فخاخ ومصائد.. “مؤسسة غزة الإنسانية” تحصد أرواح المجوعين بالقطاع

منذ ٤ ساعات

12

طباعة

مشاركة

في خضم اهتمام العالم بالحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، تواصل الأخيرة تنفيذ المجازر في قطاع غزة وسط انتشار الجوع بين أكثر من مليوني فلسطيني وتدهور الأوضاع الإنسانية والصحية.

ويتعمد الاحتلال استهداف منتظري المساعدات قرب “مؤسسة غزة الإنسانية” الشركة الأميركية الإسرائيلية، التي دشنتها تل أبيب لإدارة عملية التجويع جنوبي القطاع.

وزارة الصحة بقطاع غزة أعلنت في 18 يونيو/حزيران 2025 ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى أكثر من 55 ألفا و600 شهيد وما يزيد على 129 ألف جريح.

وقالت في تقريرها الإحصائي اليومي: إن مستشفيات قطاع غزة استقبلت خلال 24 ساعة "144 شهيدا و560 إصابة"، جراء استمرار الهجمات الإسرائيلية بالقصف وإطلاق النار.

وأفادت مصادر طبية بأن غارات الاحتلال استهدفت منازل، وخياما تؤوي نازحين، وتجمعات لمواطنين، ما أدى إلى ارتقاء شهداء وسقوط جرحى في مدن شمال ووسط وجنوب القطاع.

وفي تطور ميداني متزامن، واصلت قوات الاحتلال عمليات القصف والاستهداف المباشر لمنتظري المساعدات شمال مخيم البريج وسط قطاع غزة، ما أوقع عددا من الشهداء والمصابين، بالتوازي مع نسف منازل سكنية جديدة شمالي القطاع.

وفجر 19 يونيو، ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة بحق منتظري المساعدات قرب حاجز "نتساريم" وسط القطاع، ما أسفر عن استشهاد 16 فلسطينيا وأكثر من 100 مصاب.

ومن جانبها، وصفت حركة المقاومة الإسلامية حماس، مراكز تسليم المساعدات الأميركية الإسرائيلية بـ"مصائد الموت".

وقالت: "تتواصل جرائم الاحتلال وغاراته الإجرامية على الأحياء السكنية في مختلف مناطق قطاع غزة، بالإضافة إلى استهداف المواطنين المجوعين بالقرب من مصائد الموت الأميركية ـ الصهيونية، ما أسفر عن استشهاد نحو 150 فلسطينيا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية".

 ودعت حماس "الدول العربية والإسلامية، والأمم المتحدة ومؤسساتها إلى الخروج من صمتهم والتحرك الفوري لوقف هذه الانتهاكات المروّعة والتحرّك العاجل لوقف العدوان، وإغاثة شعبنا، وإنهاء الآلية الصهيونية الدموية للتحكم بالمساعدات".

كما دعت الحركة الأمم المتحدة "لإيصال المساعدات إلى أهلنا في قطاع غزّة، بعيدًا عن هيمنة الاحتلال وأدواته المشبوهة". 

وبدوره، حذّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من أن مستشفيات القطاع تغرق في الظلام، وأن المياه توشك على النفاد، وسيارات الإسعاف عاجزة عن نقل المصابين، ودعت قوات الاحتلال للتوقف عن استخدام القوة المميتة حول نقاط توزيع الغذاء في غزة.

وميدانيا، اعترف جيش الاحتلال بمقتل جندي وإصابة آخر بجروح خطيرة في معارك مع المقاومة بالقطاع، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 جنود قتلوا في غزة خلال أسبوع.

وأعلن الجيش أن الجندي المقتول برتبة رقيب أول من كتيبة الهندسة القتالية، وقتل خلال معارك مع المقاومة، فيما أفادت مواقع عبرية بأنه قُتِل برصاصة قناص في خان يونس جنوب القطاع.

