

 إلا أن ذلك لا يعني بالطبع أن الأفكار التقليدية لم تكن موجودة من قبل، لأن التيار العام للديانة اليهودية كان في أغلبه تيارا تقليديا أرثوذكسيا.

ولأن اليهودية الأرثوذكسية هي في الأصل حركة تقليدية انعزالية فقد كان من الطبيعي أن يكونوا الفرقة الدينية الأكبر في إسرائيل، على الرغم من رفض بعض فصائلها للصهيونية. 

لذلك فإن المؤسسات الدينية الرسمية في إسرائيل (وهي أرثوذكسية تقليدية) لا تعترف باليهودية الإصلاحية، ولا بالمحافظة بالطبع، ولا بأي مؤسسة أو طقس يصدر عنهما.

بالنسبة لليهودية المحافظة فإن نشأتها لم تكن ردا على اليهودية الأرثوذكسية التقليدية، بل نشأت في الحقيقة كرد فعل ضد اليهودية الإصلاحية.

فمع تسارع حركة التغيير التي نفذها الإصلاحيون بدأ فريق من علماء اليهود الإصلاحيين بالاعتراض على كثير من ممارسات نظرائهم الآخرين وأفكارهم.

وينادي هؤلاء بضرورة الجمع بين الدراسة العلمية لليهودية وبين قبول تراثها الديني، ومن هنا كانت نشأة اليهودية المحافظة، ولذلك فإنها تعد آخر الحركات اليهودية الكبرى ظهورا في العصر الحديث. 

وعدد اليهود المحافظين في إسرائيل لا يزيد عن عدة آلاف، كانت تقدر في عام 1999 بحوالي 3500 يهودي محافظ فقط. في مقابل ذلك فإن الوجود الأكبر لليهود الإصلاحيين أو المحافظين يتركز في الولايات المتحدة وأوروبا، وليس في إسرائيل.

ويصنف 40 بالمئة من الإسرائيليين، حاليا، أنفسهم بأنهم يهود أرثوذكس، أما البقية فترى نفسها في حل من الانتماء لأي تيار ديني. 

ومما ساعد على زيادة اليهود الأرثوذكس هناك وهجرتهم إلى فلسطين خوفهم من الذوبان في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها.

ورغم ما يقال عن علمانية الكيان الصهيوني فإن اليهودية الأرثوذكسية تتمتع بنفوذ قوي هناك تتمثل مظاهره في: وجود عدة أحزاب دينية أرثوذكسية، وانتشار عدد من الكيبوتسات (تجمع استيطاني) الدينية، ووجود أكثر من سبعة آلاف معبد أرثوذكسي، وسيطرتهم على الحاخامية المركزية التي تؤثر في السياسة الإسرائيلية تأثيرا كبيرا.

كما أنهم يسيطرون على المحاكم الحاخامية، وأغلب المجالس الدينية المحلية، ويشرفون إشرافا كاملا على التعليم الديني في إسرائيل. فضلا عن أن الدولة الصهيونية لا تعترف إلا بالمذهب الأرثوذكسي. 

كذلك فقد أصبح من المعروف في المجتمع الصهيوني أن المتدين اليهودي ينتمي إلى الأرثوذكسية على الرغم من أن الإصلاحيين والمحافظين يحرصون أيضا على وصف أنفسهم بالمتدينين.

وبشكل عام يمكن القول إنه رغم عداء بعض اليهود الأرثوذكس للصهيونية أو للدولة، فإن علاقة التيار العام لليهودية الأرثوذكسية معهما كانت قوية دائما، حتى إن المجلس الصهيوني العالمي كان أكثر أعضائه من الأرثوذكس، كما أن إسرائيل كدولة تتبع هذه الملة.

وينقسم المجتمع الأرثوذكسي في إسرائيل بشكل أساس إلى فريقين هما الحريديم (الأكثر تشددا)، والمتدينين الذين يميلون نحو الفكر القومي. 

يتفرع الحريديم بدورهم إلى فروع عدة نذكر منها أربعة:  الليتائيم وهم ذوو أصول يهودية غربية ليتوانية في أغلبها. والحسيديم وهم الذين يتجمعون حول زعماء دينيين يسمون "أدموريم".

 ورغم الوجود المستمر للحسيديم في فلسطين، إلا أنه لا يقارن بحجم وجودهم وقوة تأثيرهم في الولايات المتحدة. 

