صحيفة إسبانية: "الدولة الفاشلة" أغرقت لبنان في غيبوبة وتعجز عن إنقاذه

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

لا يزال لبنان بدون حكومة بعد سنة من كارثة تفجير ميناء بيروت الذي تسبب في مئات الوفيات والمصابين، في وقت يطالب المجتمع الدولي بإصلاحات تنهي الفساد. 

وقالت صحيفة إلباييس الإسبانية: إن لبنان لا يزال غارقا في غيبوبة سياسية واقتصادية، ومحاصرا في الرمال المتحركة لدولة فاشلة، بعد سنة من الكارثة التي دمرت ميناء بيروت.  

في الوقت الراهن، أصبح الانهيار في لبنان أخطر من الذي عاشته البلاد في 4 أغسطس/آب 2020، عندما تسبب انفجار أطنان من نترات الأمونيوم المستخدمة في الأسمدة والمتفجرات في وفاة أكثر من 230 شخصا وإصابة نحو ثمانية آلاف شخص وتشريد 300 ألف بيروتي من منازلهم.

وقدرت أضرار هذا الانفجار بحوالي خمسة مليارات يورو.

إهمال واضح

ونقلت الصحيفة أن لما فقيه، مديرة قسم الأزمات والنزاع في منظمة هيومن رايتس ووتش، أكدت في تقرير عرض حديثا أن "الأدلة التي جمعت تظهر بوضوح أن الانفجار كان بسبب أفعال وإهمال كبار المسؤولين اللبنانيين".

وبينت أن هؤلاء لم يبلغوا عن الخطر الذي تمثله نترات الأمونيوم، مع العلم أنها مخزنة في ظروف غير آمنة، كما أنهم لا يعرفون كيف يحمون المواطنين.  

وأشارت الصحيفة إلى أن انفجار بيروت كان واحدا من أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة في العصر الحديث.

وهز هذا الانفجار أيضا نظام المحسوبية للأحزاب العرقية والدينية التي ظهرت قبل 3 عقود، بعد الحرب الأهلية الدموية التي عصفت بالبلاد. 

في الأثناء، وصل أربعة رؤساء حكومة إلى السلطة في العام 2020 دون أن يتمكن أي منهم من تشكيل حكومة مستقرة.

بجميع الأحوال، لا يزال لبنان مشلولا، بينما يرفض المجتمع الدولي إنعاش اقتصاده المفلس، في انتظار تنفيذ إصلاحات جذرية لمكافحة الفساد.

وفي الأشهر التي سبقت الانفجار، هزت الاحتجاجات الاجتماعية ضد الطبقة الحاكمة التي تسعى فقط إلى إدامة الوضع الراهن، شوارع لبنان على نطاق غير مسبوق منذ الصراع الأهلي في البلاد.

ويأتي كل ذلك في ظل فرض قيود على حسابات العملات الأجنبية وندرة الوقود، فضلا عن أنه بالكاد توجد أدوية أو مواد غذائية أساسية في الصيدليات والمحلات التجارية.

كما انخفضت قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 90 بالمئة مقابل الدولار مع تضخم تجاوز 200 بالمئة خلال العامين الماضيين.

ومع انزلاق لبنان نحو الفوضى، سقط نصف سكان البلاد البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة وجميع اللاجئين تقريبا - مليون سوري ومئات الآلاف من الفلسطينيين - تحت عتبة الفقر المدقع. 

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد مؤتمر المانحين الثاني للبنان، الذي نظم في ديسمبر/كانون الأول 2020، يقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا افتراضيا ثالثا "لدعم الشعب اللبناني"، مؤكدا أنه ليس موجها للحكومة أو المؤسسات.

في هذا السياق، تأمل فرنسا أن يعمل هذا الاجتماع الدولي الجديد على تشجيع قادة لبنان على تشكيل حكومة، وهو مطلب دائم منذ بداية الأزمة.

