رغم تحذيره من "الهلال الشيعي".. ما سر تواصل الأردن مع مليشيات العراق؟

في خطوة غير مسبوقة، التقى رئيس مجلس النواب الأردني عبد المنعم العودات، والوفد المرافق له في زيارته إلى العاصمة العراقية بغداد، بالقوى والأحزاب السياسية الموالية لإيران، على اعتبار أن عمان كان لها مواقف سابقة تحذر فيها من خطر "الهلال الشيعي" بالمنطقة.
زيارة العودات مطلع سبتمبر/ أيلول 2021، جرى خلالها عقد سلسلة لقاءات مع القوى الشيعية الحليفة لإيران، والتي تمتلك فصائل مسلحة ضمن مليشيات الحشد الشعبي، وأخرى تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد في سوريا، ولاسيما عصائب أهل الحق ومنظمة بدر.
سلسلة لقاءات
عقد العودات ونائبه الأول أحمد الصفدي عدة لقاءات مع زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" المسلحة قيس الخزعلي، إلى جانب زعيم منظمة "بدر" ورئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، وزعيم تحالف "دولة القانون" نوري المالكي، فضلا عن رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري نصار الربيعي.
جرت اللقاءات في مكاتب ومقرات القوى والجماعات العراقية في العاصمة بغداد، يومي 3 و4 سبتمبر/ أيلول 2021، صدرت بعدها بيانات عدة عن أطراف عراقية أجرى الوفد الأردني لقاءات معها في بغداد، ركزت بالمجمل على "تطوير العلاقات بين البلدين".
ونقل بيان عن نصر الربيعي، تأكيده على أهمية "دعم تنفيذ نتائج القمة الثلاثية الأردنية المصرية"، التي جرت في بغداد، يونيو/حزيران 2021. وأشار إلى "دور التيار الصدري في الدفاع عن التشريعات الناظمة للتعاون الأردني العراقي خلال جلسات البرلمان العراقي".
وخلال لقاء مماثل لرئيس البرلمان الأردني مع زعيم جماعة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، أعرب الأخير عن "تقديره للموقف الأردني في الدفاع عن القضية الفلسطينية"، متحدثا عن "الضغوطات" التي يواجهها الأردن بسبب الدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية.
كذلك، تحدث هادي العامري، زعيم منظمة "بدر"، من بين الفصائل الأبرز في العراق والحليفة لطهران، عقب لقائه الوفد الأردني، قائلا: إن "الموقف الأردني مشرف ومقدر، وندرك أن الأردن تعرض للضغوطات جراء تمسكه بمبادئه".
خلال لقاءنا مع رئيس البرلمان الأردني السيد عبد المنعم العودات والوفد المرافق له أكدنا على أهمية ودور الأردن في دعم القضية الفلسطينية وأهمية تعضيد الروابط بين الشعبين الشقيقين العراقي والأردني pic.twitter.com/j3xd7wkCM6
— قيس الخزعلي (@Qais_alkhazali) September 4, 2021
وعلى الصعيد ذاته، ذكر بيان نشر على موقع مجلس النواب الأردني، ملخص لقاء العودات مع رئيس الوزراء الأسبق ورئيس تحالف "دولة القانون"، نوري المالكي، في بغداد، حيث قال: إن الأخير "أكد دعمه وتياره السياسي للاتفاقيات الأردنية العراقية".
من جهته، قال عضو البرلمان العراقي عن حركة "عصائب أهل الحق" نعيم العبوده، خلال تصريحات صحفية في 5 سبتمبر/أيلول 2021: إن "رئيس البرلمان الأردني خلال زيارته إلى المكتب السياسي للحركة، واللقاء بالخزعلي أكد أن مواقف العراق السابقة والحالية وطنية".
وأضاف العبودي أن "العودات أشار إلى أن دول المنطقة ما بعد كورونا إلى انفتاح سياسي واقتصادي أكثر مما قبله"، لافتا إلى أن "الطرفين أكدا على تبادل الزيارات في الفترة المقبلة ليس على الصعيد السياسي فقط بل الاجتماعي أيضا".
وأوضح البرلماني العراقي أن "أمين عام حركة العصائب قيس الخزعلي أكد خلال اللقاء ضرورة أن يجري التعامل مع العراقيين في الأردن بصورة تعكس التعاون والاحترام المتبادل بين الدولتين".