وللحسيديم مكونات عدة؛ منها حسيدية حبد وهي طائفة تشبه أتباع الطريقة الذين يعترفون بالصلاحية المطلقة لمن يرأسهم دون اعتراض، ولحركة حبد في الولايات المتحدة بنية تحتية قوية وإمكانات مادية واسعة جدا. 

والفئة الثالثة هي الحريديم الشرقيون وأهم مكوناتهم حركة شاس.

ورابعا: الطائفة الحريدية التي تضم عدة أطياف تشترك جميعها في معارضة التعاون مع الدولة الإسرائيلية ومنها حسيدية ساطمر، وجماعة نطوري كارتا وغيرهم.

جدير بالذكر أن حركة شاس التي حازت 9 مقاعد في آخر انتخابات كنيست (البرلمان) مارس/آذار 2020 هي التي تمثل الحريديم الشرقيين، بينما تمثل يهدوت هتوراة التي حازت 7 مقاعد في نفس الانتخابات الحريديم الغربيين.


2 - أوضاع المتدينين اليهود في إسرائيل

ينقسم مجتمع المتدينين اليهود في إسرائيل إلى متدينين، وحريديم وهم الأكثر تشددا، وما يجمع بينهم أنهم يشتركون في الالتزام بالدين على نحو تقليدي (أداء الشعائر والالتزام بالطقوس الدينية وقواعد الشريعة)، لكنهم يختلفون في أن المتدينين أكثر اندماجا في المجتمع من الحريديم الذين اختاروا، في أغلبهم، الانفصال عن المجتمع.

أ - البنية السكانية والفئات العمرية:

طبقا لبيانات الهيئة المركزية للإحصاء في إسرائيل فإن عدد اليهود الحريديم (الأكثر تشددا) في إسرائيل وصل إلى حوالي 1125000 في نهاية عام 2019، وأن معدل الزيادة السنوية لهم يصل إلى 4.2 بالمئة وهو معدل سريع مقارنة ببقية فئات المجتمع التي تصل إلى 1.9 بالمئة.

هذه الزيادة تعود إلى ارتفاع معدل الإنجاب، والزواج المبكر بينهم، فضلا عن معدل الخصوبة العالي بين النساء الحريديات والذي يصل إلى 7.1 مولود لكل امرأة حريدية. 

وقد وصلت نسبة الحريديم من إجمالي الإسرائيليين إلى 12.5 بالمئة في عام 2019 بعد أن كانت 10 بالمئة في عام 2009. 

من المتوقع، لو استمرت هذه المعدلات على ما هي عليه، أن يتضاعف عددهم في خلال 16 عاما فقط، في الوقت الذي يتضاعف فيه بقية السكان في 37 عاما، كما أنه من المقدر أن يصل عددهم في عام 2033 إلى مليوني حريدي من بين 11.7 مليون إسرائيلي مقدرين في ذلك الوقت. 

ومن الواضح أن نسبة الشباب في مجتمعات المتدينين الإسرائيليين أكبر من نظيرتها عند غير المتدينين، وهذا يعود إلى ارتفاع معدلات المواليد في المجتمعات المتدينة والأرثوذكسية، ما يجعل مجتمع المتدينين الأصغر سنا بين بقية المجتمعات؛ إذ أن نسبة 58 بالمئة من المتدينين تقل أعمارهم عن 19 عاما. وهذا يعني أننا أمام مجتمع فتي.

ب – الوضع الاقتصادي والاجتماعي

تكشف بيانات الهيئة المركزية للإحصاء عن أنه في عامي 2017-2018 كانت نسبة 84 بالمئة من مجتمع الحريديم ممن تخطوا العشرين عاما (رجالا ونساء) متزوجين، بينما تقل هذه النسبة كثيرا لتصل إلى 62 بالمئة في المجتمع اليهودي غير الحريدي.

 يشار كذلك إلى تدني نسبة المطلقين والأرامل بين الحريديم (4 بالمئة فقط)، مقابل (15 بالمئة) عند غير الحريديم.

ويعاني الحريديم من تدني مستوى المعيشة بشكل عام؛ إذ يرتفع لديهم معدل الفقر (43 بالمئة من إجمالي الحريديم) وتأثيره على مستوى معيشتهم بنسبة أكبر بكثير من النسبة عند بقية فئات المجتمع اليهودي غير الحريدي (11 بالمئة).