وندد ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بمواصلة الاحتلال الإسرائيلي عدوانه وتركيز أهدافه على المجوعين ومنتظري المساعدات، مستنكرين أن 2.4 مليون نسمة في قطاع غزة باتوا يصرخون جوعا يوميا بأنهم بحاجة إلى الطعام دون استجابة إنسانية حقيقية.

وأكَّدوا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #خانيونس، #غزه_تموت_جوعا، #غزة_تُجوع #غزة_تُباد، #كمين_المساعدات، #مصيدة_الجوعى، وغيرها أن ما يحدث في القطاع ليس حربا، بل جريمة إبادة مكتملة الأركان.

وتداول ناشطون صورا ومقاطع فيديو مختلفة من مواقع المجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق المجوعين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، تبرز حجم معاناتهم، بينها صورة لشاب يدعى محمد يوسف الزعانين محمولا على قطعة خشب بعد استشهاده.

ونددوا بصمت العالم عما يرتكب بحق الفلسطينيين في القطاع من إبادة بالقصف والتجويع، وخذلان الجميع لغزة، وعدوا الصمت شراكة في القتل وموافقة ضمنية على المجازر، مشيدين بمواصلة المقاومة الفلسطينية عملياتها وحصدها لأرواح جنود الاحتلال. 

استنكار وتنديد

واستنكارا لتصعيد الاحتلال مجازره بغزة، قال الأكاديمي طاهر أبو وردة: إن ما يحدث في القطاع هو كفر بواح.. قتل من البر والبحر والجو، وقصف لا يتوقف.

وأكَّد الناشط براء نزار ريان، أن الـ144 شهيدا المعلن استشهادهم معظمهم قضى في فخاخ المساعدات الأميركية المنصوبة للمدنيين المجوّعين.

وعرض الصحفي وائل أبو عمر، صورا لمجوعين وهم يحملون فوق رؤوسهم بعض المساعدات، معلقا بالقول: "هنا في غزة، حيث البؤس والجوع في أحلك صوره".

وأضاف: "يمضي عشرات الآلاف من أبناء شعبنا —الذين جوعهم الاحتلال بمنع دخول المساعدات— ساعات طويلة وهم يتابعون أخبار الشاحنات القادمة، على أمل الحصول على كيس طحين، أو زجاجة زيت، أو حتى كيلو سكر".

وعرض الصحفي أنس الشريف، صورة محمد يوسف الزعانين، الشاب الوحيد بين سبع شقيقات من بيت حانون شمال غزة، والذي خرج بحثا عن لقمة تسد رمق أهله، فارتقى شهيدا برصاص الاحتلال أثناء محاولته جلب كيس طحين.

وأشار إلى أن الشاب عاد إلى أهله محمولا على الأكتاف بدلا من أن يعود بلقمة العيش، قائلا: "رحل محمد، وبقيت والدته تحتضن وجعه وغيابه، بين سبع شقيقات فقدن السند، وأمٍ لم يبق لها في الدنيا إلا الدعاء".

وعلّق الصحفي معتصم دلول على صورة لجثمان الزعانين محمولا على الخشبة، قائلا: "يذهبون إلى نقطة توزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية للحصول على الطعام لأطفالهم، ويعودون إلى أطفالهم بهذه الطريقة.. وقعوا في فخ الموت وقتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي!".

مجزرة نتساريم

وتنديدا بارتكاب الاحتلال مجزرة نتساريم بحق منتظري لقمة العيش، أكد خالد أحمد أنه لا يرحم جوعا ولا عطشا ولا أملا في كيس طحين.

وقال: "دمٌ يُراق فوق ركام الانتظار وأجسادٌ تحصدها نيران الاحتلال بينما تحلم فقط برغيف يسند الروح، يا الله أي موتٍ هذا الذي يحاصر الغزّيين حتى في طوابير المساعدات!".

ووصف أحد المدونين نتساريم بأنه “ليس معبرا إنسانيا بل مقبرة مفتوحة”. قائلا: إنه "ليس نقطة إغاثة بل نقطة قنص.. ليس مكانا للمساعدة بل مسرحًا لقتل الجوعى".