مع ذلك، لم يكن للضغوط الخارجية أي تأثير، على الرغم من التهديدات المتزايدة بفرض عقوبات من المجتمع الدولي، الذي يشعر بإحباط متزايد من الجمود السياسي اللبناني.

خلافات وتحذيرات 

وأفادت الصحيفة بأن تعيين السني نجيب ميقاتي، الملياردير الذي شغل بالفعل منصب رئيس الوزراء عام 2005 ومن 2011 إلى 2014، فتح الطريق أمام الخروج من الأزمة الحالية.

وجاء بصيص الأمل هذا بعد أن تحطمت جميع محاولات تشكيل حكومة في مواجهة الخلافات الطائفية وإفلاس الاقتصاد بالكامل. 

في الآن ذاته، عانى حتى الجيش اللبناني نفسه من المجاعة حرفيا، جنبا إلى جنب مع معظم اللبنانيين، واضطر إلى طلب مساعدات خارجية لإطعام قواته. 

ونقلت الصحيفة أن لا أحد في باريس يخفي الإحباط من التقدم السياسي الضئيل في لبنان منذ انفجار ميناء بيروت. وأكدت مصادر في الرئاسة الفرنسية أن "الوضع مستمر في التدهور والحاجة ملحة بشكل متزايد لتشكيل حكومة".

وتلخص فرنسا ثلاث مهام سيتعين على رئيس الوزراء الجديد معالجتها بشكل عاجل: "إصلاحات هيكلية، استئناف المفاوضات بجدية مع صندوق النقد الدولي، والاستعداد لانتخابات العام المقبل".  وأضافت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي يشارك باريس نفس القلق.

في هذا السياق، حذر رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في يونيو/حزيران 2021، قائلا: "السفينة في وسط عاصفة تحتاج إلى قبطان وطاقم للعمل؛ إذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف تنهار".

وذكرت الصحيفة أن منظمة هيومن رايتس ووتش دعت مع ذكرى انفجار مرفأ بيروت إلى إجراء تحقيق دولي بشأنه.

وفي تقرير قدم من بيروت في مؤتمر عبر الهاتف، قالت المنظمة غير الحكومية، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها: إن لديها أدلة على أن كبار المسؤولين في البلاد كانوا على دراية بالمخاطر التي يشكلها التخزين غير الآمن لأطنان من نترات الأمونيوم لما يقارب من 6 سنوات في مستودع بالمرفأ دون أي مراقبة. 

في الآن ذاته، تؤكد المنظمة أن الرئيس اللبناني ميشال عون، ورئيس الوزراء آنذاك، حسن دياب، والمسؤولون عن أمن الدولة؛ قد تلقوا تنبيها بالخطر الكامن في الميناء قبل عدة أسابيع من وقوع الكارثة ولم يتصرفوا على هذا الأساس.

ويسلط التقرير الضوء على أن "الدليل واضح، لكن النظام السياسي يسمح لهم بالتهرب من مسؤولياتهم". 

من جهتها، تقول مديرة الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش لما فقيه: "ندوب الدمار ما زالت ظاهرة في المدينة ولا يزال الضحايا وعائلاتهم ينتظرون إجابة".

في هذا السياق، اعترف الرئيس عون بأنه كان على علم بوجود نترات الأمونيوم منذ 21 يوليو/تموز 2020، وطلب من أحد مساعديه متابعة الأمر.

وتلقى رئيس الوزراء دياب نفس المعلومات في الثالث ذات الشهر، لكنه لم يتخذ أي إجراء وأحال القضية إلى جهات أخرى.

وأشارت الصحيفة إلى أن الانفجار دمر الميناء وأصاب نصف العاصمة وتضرر منه أكثر من 75 ألف منزل.

من جهته، أكد البنك الدولي أن لبنان يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه وواحدة من أخطر الأزمات العالمية منذ القرن التاسع عشر.  وقد أدت الكارثة، خاصة في ظل الوباء العالمي، إلى انهيار الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20.3 بالمئة في عام 2020.