ويرتبط مستوى المعيشة ارتباطا وثيقا بمستوى دخل الأسرة وإنفاقها؛ في عام 2017 كان الدخل الشهري الإجمالي لكل أسرة حريدية 15،015 شيكل، وهو أقل بكثير من الدخل الإجمالي بالنسبة للأسرة اليهودية غير الحريدية (22190 شيكل).

 تعود أسباب هذا الدخل المنخفض إلى أن الأسر الحريدية غالبا ما تعتمد على معيل واحد، كما أن نطاق عمل الحريديم محدود، فضلا عن امتهانهم أعمالا ذات دخل منخفض.

إذا ذهبنا لمعدل الإنفاق فإننا نجد انخفاضا واضحا في معدل الإنفاق الشهري الأسري عند الحريديم مقارنة بغيرهم، ففي عام 2017 كان متوسط الإنفاق الشهري للأسرة الحريدية 14،311 شيكل شهريا، وهو أقل بنسبة 15 بالمئة من الأسرة اليهودية غير الحريدية، على الرغم من أن متوسط عدد أفراد الأسرة الحريدية يقترب من الضعف. 

بالطبع يمكن رد هذا الفارق لعوامل تتعلق بثقافة الاستهلاك عند الحريديم، وسعيهم للادخار، وشرائهم احتياجاتهم من أوساط حريدية تعمل على توفير السلع بأسعار رخيصة لأبناء ثقافتهم، وربما الحصول عليها مجانا في بعض الأحيان. 

لكن ذلك يدل بوضوح على تدني المستوى المعيشي للحريديم بشكل عام، كما أنه يؤشر على وجود فجوة اجتماعية كبيرة بين الحريديم وغيرهم من اليهود في إسرائيل، تظهر واضحة حين نجد أن 49 بالمئة من إجمالي أعداد الحريديم واقعة تحت مستوى خط الفقر، وهي نسبة مرتفعة للغاية مقارنة باليهود غير الحريديم (9 بالمئة فقط).

فيما يتعلق بنسبة العمل بين الحريديم فإنها تبلغ 63 بالمئة من إجمالي الحريديم الذين في سن العمل (25 – 64 عاما)، وهي نسبة أقل بكثير من نظيرتها في قطاع اليهود غير الحريديم (85 بالمئة).

 ويلاحظ ارتفاع أعداد النساء الحريديات العاملات عن الرجال (113 ألفا مقابل 76.900) طبقا لإحصائيات عام 2018. وثمة دراسات حكومية تشير إلى أن 37 بالمئة من أرباب العمل لا يرغبون في توظيف الحريديم.

ج - المستوى الثقافي

إذا انتقلنا لمستوى معرفة الحريديم للتكنولوجيا فإننا نجد أن نسبة من يستخدمون الحاسوب بينهم في عام 2017/2018 هي 59 بالمئة، مقابل 80 بالمئة عند اليهود غير الحريديم، وبينما يستخدم الإنترنت 89 بالمئة من اليهود غير الحريديم فإن هذه النسبة تقل كثيرا عند الحريديم (49 بالمئة فقط). 

ورغم أن استخدام الحريديم للإنترنت في تزايد مضطرد في السنوات الأخيرة، إلا أن ما يلاحظ هنا أننا حين نقارنهم مع غيرهم من اليهود في مستوى المعيشة والتعليم والدراية بالتكنولوجيا فإننا دائما ما نجد الحريديم في المؤخرة.

إذا انتقلنا إلى التيار الصهيوني الديني فلن نجد لديه نفس الصعوبات التي يعيشها الحريدي؛ إذ إن هذا التيار اختار الاندماج في المجتمع الإسرائيلي منذ تأسست الصهيونية الدينية.

 كما أن رغبته في التأثير على الوعي الإسرائيلي جعلته يدفع أبناءه المنتمين للتيار الديني القومي إلى الانضمام إلى الجيش، والعمل في أجهزة الإعلام بهدف إجراء تغييرات عميقة في مواقع صنع القرار وتغيير الوعي والثقافة في إسرائيل، وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد.


3 - القضايا التي يركز عليها المتدينون وموقفهم منها

بعض القضايا التي تركز عليها قيادات المتدينين والحريديم تكون ذات طبيعة اجتماعية خدمية لأبناء جلدتهم؛ إذ تسعى الأحزاب الحريدية التي تشارك في الائتلافات الحاكمة لتحسين الظروف التي تسمح للحريديم بدخول سوق العمل والحصول على وظائف، وقد يتم تخفيف الشروط المطلوبة لذلك، مع زيادة دعم شباب المعاهد الدينية للحصول على الوظائف. 