تثبيت الاتفاقيات
وبخصوص أسباب التحول في الموقف الأردني، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، أسعد الحمداني لـ"الاستقلال": إن "زيارة الوفد إلى القوى الموالية لإيران ربما كانت تحمل رسالة إما من الجانب الأميركي أو الإسرائيلي تتعلق بمساعي التهدئة في المنطقة".
ولفت الحمداني إلى أن "السلطات الأردنية أيقنت أن الاتفاقيات والتفاهمات التي تجريها مع حكومة مصطفى الكاظمي، ولا سيما في القمة الثلاثية التي جمعت مصر والعراق والأردن في يونيو/ حزيران 2021، لن تجد طريقها إلى التنفيذ بسبب إعاقتها من حلفاء إيران في العراق، كونهم أصحاب القرار في البلد".
وأشار الباحث إلى أن "الأردن يحاول إتمام ما اتفق عليه مع حكومة الكاظمي دون معوقات من الأطراف الشيعية التي تفرض قراراتها بقوة السلاح، ولا سيما فيما يتعلق بمد أنبوب نفط من البصرة إلى مصر عبر ميناء العقبة الأردني".
وأكد الحمداني أن "الأردن ومصر يرغبان بالحصول على مكاسب اقتصادية من العراق، لكن تقلب الحكومات فيه يحول دون إتمام ما يجري الاتفاق عليه".
لذلك يحاول الأردن تثبيت ذلك عبر التواصل مع الأطراف الشيعية الفاعلة في المعادلة السياسية العراقية، وفق تقديره.
من جهته، أكد النائب في البرلمان العراقي، محمد الخالدي، خلال تصريحات صحفية في 5 سبتمبر/ أيلول 2021، أن "زيارة الوفد الأردني إلى العراق تأتي في إطار مساعي التعاون التجاري بين البلدين المرتبطين بمصالح مهمة لا يمكن إغفالها".
ووفقا للخالدي، فإن "مصلحة بغداد تستدعي التعاون والانفتاح تجاريا مع المحيط العربي، في ملف النفط والتبادل التجاري والربط الكهربائي وغيرها، ولا يمكن أن يبقى العراق مرهونا إلى بلد واحد (في إشارة إلى إيران)".
وتابع: "لا شك أن المباحثات تطرقت إلى أنبوب البصرة - العقبة، والملفات التجارية الأخرى، لا سيما وأن المسؤول الأردني أجرى لقاءات مع القوى الرافضة للانفتاح نحو المحيط العربي"،
واستبعد أن "تغير تلك القوى من مواقفها المتشنجة، كونها تعمل بأجندات ومصالح خاصة، مقدمة بالنسبة لها على مصلحة البلاد".
رئيس مجلس النواب الأردني يبارك للدكتور الإرهابي قيس الخزعلي افتتاح فرع ميليشيا العصائب في العاصمة الأردنية عمان، الله يطيح حظچ يامريكا pic.twitter.com/lM6IKqgeV1
— Ali Al Basri (@alialbasri0) September 5, 2021
غضب عراقي
تغير الموقف الأردني من القوى الحليفة لإيران في العراق، أثار غضب قوى وشخصيات سياسية عراقية معارضة للمشروع الإيراني في المنطقة، معتبرة أن ما جرى أصاب العراقيين الوطنيين بالإحباط.
وكتب عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب ظافر العاني، على "تويتر" قائلا: "قرارات بعض الدول في تطبيع علاقاتها مع المليشيات أصابت العراقيين الوطنيين بالإحباط وهي لا تلزمنا بشيء. للدول مصالحها كما وأن لدينا ثوابتنا".
قرارات بعض الدول في تطبيع علاقاتها مع المليشيات أصابت العراقيين الوطنيين بالإحباط وهي لاتلزمنا بشيء . للدول مصالحها كما وأن لدينا ثوابتنا .
— ظافر العاني (@DhaferAlani) September 5, 2021
وقال الكاتب العراقي مصطفى سالم على "تويتر" في 5 سبتمبر/ أيلول 2021 إن "رئيس مجلس النواب الأردني عبد المنعم العودات يريد نقل تجربة مليشيات الاغتيال وخيانة وسرقة موارد العراق إلى بلده الذي أصبح بيئة طاردة بسبب الفساد".
