حملات المقاطعة.. هل تؤثر على سير الانتخابات الرئاسية في إيران؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وسط تخوف من السلطات الإيرانية، تتصاعد دعوات وحملات مقاطعة الانتخابات الرئاسية، التي من المقرر إجراؤها في 18 يونيو/ حزيران 2021، إذ أظهرت استطلاعات للرأي تدني نسبة المشاركة بشكل كبير، الأمر الذي قد يكرر سيناريو انتخابات البرلمان في 2020.

شهدت انتخابات مجلس الشورى (البرلمان) في فبراير/شباط 2020، نسبة امتناع قياسية تجاوزت 57 بالمئة. وانتهت بفوز كبير للمحافظين أتاح لهم نيل الأغلبية البرلمانية، علما بأن مجلس صيانة الدستور لم يصادق على آلاف من المرشحين المحسوبين على الإصلاحيين.

حملات للمقاطعة

يقود ناشطون سياسيون وأهالي الضحايا من المتظاهرين والمعارضين للنظام الإيراني، حملات واسعة لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، أبرزها حملة "لا للتصويت"، التي بدأت تأخذ تفاعلا ملحوظا في الأوساط الشعبية.

ونشرت الناشطة، مسيح علي نجاد، مقطعا مصورا، يظهر عددا من عائلات القتلى في مقبرة خاوران، وضحايا الاحتجاجات على انتخابات عام 2009، والاحتجاجات الشعبية في عامي 2017 و2019، وأهالي ضحايا إسقاط الطائرة الأوكرانية بصواريخ الحرس الثوري الإيراني، والقتلى داخل السجون؛ وهم  يذكرون أسباب مقاطعة انتخابات 2021.

وفي الأول من مايو/أيار 2021 كانت قد انطلقت حملة أخرى بعنوان "لن أصوت"، أطلقت فيها مجموعة من المنظمات والناشطين السياسيين الإيرانيين دعوة لمقاطعة "فاعلة" و"هادفة" للانتخابات.

وقال مؤسسو حملة "لن أصوت" إن الهدف من إطلاق هذه الحملة السياسية هو مواجهة جهود النظام  الإيراني "لاستعادة شرعيته المفقودة"، وجرى تقديم الناشطة المدنية المقيمة في السويد مهدية غلرو، ناطقة باسم الحملة.

وقالت مهدية غلرو، خلال تصريحات صحفية في 19 مايو/ أيار 2021، إنه "لا جدوى من الاختيار بين السيئ والأسوأ، وأن الحملة هدفها إحداث مقاطعة فعالة للانتخابات الرئاسية في إيران".

في السياق ذاته، وجه 231 ناشطا مدنيا وسياسيا من 50 مدينة و25 محافظة إيرانية، رسالة إلى الشعب الإيراني، دعوه فيها إلى مقاطعة هذه الانتخابات "حتى لا يستمر النظام المناهض للشعب"، واصفين الانتخابات لعام 2021 بأنها "استعراض".

وأكد الناشطون، خلال رسالتهم في 18 مايو/ أيار 2021، أن الغرض من مقاطعة هذه الانتخابات، هو انتقال غير عنيف وسلمي من نظام ولاية الفقيه إلى تحقيق "دستور ديمقراطي وعلماني قائم على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".

وإلى جانب "المقاطعة الواسعة للانتخابات الرئاسية"، اشترط الناشطون تنحية المرشد الأعلى علي خامنئي، وإجراء استفتاء لحل دستور الجمهورية الإسلامية، وتهيئة الظروف اللازمة والكافية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في الفترة الانتقالية تحت إشراف منظمات محايدة مثل الأمم المتحدة، لتشكيل جمعية تأسيسية وصياغة دستور جديد".

وعلى الصعيد ذاته، كان قد كتب 102 من الناشطين السياسيين والمدنيين والسجناء السياسيين وسجناء الرأي من داخل إيران رسالة في أبريل/ نيسان 2021 إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعوه فيها إلى دعم "استفتاء وطني" في طهران "من خلال مجلس الأمن، للانتقال غير العنيف إلى حكومة ديمقراطية وعلمانية".

استطلاعات رأي

أظهرت العديد من استطلاعات الرأي التي أجرتها وسائل إعلام إيرانية سواء محلية أو أخرى معارضة، تدنيا محتملا في المشاركة للإيرانيين بالتصويت في الانتخابات الرئاسية.

ففي نتائج استطلاع خاص بقناة "إيران إنترناشيونال"، أجراه معهد "ستاسيس"، بين 2 و12 مايو/ أيار 2021، تبين أن 27 بالمئة فقط من السكان سيشاركون في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

تقسيم نتائج الاستطلاع أظهر أن "55 بالمئة من المستطلعة آراؤهم لن يصوتوا في الانتخابات، و18 بالمئة أعلنوا عن ترددهم، فيما أكد 27 بالمئة فقط أنهم سيصوتون في الانتخابات".

ورأت صحيفة "شرق" الإصلاحية في 16 مايو/ أيار 2021 أن "استطلاعات رأي مختلفة" تشير الى أن "أكثر من نصف الناخبين" لا يرغبون في المشاركة بعملية الاقتراع.

واعتبرت أن "العدد المهم من المسؤولين أو القادة الحاليين والسابقين الذين تقدموا بترشيحهم"، لم يساهم في "رفع حرارة" حماسة الناخبين التي لا تزال "جليدية".

ورأت صحيفة "جوان" المحافظة في 16 مايو/ أيار 2021 أن الانتخابات المقبلة "أهم من سابقتها" نظرا الى "المرحلة التاريخية الحساسة" التي تمر بها إيران، مثل مباحثات إحياء الاتفاق النووي، والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.

