صحيفة فرنسية: هكذا تسعى شركة طاقة مغربية لمنافسة الكبار في السوق الإفريقي

في المغرب تحتل أفريقيا الصدارة بما يزيد عن 600 محطة خدمة
في ظل هيمنة كبار الفاعلين على سوق توزيع المحروقات في المغرب، وعلى رأسهم مجموعة "أكوا إفريقيا" المملوكة لعائلة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى جانب "فيفو" للطاقة و"توتال إنرجيز"، أشارت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية إلى أن شركة بترول المغرب "بتروم" تعتمد على إستراتيجية مزدوجة.

نهج مزدوج
ووفق ما ذكرت الصحيفة الفرنسية: "يهدف الشق الأول منها إلى تعزيز مكانتها داخل السوق المحلي، دون الدخول في منافسة مباشرة مع الثلاثي المسيطر"، فيما يركز الشق الثاني -بحسب الصحيفة- على "التوسع نحو بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، خاصة منطقة الساحل".
وفي هذا السياق، توضح الصحيفة أن "هشام بوزوباع كُلف بتنفيذ هذه الرؤية، بعد تعيينه مديرا عاما من طرف عائلة بوعيدة، المالكة للشركة، في عام 2024"، ووفقا للصحيفة، تسعى "بتروم" إلى ترسيخ موقعها كموزع أساسي في المغرب، من خلال تحويل محطاتها إلى مراكز متعددة الخدمات أو "مراكز حيوية".
وتسلط صحيفة "جون أفريك" الفرنسية الضوء على مسار شركة "بتروم" المغربية، المملوكة لعائلة بوعيدة، في قطاع توزيع المحروقات، وتستعرض الصحيفة في هذا التقرير توجه الشركة نحو تحديث شبكة محطاتها وتحويلها إلى فضاءات متعددة الخدمات، في ظل سوق يهيمن عليه فاعلون كبار.
كما تناقش الصحيفة خطة الشركة التوسعية بقيادة مديرها العام الجديد، هشام بوزوباع، وسعيها للتحول إلى فاعل طاقي متكامل يواكب التحول الأخضر، على الرغم من التحديات التنظيمية والمالية التي واجهتها أخيرا.
وتبرز الصحيفة رهانات "بتروم" على الشراكات الإقليمية والاستثمار في الطاقات المتجددة، في إطار رؤية إستراتيجية تنسجم مع توجهات المغرب نحو تعزيز التعاون جنوب-جنوب.
إفريقيا ومحطاتها الـ 600
وفي هذا الإطار، تلفت الصحيفة إلى أن المجموعة، بفضل توسعها المنتظم بمعدل عشر محطات بيع جديدة سنويا، تمكنت من بناء شبكة تضم 303 محطات خدمة موزعة في مختلف أنحاء المغرب.
ووفقا لما أوضحه هشام بوزوباع، فإن الشركة تسعى إلى "تحسين الأداء المالي والعائد على الاستثمار في المحطات القائمة، دون اللجوء إلى توسيع كبير في النفقات الرأسمالية".
وفي المغرب، تحتل إفريقيا الصدارة بما يزيد عن 600 محطة خدمة، تليها "فيفو" للطاقة بـ 400 محطة، ثم "توتال إنرجيز" بـ 390 محطة، فيما تأتي "بتروم" في المرتبة الرابعة.
وعلى حد قول الصحيفة الفرنسية: "تعمل (بتروم) المغربية على تنويع خدماتها داخل محطاتها، وهي نفس الإستراتيجية التي يتبعها كبار الفاعلين في السوق".
فإلى جانب نشاطها الأساسي في توزيع المحروقات، تقوم "بتروم" تدريجيا بإضافة مطاعم وسوبرماركت من خلال شراكات مع علامات كبرى مثل "ماكدونالدز" و"كارفور".
وهنا، تؤكد "جون أفريك" على أن "رؤية المجموعة هي تحويل محطات الخدمة إلى مراكز تجارية مصغرة".
وفي هذا السياق، تنوه الصحيفة إلى أنه في عام 2023، تعرضت "بتروم"، إلى جانب ثماني شركات نفطية أخرى، لتوبيخ من قبل مجلس المنافسة المغربي بسبب تحقيقها لـ "هوامش ربح مرتفعة" و"إضعاف المنافسة".
وفي المقابل، أكدت إدارة المجموعة التزامها الكامل بقرارات الهيئة التنظيمية وتنفيذها لتوصيات المجلس بدقة، مع تعزيز الشفافية في نهجها التجاري.
وابتداء من ذلك الحين، بدأت المجموعة في إرسال تقارير مفصلة إلى المجلس، الذي يترأسه أحمد رحو، لتتبع أنشطة التوريد والتخزين وتوزيع كل من الديزل والبنزين.