وعلى الرغم من أهمية مثل هذه القضايا التي تتعلق بالحياة اليومية والمعيشة، فإن هناك قضايا أخرى ذات طابع مصيري بالنسبة إليهم نرصدها على النحو التالي:

أ - قضية الهوية وخطورة الاندماج في المجتمع الإسرائيلي

حينما نشأت الأرثوذكسية اليهودية كانت نشأتها في الأصل لمقاومة فكرة اندماج اليهود في المجتمعات الغربية التي كانت تنادي بها اليهودية الإصلاحية، وفي إسرائيل كان الحريديم الأكثر تشددا بين المتدينين الإسرائيليين يسعون لأن يكونوا جماعة انعزالية داخل المجتمع الإسرائيلي.

وفي هذا الإطار كانوا دائما ما يؤسسون مؤسساتهم الخاصة التي تستوعبهم وتحافظ عليهم من خطر الاندماج. وكما أشرنا سابقا فإن معدلات الزيادة السكانية لدى الحريديم كبيرة للغاية وتتخطى بقية فئات المجتمع الإسرائيلي، وبالتالي فقد حققوا عبر السنين كثافة سكانية كبيرة زادت بأعدادهم عن 1.1 مليون نسمة.

إلا أن هذا الإنجاز الديمغرافي الذي يحققه الحريديم بزيادتهم العددية ونموهم السريع يقابله بالطبع ثمن أيديولوجي، فالسيطرة على أنماط حياة جمهور صغير يضم عشرات الآلاف ليست كالتحكم بما يزيد عن مليون نسمة.

ومن شأن النمو هنا أن يجلب معه أيضا ضعفا وتراجعا في الانضباط والتجانس العقائدي، وهذا يعني تنوعا متزايدا في المفاهيم والرؤى، وربما اندماجا في المجتمع الإسرائيلي العام الذي نشأت الحريدية رافضة له من الأصل ومن الاندماج فيه. 

وثمة مشكلة حالية تتعلق بضعف القيادات الدينية الحالية؛ مما يجعل التيار الحريدي أمام حالة من الضعف والترهل، منكشفا على أفكار وآراء غريبة متعارضة مع أصل نشأته.

 فمسألة الاندماج في المجتمع في اختيار المهنة أو الدراسة الأكاديمية، أو تبني مفاهيم حداثية أو التركيز على استقلالية الفرد أو تبني أنماط حديثة كالإنسانية والنسوية والقومية وهي الأكثر خطورة، جميعها تعد من أشكال الضعف لو عدنا إلى أسباب نشأة هذا التيار.

وكشف استطلاع رأي أجرته الجامعة العبرية عن أن 43 بالمئة من الحريديم في إسرائيل يعتبرون أنفسهم يمينيين، و27 بالمئة كوسط، و14 بالمئة كيسار، فيما قال 14 بالمئة إنه ليس لديهم أي توجه سياسي. 

هذا يعني أن ثمة قطاعا من الحريديم (اليسار) يتوجه نحو القومية، وهذا مؤشر على أن هذا الفريق لم يعد يرى نفسه منعزلا أو صاحب هوية متميزة داخل الدولة، وإنما أصبح جزءا من الجماعة القومية الإسرائيلية.

 وهذا في حد ذاته يحمل بذورا علمانية بتراجعه عن المقاطعة الحاسمة لأسس الحداثة وإخلاله بواجب الانعزال. أدى ذلك بالطبع إلى ردة فعل حادة تدعو لمزيد من التمسك بالهوية الحريدية، وعدم المساومة. 

ويتوقع الباحثون أن يصبح المجتمع الحريدي في غضون أعوام قليلة مجتمعا قوميا في هويته، ويمينيا في رؤيته السياسية.

ب - قضايا المحافظة على الشريعة والتقاليد الدينية

يهتم اليهود المتدينون عامة في إسرائيل، والحريديم بشكل خاص بقضية اتباع أحكام التوراة، ووصايا الشريعة، وهي واحدة من القضايا المهمة التي ينشغلون بها ويركزون عليها. وثمة استطلاعات رأي كثيرة تكشف عن الاهتمام الذي يوليه المتدينون لمثل هذه القضايا.

يؤمن 89 بالمئة من الحريديم بأنه في حال وجود تعارض بين أحكام الشريعة الدينية (الهالاخاه) ومبادئ الديمقراطية فإن الأولوية في هذه الحالة تكون للشريعة.

