ليبيا أبرز المتضررين.. موقع أميركي يتوقع تصاعد حروب المياه عالميا

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قال موقع أميركي متخصص في البيئة، إن الحفاظ على وصول آمن للمياه العذبة يمثل "تحدي القرن" بالنسبة للبشرية ولعدد من الدول العربية، بينها ليبيا والخليج العربي.

وأشار موقع "مونجاباي Mongabay" إلى أنه "في 11 نيسان/أبريل 2020 اقتحم مقاتلون محطة تحكم بالمياه في الصحراء الليبية واستولوا عليها مع أسر الموظفين، واحتلوا نقطة اتصال رئيسة تساعد في نقل 1.2 مليون متر مكعب (317 مليون جالون) من المياه يوميا من طبقات المياه الجوفية العذبة تحت الصحراء إلى الساحل".

وبحركة واحدة، جف مليونا صنبور، على بعد 400 كيلومتر (250 ميلا)، في العاصمة طرابلس.

ويعد هذا الهجوم واحدا من العديد من هذه الهجمات في حروب المياه العالمية المتصاعدة التي ستكون لها آثار وخيمة على ليبيا والعالم.

شبكة هائلة

وكانت ليبيا تفخر بأن لها نظام مياه متطور مع مجموعة من المشاريع العملاقة التي سمحت للمدن في المناطق المتعطشة للمياه بالنمو.

وفي الثمانينيات، وبعد أن عانت المدن الساحلية الليبية من قلة الأمطار، واستنزفت طبقات المياه الجوفية بسبب الاستخدام المفرط، أطلق الزعيم الراحل معمر القذافي شبكة هائلة من الأنابيب - ما يسمى بالنهر الصناعي العظيم - تربط طبقات المياه الجوفية الصحراوية والسواحل الحضرية؛ وهي تزود الآن 70 بالمئة من مياه ليبيا.

ويوضح هذا النهر الصناعي اليوم، مدى السرعة التي يمكن أن ينهار بها نظام إمداد المياه العذبة المصنف عالميا.

وتسبب عقدان من العقوبات والصراع والكساد الاقتصادي في تحويل ليبيا من دولة غنية بالمياه إلى دولة معرضة للجفاف.

وبغض النظر عن عمليات الإغلاق التي يقوم بها المسلحون، فإن التدفق الحالي للنهر الصناعي لا يتجاوز ثلثي ذروته مقارنة بعهد القذافي.

وقد حذرت الأمم المتحدة من أنه إذا انخفض هذا التدفق، أو تم إغلاق المحطة لفترة طويلة جدا، فقد تفشل شبكة المياه الليبية بأكملها مما قد يؤدي إلى أزمة إنسانية.

أزمة وجودية

وما ينذر بخطورة الوضع في ليبيا هو أن طبقات المياه الجوفية في الصحراء الليبية المستغلة حاليا بدأت تجف، وأن الحفاظ على وصول الماء إلى الساحل يتطلب آبارا صحراوية جديدة والمزيد من خطوط الأنابيب، الأمر الذي يتطلب بدوره المزيد من التمويلات وتعزيز الأمن.

وتواجه المدن الساحلية الليبية، حيث تعيش الغالبية العظمى من سكان البلاد البالغ عددهم 6 ملايين نسمة، أزمة وجودية أساسية بسبب أزمة المياه.

وتعد دراسة الحالة الليبية مثالا متقدما على أزمة المياه  في العالم - وهي أزمة يمكن أن تهدد الحضارة  الإنسانية في القرن الـ 21 -.

ولا تختلف الأوضاع في ليبيا عما تعيشه المدن القاحلة وشبه القاحلة مثل، فينيكس وأريزونا في الولايات المتحدة الأميركية وباماكو في مالي أو دبي في الإمارات.

وتقترب هذه المناطق القاحلة من حافة الكارثة، حيث تعتمد على النمو المستدام، والذي يتطلب بحد ذاته نموا في المياه التي توفرها مصادر بعيدة ومحدودة، ويتم توفيرها من خلال البنية التحتية القديمة.

وتزداد المياه في مناطق الأراضي الجافة ندرة ولا يمكن التنبؤ بإمداداتها.

وتساهم المدن والأعمال التجارية والزراعية في تغذية الأزمة بسبب إهدار المياه بمعدلات مذهلة.

