هآرتس: القصف الإسرائيلي في سوريا يصيب مشروع إيران العسكري بالتعثر
.jpg)
ادعت صحيفة هآرتس العبرية أن مشروع إيران العسكري في سوريا بدأ بالتعثر؛ إذ قلصت طهران نشاطها في منطقة مطار دمشق، وخفضت عدد المليشيات هناك، أمام تواصل القصف الإسرائيلي الذي يستهدف قواعدها.
واستهدفت الهجمات الجوية الأخيرة المنسوبة لإسرائيل ومن بينها واحدة قبل منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2021، وسط وشمالي سوريا.
والغائب عن خريطة هجمات هذا العام هو هدف رئيس لسلاح الجو في السنوات الأخيرة: المطار الدولي في دمشق، حيث لا يوجد شيء عشوائي في هذا التخطيط، تقول الصحيفة.
تطورات عسكرية
ومنذ أن بدأت إسرائيل في اتخاذ إجراءات ضد الوجود الإيراني في سوريا، في أواخر عام 2017، حدثت العديد من التطورات هناك، وفق الصحيفة.
وفي وقت مبكر من عام 2019 زعمت صحيفة "هآرتس" بإجلاء الإيرانيين قواتهم من منطقة مطار دمشق في أعقاب الهجمات الإسرائيلية العديدة، قبل العودة إلى هناك بعد عام مع تقليص في عدد القوات الإيرانية في هذه المنطقة مؤخرا.
وتشير الصحيفة العبرية إلى أن هذا التغيير ناجم عن ضغوط الروس والنظام السوري على الإيرانيين.
وأضافت أن الضربات الإسرائيلية على المطار، التي كانت مرئية على نطاق واسع في العاصمة وحولها، أصبحت مصدر إحراج كبير لرئيس النظام السوري بشار الأسد الذي نجح بفضل المساعدة الروسية الكبيرة في استعادة قبضته القاتلة على أجزاء كبيرة من البلاد.
ووفق الصحيفة، أظهرت الهجمات أن الأمور ليست كلها على ما يرام. وفي أعقاب الضغط، ركزت إيران مرة أخرى الكثير من نشاطها في قاعدة "تي 4" الجوية شرق حمص، "وهي أبعد بكثير عن حدودها مع إسرائيل".
ولا يعد هذا التغيير الوحيد في النشاط العسكري الإيراني، إذ تقدر مصادر استخبارات غربية مختلفة أن عدد رجال المليشيات الشيعية الموالية لإيران في سوريا قد انخفض إلى النصف، من 20 إلى 10 آلاف.
وتواجه طهران صعوبة في تمويل مشروعها السوري، حتى بعد ارتفاع أسعار النفط، الذي وصل خلال أكتوبر/تشرين الأول إلى 80 دولارا للبرميل، بعد أن هبط إلى الصفر في بداية تفشي وباء كورونا عام 2020.
ويميل الناطقون الرسميون الإسرائيليون عموما إلى رسم صورة تؤكد تنامي التهديد الإيراني عبر المنطقة، من أجل التأكيد على الخطر الذي تشكله تلك الدولة.
لكن يبدو، في الواقع، أن تغيرات في اتجاهات مختلفة حدثت على مر السنين، حيث واجهت إيران صعوبات ملموسة، لا سيما منذ اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم السليماني، يناير/ كانون الثاني 2020.
وبالتزامن مع ذلك، هناك محاولة جارية لتطبيع العلاقات بين العالم العربي والنظام السوري.
ويبدو أن جبل الجليد بدأ في الذوبان بين سوريا والأردن حيث من المحتمل أن يتم فتح المعابر الحدودية بين البلدين لتعزيز اقتصاد البلدين.
محاولات التطبيع
ويأتي ذلك في الوقت الذي يشهد فيه الأردن وضعا مقلقا، حيث يواجه الملك عبد الله انتقادات داخلية في أعقاب فضح ثروته وفساده في "أوراق باندورا" التي كُشف عنها مطلع أكتوبر/تشرين الأول، وبسبب الزيادة الحادة في البطالة في البلاد.
إذ إن ما يقرب من ربع القوى العاملة ونصف السكان الشباب عاطلون عن العمل. وكالعادة في حالات الأزمات، غير الملك الحكومة للمرة الرابعة خلال عام.
وتشير الصحيفة العبرية إلى أن عمان في حاجة ماسة إلى المساعدة من إسرائيل.
وهذا هو سبب تنفيذ الأردن منتصف أكتوبر/تشرين الأول خطوة غير معتادة بالموافقة على زيادة حصة المياه التي تزودها بها إسرائيل.
وبسبب هذه الخطوة هاجم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو خليفته نفتالي بينيت بسبب ضعفه في مواجهة الأردن، قائلا "إنه يمنحهم الماء، فيما ينقلون النفط إلى إيران".
وتتابع الصحيفة العبرية "على نتنياهو أن يعرف أكثر من أي واحد منا مدى مساهمة الأردن في أمن إسرائيل".
ويكفي التذكير بآخر ما أوردته وسائل الإعلام العربية من أن الطائرات التي قصفت منطقة قرب حمص وصلت من الجنوب بمعنى أنها حلقت في الأجواء الأردنية، تقول هآرتس.
ومع ذلك، تقول: "يستمر نتنياهو في إظهار موقف غير مسؤول تجاه الأردن، والذي يرجع جزئيا إلى علاقاته الطويلة والصعبة مع الملك".
وفي لبنان الخاضع للنفوذ الإيراني المكثف، تستمر عملية الانهيار الداخلي.
ويبدو أن هذا النفوذ قد وصل إلى مستوى منخفض جديد في أكتوبر/تشرين الأول عندما توقفت شبكة الكهرباء الوطنية عن العمل ليوم واحد، في الوقت الذي يحاول فيه حزب الله إلى حد ما استغلال أزمة الوقود من خلال شحنات نفط إيرانية.
ومع ذلك، سارت الأمور من سيئ إلى أسوأ. وانفجرت بيروت في 14 أكتوبر/تشرين الأول على وقع "اشتباكات طائفية" (بين حزب الله وحزب القوات اللبنانية تدخل على إثرها الجيش).
وقتل سبعة أشخاص وأصيب العشرات خلال احتجاج نظمه حزب الله وحلفاؤه ضد رئيس التحقيق في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار.
وغرد المنفي السوري كمال ثابت عن التباين الشديد بين القوة العسكرية لحزب الله، مع مخزونه من الصواريخ وتهديداته العلنية ضد إسرائيل، والوضع الكئيب في البلاد، حيث انهار الاقتصاد وما زالت مؤسسات الدولة بالكاد تعمل.
وقال "إذا كان لبنان إنسانا، فإنه بالتأكيد سيكون رجلا محبطا يعيش في سيارة تجارية محطمة، مع خمسة مسدسات مخبأة تحت الفراش"، كما نقلت الصحيفة.