 وفي سؤال عما إذا كان يجب جعل الهالاخاه قانونا رسميا لليهود في إسرائيل كانت نسبة 86 بالمئة من الحريديم مؤيدين لذلك، مقابل تأييد 69 بالمئة من المتدينين. 

وبينما يعارض 81 بالمئة من الحريديم السماح للنساء بالصلاة بصوت مسموع عند حائط البراق، يعارض 66 بالمئة من المتدينين ذلك، ويرفض 96 بالمئة من الحريديم السماح للحاخامات المحافظين والمصلحين بالقيام بمراسيم الزواج في إسرائيل، وبنسبة أقل عند المتدينين 87 بالمئة.

وتفيد الاستطلاعات بأن 96 بالمئة من الحريديم يؤمنون بأن الدين أمر مهم جدا في حياتهم، مقابل (85 بالمئة عند المتدينين)، بالطبع تقل هذه النسبة لدى المحافظين (32 بالمئة)، والعلمانيين (2 بالمئة فقط). 

بالنسبة لأداء الصلوات اليومية فإن 85 بالمئة من الحريديم يؤدونها بها، مقابل 74 بالمئة عند المتدينين، ويقل ذلك كثيرا عند المحافظين (21 بالمئة)، ويكاد ينعدم عند العلمانيين (1 بالمئة). 

وحول الذهاب إلى المعبد أسبوعيا فإن الحريديم يفعلون ذلك بنسبة 85 بالمئة، والمتدينين 74 بالمئة، والمحافظين 32 بالمئة، والعلمانيين 1 بالمئة فقط. 

وبالنسبة لصيام ""يوم الغفران فإن النسبة متقاربة جدا بين الحريديم والمتدينين 99، 98 بالمئة على التوالي، و 83 بالمئة عند المحافظين، و30 بالمئة عند العلمانيين.

البيانات السابقة تكشف بالطبع عن الأهمية الكبرى التي يوليها الحريديم في المقام الأول، ومن بعدهم المتدينون بأمور الأحكام والتقاليد الدينية التي تعد بالنسبة للحريديم على وجه الخصوص حجر الزاوية الذي تقوم عليه الأفكار التي نشأت جماعاتهم من أجلها.

ج - قضية التجنيد في الجيش

لا تعد مسألة تجنيد الحريديم في الجيش مسألة عسكرية، بل سياسية واجتماعية في ظل صراع بين العلمانيين وأبناء الصهيونية الدينية من جهة والمتدينين وخاصة الحريديم من جهة أخرى، يرفض فيه المتدينون - خاصة الحريديم منهم - التجنيد بدعوى تعلم التوراة لليهودي المتدين مدى الحياة، وأن ذلك مهمة معتبرة توفر الحماية الربانية لإسرائيل التي يضمنها تعليم التوراة في أوساط الشعب اليهودي.

في نفس الوقت يخشى العلمانيون والمنتمون للصهيونية الدينية من أن تتحول فكرة التجنيد الإجباري التي تجعل الجيش تابعا للشعب دون التمييز بين أبنائه إلى شعور بعدم الإنصاف حين يتم إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية من الأساس.

 أو في حالة تفضيل المتدينين الذين اختاروا الخدمة في الجيش أن يخدموا ضمن مجموعات دينية تحافظ على نفس نمط الحياة الديني مما يؤدي إلى إنتاج جزر مستقلة حريدية داخل الجيش.

إذا انتقلنا لأبناء الصهيونية الدينية نجد أن العسكرية تشكل عندهم قيمة دينية وليست قومية فقط؛ فهم يرون أن الخدمة العسكرية جزء من العقيدة والإيمان. 

وبالمثل فإن فريقا من الحريديم يفضلون الخدمة في الجيش وهم أبناء حركة حبد، وهم عكس أغلب طلاب المدارس الدينية، لكنهم يخدمون في الفئة (ب) لأنهم لا يجندون في سن 18، وإنما بعد انتهائهم من دراستهم الدينية، وتكون خدمة أغلبهم أربعة أشهر فقط أو أقل.

قبل إعلان الدولة كان ثمة اتفاق عقده ديفيد بن غوريون أحد مؤسسي دولة إسرائيل مع حاخامات "أجودات يسرائيل" يقضي بإعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية، وكان الحريديم بالطبع ممن تمتعوا بهذا الإعفاء. 