واعتبرت الصحيفة أن ارتفاع نسبة المشاركة هو أمر مرغوب فيه لإظهار "الدعم الصلب للنظام" السياسي للجمهورية الإسلامية القائم منذ انتصار الثورة في العام 1979.

وفي السياق ذاته، قال المحلل السياسي علي محمد نمازي، خلال مقال نشرته صحيفة "جهان صنعت" في 17 مايو/ أيار 2021، إنه "من خلال جولاته في المحافظات الإيرانية واختلاطه بشرائح مختلفة من المجتمع، توصل إلى أن المشاركة ستكون ضئيلة للغاية، متوقعا ألا تتجاوز 20 بالمئة".

وخلال الأشهر الماضية في عام 2021، حض المرشد الأعلى للجمهورية، على مشاركة واسعة تقترن بـ"اختيار صحيح" لرئيس "فعال".

"خطر الإحباط"

صحف إيرانية حذرت من انخفاض نسب المشاركة في الانتخابات، فقد دعت صحيفة "إيران" الحكومية في 16 مايو/ أيار 2021 إلى "ضمان وجود مرشحين من (مختلف) التوجهات السياسية في المنافسة النهائية"، من أجل الوصول الى تحقيق "نسبة مشاركة لافتة".

وحذرت من "خطر الإصابة بالإحباط" في حال لم يوفر الذين تتم المصادقة على خوضهم الانتخابات، قدرة تمثيلية واسعة قدر الإمكان، معتبرة أن طهران "تحتاج" إلى أن تبعث إلى العالم "رسالة" قوية عبر "نسبة المشاركة".

من جهة أخرى، تحدثت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية خلال عددها الصادر في 16 مايو/ أيار 2021 عن "قلق" بشأن نسبة المشاركة في حين أن "معاناة" الشعب و"استياءه" بلغا "الذروة".

وحول تداعيات المقاطعة، قال الكاتب، حسن فحص، إنه "لا شك في أن الاجتماع الإيراني يدرك وبشكل كبير أهمية دور المشاركة في العملية الانتخابية بما تمثله من طموح نحو التغيير الديمقراطي، ويعرف أيضا مدى تأثير العزوف أو المقاطعة، لما تشكله من تعبير اعتراضي واضح".

وفي الوقت نفسه، فالعزوف والمقاطعة تعبير "صامت على الاختلاف في نظرته إلى هذه العملية الديمقراطية عن نظرة السلطة والدولة العميقة الممثلة للنظام التي ترى في المشاركة الشعبية أنها حركة مهمتها إعادة إنتاج شرعية النظام بغض النظر عن مطالبها المحقة أو تلبية لنزوعها للتغيير في طبيعة الحكم وآليات القيادة والإدارة"، بحسب فحص.

وتابع الكاتب اللبناني المختص بالشأن الإيراني خلال مقال نشرته صحيفة "إندبندنت عربية" في 10 مايو/ أيار 2021 إنه وبناء على ما تقدم "فمن غير المنطقي اتهام الشعب الإيراني بالجهل وعدم إدراك فلسفة ومنطق الاقتراع والانتخاب، كما يحاول منظرو السلطة والتيار المحافظ تقديمه كمسوغ لتراجع نسبة المشاركة أو العزوف الشعبي عنها".

وفي قراءة واقعية لمؤشرات العزوف عن المشاركة، أوضح فحص أنه "يمكن القول إنها لا تستهدف قوى السلطة والنظام فحسب، بل تشمل في سلبيتها القوى الإصلاحية التي راهنت ولا تزال تراهن على عودتها إلى السلطة ومراكز القرار بضغط من المشاركة الشعبية الواسعة".

وتابع: "لأن التيارين المحافظ والإصلاحي، يريان في المشاركة الواسعة رفعا لحظوظ التيار الإصلاحي بالعودة إلى رئاسة الجمهورية أو البرلمان أو المراكز المرتبطة بالعملية الانتخابية، وإذا كان المحافظون لا يرغبون في زيادة الحشود المشاركة لضمان نجاح مرشحيهم، على العكس من الإصلاحيين، فإن قيادة النظام والدولة العميقة تتعارض في رؤيتها مع رؤية القوى المحافظة".

وخلص فحص إلى أن "الهاجس الذي يشغل هذه القيادة هو العلاقة المتوازية بين شرعية النظام والمشاركة الشعبية، والتي توفر له في حال اتساعها ورقة قوة في مواجهة التشكيك بتمثيله الشعبي وشرعيته الديمقراطية".

يشار إلى أن من أبرز الشخصيات التي دعت إلى مقاطعة انتخابات الرئاسة، هي فائزة ابنة الرئيس الإيراني الراحل هاشمي رفسنجاني،  حيث تساءلت: "لماذا علينا دائما أن نختار كالبائسين بين السيئ والأسوأ؟".

وأضافت فائزة رفسنجاني خلال تصريحات صحفية في 19 مايو/ أيار 2021، قائلة: "قد يكون عدم التصويت بمثابة ضربة لأولئك الذين أوصلوا البلاد إلى هذا الوضع. عدم التصويت ليس من المحرمات حتى نحافظ عليه، يجب أن يكون للتصويت منطق وتأثير، يجب أن يكون الانتخاب للأفضل وليس للأتعس".

وتساءلت ابنة الرئيس الإيراني الأسبق على أنه "ما الفرق بين أولئك الذين يصلون إلى السلطة بأصواتنا، ثم يطيعون الأوامر؟"، في إشارة إلى خضوع رؤساء الجمهورية في إيران لتعليمات المرشد الأعلى.