مشحونة بالتوتر.. ماذا تحمل زيارة وزير الخارجية السوري المحتملة لموسكو؟

منذ ٥ ساعات

12

طباعة

مشاركة

تحرك دبلوماسي محتمل بين الإدارة السورية الجديدة وموسكو، بعدما كشفت صحيفة "إزفيستيا" الروسية أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد يزور روسيا خلال الفترة المقبلة.

وبحسب مصدر تحدث للصحيفة، فإن "الجانب السوري يدرس إمكانية الزيارة، وهناك رغبة في تحقيقها".

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أكد سابقا توجيه دعوة رسمية لنظيره السوري لزيارة موسكو، وسبق أن التقى الوزيران وجها لوجه خلال أبريل/ نيسان 2025 في مدينة أنطاليا التركية.

مشحونة بالتوتر

وترى الصحيفة أن "الأجواء المحيطة بالزيارة المحتملة للشيباني مشحونة بالتوتر".

وفي السياق، استطلعت الصحيفة آراء العديد من الخبراء حول زيارة الشيباني المحتملة لموسكو، ومدى أهميتها للطرفين والتداعيات المترتبة عليها.

وأفاد لافروف، عقب محادثاته مع نظيره التركي هاكان فيدان، في 27 مايو/ أيار 2025، بأن موسكو وأنقرة تدركان الحاجة إلى دعم السلطات السورية خلال الفترة الانتقالية.

وبحسب الصحيفة: "لا يقتصر هذا الدعم على التسوية السياسية فحسب، بل يشمل أيضا مجموعة واسعة من قضايا الأمن وإعادة إعمار البلاد".

وتابعت: "في الوقت الحالي، تواصل موسكو تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا، وكان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، قد أعلن أن موسكو ستخصص 5 ملايين دولار من خلال برنامج الأغذية العالمي لتزويد سوريا بالمواد الغذائية".

وأضاف: "هناك مشروع آخر بقيمة 8 ملايين دولار يجرى التنسيق بشأنه مع السلطات السورية، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، يهدف إلى إعادة تأهيل القطاع الزراعي في سوريا".

ولفتت الصحيفة إلى أن القيادة السورية في دمشق "تؤكد اهتمامها بالحفاظ على العلاقات الإستراتيجية مع موسكو".

وأشارت إلى تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع حين قال: "سوريا ألغت اتفاقيات سابقة مع دول أخرى وتعمل على صياغة اتفاقيات جديدة، بما في ذلك في المجال العسكري".

وأضاف أن "روسيا عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، والأسلحة في سوريا روسية بالكامل، وهناك العديد من الاتفاقيات المتعلقة بتزويد الغذاء والطاقة".

زيارة ضرورية 

ويرى الباحث في مركز دراسات المشكلات العامة للشرق الحديث التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير أحمدوف، أن زيارة الوزير الشيباني إلى موسكو "ليست ممكنة فحسب، بل ضرورية للغاية في الظروف الراهنة".

وأوضح: "هذه الزيارة مهمة، في المقام الأول، لسوريا نفسها التي تمر بلحظة صعبة للغاية، لكنها مهمة أيضا بالنسبة لنا من حيث الحفاظ على مواقعنا الثابتة في المنطقة، بما في ذلك وجودنا العسكري". 

وشدد على أن "أي تراخ بسيط قد يجعل استعادة النفوذ أكثر صعوبة".

في غضون ذلك، أفادت الصحيفة بأنه "لم تتسرب معلومات محددة إلى العلن بشأن مستقبل القاعدة الجوية الروسية (حميميم) في اللاذقية ونقطة الدعم اللوجستي للبحرية الروسية في طرطوس".

وقد سبق أن أشار لافروف في يناير/ كانون الثاني 2025 إلى أن روسيا منفتحة على حوار بناء مع سوريا، بما في ذلك حول عمل القواعد الروسية، التي يمكن أن تتحول مؤقتا إلى مراكز إنسانية.

بدوره، يرى المستشرق ليونيد تسوكانوف أن زيارة الشيباني إلى موسكو "تبدو واقعية ومنطقية في سياق الإستراتيجية الدبلوماسية الروسية الحالية في الشرق الأوسط".

وقال: "لا توجد عقبات جدية تحول دون عقد هذا اللقاء، بل على العكس، فإن النهج الروسي في المنطقة يعتمد جزئيا على التوازن وقدرة موسكو على بناء حوار متعدد الاتجاهات مع مختلف القوى السياسية". 

وأضاف أن "الزيارة يمكن تنظيمها دون عقبات تُذكر، خاصة أن دمشق لا تزال مهتمة بالحفاظ على العلاقات الإستراتيجية وتطويرها مع موسكو".

على صعيد متصل، ذكرت الصحيفة أنه من المقرر استضافة روسيا للقمة الروسية-العربية الأولى منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

وأفاد موقع الكرملين بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرسل برقية تهنئة بمناسبة افتتاح القمة الـ34 لجامعة الدول العربية في 17 مايو/ أيار 2025، داعيا القادة العرب للمشاركة في القمة.

ونوهت الصحيفة إلى أنه "من بين المدعوين، يُتوقع حضور الرئيس الشرع".

موقف حذر 

ويعتقد المحلل السياسي أحمدوف أن "العلاقات بين موسكو ودمشق شهدت لحظات معقدة".

وأضاف: "شهدت قاعدتنا العسكرية محاولة هجوم، وأعتقد أنها كانت استفزازا يهدف إلى زرع الفتنة بين بلدينا".

وذكرت وسائل إعلام حينها أن القاعدة الجوية الروسية "حميميم" تعرضت لهجوم مسلح في صباح 20 مايو/ أيار 2025، نفذته مجموعة تتراوح بين أربعة إلى خمسة مقاتلين، وأعلنت جماعة متطرفة مسؤوليتها عنه. 

ومع ذلك، لم تصدر وزارة الدفاع الروسية أي تصريحات رسمية بهذا الشأن، وبحسب المعلومات المتوفرة، انضم بعض أفراد هذه الجماعة إلى الفرقة 86 في الجيش السوري الجديد خلال مارس/ آذار وأبريل/ نيسان 2025، وفق الصحيفة.

في سياق متصل، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أن السلطات السورية تخطط لنقل عملية طباعة العملة الوطنية من روسيا إلى الإمارات وألمانيا، بهدف إصدار أوراق نقدية جديدة لا تحمل صورة الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وبحسب الصحيفة الروسية: "يُنظر إلى هذه الخطوة كمؤشر على سعي الحكومة لتوسيع دائرة الشركاء الخارجيين. ومن هنا، قد تكون زيارة الشيباني المحتملة إلى موسكو فرصة لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا".

من جانبه، يرى المستشرق ليونيد تسوكانوف أن "الحكومة الجديدة في سوريا، بعد الإطاحة بالأسد، تتخذ موقفا أكثر برودة تجاه موسكو، مع توجه أكبر نحو تعميق الحوار مع الولايات المتحدة وأوروبا، مما يحد من هامش المناورة الروسي".

واستدرك: "مع ذلك، يقدّر أن الدور الروسي سيبقى حاسما في مجالات مثل المساعدات الغذائية؛ حيث تظل موسكو شريكا رئيسا لسوريا".