يحدد قانون الخدمة العسكرية الحريدي بأنه "الشخص الذي درس في مؤسسة تعليمية حريدية، معرفة حسب القانون، وذلك خلال الفترة العمرية من 14 حتى 18 عاما".

ظل هذا التعريف ساريا حتى ديسمبر/كانون الأول 2018 حين رفضته المحكمة العليا معتبرة أنه تعريف واسع قد يشمل غير الحريديم كذلك، وأعلنت أن ذلك الاتفاق القديم يحتاج إلى نظام جديد من خلال تشريع قانوني ينظم المسألة.

ثمة محاولات كثيرة جرت بالطبع لمحاولة دمج المتدينين في الجيش، لكنها عادة ما كانت تلقى الفشل؛ كلجنة كاهان عام 1986، وطال 1999، ولجنة المساواة في العبء عقب انتخابات الكنيست 2009، ولجنة بيري، ثم لجنة برئاسة إييلت شاكيد من حزب البيت اليهودي (الصهيونية الدينية) الذي كان يعمل على تجنيد أبناء المدارس الحريدية في الجيش.

 وتمكنت هذه اللجنة الأخيرة من تمرير قانون المساواة في العبء في عام 2014 الذي يقضي بزيادة عدد المجندين الحريديم إلى 5200 طالب، وإلا فإن عقوبات مالية وجنائية ستنتظر المدارس الحريدية المخالفة، وفي حالة توفير العدد المطلوب فإن الحكومة ستعفي الباقين من الخدمة بعد تأجيل خدمتهم عند بلوغهم 26 عاما.

لكن مع انتخابات 2015 وعودة الأحزاب الدينية إلى الحكومة تم إلغاء هذا التعديل، وسن قانون بديل يقضي بتأجيل تجنيد المتدينين حتى عام 2023، وإلغاء العقوبات الجنائية على طلاب المدارس الدينية.

كان من المقرر أن يُطرح مشروع قانون يسعى إلى تسوية مسألة تجنيد الحريديم للجيش الإسرائيلي بشكل نهائي للتصويت عليه في الكنيست في منتصف عام 2018، وكان المشروع يتضمن توقيع عقوبات مالية على المعاهد الدينية (يشيفوت) أو على المدارس الدينية الحاخامية حيث يدرسون في حالة عدم تلبية طلب التجنيد.

 في ذلك الوقت هددت الأحزاب الحريدية المشاركة في الحكومة (حزبي شاس الذي يمثل الحريديم الشرقيين ويهدوت هتوراه الذي يمثل الغربيين) بالاعتراض على التشريع، وبزعزعة استقرار الائتلاف. 

أما رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، طبقا للصحافة الإسرائيلية، فكان مصرا على تمرير القانون، ورفض تهديدات الحريديم. ومن جانبها كانت أحزاب الحريديم قد اقترحت مشروع قانون ينص على إجبار وزارة الجيش على منح تأجيلات لطلاب المعاهد الدينية.

وقد اقترح أفيغدور ليبرمان وزير الجيش في ذلك الوقت زيادة تدريجية في أعداد المجندين المتدينين، أو فرض غرامات مالية في حالة التخلف.

وبين تهديدات الأحزاب الدينية ومحاولات الأحزاب العلمانية ظل الأمر عالقا دون فرض قانون يلزم المتدينين بشيء نتيجة طريقة تشكيل الحكومات والحاجة الملحة لنتنياهو وقتها إلى الأحزاب الدينية للإبقاء على ائتلافه الحاكم، أو للتنسيق السياسي من أجل الانتخابات المتتالية في إسرائيل.

ثمة أمر يتعلق بمسألة الوعي بمآلات دمج المتدينين في الجيش؛ وإذا كان الطرفان المؤيد والرافض لذلك على علم بما قد يحدثه هذا الدمج، إن تم، من تغيرات على الطرفين الجيش من ناحية والمتدينين من ناحية أخرى.

 فكما أن هذا الدمج قد يؤثر في تغيير فكري على المتدينين ويجعلهم قابلين للصهيونية ويندمجون في المجتمع وفي سوق العمل، فإنه من ناحية أخرى قد يؤثر في الجيش نفسه بتغلغل هؤلاء الحريديم وإمكانية تغيير الجيش نفسه بتعزيز التوجهات الدينية داخله، في ظل حرية كبيرة تعطى للحاخامية العسكرية داخل الجيش.