وأضاف سالم أن "درعا، أوضحت أزمة حكومة عمان في دعم بشار الأسد (رئيس النظام السوري)، لكن هذا لن يغير من حقيقة، أن الأردن أصبح جزءا من ميدان رسم لهذه المليشيات الايرانية".
رئيس مجلس النواب الأردني عبد المنعم العودات يريد نقل تجربة ميلشيات الاغتيال وخيانة وسرقة موارد #العراق الى بلاده الذي اصبح بيئة طاردة بسبب الفساد.
— مصطفى سالم Mustafa Salim (@mustafasalem) September 5, 2021
درعا، أوضحت ازمة حكومة عمان في دعم بشار ، لكن هذا لن يغير من حقيقة، ان الاردن اصبح جزء من ميدان رسم لهذه الميلشيات الايرانية. pic.twitter.com/1RZ4JA6u5b
وغرد عضو "اتحاد المعارضة العراقية" مصطفى الدليمي، قائلا: "الدول العربية عندما أرادوا تغيير النظام السابق (صدام حسين) جيشوا سياساتهم وجيوشهم وأموالهم وخيراتهم في سبيل تغيير النظام السابق".
ولكن نراهم اليوم يؤيدون ويجتمعون على طاولة تنزف بدماء العراقيين ويدعمون حكومات وأحزاب القتلة في سبيل علاقاتهم الشخصية لهذه الشخصيات. اتركوا العروبة وشأنها، كما قال.
��
— مصطفى الدليمي (@alasafe_mustafa) September 6, 2021
الدول #العربيه عندما ارادوا تغيير النظام السابق جيشوا سياساتهم وجيوشهم واموالهم وخيراتهم في سبيل تغيير النظام السابق ولكن نراهم اليوم #يؤيدون ويجتمعون على طاوله تنزف بدماء العراقيين ويدعمون حكومات واحزاب #القتله في سبيل علاقاتهم الشخصيه لهذه الشخصيات
اتركوا #العروبه وشئنها
بدوره، قال رئيس "اتحاد المعارضة العراقية" أمير قبيلة دليم "علي حاتم السليمان"، في تغريدة على "تويتر": إنه "كنا نسمع تحذير ملك الأردن (عبدالله الثاني) من الهلال الصفوي القادم من إيران"، واليوم نرى عمان "تساهم في رسم هذا الهلال من خلال زيارة رئيس برلمانها للمليشياوي قيس الخزعلي، ولا عتب على من لا يستاهل العتب".
كنا نسمع تحذير ملك الاردن من الهلال #الصفوي القادم من إيران واليوم نرى #الاردن تساهم في رسم هذا الهلال من خلال زيارة رئيس برلمانها للميليشياوي قيس الخزعلي ولا عتب على من لا يستاهل العتب pic.twitter.com/lEIfz7ASoA
— المركز الاعلامي للشيخ علي الحاتم سليمان (@alihatem63) September 6, 2021
وفي عام 2004، حذر الملك الأردني مما سماه "الهلال الشيعي" في حديث لصحيفة "واشنطن بوست" أثناء زيارته الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد تعاون بين حكومة عراقية متعاونة مع إيران، ونظام البعث في دمشق لإنشاء هلال يكون تحت نفوذ الشيعة يمتد إلى لبنان.
علي بابا، مصمم على خطته لتسليم الاردن لايران وادخال مليون ايراني بحجة السياحة الدينية تماما كما فعل الاسد
— Mudar Zahran مضر زهران (@Mudar_Zahran) September 6, 2021
متوشحا السواد على طريقة ملالي قم، يجتمع ببعض المخبرين من الكرك ليؤكد"بان السياحة الدينية قادمة" لزيارة قبر جعفر الطيار،رغم تحذيرات شيوخ المخيمات والمحافظات له#اسقاط_النظام pic.twitter.com/WODd4RhjW5
وعلى ضوء لقاءات العودات بقادة القوى الحليفة لإيران في العراق، وجه المعارض الأردني، مضر زهران، عبر "تويتر" هجوما لاذعا لملك الأردن، بالقول: إنه مصمم على خطته لتسليم عمان لطهران وإدخال مليون إيراني بحجة السياحة الدينية تماما كما فعل الأسد.