وقال محمود الزهارنة: إن مذبحة أو مصيدة نتساريم تهدف إلى تقليل عدد سكان غزة وقتلهم بحجة المساعدات.

خذلان وتواطؤ

وتحت عنوان "ما أقذر هذا العالم!"، أشار أبو عبيدة الفول إلى أن الناس تقتل في غزة لأجل كيس طحين، لأجل رغيف يسدّ رمق الجوعى، ويُصرخون: "لم نطلب إلا طحينا، فقتلونا!". 

وأكد أن المساعدات كانت مذابح، والجائع الذي ركض ليطعم أهله، ارتقى شهيدًا في غمضة عين، مستنكرا أن العالم يتفرّج.

وتساءل الفول: "عن أي سلطة؟ كراسي لا تردّ ظلمًا، لا تُطعم جائعًا، ولا تحمي طفلًا من قذيفة"، قائلا: "اللهم آمِنهم من خوف، وأطعمهم من جوع، وكن معهم حين تخلّى الجميع".

ورأت حبيبة بن عبدالله، أن ما تشهده غزة ما كا ينبغي أن يحدث لو كانت ثمة إنسانية حقيقية باقية في عقول السياسيين المتحكمين في منظومة المجتمع الدولي التي وصفته بالـ"قذر".

ورأى محمود الاغا، أن “ما يحدث لأهلنا في غزّة من مجازر وحرب إبادة يشرح معنى الغثائية”. مستشهدا بحديث رسول الله "بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل".

خسائر الاحتلال

وتعليقا على إعلان مقتل جندي إسرائيلي، أشار الباحث المتخصص في النزاعات والاقتصاد السياسي محمود العيلة، إلى وقوع 39 قتيلا إسرائيليا في الأسبوعين الماضيين. مؤكدا أنهما الأصعب على الاحتلال بعد عملية الطوفان.

ولفت إلى أن 14 جنديا وضابطا على يد المقاومة في غزة، و 25 مستوطنا داخل المدن المحتلة بفعل الصواريخ الإيرانية.

وقال العيلة: "بدون تحليلات ولا اجتهادات، لو استمرت هذه الحالة المباركة يوميا لمدة شهر، إسرائيل ستخضع".

وأشار المحلل السياسي ياسين عز الدين إلى اعتراف جيش الاحتلال بذهاب جندي من كتيبة الهندسة في سلاح المدرعات إلى المكان الحار جدا بنيران قناص في خان يونس، بالإضافة لإصابة جندي آخر بجراح خطيرة.

وأكد أن هناك تزايدا في خسائر جيش الاحتلال بغزة بعد بدء الحرب مع إيران وذلك نتيجة لسحب جزء من قوات وإرسالها لجبهات أخرى.

وأشاد الكاتب رضوان الأخرس ببسالة المجاهدين في لواء خان يونس، وتوجيههم الضربات تلو الأخرى للاحتلال وتنفيذهم سلسلة من الكمائن والعمليات النوعية في الأيام والأسابيع الأخيرة، منها عدة عمليات أخيرا.

وامتدح المجاهدين قائلا: "استجابوا للنداء رغم ما أصابهم من جراح ورغم كل الأهوال والآلام التي تحيط بهم.. اللهم تقبل منهم واكتب أجرهم وانصرهم".

وعرض المغرد صقر، صورة الإسرائيلي المقتول، قائلا: "قناص من رجالات الله في خان يونس، أرسل اليوم هذا الجندي من وحدة الهندسة، إلى جهنم برصاصة مباشرة في الرأس".

وقال إبراهيم مسلم: “كل محاولات إذلالنا وإهانتنا لن تنجح في نزع كرامتنا. نعم، نحن مجوّعون لأطيب الطعام، نعم، حُرمنا من كل ما تُنبت الأرض. وعوملنا بأبشع الصور عند تسليم الفُتات في وحل المجاعة. لكننا والله أبناء عز، وسنبقى كذلك بإذن الله، حتى لو امتلأت الصفحات بصور إذلالنا”.