د - مواقفهم تجاه العرب، والمقدسات الإسلامية

في استطلاع رأي أجرته وكالة "مسكار" استهدف الإسرائيليين المتدينين بين أن معظمهم يرون أن فلسطينيي 48 (الحاملين الجنسية الإسرائيلية) يمثلون تهديدا لإسرائيل، ويود هؤلاء أن يروا الحكومة تجبرهم على مغادرة البلاد. 

وأظهر تحليل الاستطلاع أن القطاع الصهيوني الديني يتخذ مواقف متطرفة للغاية لا لبس فيها تجاه رؤيتهم لولاء فلسطينيي 48 لإسرائيل.

 ويرى 80 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع أن فلسطينيي 48 معادون لإسرائيل ويمثلون تهديدا وجوديا لها، وإن تفاوت هؤلاء في كون هذا التهديد على المدى القريب أم البعيد. 

وأغلب المتدينين يؤيدون إعادة فتح نقاش مجتمعي حول إجراء نقل قسري لهؤلاء. وهناك 75 بالمئة منهم يريدون من الحكومة أن تقوم بإعداد خطة عملية لتشجيع هؤلاء العرب خاصة المسلمين منهم على الهجرة. وتصل نسبة المتدينين المقاطعين للشركات العربية إلى 70 بالمئة.

هذا الموقف يزداد حدة من خلال العديد من الممارسات الإرهابية التي يمارسها المتدينون الإسرائيليون بشكل خاص ضد أبناء القرى العربية من فلسطينيي 48. يساعدهم في ذلك بالطبع صمت من المؤسسات الصهيونية وتواطؤ مع المعتدين.

 وهناك حالات اعتداء لا حصر لها ضد الفلسطينيين ومصالحهم وثقتها الأمم المتحدة؛ منها حرق حقول لمزارعين فلسطينيين، وإتلاف محاصيل أو أشجار زيتون، أو اعتداءات على أشخاص والوصول إلى حد القتل أو حرق بعض العرب مثلما حدث مع عائلة دوابشة في عام 2015.

يضاف إلى ما سبق الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى، ومحاولة اقتحامه من الجماعات الدينية الإسرائيلية، والتي تساعد فيها السلطة الإسرائيلية في أكثر الأحيان؛ بالسكوت عنها أو بالمشاركة مثلما فعل أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي في عام 2000.


4 - تأثيرهم في المجتمع ثقافيا واجتماعيا

للمتدينين الإسرائيليين تأثير كبير على المستويات كافة (سلبا أو إيجابا).

 ومما لا شك فيه أن النظام السياسي، وعدم قدرة أي حزب من الأحزاب الإسرائيلية منذ قيام الدولة على تشكيل الحكومة منفردا، والحاجة الدائمة إلى تشكيل حكومات ائتلافية أعطى الأحزاب الدينية وأنصارها قوة تأثير كبيرة على اتخاذ القرار السياسي كما أنه جعل الحكومات ترضخ في كثير من الأحيان لمطالب المتدينين.

بلغ تأثير الحريديم في المجتمع الإسرائيلي أنهم استطاعوا أن يجعلوا الدولة تنشئ قسما للتعليم الحريدي داخل وزارة التعليم.

 فأصبح هناك تعليم حكومي عادي، وآخر حكومي حريدي وإن كانت نسبة التلاميذ البنين الحريديم في الأخير قليلة للغاية (3 بالمئة فقط) مقارنة بالتعليم الحريدي غير الحكومي.

وطبقا للإحصائيات الإسرائيلية بلغ عدد تلاميذ الحريديم في مؤسسات التعليم الحريدي في مراحل التعليم قبل الثانوي للعام الدراسي 2018/2019 حوالي 332 ألفا، بنسبة 24.5 بالمئة من إجمالي عدد التلاميذ في هذه المرحلة ممن يتعلمون في مؤسسات التعليم العبري. (تسمح إسرائيل للعرب بالتعلم في نظام تعليم باللغة العربية).

لكننا حين نذهب إلى التعليم الجامعي نجد تراجعا كبيرا في نسبة الحريديم؛ ففي العام الجامعي 2018/2019 كان عدد الطلاب الحريديم في الجامعات الإسرائيلية (بما في ذلك الجامعة المفتوحة) حوالي 12 ألف طالب فقط، بنسبة 3.8 بالمئة فقط من إجمالي الطلاب الإسرائيليين في الجامعات في هذا العام.