تغير مناخي

وتجسد "فينكس" مفارقة المدينة الصحراوية الحديثة، حيث تراهن على زيادة عدد السكان والاقتصاد المزدهر بينما تجف الأرض من حولها.

وقالت عمدة المدينة كيت جاليغو، إن فينكس "ولدت لتنمو" ومن المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها إلى 3.4 ملايين بحلول عام 2040، مما يجعلها مثل العديد من المدن الأميركية شبه القاحلة بما في ذلك دالاس، فورت وورث، ولوس أنجلوس. ومن المتوقع أن تزدهر هذه المدن مع تقلص إمدادات المياه فيها.

ومن المفارقات أن القادة السياسيين في هذه المدن التي تعاني من نقص المياه مثل تكساس وجنوب كاليفورنيا يتعاملون مع المياه كـ"سلعة لا تنفذ".

وتسمح قنوات المياه الصحراوية البعيدة لفينيكس بالنمو؛ حيث يقوم مشروع نهر الملح ومشروع "سنترال أريزونا" بسحب المياه من الجليد إلى المدن.

ونظرا لأن تخصيص مياه نهر كولورادو في ولاية أريزونا يذهب إلى كاليفورنيا إذا لم يتم استخدامه، فقد أنفقت المدينة 330 مليون دولار لإعادة ملء "بنوك المياه" الجوفية، وتخزين 3.6 ملايين فدان من المياه (4.44 مليارات متر مكعب، أو ما يقرب من 1.8 مليون حمام سباحة بحجم أولمبي، وسنة من مخصصات نهر كولورادو في أريزونا) ضد الجفاف مستقبلا.

لكن تدفق نهر كولورادو، وبالتالي إمدادات المياه الحالية لفينيكس، يعتمد على كتلة الثلج - التي تزداد عرضة للتغير المناخي.

ووفقا لوكالة "حماية البيئة" الأميركية، انخفض تساقط الثلوج في المنطقة الجنوبية الغربية منذ 50 عاما.

وبدأ حاليا ذوبان الجليد في وقت مبكر، وفي عام 2015 شهدت ولاية كاليفورنيا أصغر كتلة ثلجية منذ 65 عاما.

السور العظيم

وفي إفريقيا جنوب الصحراء، على عكس الولايات المتحدة أو الشرق الأوسط، يعيش 70 بالمئة من السكان على الزراعة، وتحديدا الزراعة التي تعتمد على الأمطار.

ومن المنتظر أن  يؤدي إنشاء المزيد من المضخات والآبار للوصول إلى المياه الوفيرة تحت الصحراء إلى انخفاض عدد لاجئي المياه الذين يتكدسون بالفعل في المدن المجهدة بالمياه مثل باماكو أو أديس أبابا.

وتشهد المدن المجهدة بالمياه مثل باماكو في مالي أو أديس أبابا المزيد من الهجرة من المناطق الريفية بسبب نقص المضخات والآبار وعدم كفاية التنمية الريفية.

ويعد الحل الطموح الآخر هو "السور الأخضر العظيم"، وهو عبارة عن شبكة مخطط لها من الممرات الخضراء والغابات المنتشرة على طول الحافة الجنوبية للصحراء.

وحتى الآن، تم زرع 4 بالمئة فقط، لكن المبادرة الطموحة تحصلت مؤخرا على 14 مليار دولار من التمويل. كما أنه جزء من توسع أوسع في الحراجة الزراعية عبر إفريقيا يمكن أن يساعد في إمدادات المياه.

وفي فبراير/شباط 2021، جادلت مجموعة من العلماء الأفارقة بأن "السور الأخضر العظيم"، جنبا إلى جنب مع طبقات المياه الجوفية الصحراوية غير المستغلة، يتيح الفرصة لصياغة "صفقة جديدة للساحل"، حيث تتخذ المنطقة مسارا مختلفا عن المسار المشحون الذي تتبعه المنطقة القاحلة الأخرى. 

ويعتقد الباحثون أن استخراج الساحل للمياه العذبة المتجددة "أقل من واحد في المائة من إمكاناته"، وفق ما نقل عنهم الموقع الأميركي.

وأشاروا إلى أن "تحت الأرض لا توجد مياه جوفية قابلة لإعادة الشحن فحسب، بل تريليونات الأمتار المكعبة من المياه الجوفية الأحفورية. وبالتالي، يمكن أن يتحول التخلف الظاهر في منطقة الساحل إلى قوة".