"بتروم" في موقع هجومي
وبالإشارة إلى الغرامة التي بلغت 1.8 مليار درهم، والتي فُرضت على تسعة فاعلين في قطاع المحروقات، توضح الصحيفة أنها "تسببت في تأثير مباشر على نتائجهم المالية؛ حيث تراوحت الخسائر ما بين 8 و9 بالمئة من رقم المعاملات لكل شركة".
ولكن رغم هذه التحديات، تقول الصحيفة: إن "بتروم، التي بلغ رقم معاملاتها في سنة 2024 حوالي 9.6 مليارات درهم، تواصل اتباع نهج هجومي وإستراتيجي دون تراجع".
أما عن أولوياتها في رؤية 2030، فتتمثل في محورين رئيسين، بحسب ما ورد عن الصحيفة.
حيث يتمثل الأول في تعزيز قدراتها التخزينية، عبر رفعها من 110 آلاف متر مكعب إلى 283 ألف متر مكعب، بوصف التخزين عنصرا محوريا في سلسلة توزيع المحروقات.
أما المحور الثاني، فيتمثل في زيادة إنتاجها السنوي من الوقود الصناعي المتجدد إلى 500 ألف طن، وذلك بالشراكة مع شركة "MGH Energy" في مدينة الداخلة، من خلال استثمار ضخم يبلغ 51 مليار درهم.
إلى جانب إدماج محطات شحن للمركبات الكهربائية، تشمل حتى الدراجات النارية والمركبات الخفيفة. وبخلاف توزيع الوقود والغاز وزيوت المحركات، تقدم المجموعة أيضا خدمات موجهة لشركات البناء ومشغلي المناجم، وكذلك الفاعلين في مجال التعدين، حسب التقرير.
وفي هذا الصدد، يشدد هشام بوزوباع على رؤية المجموعة قائلا: "هدفنا واضح: نطمح لأن نكون كيانا فاعلا متكاملا ومرنا، قادرا على مواكبة التحول الطاقي في المغرب وعلى مستوى القارة الإفريقية".
الوجهة: منطقة الساحل
وفي هذا الإطار، تبرز الصحيفة أنه "في ظل الدينامية المتسارعة التي يشهدها قطاع توزيع المحروقات في إفريقيا، تعمل "بتروم" على توسيع آفاقها نحو القارة السمراء، انسجاما مع إستراتيجية المغرب جنوب-جنوب".
وبحسب الصحيفة الفرنسية، تستهدف المجموعة فرص التوسع في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الناطقة بالفرنسية، لا سيما في منطقة الساحل.
وتحقق "بتروم" ذلك -بحسب الصحيفة- من خلال شراكات أو استحواذات جزئية أو كاملة، مع التركيز على التحالف مع فاعلين محليين موثوقين.
ومن جهة أخرى، تلفت "جون أفريك" النظر إلى أن "انسحاب عملاق المحروقات الفرنسي "توتال إنرجيز" من أنشطة التوزيع في مالي وبوركينا فاسو يُعد فرصة واعدة أمام بتروم لتعزيز حضورها الإقليمي".
وبشكل عام، تبرز الصحيفة -بحسب ما يؤكد بوزوباع- أن "المجموعة تسعى إلى بلوغ حجم عمليات فعال ومربح، مع التشديد على أهمية تحقيق توازن بين التكاليف والعائدات في أي استثمار مستقبلي".
ولكن في النهاية، تقول الصحيفة: إنه "رغم الآفاق الواعدة، لا يخلو التحرك في منطقة الساحل من التحديات والمخاطر".
لافتة هنا إلى تجربة "أكوا إفريقيا"، الفرع التابع لمجموعة إفريقيا المنافسة، والتي فشلت في مسعاها للاستحواذ على أصول "توتال إنرجيز" في بوركينا فاسو.