10 آلاف منهم كانوا يدرسون للحصول على البكالوريوس (70 بالمئة منهم من النساء الحريديات) بنسبة 84 بالمئة من إجمالي الحريديم الذين يدرسون في الجامعات، و1800 للماجستير، و90 فقط للدكتوراه. 

وتعد نسبة الحريديم الذين يدرسون مرحلة الدراسات العليا 18 بالمئة من إجمالي الـ 12 ألف حريدي الدارسين في الجامعات، وهي أقل نسبة بين إجمالي الطلاب في إسرائيل 27 بالمئة. 

هذا يؤشر بالطبع إلى حالة من الانغلاق على الذات وعدم الاندماج في المجتمع، كما أنه مؤشر على أن التأثير الثقافي للحريديم يكاد يكون مقصورا على الحريديم أنفسهم، دون أن يتعدى إلى بقية فئات المجتمع.

يؤكد ذلك ما أشار إليه التقرير السنوي للمجتمع الحريدي الذي تحدث كذلك عن أن التعليم الذي يحرص عليه يرتبط بالأساس بالتعليم المهني الذي يمكنهم من العمل داخل المجتمع الحريدي (كالتعليم والتدريس، والمهن الطبية المساعدة، وإدارة الأعمال، والقانون) أو الاندماج في المهن المطلوبة في سوق العمل. 

وعادة ما يختار الحريديم الدراسة في الكليات التي تكون شروط القبول فيها أقل صعوبة. كما يلاحظ أن معدل تسرب الطلاب الحريديم يصل إلى ضعف معدل التسرب عند الطلاب اليهود غير الحريديم، وإن كان معدل تسربهم في الجامعات مماثلا لنظيره عند غيرهم.

في الفترة الأخيرة وخلال أزمة فيروس كورونا كان دور الحاخامات، وخاصة الحريديم منهم، سلبيا للغاية؛ إذ إن عددا من الحاخامات ذوي الشهرة الكبيرة في إسرائيل كانوا سببا في تراجع التطعيم ضد عدوى فيروس كورونا.

انتشرت لهم على وسائل التواصل الاجتماعي دعوات تحذر من خطورة التطعيم، وأنه قد يسبب العقم، ويؤدي لأمراض تحسسية قد تصل حتى الموت في بعض الحالات. 

يضاف إلى ذلك أن المتدينين الإسرائيليين وخاصة المتشددين منهم من أكثر الفئات التي ينتشر المرض في أوساطهم لأنهم لا يتبعون خطة إغلاق فيروس كورونا التي تنفذها الحكومة، واحتياج نتنياهو لأصواتهم ودعم أحزابهم في الانتخابات التي جرت في مارس/آذار 2021 والتي جعلته مغلول اليدين أمام تجاوزاتهم وتحديهم للقانون.

وأبقى هؤلاء كثيرا من مدارسهم ومعاهدهم الدينية مفتوحة، ونفذوا تجمعات كبيرة اجتماعية (جنازات، واحتفالات) أو سياسية، وهذا بدوره يدفع قطاعات أخرى من غير المتدينين لانتهاك قيود الإغلاق متعللين بأن الدولة تتساهل في تطبيق هذه القيود على المتدينين وأن هذا غير عادل.

الملاحظة الأهم هنا أن أغلب تأثير المتدينين يصب في صالحهم هم بالأساس بغض النظر عن مصالح بقية فئات المجتمع. 

وهذا بالطبع كثيرا ما استدعى عداء العلمانيين لهم ولأيديولوجيتهم وإحساسهم بأن الحكومات الإسرائيلية المتتابعة وخاصة اليمينية منها (التي تحكم إسرائيل منذ عقدين تقريبا) تحابي المتدينين وتميزهم نتيجة الحاجة لهم في الائتلافات الحاكمة.


خاتمة

أظهرت الورقة المطروحة تنوع اتجاهات المتدينين في إسرائيل، وبينت أن التأثير الأكبر يعود للحريديم منهم، وأن مستوى الثقافة والتعليم عند المتدينين الإسرائيليين خاصة الحريديم لم يكن ليوفر لهم إمكانية تأثير كبير على الدولة لولا النظام السياسي.

كما أن تأثيرهم الكبير لا ينبع في الحقيقة من قوتهم الثقافية أو التعليمية، بل من قوتهم الديمغرافية التي يتوقع أن تعطيهم في المستقبل القريب تأثيرا أكبر على السياسة الإسرائيلية والمجتمع.